مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 1066

(96)
جلسة 24 من مايو 1964

برئاسة السيد/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: علي محسن وعادل عزيز زخاري وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 1152 لسنة 7 القضائية

حكم - حجية - محكمة إدارية - حكمها بعدم اختصاصها بنظر دعوى تفسير وإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا - لا يجوز الحجية فيما يتعلق بالشق الخاص بالإحالة ولو صار نهائياً بفوات مواعيد الطعن - أساس ذلك - أن الإحالة لا تجوز إلا بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة، وأن الحجية يجب أن تكون فاصلة في أمور تناولتها طلبات الخصوم في شأن تنازعهم - أثر ذلك - للمحكمة الإدارية العليا أن تبحث في صحة هذه الإحالة وإلا تعتد بها وأن تعتبر نفسها غير متصلة بالدعوى بناء عليها - عدم جواز هذه الإحالة ويتعين على المدعي أن يقيم دعوى التفسير بالأوضاع المقررة في المادة 366 مرافعات.
أن حكم المحكمة الإدارية في شطره الخاص بعدم الاختصاص ولما جاء بأسبابه من تكييف للدعوى المقامة أمامها من أنها دعوى تفسير للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الدعوى رقم 459 لسنة 4 القضائية مما تختص بنظرها ذات المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت الحكم - قد صار نهائياً بفوات ميعاد الطعن فيه وبالتالي يكون قد حاز حجية الأمر المقضي إلا أن هذه الحجية لا تصدق على حكم المحكمة الإدارية في شطره الثاني بإحالة الدعوى بحالتها إلى هذه المحكمة لأن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة ولأن الحجية تقضي أن تكون حجية فاصلة في أمور تناولتها طلبات الخصوم وجرى في شأنها تنازعهم، ومن ثم فإن هذه المحكمة وهي ليست من درجة المحكمة الإدارية تملك البحث في صحة هذه الإحالة طالما أنها صادرة من محكمة أدنى منها ولم تحز حجية الأمر المقضي، ومن حقها ألا تعتد بها وأن تعتبر نفسها غير متصلة بالدعوى بناء على هذه الإحالة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز هذه الإحالة كما يتعين على المدعي أن يقيم دعوى التفسير بالأوضاع المقررة في المادة 366 من قانون المرافعات.


