مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 224

(71)
جلسة 22 من فبراير سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضه، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي المستشارين.

القضية رقم 411 لسنة 19 القضائية

أ - دعوى تأديبية - إجراءات - حكم - بطلان.
إخطار العامل المنسوب إليه مخالفة تأديبية بالجلسة المحددة لنظر الدعوى التأديبية ليتمكن من إبداء دفاعه - إجراء جوهري يترتب على إغفاله وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة تؤدي إلى بطلان الحكم - أساس ذلك - مثال.
ب - المحكمة الإدارية العليا - ميعاد الطعن - دعوى - إعلان.
ميعاد الطعن لا يسري في حق ذي المصلحة الذي لم يعلن بإجراءات المحاكمة إعلاناً صحيحاً إلا من تاريخ علمه اليقيني بالحكم - أساس ذلك - مثال.
إنه يبين من استقراء أحكام المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الذي صدر في ظله الحكم المطعون فيه - أنها تهدف إلى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية، للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه، وذلك بإحاطته علماً - باعتباره من ذوي الشأن في الدعوى التأديبية - بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه، وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى، ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه أمام المحكمة للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بحصانة جوهرية لذوي الشأن. وتأكيداً لأهمية إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى، عنى المشرع بتحديد وسيلة التحقق من إتمام هذا الإجراء في المادة 23 من الباب الثالث من القانون المذكور، فقد نص على أنه يكون هذا الإعلان بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، ثم عاد المشرع وردد هذا المعنى في المادة 30 حيث نص على أن تكون الإعلانات والإخطارات المنصوص عليها في الباب الثالث من القانون بخطاب موصى عليه مع علم الوصول، وذلك كله للاستيثاق من تمام الإعلان والإخطار بما مفاده أن المشرع قد اعتبر هذا الإجراء جوهرياً، ومن ثم فإنه يترتب على إغفال هذا الإجراء وعدم تحقيق الغاية منه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة، يؤثر على الحكم ويؤدي إلى بطلانه، وقد التزم قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بالأحكام المتقدم ذكرها ولم يخرج عليها إذ ردد في المادتين 34، 37 منه ذات القواعد التي نصت عليها المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف البيان وأضاف في المادة 34 منه أن يتم إعلان أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم - ممن تسري في شأنهم أحكام هذا القانون - بتسليمه إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة، مستشهداً في ذلك بحكم الفقرة السادسة من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
لما كان الأمر كذلك، وكان مفاد الوقائع على النحو آنف البيان، أن الدعوى مثار الطعن الماثل كان نظرها مؤجلاً إلى جلسة 25 من يناير سنة 1972 بناءً على طلب الطاعن لتقديم مذكرة بدفاعه وفي هذا اليوم لم تنعقد المحكمة التأديبية وتقرر تأجيل نظر الدعوى إدارياً إلى جلسة 9 من مارس سنة 1972 مع إعلان ذوي الشأن، وقد أرسل الإخطار الخاص بالطاعن على الوحدة رقم 70 بمركز تدريب الخدمات الطبية في 28 من فبراير سنة 1972 في الوقت الذي كان فيه مجنداً بمستشفى الجراحة الميداني الوحدة رقم 10 جـ 24 في 25 من أكتوبر سنة 1971، وقد أفادت قيادته بأنها لم تتسلم أي إخطار من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة ولم يسلم إليه أية إفادة عن هذا الإخطار الأمر الذي يؤكد أن الطاعن لم يخطر بتاريخ الجلسة المشار إليها، ولقد كان من شأن ذلك أن الطاعن لم يمثل أمام المحكمة التأديبية بجلستها المعقودة في 9 من مارس سنة 1972 التي أجلت إليها الدعوى إدارياً وصدر الحكم في الدعوى دون إتاحة الفرصة له لإبداء دفاعه في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه، على وجه يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
