مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 175

(56)
جلسة 26 من يناير سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى كمال إبراهيم رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد فهمي طاهر، ومحيي الدين طاهر، ومحمد بدير الألفي، ويوسف شلبي يوسف المستشارين.

القضية رقم 696 لسنة 14 القضائية

أ - عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - عقوبة تأديبية - حجز الدرجة - دعوى التسوية القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - المنع من الترقية بسبب توقيع جزاء تأديبي على الموظف خلال المدد المنصوص عليها في المادة 103 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه لا يعدو أن يكون إرجاء للترقية بمقدار هذه المدد - نص المشرع في المادة 104 من القانون على حجز الدرجة في حالة الموظف الذي وقع عليه جزاء بالخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً أو أجلت علاوته لمدة تقل عن سنة يدل دلالة واضحة على أن الموظف الذي حجزت له الدرجة يستحق الترقية إليها وجوباً من تاريخ زوال المانع - مؤدى ذلك أن المركز القانوني للموظف في الترقية بموجب حركة ترقية صدرت خلال فترة المنع لا يسقط نهائياً وإنما يؤجل إلى حين انقضاء هذه الفترة ويصبح مركزه القانوني في الترقية حالاً من التاريخ التالي لانقضائها - بهذه المثابة تعتبر الدعوى بطلب الترقية في هذه الحالة من دعاوى التسويات التي لا تتقيد بإجراءات ومواعيد دعاوى الإلغاء.
ب - عاملون مدنيون بالدولة - ترقية - عقوبة تأديبية - تعديل العقوبة التأديبية. تعديل العقوبة التأديبية هو في حقيقته سحب للجزاء السابق توقيعه على العامل - يترتب على ذلك أن يرتد أثر التعديل إلى تاريخ صدور قرار الجزاء الأول - مثال.
إن القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة - الذي تحكم نصوصه المنازعة الحالية - نص في المادة 103 على أنه "لا تجوز ترقية موظف وقعت عليه عقوبة من العقوبات التأديبية المبينة فيما يلي إلا بعد انقضاء الفترات التالية: ثلاثة أشهر من حالة الخصم من المرتب من ثلاثة أيام إلى سبعة أيام - ستة أشهر في حالة الخصم من المرتب من ثمانية أيام لغاية خمسة عشر يوماً" ونص في المادة 104 على أنه "في حالة الخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً وفي حالة تأجيل العلاوة مدة تقل عن سنة تحجز الدرجة للموظف إن كان له حق في الترقية إليها بالأقدمية على ألا تزيد مدة حجز الدرجة على سنة" ونص في المادة 105 على أن "تحسب فترة التأجيل المشار إليها في المادة 103 من تاريخ توقيع العقوبة ولو تداخلت في فترة أخرى مترتبة على عقوبة سابقة".
ومن حيث إن المنع من الترقية بسبب توقيع جزاء تأديبي على الموظف خلال المدد المنصوص عليها في المادة 103 من القانون رقم 210 لسنة 1951 لا يعدو أن يكون إرجاء للترقية بمقدار هذه المدد، وهذا هو المستفاد من صريح نص المادة 150 من ذات القانون التي عبرت عن هذا المنع بأنه تأجيل للترقية، وإرجاء الترقية في هذه الحالة لم يقصد به المشرع سلب الموظف حقه في الترقية فقد أفصح المشرع عن قصده في المادة 104 من القانون بأنه ميز الموظف الذي وقع عليه جزاء بالخصم من المرتب لغاية خمسة عشر يوماً أو أجلت علاوته لمدة تقل عن سنة بأن أوجب حجز درجة له إن كان له حق في الترقية إليها بالأقدمية، وحجز الدرجة في هذه الحالة يدل دلالة واضحة على أن الموظف الذي حجزت له الدرجة يستحق الترقية إليها وجوباً من تاريخ زوال المانع، وتعتبر أقدميته في الدرجة المرقى إليها من ذلك التاريخ أي بعد انقضاء الفترة التي لا تجوز ترقيته إليها متى كان مستحقاً للترقية بالأقدمية وقت حجز الدرجة، والقول بغير ذلك يجعل النص على حجز الدرجة لغواً يتنزه عنه الشارع، ومؤدى ذلك أن المركز القانوني للموظف في الترقية بموجب الحركة التي صدرت خلال فترة المنع لا يسقط نهائياً وإنما يؤجل إلى حين انقضاء هذه الفترة، فإذا انقضت أصبح المركز القانوني في الترقية حالاً من التاريخ التالي لانقضائها، ويجب على الإدارة ترقية الموظف من هذا التاريخ وبهذه المثابة تكون الدعوى الراهنة من دعاوى التسويات التي لا يتقيد في رفعها بالإجراءات والمواعيد المقررة لدعاوى الإلغاء وبالتالي يكون الدفع بعدم قبولها شكلاً غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
2 - إن الثابت من الأوراق أن المدعي قد جوزي في 26 من ديسمبر سنة 1962 بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه، وقد أجرت الجهة الإدارية حركة ترقيات إلى الدرجة الرابعة في سنة 1963 وكانت أقدمية المدعي تسمح بترقيته إلى تلك الدرجة إلا أنه لما كان من غير الجائز ترقيته قانوناً لعدم انقضاء المدة التي يمنع ترقيته خلالها بسبب توقيع الجزاء السالف الذكر عليه فقد حجزت له الإدارة درجة لمدة سنة طبقاً لنص المادة 104 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ثم عدل الجزاء إلى ثلاثة أيام فقط ونقل إلى الهيئة العامة للإصلاح الزراعي في 31 من أغسطس سنة 1963، ورقى إلى الدرجة الرابعة بعد مرور ثلاثة أشهر على نقله.
ومن حيث إن تعديل الجزاء الذي وقع على المدعي هو ثلاثة أيام هو في حقيقته سحب للجزاء السابق الموقع عليه في 26 من ديسمبر سنة 1962 ومن ثم يرتد أثر هذا التعديل بأثر رجعي إلى تاريخ صدور قرار الجزاء الأول، وبذلك يستحق الترقية وجوباً إلى الدرجة الرابعة بعد ثلاثة أشهر من تاريخ زوال المانع من الترقية أي اعتباراً من 26 من مارس سنة 1963، وليس من التاريخ الذي رقي فيه فعلاً، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر يكون قد جاء متفقاً مع أحكام القانون ويكون الطعن عليه غير قائم على سند صحيح من القانون متعيناً رفضه مع إلزام الجهة الإدارية مصروفاته.