مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 168

(55)
جلسة 25 من يناير سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضة، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريدة المستشارين.

القضية رقم 2 لسنة 20 القضائية

أ - دعوى اختصاص - قضاء إداري - قرار إداري.
قرار محافظ القاهرة بنقل تلاميذ مدرسة إلى مدرسة أخرى قرار إداري - اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى المتعلقة بإلغائه - أساس ذلك.
ب - دعوى - وقف تنفيذ.
وجوب توافر ركن الاستعجال والجدية - نقل التلاميذ من منازلهم إلى مدارسهم بالسيارات أمر مألوف لا يرتب ضرراً يخشى تداركه - إلحاق تلاميذ مدرسة بمدرسة أخرى توفيراً للنفقات أمر يبدو مشروعاً - رفض وقف تنفيذ القرار - بيان ذلك.
1 - إن الثابت من مطالعة الأوراق، وما أوضح عنه المدعي في مذكرته الختامية أنه قد استهدف إلغاء القرار الإداري الصادر من المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة الصادر في 25 من يونيه سنة 1973 بالموافقة على نقل تلاميذ مدرسة كالوسيديان بشارع الجلاء ببولاق بالقاهرة إلى مدرسة لوباريان بمصر الجديدة مع تأجير المدرسة لإدارة غرب القاهرة التعليمية، بوصفه القرار المنشئ للمركز القانوني مثار المنازعة وإذ كان الأمر كذلك وكان المدعي قد أقام دعواه في 28 من يونيه سنة 1973 فور صدور القرار المطعون فيه، فإن الدفعين المثارين بعدم اختصاص القضاء الإداري - بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد يكونا بهذه المثابة على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضهما.
2 - إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول قيام الاستعجال، بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها. والثاني يتصل بمبدأ المشروعية، بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الأول، فهو غير قائم، ذلك أن إلحاق تلاميذ مدرسة كالوسيديان مثار المنازعة والكائنة بشارع الجلاء ببولاق بالقاهرة، بمدرسة لوباريان بمصر الجديدة ليس من شأنه أن يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها بمراعاة أن البطريركية قد تعهدت بنقلهم بسياراتها من منازلهم إلى مدرسة لوباريان في الذهاب والعودة وذلك على حسابها الخاص دون أن تكبد أولياء أمور التلاميذ أية أعباء إضافية أو زيادة في المصاريف المدرسية، وأخذاً في الحسبان أن انتقال صغار التلاميذ إلى مدارسهم النائية بالسيارات العامة أو الخاصة أمر مألوف لا ينطوي على ثمة مشقة غير عادية أو أضراراً بالغة يتعذر تدارك نتائجها كما ذهب الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الثاني - فالثابت من ظاهر الأوراق أن بطريركية الأرمن الأرثوذكس هي صاحبة الأرض المقام عليها مدرسة كالوسيديان بشارع الجلاء رقم 20 ببولاق القاهرة ومكلفة باسمها على ما يبدو من صورة العقد الصادر من حبيب سكاكيني باشا إلى البطريركية المذكورة في 26 من مايو سنة 1905 وصورة الكشف الرسمي المستخرج من سجلات بلدية القاهرة في 7 من ديسمبر سنة 1970، المقدمتين من البطريركية، كما أن الثابت أيضاً أن مبنى هذه المدرسة رغماً عن اتساعه واحتوائه على 24 حجرة تشمل الفصول والمرافق فإنه لا يضم إلا 161 تلميذاً فقط في فصول الحضانة والابتدائي والإعدادي البالغ عددها اثني عشر فصلاً ويتراوح عدد تلاميذ كل فصل بين ستة تلاميذ وعشرين تلميذ فقط. وإزاء ذلك ونظراً لأن البطريركية تكبدت في إدارة هذه المدرسة خسائر فادحة بلغت في سنة 1970 (7617 جنيهاً) وفي سنة 1971 (11158 جنيهاً) وفي سنة 1972 (8660 جنيهاً) وكانت مدرسة لوباريان بمصر الجديدة تتسع لتلاميذ المدرستين معاً، فقد رأت بطريركية الأرمن الأرثوذكس التي تتولى أمر المدرستين وضع حد لهذه النفقات التي تتحملها دون مبرر مقبول، وذلك بإلحاق تلاميذ مدرسة كالوسيديان بمدرسة لوباريان على أن تقوم بنقلهم بالسيارات دون مقابل ودون أية زيادة في المصروفات المدرسية التي يدفعونها وعدم الاستغناء عن أي من العاملين بالمدرسة وتأجير