مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة التاسعة - العدد الثاني (من أول فبراير 1964 إلى آخر مايو 1964) - صـ 1129

(103)
جلسة 31 من مايو 1964

برياسة السيد/ الدكتور محمود سعد الدين الشريف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة: علي محسن مصطفى وعادل عزيز زخاري وحسنين رفعت حسنين وأبو الوفا زهدي المستشارين.

القضية رقم 371 لسنة 7 القضائية

كادر عمال - أجر - درجة - امتحان - تحديد أجر العامل ودرجته - يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتأدية الامتحان الفني ونجاحه فيه في الحرفة التي يعين فيها - تقدير اللجنة التي قامت بامتحان المدعي أن كفايته في العمل لم ترق إلى درجة ميكانيكي وأنها لا تتعدى ميكانيكي غير دقيق في الدرجة 200/ 360 مليم - تعيينه في الدرجة المذكورة - لا تثريب عليه - لا يعترض على ذلك بأن كشوف كادر العمل قد خلت من ذكر ميكانيكي غير دقيق على التخصيص ولم تتضمن سوى ميكانيكي في الدرجة 200/ 500.
من حيث إن تحديد أجر العامل ودرجته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتأدية الامتحان الفني ونجاحه فيه في الحرفة التي يعين فيها وذلك بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح طبقاً للبند السابع من قواعد كادر عمال اليومية الخاص بعمال الحكومة - فإذا ثبت أن اللجنة التي قامت بامتحان المدعي قدرت أن كفايته في العمل لم ترق إلى درجة ميكانيكي وأنها لا تتعدى (ميكانيكي غير دقيق) في الدرجة 200/ 360 مليم فعين في الدرجة المذكورة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون إذ قضى بأحقية تسوية حالته في درجة ميكانيكي 300/ 500 مليم ولا يعترض على ذلك بأن كشوف كادر العمال قد خلت من ذكر (ميكانيكي غير دقيق) على التخصيص ولم تتضمن سوى (ميكانيكي) في الدرجة 300/ 500 - لا يعترض بذلك لأن عدم بلوغ المدعي في الامتحان هذه الدرجة يحول دون وضعه فيها إذ أن مناط التعيين في درجات كادر العمال هو - كما سبق القول - بدرجة نجاح العامل في الامتحان - لإحدى هذه الدرجات - وقد قدرت اللجنة الفنية درجات نجاح المدعي بأنها لا تتعدى (ميكانيكي غير دقيق) وليس يقبل أن يفيد المدعي من إغفال ذكر (ميكانيكي غير دقيق) على التخصيص ضمن الكشوف الملحقة بالكادر وكل ما يؤدي إليه ذلك هو أن يوضع في درجة من درجات الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة التي نجح في امتحانها بالأجر الذي حددته له تلك اللجنة وقدره 200 مليم.


