مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 213

(68)
جلسة 15 من فبراير سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضية رقم 363 لسنة 20 القضائية

عاملون بالقطاع العام - فصل بغير الطريق التأديبي - دعوى - اختصاص - ميعاد رفع الدعوى - القانون رقم 28 لسنة 1974 - لا يسوغ الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي عناها هذا القانون - عدم جواز الاحتجاج بأن المدعي لم يكن خاضعاً للقانون رقم 31 لسنة 1963 - أساس ذلك - الدفع بعدم قبول الدعوى بعد أن فتح القانون رقم 28 لسنة 1974 باب الطعن في قرارات إنهاء الخدمة - اعتبار الدفع غير ذي موضوع - رفع دعوى الإلغاء أبعد أثراً من طلب العودة للخدمة - أساس ذلك - تطبيق.
إن البادي من استقراء الوقائع أن الرأي كان قد اتجه إلى تنحية المدعي وأعضاء مجلس إدارة الشركة العقارية المصرية بغير الطريق التأديبي، استجابة لما تكشف عنه سير العمل بالشركة من عدم محافظتهم على أموالها وارتكابهم مخالفات مالية وإدارية عرض أمر تحقيقها على النيابة العامة والنيابة الإدارية واللجان الإدارية، استهدفت الإدارة من تنحية المدعي وأعضاء مجلس الإدارة كفالة قيام الشركة بواجباتها على خير وجه. ولقد أفصح القرار الجمهوري رقم 271 لسنة 1965 عن إنهاء خدمة المدعي بغير الطريق التأديبي من رئاسة مجلس إدارة الشركة على ما هو مستفاد من تعيين رئيس آخر لها بدلاً من المدعي، ومن الإشارة في ديباجته إلى قراري تعيين المدعي وتحديد مرتبه والنص على إلغاء كل ما يخالف أحكام القرار المذكور، ربما يدل على أن الهدف كان إلغاء قرار تعيين المدعي وإنهاء خدمته، ويقطع في ذلك أن القرار المذكور لم يلحق المدعي بعمل آخر يتناسب مع مستواه الوظيفي خارج الشركة بمراعاة أنه ليس من المستساغ عقلاً وقانوناً أن يجتمع معاً في وقت واحد رئيسان لشركة يشغلان وظيفة واحدة يباشر أحدهما فيها مهامه ويبقى الآخر بلا عمل. ومن ثم يكون القرار الجمهوري رقم 271 لسنة 1965 قد أنهى بغير الطريق التأديبي خدمة المدعي من تاريخ صدوره، وهو ما فهمته الشركة وضمنته الشهادة التي سلمتها إلى المدعي بناءً على طلبه في 23 من إبريل سنة 1969 حيث أشارت إلى أن خدمته بالشركة انتهت في 6 من فبراير سنة 1965 بموجب القرار الجمهوري رقم 271 لسنة 1965. وعلى ذلك فإنه لا يجوز التحدي بأن القرار الذي أنهى خدمة المدعي هو قرار نائب رئيس الوزراء للزراعة والري، ذلك أن هذا القرار لا يعدو في الواقع من الأمر أنه يكون قد صدر تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية المشار إليه. وبهذه المثابة يكون قرار رئيس الجمهورية المذكور هو الذي استهدف المدعي الطعن عليه بالإلغاء باعتبار أنه هو الذي أنشأ المركز القانوني مثار المنازعة وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد جانب الصواب.
ومن حيث إنه أياً كان الرأي في سلامة الدفع الذي أثارته الحكومة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر دعوى المدعي لأنه ليس من الموظفين العموميين الذي يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بهم، والدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر في قانون مجلس الدولة لإلغاء القرارات الإدارية، إنه أياً كان الرأي في سلامة هذين الدفعين قبل العمل بأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم، فإنهما بصدور هذا القانون قد أصبحا غير ذي موضوع، ذلك أن القانون المشار إليه ناط بمحكمة القضاء الإداري على ما يبين من حكم المواد الأولى والثالثة والتاسعة والثالثة عشرة منه الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 يستوي في ذلك أن يكون العامل المفصول قد قدم طلباً للعودة إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 28 لسنة 1974 المذكور ورفض طلبه ولجأ إلى محكمة القضاء الإداري طاعناً فيه في الميعاد المقرر قانوناً وفقاً لحكم المادة التاسعة منه، أم أن يكون قد أقام دعواه قبل صدور هذا القانون، وذلك طالما أن المشرع قد قضى في المادة الثالثة عشرة من القانون المذكور بأن تطبيق القواعد الموضوعية التي تضمنها على من رفعوا دعاوى من الخاضعين لأحكام هذا القانون أمام أية جهة قضائية ولم تصدر فيها أحكام نهائية قبل نفاذه - شأن المنازعة الماثلة -، وأخذاً في الحسبان أن الالتجاء إلى القضاء طعناً في قرار الفصل بغير الطريق التأديبي أقوى أثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة والإصرار عليه من مجرد التقدم بطلب العودة إلى الخدمة وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون المشار إليه. ومن ثم فلا يسوغ في ظل العمل بأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974 التمسك بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي عناها هذا القانون. ولما كان الأمر كذلك وكان المدعي من العاملين بإحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لمؤسسة عامة وكان إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي قد تم على ما سلف بيانه في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 وقبل العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 فإن القضاء الإداري يكون قد أصبح مختصاً بنظر الدعوى والفصل فيها. ولا وجه للاحتجاج في هذا الصدد بأن المدعي لم يكن خاضعاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 سالف الذكر ومن ثم لا يخضع لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974، لا وجه لذلك لأن مناط تطبيق هذا القانون وفقاً لصريح المادة الأولى منه هو إنهاء خدمة العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها بغير الطريق التأديبي خلال الفترة الزمنية التي عينها، وليس الخضوع لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963، أما ما عناه المشرع من ذكر هذا القانون في المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 فهو مجرد تحديد قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي يسري عليها هذا القانون، بأنها هي تلك التي صدرت خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 دون سواها، أما عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المقرر لطلب إلغاء القرارات الإدارية في قانون مجلس الدولة، فإنه قد أصبح بدوره بعد صدور القانون رقم 28 لسنة 1974 غير ذي موضوع، ذلك أن هذا القانون وقد فتح باب الطعن في قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي سالفة البيان، وقضى بتصحيح أوضاع العاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي طبقاً لقواعد موضوعية موحدة واجبة التطبيق على من كان قد لجأ منهم إلى القضاء طالباً إلغاءها أو تراخى إلى أن صدر هذا القانون ثم تقدم بطلبه طالباً العودة إلى الخدمة، فإن المدعي وقد أقام دعواه بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته قبل العمل بهذا القانون، وكانت هذه الدعوى أمعن آثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة من مجرد طلب العودة إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة الثالثة من هذا القانون على ما سلفت الإشارة إليه، فإن هذه الدعوى تكون بهذه المثابة قد أصبحت بحكم القانون مقبولة شكلاً.