مبناها لإدارة غرب القاهرة التعليمية للإفادة منه في تفريج أزمة المدارس التي تعاني منها. ولما كان الأمر كذلك وكانت جهة الإدارة قد استجابت إلى رغبة البطريركية هذه مستهدفة في ذلك مصلحة البطريركية المذكورة والمصلحة العامة، فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على حسب الظاهر من الأوراق - على أسباب تبرره دون ثمة انحراف بالسلطة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أن المدعي (المطعون ضده الأول) أقام الدعوى رقم 958 لسنة 27 القضائية ضد السادة/ وزير التربية والتعليم ومحافظ القاهرة ورئيس المجلس الملي لبطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة بصفاتهم، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 28 من يونيه سنة 1973، طلب فيها "الحكم أولاً: بقبول الدعوى شكلاً وثانياً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار المجلس الملي لبطريركية الأرمن الأرثوذكس بالقاهرة المتضمن تسليم مدرسة كالوسيديان الأرمنية التابعة لمنطقة غرب القاهرة التعليمية لوزارة التربية والتعليم. وثالثاً: وفي الموضوع بإلغاء القرار سالف الذكر وما قد يترتب عليه من آثر ورابعاً: بإلزام المدعى عليه الثالث بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة." وقال بياناً لدعواه أن المرحوم جرابين كالوست أوصى في 27 من مايو سنة 1864 بإنشاء مدرسة بالقاهرة لتعليم أبناء الطائفة الأرمنية وأوقف عليها بعض الأملاك، وبناءً على ذلك أنشئت مدرسة كالوسيديان وباشرت نشاطها. وفي عام 70 تقدمت بطريركية الأرمن الأرثوذكس إلى منطقة وسط القاهرة التعليمية بطلب للموافقة على نقل هذه المدرسة إلى مدرسة لوباريان بمصر الجديدة ولم يتم الموافقة على هذا الطلب ثم عادت البطريركية وطالبت بهذا المطلب. وأضاف المدعي قائلاً أن البطريركية مستعينة بالمجلس الملي لطائفة القائم على تنفيذ الوصية المذكورة ما زالت مصرة على تنفيذ قرارها في شأن تسليم المدرسة لوزارة التربية والتعليم لاعتبارات لا أساس لها، ولما كان إغلاق هذه المدرسة أو نقلها أو تسليمها لوزارة التربية والتعليم سوف يضر بمصالح طلبتها ضرراً بليغاً بعيد المدى لا يمكن تدارك نتائجه، فإنه بوصفه ولياً لأحد طلبة المدرسة فضلاً عن كونه عضواً بمجلس الآباء بالمدرسة يطلب وقف تنفيذ هذا القرار بصفة عاجلة وإلغائه. وردت الجهة الإدارية قائلة أن البطريركية المذكورة تقدمت طالبة الموافقة على نقل مدرسة كالوسيديان وضمها إلى مدرسة لوباريان بمصر الجديدة على أن يشمل النقل الطلبة وجميع العاملين دون إضرار بهم وذلك بنقل الطلبة بعربات البطريركية من منازلهم إلى مدرسة لوباريان بمصر الجديدة دون أي تكاليف أو زيادة في المصروفات المدرسية، وحصول جميع العاملين على كافة حقوقهم، على أن يسلم مبنى مدرسة كالوسيديان للوزارة لاستخدامه مقراً لمدرسة ثانوية نظير إيجار تقدره الإدارة التعليمية. ونظراً لاحتياج المنطقة التعليمية إلى فتح فصول ثانوية لخدمة البيئة وأنه لن يترتب على نقل المدرسة أية أضرار بالطلبة والعاملين بها، كما أن النقل يجنب البطريركية بعض الأضرار التي تحيق بها بسبب ما تتكبده من نفقات في سبيل استمرار الدارسة بالمدرسة المذكورة فقد وافق السيد محافظ القاهرة على الاستجابة إلى هذا الطلب تحقيقاً للمصلحة العامة والتي أقرها المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة بجلسته المنعقدة في 25 من يونيه سنة 1973. وبتاريخ 27 من يونيه سنة 1973 أخطر السيد مدير عام إدارة غرب القاهرة التعليمية بهذا القرار كما أخطر به نيافة المطران قائمقام البطريركية في 28 من يونيه سنة 1973. وطلب الحاضر عن المدعى عليه الثالث الحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى لعدم توجيهها إلى قرار إداري وبعدم قبول الدعوى لعدم توجيهها إلى القرار الإداري في الميعاد. وطلب كل من السادة/ نوبار غازار كاسببان وابكار اداكيم بردديان وكرابيت سليم نشادرجان وسركيسر نشان جيبان وجادا باكيان وفؤاد منصور سعيد، وزاريدة طاشكيان وفاجيكين بكبعان