مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 1120

(102)
جلسة 31 من مايو 1964

برئاسة السيد/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس المجلس وعضوية السادة/ علي محسن مصطفى وعادل عزيز زخاري وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 1790 لسنة 6 القضائية

( أ ) موظف - تقرير سنوي - لجنة شئون الموظفين - اختصاص لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية الموظف وفق المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1953 - منوط بها التقدير النهائي في جميع الأحوال - يستوي في ذلك أن تكون قد أبديت ملاحظات من المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لم تبد وسواء حصل خلاف في التقدير أو لم يحصل - لم يعد عملها مجرد التسجيل في حالة عدم إبداء الملاحظات.
(ب) قرار إداري - سببه - ليس ثمة ما يلزم جهة الإدارة بإبداء أسباب لقرارها - إقامة القرار الإداري على أسباب معينة - للقضاء في هذه الحالة تمحيص الأسباب وتبين مدى موافقتها للقانون.
(جـ) محكمة إدارية عليا - طعن - الطعن على حكم أمام المحكمة الإدارية العليا - للمحكمة أن تنزل حكم القانون الصحيح على المناعة - لا تتقيد في ذلك بأسباب الطعن وما أثاره الخصوم من أوجه له.
(د) موظف - تقرير سنوي - لجنة شئون الموظفين - الأسباب التي ساقتها لجنة شئون الموظفين تبريراً لهبوطها بمرتبة المدعي إلى درجة ضعيف - اقتصارها على عنصري الصفات الشخصية والقدرات دون أن تمس باقي عناصر الكفاية - ليس للجنة شئون الموظفين في هذه الحالة أن تستبعد من درجات التقدير أكثر مما حصل عليه المدعي من درجات عن عنصري الصفات والقدرات - تجاوز اللجنة لهذا المدى في الهبوط بدرجات التقدير - يقع مجافياً للحق مشوباً بعيب مخالفة القانون.
(هـ) موظف - تقرير سنوي - علاوة - ثبوت أن المدعي لم يكن ضعيفاً في كفايته - مؤداه أن حرمانه من العلاوة الدورية كان مجرداً من سببه - رد العلاوة إليه.
1 - تنص المادة 31 من القانون 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون رقم 73 لسنة 1953 كالآتي: -
يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها ويعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه.
ويترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية مع تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها هذا التقدير.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من نص هذه المادة تعقد اختصاصاً للجنة شئون الموظفين لتقدير درجة كفاية الموظف تقديراً نهائياً ويتضح هذا من صراحة نص هذه الفقرة ومقارنته بنص المادة 31 قبل التعديل إذ كان يجري على النحو الآتي: -
يقدم التقرير السنوي السري على الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً. إذ أناط النص الجديد بلجنة شئون الموظفين التقدير النهائي في جميع الأحوال سواء أبديت ملاحظات من المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لم تبد سواء حصل خلاف في التقدير أو لم يحصل ولم يعد عملها مجرد التسجيل في حالة عدم إبداء الملاحظات وقد جرى قضاء هذه المحكمة بذلك في عديد من الطعون.
2 - أنه من المسلمات أن الجهة الإدارية غير ملزمة بإبداء أسباب لقرارها ولكنها إن أقامت قرارها على أسباب معينة فإن للقضاء في سبيل أعمال رقابته على هذه القرارات أن تمحص هذه الأسباب لتبين ما إذا كانت تتفق وحكم القانون أم أنها تخالفه.
3 - أنه متى طعن على الحكم أمام هذه المحكمة فإنه يكون لها أن تنزل حكم القانون الصحيح على المنازعة المطروحة أمامها دون التقيد بأسباب الطعن وما أثاره الخصوم من أوجه له.