إجراءات الطعن

بجلسة 27 من فبراير سنة 1961 أصدرت المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية حكمها في الدعوى رقم 72 لسنة 8 القضائية المقامة من محمود محمد أبو زيد ضد وزارة الشئون البلدية والقروية والذي يقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل فيها للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات. وقد أعلن المدعي ورئيس إدارة قضايا الحكومة في 17 من ديسمبر سنة 1963 بالحضور أمام دائرة فحص الطعون في 11 من يناير سنة 1964 وفيها قررت المحكمة استبعاد القضية من الرول وحددت جلسة 29 من مارس سنة 1964 أمام المحكمة الإدارية العليا لنظر هذه الدعوى، وبعد أن سمعت ما رأت لزوماً لسماعه من ملاحظات ذوي الشأن على الوجه المبين بالمحضر أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق أن المدعي أقام دعواه رقم 72 سنة 8 قضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية طالباً الحكم بتسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة المقررة لمؤهله طبقاً لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 المعدل بالقوانين رقم 377 لسنة 1953 ورقم 151 لسنة 1955 ورقم 78 لسنة 1956 من تاريخ صدور التسوية التلقائية في 2/ 11/ 1954 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الوزارة المدعى عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة - وقال في بيان ذلك أنه كان قد تقدم بالتظلم رقم 4783 لسنة 2 القضائية إلى اللجنة القضائية لوزارة الأشغال طالباً الحكم بتطبيق قانون المعادلات الدراسية على حالته. وبجلسة 2 من أغسطس سنة 1954 قضت المحكمة الإدارية لوزارة الأشغال التي أحيل إليها التظلم "باستحقاق المدعي لأن تسوى حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953. وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 18/ 5/ 1955 استأنفت وزارة الأشغال حكم المحكمة الإدارية سالف الذكر وقيد الطعن برقم 2154 لسنة 2 قضائية. وبجلسة 24 من فبراير سنة 1958 حكمت محكمة القضاء الإداري "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات". وبتاريخ 26 من إبريل سنة 1958 أودع رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم قيد بسجل المحكمة الإدارية العليا برقم 459 لسنة 4 القضائية طالباً الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم المستأنف والقضاء باعتبار التسوية التلقائية التي أجرتها جهة الإدارة المستأنفة ضده قائمة مع إلزام الحكومة بالمصروفات. وبجلسة 5 من ديسمبر سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية العليا "بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانونين رقم 371 لسنة 1953 ورقم 78 لسنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة بالمصروفات. واستطرد المدعي يقول أنه رغماً من صدور هذا الحكم وأن التسوية التلقائية التي أشير إليها فيه تضعه في الدرجة الثامنة فإن الإدارة ممتنعة عن وضعه في هذه الدرجة المقررة لمؤهله بحجة أن الحكم لم ينص على وضعه على درجة وأن كل ما يستحقه قبلها هو أن يتناول الأجر المنصوص عليه في قانون المعادلات الدراسية ولذلك فهو يطلب الحكم بتسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة المقررة لمؤهله طبقاً لقانون المعادلات الدراسية من تاريخ صدور التسوية التلقائية في 2/ 11/ 1954 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وردت الجهة الإدارية على الدعوى بأنها أصدرت القرارات الإدارية 24، 26، 31 لسنة 1954 بتطبيق قواعد المعادلات الدراسية على بعض عمال اليومية المؤهلين ومن بينهم المدعي وذلك بمنحهم الأجور الموازية لمؤهلاتهم ولما صدر القانون رقم 151 لسنة 1955 سحبت تلك القرارات حيث أصبح العمال الذين تناولتهم هذه القرارات خارجين عن نطاق تطبيق القانون ولما صدر القانون رقم 78 لسنة 1956 الذي قضى باحترام التسويات النهائية الصادرة من جهات الإدارة بتطبيق قانون المعادلات قامت الوزارة ببحث القرارات الثلاث المشار إليهما فلاحظت بعض أمور تنفي عنها صفة النهائية من بينها أنها صدرت ممن لا يملك سلطة إصدارها، وبعرض الموضوع على ديوان الموظفين رأى أن هذه الأوامر تعتبر معدومة لصدورها من غير مختص وبالتالي لا تكتسب حصانة تجعلها من قبيل القرارات النهائية، وبعرض الموضوع على اللجنة الثانية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة رأى أن التسويات التي صدرت بتسوية حالة العمال في سنتي 1954، 1955 هي قرارات صحيحة وصدرت ممن يملكها وبالتالي يكون القرار رقم 14 الذي صدر في 8/ 5/ 1956 باحترام هذه التسويات قراراً سليماً. وقد عرض الموضوع على الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بجلسة 2/ 2/ 1959 ورأت أن القرارات رقم 24، 26، 31 لسنة 1954 صادرة ممن يملك إصدارها وواجبة