مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 155

(52)
جلسة 25 من يناير سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي المستشارين.

القضيتان رقما 745 و691 لسنة 16 القضائية

عقد إداري - تعهد الدراسة والتدريس - وكالة.
توقيع المدعي على التعهد الخاص بالتدريس وهو ليس والداً أو ولياً أو وصياً على الطالب - افتراض وكالته عن الطالب ما دام الطالب لم يجحدها - التزامه مع الطالب برد نفقات الدراسة - بيان ذلك.
إنه متى روعي أن هذا الشق من التعهد يتناول - على ما تدل عليه صيغته المعدة - سلفاً - توقيع والد الطالب أو وليه أو الموصي عليه بحسب الأحوال ولم يكن المدعى عليه الثاني أحد هؤلاء بالنسبة للمدعي عليه الأول، فإن ذلك لا يمكن حمله إلا على محل النيابة أو الوكالة وهي الوكالة التي لم يجحدها المدعى عليه الأول فيما قدمه شخصياً إلى المحكمة من مذكرات، بل إنه أقر في هذه المذكرات بقيام التزامه برد المصاريف التي أنفقت عليه وذلك على ما هو مستفاد من طلبه إعفاءه منها أسوة بزملاء له ذكر أسماءهم، فإذا أضيف إلى ذلك أنه التحق فعلاً بالدار في أعقاب التعهد الذي وقعه عنه المدعى عليه الثاني وهو التعهد الذي يتمخض لصالحه ذلك أن مجموعة على أن المدعى عليه الثاني كان مأذوناً من المدعى عليه الأول في التوقيع على التعهد نيابة عنه.
ومن حيث إنه متى استقام تعهد المدعى عليه الأول على الوجه الأول المتقدم فإن التزام المدعى عليه الثاني كفالة هذا التعهد - وهو التزام تبعي - يقع صحيحاً، ولا يجدي المدعى عليه الثاني ما دافع به من أنه لم يوقع في الشق الثاني من التعهد إلا على الجزء الخاص بتعهده بتفرغ الطالب للدراسة دون الجزء الخاص بالضمان، وذلك أن هذا الشق وإن تناول فقرتين إحداهما خاصة بالكفالة والأخرى بالتعهد بتفرغ الطالب للدراسة، إلا أن الثابت أن المدعى عليه الثاني ذيل هاتين الفقرتين بتوقيع واحد له في المكان المعد لتوقيع ولي الأمر، والذي لا مكان غيره - في هذا الشق من التعهد، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في أن التوقيع يتناول هذا الشق بفقرتيه يؤكد ذلك ما أبداه المدعى عليه الثاني في محضر جلسة 10 مايو سنة 1970 من استعداده لتقسيط المبلغ المطلوب، بالإضافة إلى ما ردده المدعى عليه الأول في مذكراته من الإشارة إلى المدعى عليه الثاني بوصفه ضامناً له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من أوراق الطعن - في أنه بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 30 من يناير سنة 1969 أقام السيد محافظ المنيا بصفته الدعوى رقم 481 سنة 23 القضائية طالباً الحكم بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسة وأربعين جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد والمصاريف، وقال - في شرح دعواه - أن المدعى عليه الأول - السيد...... - التحق بدار المعلمين بالمنيا في العام الدراسي 64/ 1965م، ووقع المدعى عليه الثاني - السيد..... - نيابة عنه على تعهد مؤداه أن يستمر في الدراسة حتى التخرج، وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس السنوات التالية لتخرجه مباشرة، وأنه إذا أخل بأحد هذين الالتزامين أو فصل من الدراسة دون عذر مقبول، فإنه يكون ملزماً بدفع المصروفات التي أنفقتها عليه الوزارة بواقع 15 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها، كما أن المدعى عليه الثاني تعهد بطريق التضامن مع المدعى عليه الأول "بسداد كافة المبالغ المستحقة للوزارة نتيجة للتعهد المذكور فور مطالبته بها" وإزاء انقطاع المدعى عليه عن الدراسة بدون عذر مقبول فقد فصل من المعهد بعد أن قضى به ثلاث سنوات، وبذلك يكون المبلغ المستحق 45 جنيهاً.