إنه ولئن كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم إلا أن هذا الميعاد لا يسري، في حق ذي المصلحة - شأن الطاعن - الذي لم يعلن بإجراءات محاكمته إعلاناً صحيحاً وبالتالي لم يعلم بصدور الحكم ضده إلا من تاريخ علمه اليقيني بهذا الحكم ولما كان لم يقم بالأوراق ما يفيد أن الطاعن قد علم بصدور الحكم المطعون فيه قبل 10 من فبراير سنة 1973 تاريخ علمه بالخطاب الموجه إليه من دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية بإخطاره بأنه قد تقرر إنهاء خدمته بناءً على الحكم الصادر ضده من المحكمة التأديبية، وكان الطاعن قد أودع تقرير الطعن في هذا الحكم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 26 من مارس سنة 1973 أي قبل مضي ستين يوماً على علمه به، فإن الطعن بهذه المثابة يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية ويكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد غير قائم على أساس سليم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يخلص من أوراق الطعن - في أنه بتاريخ 10 من مايو سنة 1971 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية المختصة بمحاكمة العاملين بوزارة الصحة أوراق الدعوى التأديبية التي قيدت بسجل المحكمة تحت رقم 143 لسنة 13 القضائية وتقرير اتهام ضد السيدين/..... مساعد ممرض بدار الاستشفاء للصحة العقلية بالعباسية من الدرجة التاسعة والمجند بالوحدة رقم 70 اعتباراً من 7 من يناير سنة 1970 بمركز تدريب الخدمات الطبية والمقيم بمركز تدريب الخدمات الطبية، و.... مساعد ممرض بدار الاستشفاء للصحة العقلية بالعباسية والمجند بالقوات الخاصة من الدرجة التاسعة، متضمناً اتهامهما بأنهما في 27 من أكتوبر سنة 1969 بدار الاستشفاء للصحة العقلية خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يحافظا على كرامة وظيفتهما وسلكا في تصرفاتهما مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن هتكا عرض الطالبتين......و...... بمدرسة مساعدات الممرضات سابقاً على النحو المفصل بالأوراق. فيكونا قد ارتكبا المخالفة الإدارية المنصوص عليها في المادتين 53/ 2، 59/ 1 من القانون رقم 46 لسنة 1964. وطلبت النيابة الإدارية تحديد جلسة لمحاكمتهما بالمادتين سالفتي الذكر وتطبيقاً للمادتين 61، 63 من القانون رقم 46 لسنة 1964 وإعمالاً لنص المادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958. وبجلسة 4 من مايو سنة 1972 حكمت المحكمة بفصلهما.
ومن حيث إن السيد/..... قد طعن في الحكم الصادر بفصله ونعى عليه بالانعدام، تأسيساً على أن المحكمة نظرت الدعوى بجلستها المعقودة، في 5 من أكتوبر سنة 1971 ثم أجلتها بناءً على طلب النيابة الإدارية لجلسة 25 من يناير سنة 1973 لإعلان المخالف الثاني، ولما كان هذا اليوم قد صادف يوم عطلة رسمية فقد قرر رئيس المحكمة تأجيل نظر الدعوى إدارياً لجلسة 9 من مارس سنة 1972 دون أن يخطر بهذه الجلسة، وحجزت الدعوى للحكم فيها لجلسة 4 من مايو سنة 1972 حيث صدر الحكم المطعون فيه. وأشار الطاعن إلى أنه لم يعلم بصدور هذا الحكم إلا في 10 من فبراير سنة 1973 وذلك من الكتاب الذي وجه إليه من دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية، على محل إقامة والده، بطلب تقديم إقرار الذمة المالية نظراً لإنهاء خدمته بناءً على حكم صادر من المحكمة التأديبية، فبادر بإقامة طعنه. وخلص الطاعن من ذلك إلى أن الحكم المطعون فيه منعدم، وأن الطعن وقد أقيم خلال المواعيد المقررة قانوناً محسوبة من تاريخ علمه اليقيني بهذا الحكم يكون مقبولاً شكلاً وناقش الطاعن الاتهام المسند إليه وطلب براءته منه لقيامه على غير سبب صحيح. وطلب الدفاع عن الحكومة الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني استناداً إلى أن الحكم المطعون فيه صدر في 4 من مايو سنة 1972 ولم يقم الطاعن طعنه عليه إلا في 26 من مارس سنة 1973 وأنه لا حجة فيما ادعاه من أنه لم يخطر بجلسة 9 من مارس سنة 1973، ذلك أن الثابت من الأوراق أن قلم كتاب المحكمة التأديبية قام بإخطاره بهذه الجلسة بالكتاب رقم 1648 في 28 من فبراير سنة 1972 على ما يبين من صورة الإخطار المعلن تحت رقم 6 دوسيه بملف الدعوى المشار إليها. وعقب الطاعن على ذلك قائلاً أنه لم