4 - أن ما أبدته لجنة شئون الموظفين من أسباب تبريراً لهبوطها بمرتبة المدعي إلى درجة ضعيف عن سنة 1958 إنما ينحصر في عنصري الصفات الشخصية والقدرات وقد قدرت لهما ثلاثون درجة حداً للتفوق الكامل فيها، حصل المدعي منها على اثنتي عشرة درجة في عنصر الصفات الشخصية وعلى ثماني درجات عن القدرات ولما كانت أسباب الانحدار بالتقدير العام حسبما أوردتها اللجنة المشار إليها لا تمس باقي عناصر الكفاية، فإن تعرض اللجنة لهذه العناصر التي لم يتعد إليها نقدها فيه الدلالة الأكيدة على أن تقديرها لكفاية المدعي لم يكن مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من عناصر تنتجه وتؤدي إليه لأنه لو ساغ للجنة شئون الموظفين على أسوأ الفروض أن تمحو محواً كاملاً ما حصل عليه المدعي من درجات عن عنصري الصفات والقدرات، لما استقام لها أن تستبعد من درجات التقدير أكثر من العشرين درجة التي حصل عليها المدعي، ومن ثم ما كان ينبغي لها أن تهبط بمجموعه البالغ ستاً وسبعين درجة إلى أقل من ست وخمسين درجة وهو تقدير لكفايته لا يخلع عليه وصف الموظف "الضعيف" فإذا كانت لجنة شئون الموظفين على رغم هذا قد نزلت بتقديره العام إلى أقل من خمس وأربعين درجة فإن تصرفها يكون مجافياً للحق غير مبني على الواقع المستفاد من مختلف تقديراته، وغني عن البيان أن المادة 136 من قانون نظام موظفي الدولة تنص على أن الموظف الذي يحصل على 45 درجة فأقل يعتبر ضعيفاً فإذا ما استبعد من تقدير اللجنة مقابل العناصر التي ذكرتها ما منحه المدعي من درجات عن عنصري الصفات الشخصية والقدرات فقد يستساغ الهبوط بتقديره العام إلى ست وخمسين درجة بدلاً من ست وسبعين التي حصل عليها وعلى ذلك يكون المدعي على أسوأ تقدير في مرتبة مرض وهي غير المرتبة التي حصل عليها فعلاً، وعلى ذلك فإن قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف يصبح مشوباً بعيب مخالفة القانون.
5 - أن هذه المحكمة لا تخوض بعد ذلك في تكييف حرمان المدعي من العلاوة في ذاته كنتيجة محتمة لتقدير كفايته بدرجة ضعيف فهذه النتيجة المحتمة لا تترتب إلا على قرار تقدير كفايته بدرجة ضعيف فإذا ما استبان مما سلف بيانه أن المدعي لم يكن ضعيفاً في كفايته وضح أن حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959 كان مجرداً عن سببه وبذلك يتعين بعد الحكم بإلغاء تقدير ضعيف مثار دعواه الحالية رد العلاوة المذكورة إليه لأنه لم يكن ضعيفاً في كفايته بحيث يحق عليه الحرمان.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 26 من شهر يونيه سنة 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته سكرتيرية هذه المحكمة صحيفة طعن عن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بتاريخ 25/ 4/ 1960 في الدعوى رقم 181 لسنة 7 القضائية بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار لجنة شئون موظفي المجالس البلدية بتقدير درجة كفاية المدعي بدرجة ضعيف عن سنة 1958 وبإلغاء القرار الإداري الصادر بسحب العلاوة الدورية المستحقة للمدعي اعتباراً من أول مايو سنة 1959 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الطاعنة بالمصروفات، وطلب الطالب اعتماداً على أسباب طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.
وفي 15 من يناير سنة 1961 أعلن الطعن للمطعون ضده وعينت له جلسة 12/ 5/ 1963 أمام دائرة فحص الطعون وأخطر بها ذوو الشأن في 1/ 4/ 1964 فقررت بإحالته إلى هذه المحكمة فعينت له جلسة 19/ 4/ 1964 وأخطروا بها في 2/ 4/ 1964 فسمعت المحكمة ما رأت ضرورة سماعه من ملاحظات الطرفين ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن المطعون ضده أقام دعواه بعريضة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية في 16/ 12/ 1959 طالباً الحكم بقبول دعواه شكلاً، وإلغاء القرار الضمني الصادر برفض تظلمه في قرار لجنة شئون موظفي المجالس البلدية والقروية بتقدير كفايته بدرجة ضعيف سنة 1958 وإعادة درجة كفايته إلى درجة جيد وما يترتب على ذلك من آثار وخاصة حرمانه من العلاوة التي استحقها مع إلزام الطاعنة بالمصروفات وتبياناً للدعوى ذكر انه أخطر في 4/ 8/ 1959 بصورة من قرار لجنة شئون الموظفين بالبلديات بتقدير كفايته عن سنة 1958 بدرجة ضعيف بجلسة 20/ 7/ 1959 لانحرافه في سلوكه وتصرفه السيئ في العمل فتظلم من هذا القرار وأنذر السيد الوزير على يد محضر في 27/ 8/ 1959 طالباً إلغاء تقدير لجنة شئون الموظفين آنف الذكر ولكنه لم يتلق رداً لتظلمه فاضطر إلى إقامة دعواه.