وادهاني جورجاريان وجميل سليم نجيب التدخل خصوماً متضمنين إلى الدعوى. وبجلسة 4 من سبتمبر سنة 1973 حكمت المحكمة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الدعوى وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطلب - وأقامت قضاءها على أن البادي من الأوراق أن القرار المطعون فيه يفتقد إلى جدية السبب الذي قام عليه وأن تلاميذ المدرسة موضوع النزاع من صغار السن مما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه ضرر بليغ يلحقهم بسبب بعد المسافة بين مساكنهم والمقر الجديد للدراسة بمصر الجديدة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على وجهين أولهما أن العمل جرى في معظم المدارس على أن تقوم عربات المدارس بنقل تلاميذها بكافة مراحل التعليم حضانة وابتدائي وإعدادي وثانوي من منازلهم إلى المدرسة، ومن ثم فلا يقبل القول بأن صغر تلاميذ مدرسة كالوسيديان وبعد المسافة بين مساكنهم والمقر الجديد للدراسة بمدرسة نورباريان بمصر الجديدة يلحق بهم ضرراً بليغاً يتعذر تداركه. ويقوم الوجه الثاني للطعن على أن القرار المطعون فيه مستوفياً الأشكال والأوضاع القانونية فقد صدر ممن يملكه وهو السيد المحافظ في حدود السلطة المخولة له قانوناً وهي سلطة تقديرية غير مقيدة إلا بقيد واحد وهو موافقة المجلس التنفيذي التي تمت في 25 من يونيه سنة 1973 وقد قام القرار على سببه المبرر له قانوناً مستهدفاً المصلحة العامة. وطالب المجلس الملي لبطريركية الأرمن الحكم بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن المدعي يوجه طعنه بالإلغاء إلى ما يسميه قراراً صادراً من المجلس الملي. وأنه لو صح أن هذا القرار هو المعدل للمركز القانوني الذي يتضرر منه المدعي - فإنه ليس قراراً إدارياً مما يدخل في اختصاص القضاء الإداري، لأن تصرف المجلس الملي في مدارسه أو الممتلكات الخاصة بالبطريركية أو في طريقة توزيع إيراد الأطيان الموقوفة هو تصرف من تصرفات الإدارة التي لا يمكن أن تتسم بطابع السلطة العامة كما دفع المجلس الملي بعدم قبول الدعوى لأن القرار الذي عدل من المركز القانوني وهو نقل المدرسة هو القرار الصادر من الجهة الإدارية وليس قرار المجلس الملي، وإذا لم يبادر المدعي إلى الطعن في هذا القرار فإن دعواه تكون غير مقبولة، وذلك بالإضافة إلى أن ميعاد الطعن في هذا القرار قد انقضى بفوات أكثر من شهرين على علم المدعي اليقيني به. وطالب المجلس الملي برفض الدعوى موضوعاً تأسيساً على أن القرار الصادر بنقل المدرسة يحقق مصلحة عامة حيوية بتوفير المكان المناسب لألف طالب في المنطقة فضلاً عن دفع مضرة كبيرة عن البطريركية بتخفيف أعباء العجز المتراكم في ميزانيتها نتيجة الإنفاق على عدد قليل من الطلبة لن يحرموا من التعليم بعد أن تعهدت البطريركية بإلحاقهم بمدرستها الممتازة الكائنة بمصر الجديدة كما تعهدت بنقلهم على حسابها في سياراتها، ومن ثم فلا محل لأن ينعى على القرار المطعون فيه بأي عيب حتى عيب الانحراف وأنه إذا كان هناك عيب ينسب إلى أحد فهو عيب التعنت الذي يشوب تصرف أولياء الأمور الذين تدفعهم أسباب شخصية محضة إلى تجريح البطريركية والإدارة معاً. وطالبت الحكومة في مذكرتها الختامية الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى على أساس أن قرار المجلس الملي المطعون فيه ليس من القرارات التي يختص بها القضاء الإداري. كما طالبت احتياطياً برفض الدعوى للأسباب الموضوعية التي سبق أن ساقتها في هذا الشأن. وأضاف المدعي في مذكرته الختامية أنه كان يعلم بموافقة المجلس التنفيذي لمحافظة القاهرة، الصادرة في 25 من يونيه سنة 1973، على إجابة طلب البطريركية وأن دعواه التي أقامتها في 28 من يونيه سنة 1973 قد انصرفت الطلبات فيها إلى إلغاء القرار الصادر من رئاسة المجلس الملي ومحافظة القاهرة لأنهما كل لا انفصام بينهما وطالب برفض الطعن وتأييد الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الأوراق، وما أوضح عنه المدعي في مذكرته الختامية، أنه قد استهدف إلغاء القرار الإداري