إجراءات الطعن

في 15 من ديسمبر سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة قلم كتاب هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير الأشغال تقرير طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية بجلسة 17 من أكتوبر سنة 1960 في الدعوى رقم 62 لسنة 6 القضائية المقامة من السيد عنتر سيد بيومي ضد وزارة الأشغال العمومية والقاضي بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 300 مليم في درجة ميكانيكي 300/ 500 مليم منذ تاريخ تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من 26 من مايو سنة 1953 وبإلزام الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في تقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون ضده في 22 من يناير سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من يناير سنة 1963 وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة في 2 من يناير سنة 1963 وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا حيث عين لنظره أمامها جلسة 19 من إبريل سنة 1964 التي أبلغ بها الطرفان في 6 من إبريل سنة 1964. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أنه بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارتي الحربية والأشغال العمومية في 6 من يناير سنة 1959 أقام المدعي الدعوى رقم 72 لسنة 6 القضائية ضد وزارة الأشغال العمومية طالباً الحكم بتسوية حالته طبقاً لكادر عمال اليومية في الفئة من 300 إلى 600 من تاريخ اختباره وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال بياناً لدعواه أنه في يوليو سنة 1946 التحق بخدمة تفتيش النيل فرع رشيد بطنطا التابع لوزارة الأشغال العمومية بمهنة (م) ميكانيكي بأجر يومي قدره 160 مليماً بخلاف إعانة غلاء المعيشة وفي عام 1949 عقد له امتحان اجتازه بنجاح ورقى إلى درجة ميكانيكي بأجر يومي قدره 200 مليم بخلاف إعانة غلاء المعيشة وذكر أن وضعه على هذا الوجه خطأ إذ كان يتحتم على الإدارة أن تعامله وفقاً لكشوف الكادر المدرجة بها ماهيته في الفئة من 300 إلى 600 وأنه تظلم من ذلك كثيراً دون أن يلتفت إليه أحد وأنه في 25 من أغسطس سنة 1958 صدر له قرار إعفاء رقم 329 لسنة 5 القضائية وقد أجابت الوزارة على الدعوى بمذكرة قالت فيها أن المدعي لا يحمل مؤهلات وأنه عين في أول أغسطس سنة 1946 بوظيفة عطشجي للرفاص بدورية بأجر قدره 150 مليماً يومياً ومنح علاوة دورية 15 مليماً في أول مايو سنة 1949 وأرسل إلى الورش الأميرية لاختباره لوظيفة ميكانيكي الرفاص فبينت بكتابها المؤرخ في 13 من أغسطس سنة 1950 أنه يصلح ميكانيكي لرفاص صغير مثل الرفاص شاهين الذي يعمل عليه حالياً وأنه باختباره على ماكينة مماثلة للرفاص يدوية وجد أنه لا يصلح لها كما بينت الورش الأميرية بكتابها المؤرخ في 2 من يوليو سنة 1951 أنه قد قدر له عند اختباره مهنة ميكانيكي غير دقيق وهي وظيفة مقدر لها بالكادر أجر يومي قدره 200 مليم فمنح هذا الأجر وألحق ميكانيكا للرفاص لها كما بينت الورش الأميرية بكتابها المؤرخ في 2 من يوليو سنة 1951 أنه شاهين وأصبحت أجرته بعد منحه العلاوات الدورية 280 مليماً يومياً وأنه مع إلزامه بالمصاريف وبجلسة 17 من أكتوبر سنة 1960 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته بمنحه أجراً يومياً قدره 300 مليم في درجة ميكانيكي 300/ 500 مليم منذ تاريخ تعيينه مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من 26 من مايو سنة 1953 وألزمت الحكومة المصروفات وبأن تدفع للمدعي مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - وأقامت قضاءها بذلك على أن المركز القانوني للعامل يتحدد تبعاً للحرفة المسندة إليه في القرار الصادر بتعيينه أو بترقيته لأن هذا القرار هو الذي يحدد نوع العمل المنوط به ودرجته وأجره وأنه يبين من ملف خدمة المدعي أنه عين بوظيفة عطشجي بأجر يومي قدره 150 مليماً اعتباراً من أول أغسطس سنة 1946 وامتحن في 3 من مايو سنة 1950 لمعرفة مدى صلاحيته للقيام بأعمال ميكانيكي للرفاص بدوية واتضح من اختباره صلاحيته لمهنة ميكانيكي لرفاص صغير كالرفاص شاهين وقدرت له درجة ميكانيكي غير دقيق بمبلغ 200 مليم وعين فعلاً بوظيفة ميكانيكي ويبين من الكشوف الملحقة بكادر العمال أن مهنة ميكانيكي وردت في الكشف رقم 6 الخاص بالصناع أو العمال الفنيين الذين تسوى حالتهم من بدء تعيينهم بأجر يومي قدره 300 مليم في الدرجة 300/ 500 مليم أي في الوظائف التي تحتاج إلى دقة ولم يرد في الكشف رقم 4 الخاص بالصناع أو العمال الفنيين التي لا تحتاج إلى دقة الدرجة (200/ 360 مليماً) مهنة ميكانيكي غير دقيق وأن المدعي وقد اختبر وعين فعلاً في مهنة ميكانيكي فإنه يستحق الأجر المقرر لها وهو 300 مليم يومياً منذ تعيينه فيها في الدرجة 300/ 500 ولا محل للتحدي بأنه ميكانيكي غير دقيق إذ لم يرد في كادر العمال (ميكانيكي غير دقيق) وأن تسوية حالة المدعي على النحو المذكور يترتب عليها استحقاقه لفروق مالية عن السنوات الخمس السابقة تقديمه طلب المعافاة من الرسوم في 26 من مايو سنة 1958.