ومن حيث إن تلك المحكمة أقامت قضاءها من ناحية الشكل على أن القرار المطعون عليه صدر في 20/ 7/ 1959 فتظلم من المطعون ضده في 27/ 8/ 1959 ثم أقام دعواه في 16/ 12/ 1959 وبذا تكون دعواه مرفوعة في الميعاد القانوني، ومن ثم تكون مقبولة شكلاً.
ومن ناحية الموضوع ذكرت أن القضاء الإداري مختص بنظر القرارات الإدارية السلبية والايجابية منها سواء أكانت بمنح العلاوات أو بالحرمان منها أو بالترقية أو بالتخطي أو الامتناع عن إجرائها وأن للتقارير السرية أثر حتمي ومباشر في الحرمان من العلاوة الدورية والتخطي في الترقية فيختص بنظر الطعون فيها باعتبارها مؤثرة إن عاجلاً أو آجلاً في ترقية الموظف وفي منحه العلاوات، وأنه تبين لها من مطالعة تقرير المطعون ضده عن سنة 1958 أنه منح درجة جيد وعندما عرض التقرير على لجنة شئون الموظفين أنزلته إلى درجة ضعيف لانحرافه في سلوكه وتصرفه السيئ في العمل مع أنه ما كان لها أن تنزل هذا التقدير طالما لم يحدث خلاف في التقدير بين الرئيس المباشر والمدير المحلي ورئيس المصلحة ولم يكن لها إلا أن تشمل التقدير السابق وإذ فعلت فقد جاوزت اختصاصها وجاءت بأسباب غير جدية واستطردت ذاكرة أنه لا عيب يشوب التقرير السري الذي يعرض على لجنة شئون الموظفين إذا وقع عليه من رئيس لجنة شئون الموظفين فقط طالما أن هذه اللجنة مشكلة تشكيلاً قانونياً إذ لا يوجد ما يلزمها بإثبات قرارها على صورة التقرير السري وتوقيع جميع الأعضاء عليه وإذا كان القرار مقسماً إلى عناصر فبالنسبة لعنصر المعاملة والسلوك الشخصي حصل على 12 درجة من 20 درجة وبالنسبة لعنصر الاستعداد الذهني وحسن التصرف والتيقظ حصل على 8 درجات من عشرة فإذا حصل على 76 درجة من تقدير الرؤساء فإن تقدير اللجنة محمولاً على أسبابه لا يتعرض إلا للعناصر التي ذكرت ولو استنزلت اللجنة العنصرين اللذين مستهماً أسبابها لما خفضت التقدير إلا بمقدار ما حصل عليه فيهما ومجموعه 20 درجة ولكنها نزلت عن هذا القدر وخفضته إلى درجة ضعيف أي إلى أقل من 45 درجة كما بان لها من الأوراق أن مجلس دراو الذي يعمل فيه المطعون ضده أصدر قراراً بالإجماع في 16/ 11/ 1958 وهي السنة التي قدم فيها التقرير السري المطعون عليه بإسداء الشكر إليه على جهوده الموفقة في النهوض بأعمال المجلس التي نتج عنها زيادة في إيراداته ولكل ذلك تكون اللجنة أخطأت في القانون إذ نزلت بتقدير المطعون ضده إلى درجة ضعيف عن تلك السنة وأنه إعمالاً لتلكم المادتين 31، 32 من قانون التوظف يكون منح العلاوات الدورية هو الأصل ما لم يصدر قرار يحرم الموظف منها أو يؤجل استحقاقه لها ومؤدى ذلك أن الموظف لا يستحق العلاوة من أحكام القانون ذاتها بل يجب أن يصدر بمنح العلاوة قرار من لجنة شئون الموظفين بعد عرض حالته عليها فإن وجدت ما يدعو إلى الحرمان أو التأجيل أصدرت قرار وإلا أصدرت قرار المنح وبهذا وحده ينشأ الحق في العلاوة والقرار يكون منشئاً لمركز قانوني معين لصالح الموظف، ومن ثم يكون القرار من القرارات الإدارية التي لا يجوز سحبها لمخالفتها للقانون الإخلال الستين يوماً المقررة للطعن عليه بالإلغاء فإن انقضت المدة أكسب القرار حصانة تعصمه من الإلغاء وإذ تبين أن الموظف السالف الذكر حصل على علاوته الدورية المتنازع عليها في أول مايو سنة 1959 بقرار من لجنة شئون الموظفين بلدية دراو بجلستها المنعقدة في 10/ 5/ 1959 والمعتمدة من رئيس المجلس في 12/ 5/ 1959 وصرفت له العلاوة فعلاً واستمر بصرفها حتى عرض تقريره عن سنة 1958 على لجنة المجالس البلدية بجلستها في 20/ 7/ 1959 فقررت بخفض درجته إلى ضعيف فأصدرت الجهة الإدارية قرار بسحب العلاوة في 21/ 9/ 1959 فيكون السحب قد تم بعد فوات ميعاد الستين يوماً وبالتالي يكون السحب باطلاً ومخلاً بحق كسبه قانوناً.