الصادر من المجلس التنفيذ لمحافظة القاهرة الصادر في 25 من يونيه سنة 1973 بالموافقة على نقل تلاميذ مدرسة كالوسيديان بشارع الجلاء ببولاق بالقاهرة إلى مدرسة لوباريان بمصر الجديدة مع تأجير المدرسة لإدارة غرب القاهرة التعليمية، بوصفه القرار المنشئ للمركز القانوني مثار المنازعة، وإذ كان الأمر كذلك وكان المدعي قد أقام دعواه في 28 من يونيه سنة 1973 فور صدور القرار المطعون فيه، فإن الدفعين المثارين بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وبعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد يكونا بهذه المثابة على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضهما.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له - على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه - أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين:
الأول - قيام الاستعجال، بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
الثاني - يتصل بمبدأ المشروعية، بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية. وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الأول، فهو غير قائم، ذلك أن إلحاق تلاميذ مدرسة كالوسيديان مثار المنازعة والكائنة بشارع الجلاء ببولاق بالقاهرة، بمدرسة لوباريان بمصر الجديدة ليس من شأنه أن يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها بمراعاة أن البطريركية قد تعهدت بنقلهم بسياراتها من منازلهم إلى مدرسة لوباريان في الذهب والعودة وذلك على حسابها الخاص دون أن تكبد أولياء أمور التلاميذ أعباء إضافية أو زيادة في المصاريف المدرسية، وأخذاً في الحسبان أن انتقال صغار التلاميذ إلى مدارسهم النائية بالسيارات العامة أو الخاصة أمر مألوف لا ينطوي على ثمة مشقة غير عادية أو أضراراً بالغة يتعذر تدارك نتائجها كما ذهب الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الثاني - فالثابت من ظاهر الأوراق أن بطريركية الأرمن الأرثوذكس هي صاحبة الأرض المقام عليها مدرسة كالوسيديان بشارع الجلاء رقم 20 ببولاق القاهرة، ومكلفة باسمها على ما يبدو من صورة العقد الصادر من حبيب سكاكيني باشا إلى البطريركية المذكورة في 26 من مايو سنة 1905 وصورة الكشف الرسمي المستخرج من سجلات بلدية القاهرة في 7 من ديسمبر سنة 1970، المقدمتين من البطريركية، كما أن الثابت أيضاً أن مبنى هذه المدرسة رغماً عن اتساعه واحتوائه على 24 حجرة تشمل الفصول والمرافق فإنه لا يضم إلا 161 تلميذاً فقط في فصول الحضانة والابتدائي والإعدادي البالغ عددها اثني عشر فصلاً ويتراوح عدد تلاميذ كل فصل بين ستة تلاميذ وعشرين تلميذ فقط. وإزاء ذلك ونظراً لأن البطريركية تكبدت في إدارة هذه المدرسة خسائر فادحة بلغت في سنة 1970 بـ 7617 جنيهاً وفي سنة 1971 بـ 11158 جنيهاً وفي سنة 1972 بـ 8660 جنيهاً، وكانت مدرسة لوباريان بمصر الجديدة تتسع لتلاميذ المدرستين معاً، فقد رأت بطريركية الأرمن الأرثوذكس التي تتولى أمر المدرستين، وضع حد لهذه النفقات التي تتحملها دون مبرر مقبول، وذلك بإلحاق تلاميذ مدرسة كالوسيديان بمدرسة لوباريان على أن تقوم بنقلهم بالسيارات دون مقابل ودون أية زيادة في المصروفات المدرسية التي يدفعونها وعدم الاستغناء عن أي من العاملين بالمدرسة وتأجير مبناها لإدارة غرب القاهرة التعليمية للإفادة منه في تفريج أزمة المدارس التي تعاني منها. ولما كان الأمر كذلك وكانت جهة الإدارة قد استجابت إلى رغبة البطريركية هذه مستهدفة في ذلك مصلحة البطريركية المذكورة والمصلحة العامة، فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على حسب الظاهر من الأوراق - على أسباب تبرره دون ثمة انحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض هذا الطلب، وذلك مع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء مع إلزام المدعي مصروفات هذا الطلب ومصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ المطعون فيه وألزمت المدعي مصروفات هذا الطلب ومصروفات الطعن.