وبجلسة 7 من يونيه سنة 1970 قضت المحكمة برفض الدعوى، وأقامت قضاءها على أن المدعى عليه الثاني وقع على التعهد بصفته والداً وولياً طبيعياً على ولده المدعى عليه الأول، حالة كون الأخير بالغاً سن الرشد عند توقيع التعهد، ولم تكن للمدعى عليه الثاني صفة في النيابة عنه، كذلك فإن المدعى عليه الثاني لم يوقع على التعهد الخاص بكفالة تنفيذ المدعى عليه الأول لالتزامه، وإنما وقع على التعهد الخاص بتفرغ الطالب للدراسة وعدم التحاقه بأي عمل أثناءها، ومن ثم تكون نيابة المدعى عليه الثاني غير قائمة قانوناً، ويكون التعهد المذكور عديم الأثر بالنسبة للمدعى عليه الأول، وينبني على ذلك أن يسقط التعهد الخاص بالضمان لكونه التزاماً تابعاً للالتزام الأصلي.
ومن حيث إن محافظة المنيا تنعى على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، ذلك أنه وإن كانت عبارات التعهد الموقع من المطعون ضده الثاني غير واضحة في إبراز مركزه التعاقدي إلا أن ذلك راجع إلى أن هذه التعهدات تعد سلفاً بمعرفة صغار الموظفين الإداريين في شكل نماذج مطبوعة تقدم لكل من يرغب في الالتحاق بهذه المعهد ولا يسوغ أن يترتب على عدم إلمام هؤلاء الموظفين ضياع مستحقات الدولة، وأنه متى كان ثابتاً أن المطعون ضده الأول التحق بالدراسة فعلاً واستمر بها ثلاث سنوات فقد انعقد العقد بينه وبين الإدارة، وأصبح منتجاً لأثاره القانونية، كما أن نية المطعون ضده الثاني قد انصرفت إلى أن يتضامن مع المدعى عليه الأول في سداد كافة المبالغ التي يلزم بها في حالة إخلاله بتعهده.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة ذهبت إلى أن الثابت أن المطعون ضده الأول لم يوقع التعهد، ولكن وقعه نيابة عن المطعون ضده الثاني، في الوقت الذي كان فيه الأول بالغاً سن الرشد، ولم يكن للثاني صفة في توقيع التعهد نيابة عنه، إلا أن الواقع أن ثمة عقداً غير مكتوب انعقد بين المطعون ضده الأول من جهة ودار المعلمين من جهة أخرى، وذلك بإقدامه على الالتحاق بالمعهد لمدة ثلاث سنوات، وتحكم هذا العقد القواعد التنظيمية المتضمنة في اللائحة الأساسية لدور المعلمين والمعلمات الصادرة بقرار وزير التربية والتعليم رقم 75 لسنة 1963 إذ من المسلم به أنه لا يشترط في العقد الإداري أن يكون مكتوباً... ومتى كان مصدر التزام المدعى عليه الأول هو العقد الإداري غير المكتوب، فإن التزام المطعون ضده الثاني بصفته ضامناً له في تنفيذ التزاماته يكون قائماً وسليماً.
ومن حيث إن الثابت أن المدعى عليه الأول كان بالغاً سن الرشد في تاريخ توقيع المدعى عليه الثاني على التعهد المتعلق بانتظامه في الدراسة والاشتغال بالتدريس في أعقاب تخرجه لمدة خمس سنوات متتالية والتزامه في حالة الإخلال بأحد هذين الالتزامين أو في حالة فصله من الدار أو من الخدمة بأن يقوم بسداد المصاريف التي أنفقتها الوزارة عليه بواقع خمسة عشر جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها، كذلك فإن الثابت أن المدعى عليه الثاني ذيل بتوقيعه الجزء الثاني من التعهد والمتضمن كفالته للمدعى عليه الأول في تنفيذ التزامه وتعهده بدفع مستحقات الوزارة فور مطالبته بها.