ومن حيث إن الطعن بني على أن المستفاد من حكم المادة 31 من قانون التوظف المعدلة بالقانون 73 لسنة 1957 أن الحرمان من العلاوة يتم بقوة القانون وأن العلاوة المقصودة هي أول علاوة دورية يحل موعدها بعد السنة التي وضع عنها التقرير وأن قرار المنح المخالف للقانون الصادر في 1/ 5/ 1959 يجوز سحبه في أي وقت إذ سلطة الإدارة فيه مقيدة ولا تترخص في إصداره وإذ نص الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر يكون حكماً مجافياً للقانون وحرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة أدلت برأيها في هذه المنازعة وتبنت أسباب الحكم المطعون فيه للقول بسلامة هذا القضاء وطلبت في خاتمة تقريرها تأييد هذا القضاء ورفض الطعن.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صدر في سنة 1958 أي بعد العمل بأحكام القانون رقم 73 لسنة 1957 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة الذي عمل به اعتباراً من 4/ 4/ 1957 ومن ثم يكون هذا القانون هو الواجب تطبيقه على حالة المطعون ضده.
ومن حيث إن المادة 31 من القانون 210 لسنة 1951 المعدلة بالقانون آنف الذكر أصبح نصها على النحو الآتي: -
يقدم التقرير السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم تعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتقدير درجة الكفاية التي تراها ويعلن الموظف الذي يقدم عنه تقرير بدرجة ضعيف بصورة منه.
ويترتب على تقديم تقرير بدرجة ضعيف حرمان الموظف من أول علاوة دورية من تخطيه في الترقية في السنة التي قدم فيها هذا التقرير.
ومن حيث إن الفقرة الأولى من نص هذه المادة تعقد اختصاصاً للجنة شئون الموظفين لتقدير درجة كفاية الموظف تقديراً نهائياً ويتضح هذا من صراحة نص هذه الفقرة ومقارنته بنص المادة 31 قبل التعديل إذ كان يجري على النحو الآتي: -
يقدم التقرير السنوي السري عن الموظف من رئيسه المباشر ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً. إذ ناط النص الجديد بلجنة شئون الموظفين التقدير النهائي في جميع الأحوال سواء أبديت ملاحظات من المدير المحلي أو رئيس المصلحة أو لم تبد وسواء حصل خلاف في التقدير أو لم يحصل ولم يعد عملها مجرد التسجيل في حالة عدم إبداء الملاحظات وقد جرى قضاء هذه المحكمة بذلك في عديد من الطعون.
ومن حيث إن من المسلمات أن الجهة الإدارية غير ملزمة بإبداء أسباب لقرارها ولكنها إن أقامت قرارها على أسباب معينة فإن للقضاء في سبيل أعمال رقابته على هذه القرارات أن تمحص هذه الأسباب لتبين ما إذا كانت تتفق وحكم القانون أم أنها تخالفه.
ومن حيث إنه متى طعن على الحكم أمام هذه المحكمة فإنه يكون لها أن تنزل حكم القانون الصحيح على المنازعة المطروحة أمامها دون التقيد بأسباب الطعن وما أثاره الخصوم من أوجه له.
ومن حيث إنه لا خلاف على الوقائع السابقة.
ومن حيث إن لجنة شئون الموظفين أقامت قرارها المطعون فيه على أسباب محددة تنحصر - حسبما أعربت عنها فيما أسندته إلى المدعي من الانحراف في السلوك وسوء التصرف في العمل.