الاحترام وأشارت في فتواها إلى أن العمال الذين تناولت حالتهم بالبحث يحتفظون بأجورهم التي حصلوا عليها بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية وهي الأجور المعادلة لمرتبات زملائهم المعينين على درجات. واستطردت المدعى عليها أنه صدر للمدعي حكم من المحكمة الإدارية العليا بتاريخ 5/ 12/ 1960 جاء في حيثياته أنه ما دامت قد تمت في حق المدعي تسوية تلقائية قبل القانون رقم 151 لسنة 1955 بالأمر الإداري رقم 24 لسنة 1954 في 2/ 11/ 1954 فإن هذه التسوية تكتسب الحصانة المعنية بالقانون رقم 78 لسنة 1956، ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 ورقم 78 لسنة 1956 وما يترتب على ذلك من آثار. وقد استطلعت جهة الإدارة رأي ديوان الموظفين في كيفية تنفيذ هذا الحكم مع فتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع فأفاد الديوان بأن حكم المحكمة الإدارية العليا ينفذ وفقاً لمنطوقه وذلك بتنفيذ الأمر الإداري رقم 24 لسنة 1954 الصادر بتسوية حالة المدعي كما أنه يتعين احترام القرارات الصادرة بتسوية حالة عمال اليومية المذكورين كما صدرت وفقاً لما انتهت إليه الجمعية العمومية للقسم الاستشاري وبناء على ذلك قامت الجهة الإدارية بتسوية حالة المدعي بمنحه الأجر اليومي الذي يعادل المرتب المقرر لمؤهله الدراسي مع بقائه متدرجاً في سلك عمال اليومية دون منحه الدرجة المقررة للمؤهل وطلبت الجهة الإدارية الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 27 من فبراير سنة 1961 قضت المحكمة الإدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للفصل فيها للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على إن ما يطلبه المدعي في هذه الدعوى من الحكم له باستحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 لا يعدو أن يكون تفسيراً لمنطوق حكم المحكمة الإدارية العليا متفاعلاً مع أسبابه بل إن طلب المدعي بغرض صحته هو الاستجابة لحتمية منطوق الحكم المشار إليه متفاعلاً مع أسبابه إلا أن الإدارة تخالفه هذا الرأي وتذهب في تفسير هذا الحكم مذهباً آخر ترى فيه أن الحكم قد قصد إليه دون غيره الأمر الذي يجعل هذه الدعوى تكيف حسب الأوضاع القانونية بأنها دعوى تفسير للحكم المشار إليه وليست دعوى موضوعية. وأنه بالرجوع إلى المادة 366 من قانون المرافعات المدنية والتجارية يبين أنها قد نصت على أنه لا يجوز للخصوم أن يطلبوا إلى المحكمة التي أصدرت الحكم تفسير ما وقع في منطوقه من غموض أو إبهام ويقدم الطلب بالأوضاع المعتادة لرفع الدعاوى كما نصت المادة 367 من قانون المرافعات على أن الحكم الصادر بالتفسير يعتبر من كل الوجوه متمماً للحكم الذي يفسره ويسري عليه ما يسري على هذا الحكم من القواعد الخاصة بطرق الطعن العادية وغير العادية ومفاد هذين النصين بأن المحكمة الإدارية العليا هي صاحبة الولاية والاختصاص في تفسير حكمها آنف الذكر بلا معقب عليها في هذا الخصوص ومن ثم كان لزاماً على المدعي أن يرفع هذه الدعاوى إلى المحكمة الإدارية العليا لتفسير حكمها ويتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها في الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا.
قدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة بدفاعها طلبت فيها القضاء بعدم جواز الإحالة من المحكمة الإدارية إلى المحكمة الإدارية العليا لأن المحكمتين ليستا من درجة واحدة واحتياطياً برفض الطعن مع إلزام الطاعن في الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن حكم المحكمة الإدارية في شطره الخاص بعدم الاختصاص ولما جاء بأسبابه من تكييف للدعوى المقامة أمامها من أنها دعوى تفسير للحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الدعوى رقم 459 لسنة 4 القضائية مما تختص بنظرها ذات المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت الحكم - قد صار نهائياً بفوات ميعاد لطعن فيه وبالتالي يكون قد حاز حجية الأمر المقضي إلا أن هذه الحجية لا تصدق على حكم المحكمة الإدارية في شطره الثاني بإحالة الدعوى بحالتها إلى هذه المحكمة لأن الإحالة يجب أن تكون بين محكمتين من درجة واحدة تابعتين لجهة قضائية واحدة لأن الحجية تقضي أن تكون حجية فاصلة في أمور تناولتها طلبات الخصوم وجرى في شأنها تنازعهم، ومن ثم فإن هذه المحكمة وهي ليست من درجة المحكمة الإدارية تملك البحث في صحة هذه الإحالة طالما أنها صادرة من محكمة أدنى منها ولم تحز حجية الأمر المقضي، ومن حقها ألا تعتد بها وأن تعتبر نفسها غير متصلة بالدعوى بناء على هذه الإحالة، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز هذه الإحالة كما يتعين على المدعي أن يقيم دعوى التفسير بالأوضاع المقررة في المادة 366 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، بحالتها، وألزمت المدعي بالمصروفات.