ومن حيث إن مقطع الفصل في هذا الطعن هو في تبيان صفة المدعى عليه الثاني في توقعه على الشق الأول من التعهد بدلاً من المدعى عليه الثاني الذي كان بالغاً آنذاك سن الرشد.
ومن حيث إنه متى روعي أن هذا الشق من التعهد يتناول - على ما تدل عليه صيغته المعدة - سلفاً - توقيع والد الطالب أو وليه أو الموصي عليه بحسب الأحوال، ولم يكن المدعى عليه الثاني أحد هؤلاء بالنسبة للمدعي عليه الأول، فإن ذلك لا يمكن حمله إلا على محل النيابة أو الوكالة وهي الوكالة التي لم يجحدها المدعى عليه الأول فيما قدمه شخصياً إلى المحكمة من مذكرات، بل إنه أقر في هذه المذكرات بقيام التزامه برد المصاريف التي أنفقت عليه وذلك على ما هو مستفاد من طلبه إعفاءه منها أسوة بزملاء له ذكر أسماءهم، فإذا أضيف إلى ذلك أنه التحق فعلاً بالدار في أعقاب التعهد الذي وقعه عنه المدعى عليه الثاني وهو التعهد الذي يتمخض لصالحه دل ذلك في مجموعة على أن المدعى عليه الثاني كان مأذوناً من المدعى عليه الأول في التوقيع على التعهد نيابة عنه.
ومن حيث إنه متى استقام تعهد المدعى عليه الأول على الوجه الأول المتقدم فإن التزام المدعى عليه الثاني كفالة هذا التعهد - وهو التزام تبعي - يقع صحيحاً، ولا يجدي المدعى عليه الثاني ما دافع به من أنه لم يوقع في الشق الثاني من التعهد إلا على الجزء الخاص بتعهده بتفرغ الطالب للدراسة دون الجزء الخاص بالضمان، وذلك أن هذا الشق وإن تناول فقرتين إحداهما خاصة بالكفالة والأخرى بالتعهد بتفرغ الطالب للدراسة، إلا أن الثابت أن المدعى عليه الثاني ذيل هاتين الفقرتين بتوقيع واحد له في المكان المعد لتوقيع ولي الأمر، والذي لا مكان غيره في هذا الشق من التعهد، الأمر الذي لا يدع مجالاً للشك في أن التوقيع بتناول هذا الشق بفقرتيه يؤكد ذلك ما أبداه المدعى عليه الثاني في محضر جلسة 10 مايو سنة 1970 من استعداده لتقسيط المبلغ المطلوب، بالإضافة إلى ما ردده المدعى عليه الأول في مذكراته من الإشارة إلى المدعى عليه الثاني بوصفه ضامناً له.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدعوى تأسيساً على انتفاء نيابة المدعى عليه الثاني عن المدعى عليه الأول يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون الطعنان قد صادفا وجه الصواب فيما انتهيا إليه، ولما كانت النفقات التي تكبدتها الطاعنة في سبيل دراسة المطعون ضده الأول قد بلغت خمسة وأربعين جنيهاً، ومن ثم فإن من المتعين بالحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعى عليهما متضامنين بهذا المبلغ لقيام التضامن بإقرار المدعى عليه الثاني في الشق الثاني من التعهد، بالإضافة إلى إلزامه الفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد. لكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب تأخر المدينان في الوفاء به (المادة 226 من القانون المدني)، هذا فضلاً عن المصاريف التي يتعين القضاء بإلزام المدعى عليهما بها متضامنين عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعنين المضمومين شكلاً وفي موضوعهما بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعي مبلغ 45 جنيه (خمسة وأربعين جنيهاً) والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 30 من يناير سنة 1969 حتى السداد والمصروفات.