ومن حيث إن درجات التقرير السري مفرقة على العناصر الآتية: -
العمل والإنتاج والمواظبة - الصفات الشخصية - القدرات وأن العمل والإنتاج مقدر لهما نهاية عظمى 60 درجة وعناصرهما الفرعية هي الإلمام بالعمل ومدى الاستفادة من التدريب وقدر لهما 30 درجة والسرعة والإنتاج ومقدر لهما 30 درجة وعناصر المواظبة هي مدى استعمال الموظف لحقوقه في الأجازات ومقدر لها 5 درجات ومدى احترام الموظف لمواعيد العمل الرسمية ومقدر لها 5 درجات.
وعنصر الصفات الشخصية الفرعية هي المعاملة والتعاون والسلوك الشخصي ومقدر لها 20 درجة.
وعنصر القدرات هو الاستعداد الذهني وحسن التصرف والتيقظ ومقدر له عشر درجات.
ومن حيث إن ما أبدته لجنة شئون الموظفين من أسباب - تبريراً لهبوطها بمرتبة المدعي إلى درجة ضعيف عن سنة 1958 إنما ينحصر في عنصري الصفات الشخصية والمقدرات وقد قدرت لهما ثلاثون درجة حداً للتفوق الكامل فيها حصل المدعي منها على اثنتي عشرة درجة في عنصر الصفات الشخصية وعلى ثماني درجات عن القدرات ولما كانت أسباب الانحدار بالتقدير العام حسبما أوردتها اللجنة المشار إليها لا تمس باقي عناصر الكفاية، فإن تعرض اللجنة لهذه العناصر التي لم يتعد إليها نقدها فيه الدلالة الأكيدة على أن تقديرها لكفاءة المدعي لم يكن مستخلصاً استخلاصاً سائغاً من عناصر تنتجه وتؤدي إليه لأنه لو ساغ للجنة شئون الموظفين على أسوأ الفروض أن تمحو محواً كاملاً ما حصل عليه المدعي من درجات من عنصري الصفات والقدرات، ولما استقام لها إن تستبعد من درجات التقدير أكثر من العشرين درجة التي حصل عليها المدعي، ومن ثم ما كان ينبغي أن تهبط بمجموعه البالغ ستاً وسبعين درجة إلى أقل من ست وخمسين درجة وهو تقدير لكفايته لا يخلع عليه وصف الموظف "الضعيف" فإذا كانت لجنة شئون الموظفين على رغم هذا قد نزلت بتقديره العام إلى أقل من خمس وأربعين درجة فإن تصرفها يكون مجافياً للحق غير مبني على الواقع المستفاد من مختلف تقديراته وغني عن البيان أن المادة 136 من قانون موظفي الدولة تنص على أن الموظف الذي يحصل على 45 درجة فأقل يعتبر ضعيفاً فإذا ما استبعد من تقدير اللجنة مقابل العناصر التي ذكرتها ما منحه المدعي من درجات عن عنصري الصفات الشخصية والقدرات فقد يستساغ الهبوط بتقديره العام إلى ست وخمسين درجة بدلاً من ست وسبعين التي حصل عليها وعلى ذلك يكون المدعي على أسوأ تقدير في مرتبة مرض وهي غير المرتبة التي حصل عليها فعلاً، وعلى ذلك فإن قرار لجنة شئون الموظفين بتقدير كفاية المدعي بدرجة ضعيف يصبح مشوباً بعيب مخالفة القانون. ويكون ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه صحيحاً في القانون تقره عليه هذه المحكمة.
ومن حيث إن هذه المحكمة لا تخوض بعد ذلك في تكييف حرمان المدعي من العلاوة في ذاته كنتيجة محتمة لتقدير كفايته بدرجة ضعيف فهذه النتيجة المحتمة لا تترتب إلا على قرار تقدير كفايته بدرجة ضعيف فإذا ما استبان مما سلف بيانه أن المدعي لم يكن ضعيفاً في كفايته وضح أن حرمانه من العلاوة الدورية المستحقة له في أول مايو سنة 1959 كان مجرداً عن سببه وبذلك يتعين بعد الحكم بإلغاء تقدير ضعيف مثار دعواه الحالية رد العلاوة المذكور إليه لأنه لم يكن ضعيفاً في كفايته بحيث يحق عليه الحرمان من علاوته المستحقة في أول مايو سنة 1959.
ومن حيث إن الطاعنة وقد أخفقت في دعواه ينبغي أن تتحمل مصروفاتها إعمالاً لنص المادة 357 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة بالمصروفات.