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه وفقاً لقواعد كادر العمال لترقية العامل شروط وضوابط سواء فيما يتعلق بالمدد الواجب قضاؤها قبل الترقية والتي تختلف تبعاً لثقافة العامل ومؤهلاته الدراسية أو فيما يختص بالخبرة المهنية التي يرجع في التثبيت منها إلى الاختبار الفني أو نوع الوظيفة التي تتم الترقية إليها ولا تكون الترقية إلا من درجة إلى الدرجة التالية لها مباشرة من الفئة ذاتها - ولا تتقيد الترقية بشرط المدة متى توافرت للعامل القدرة والكفاية لتولي الوظيفة الأعلى غير أن نقله يعتبر في هذه الحالة تعييناً جديداً ويدخل في حدود النسبة المرخص في التعيين فيها من الخارج - وقد شغل المدعي الوظيفة الأعلى قبل مضي المدة المقررة بعد أن امتحن أمام اللجنة الفنية المختصة في 3 من مايو سنة 1950 واتضحت صلاحيته لمهنة ميكانيكي غير دقيق في الدرجة 200/ 360 مليم فلا يجوز أن يزيد أجره على أول مربوط هذه الدرجة التي بان أنه لا يصلح لشغل درجة أخرى أعلى منها. ومن المقرر أن المهنة الواحدة تتفاوت فيها درجة دقة مهارة العامل مما يستتبع تفاوت الدرجة والراتب اللذين يستحقهما بالتطبيق لأحكام الكادر ومن ثم فإن مهنة ميكانيكي تتفرع إلى صانع دقيق وغير دقيق تبعاً للكفاية الفنية لكل عامل فإذا كانت اللجنة الفنية قد استظهرت من نتيجة امتحان المدعي أنه يصلح لمهنة ميكانيكي ولكن بدرجة لا ترقى إلى درجة صانع دقيق فحددت له الدرجة 200/ 360 وهي درجة صانع غير دقيق فليس في قرارها ما يخالف القانون - وكان يتعين لوضع المدعي في الدرجة التي صدر الحكم بتسوية حالته بوضعه فيها أداء امتحان بنجاح أمام اللجنة المختصة الأمر الذي يتبين عكسه من الأوراق ولذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب وأخطأ في تأويل القانون وتطبيقه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي قد عين في أول أغسطس سنة 1946 (عطشجي) للرفاص (بدوية) بأجر قدره 150 مليماً واستحقت له علاوة قدرها 15 مليماً في أول مايو سنة 1949 ثم تقدم بطلب في 17 من مارس سنة 1950 لنقله إلى وظيفة ميكانيكي للرفاص بدوية فامتحن أمام اللجنة الفنية المختصة في 3 من مايو سنة 1950 للوقوف على مدى صلاحيته للقيام بأعمال ميكانيكي لرفاص صغير كالرفاص (شاهين) وعدم صلاحيته لمهنة ميكانيكي للرفاص بدوية - وقدرت له اللجنة (مهنة ميكانيكي غير دقيق) بأجر يومي 200 مليم.
ومن حيث إنه وفقاً لما أسفرت عنه نتيجة امتحان المدعي عين في وظيفة ميكانيكي غير دقيق في الدرجة 200/ 360 وهي الدرجة المقررة للصناع أو العمال الفنيين في الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة الواردة بالكشف رقم 4 الملحق بكادر العمال.
ومن حيث إن تحديد أجر العامل ودرجته يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتأدية الامتحان الفني ونجاحه فيه في الحرفة التي يعين فيها وذلك بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح طبقاً للبند السابع من قواعد كادر عمال اليومية الخاص بعمال الحكومة - فإذا ثبت أن اللجنة التي قامت بامتحان المدعي قدرت أن كفايته في العمل لم ترق إلى الدرجة ميكانيكي وأنها لا تتعدى (ميكانيكي غير دقيق) في الدرجة (200/ 360) مليم فعين في الدرجة المذكورة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون إذ قضى بأحقية تسوية حالته في درجة ميكانيكي 300/ 500 مليم ولا يعترض على ذلك بأن كشوف كادر العمال قد خلت من ذكر (ميكانيكي غير دقيق) على التخصيص ولم تتضمن سوى (ميكانيكي) في الدرجة 300/ 500 - لا يعترض بذلك لأن عدم بلوغ المدعي في الامتحان هذه الدرجة يحول دون وضعه فيها إذ أن مناط التعيين في درجات كادر العمال - هو - كما سبق القول - بدرجة نجاح العامل في الامتحان - لإحدى هذه الدرجات - وقد قدرت اللجنة الفنية نجاح المدعي بأنها لا تتعدى (ميكانيكي غير دقيق) وليس يقبل أن يفيد المدعي من إغفال ذكر (ميكانيكي غير دقيق) على التخصيص ضمن الكشوف الملحقة بالكادر وكل ما يؤدي إليه ذلك هو أن يوضع في درجة من درجات الوظائف التي لا تحتاج إلى دقة التي نجح في امتحانها بالأجر الذي حددته له تلك الجنة وقدره 200 مليم.
ومن حيث إنه لذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب غير هذا المذهب قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.