يتسلم الإخطار المقول به ذلك أنه وجه إليه على الوحدة رقم 70 بمركز تدريب الخدمات الطبية في حين أنه كان يعمل منذ 25 من أكتوبر سنة 1971 في خدمة مستشفى الجراحة الميدانية رقم 10 جـ 24 ولم يتسلم خلال فترة عمله بهذه المستشفى أي إخطار على ما جاء بالشهادة الصادرة من قائد هذه الوحدة المؤرخة في 20 من نوفمبر سنة 1974 التي أودعها حافظة مستنداته وأضاف أن الإخطار المذكور لم يتم طبقاً للطريق الذي رسمه القانون وحدده وهو أن يكون الإعلان عن طريق القضاء العسكري باعتباره من رجال القوات المسلحة. وقدم شهادة عبور صادرة من قائد الوحدة رقم 1144 جـ 24 تفيد أنه عريف مجند منذ 7 من يناير سنة 1970 وكان ضمن قوات العبور التي عبرت 6 أكتوبر المجيد وأنه أبلى بلاء حسناً.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على الأوراق أن الطاعن أخطر للحضور أمام المحكمة التأديبية بجلستها المنعقدة في 5 من أكتوبر سنة 1971، ومثل أمام المحكمة وطلب أجلاً لتقديم مذكرة بدفاعه وطلبت النيابة الإدارية التأجيل لإعلان المتهم الثاني وقد استجابت المحكمة لهذين الطلبين وقررت تأجيل نظر الدعوى لجلسة 25 من يناير سنة 1972 بناءً على طلب النيابة الإدارية لإعلان المتهم الثاني وبناءً على طلب المتهم الأول (الطاعن) لتقديم مذكرة بدفاعه. ونظراً لأن يوم 25 من يناير سنة 1972 صادف يوم عطلة رسمية فقد أشر رئيس المحكمة تأجيل نظر الدعوى إدارياً لجلسة 21 من مارس سنة 1972 وبإعلان النيابة الإدارية والمتهمين بالجلسة ثم أشر سيادته بتحديد جلسة 9 من مارس سنة 1972 وبإعلان الطرفين وقد أرفق بملف الدعوى تحت رقم 6 دوسيه صورة إخطار صادر من المحكمة تحت رقم 1648 في 28 من فبراير سنة 1972 موجه إلى الطاعن - الوحدة رقم 70 بمركز تدريب الخدمات الطبية للحضور إلى المحكمة يوم 9 من مارس سنة 1972 المحدد لنظر الدعوى التأديبية رقم 143 لسنة 13 القضائية، ونظرت المحكمة الدعوى بالجلسة المذكورة ولم يحضر أي من المتهمين وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة 4 مايو سنة 1972، وفي هذه الجلسة صدر الحكم المطعون فيه. وقد تقدم الطاعن بشهادة مؤرخة في 20 من نوفمبر سنة 1974 صادرة من مستشفى الجراحة الميداني رقم 10 جـ 24 بأن الجندي (الطاعن) كان في خدمة هذه الوحدة في المدة من 25 من أكتوبر سنة 71 حتى تاريخ تحرير هذه الشهادة، وأنه لم يرد إلى الوحدة أي إخطار من مجلس الدولة (المحكمة التأديبية) المختصة بمحاكمة موظفي الصحة طوال هذه الفترة ولم يسلم إليه أية إفادة عن هذا الإخطار خلال هذه المدة.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية الذي صدر في ظله الحكم المطعون فيه - أنها تهدف إلى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية، للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه، وذلك بإحاطته علماً - باعتباره من ذوي الشأن في الدعوى التأديبية - بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمن بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه، وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى ليتمكن من الحضور بنفسه أو بوكيل عنه أمام المحكمة للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بحصانة جوهرية لذوي الشأن. وتأكيداً لأهمية إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية بقرار الإحالة وبتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى، عنى المشرع بتحديد وسيلة التحقق من إتمام هذا الإجراء في المادة 23 من الباب الثالث من القانون المذكور، فقد نص على أنه يكون هذا الإعلان بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول، ثم عاد المشرع وردد هذا المعنى في المادة 30 حيث نص على أن تكون الإعلانات والإخطارات المنصوص عليها في الباب الثالث من القانون بخطاب موصى عليه مع علم الوصول، وذلك كله للاستيثاق من تمام الإعلان والإخطار بما مفاده أن المشرع قد اعتبر هذا الإجراء جوهرياً، ومن ثم فإنه يترتب على إغفال هذا الإجراء وعدم تحقيق الغاية منه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر على الحكم ويؤدي إلى بطلانه. وقد التزم قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بالأحكام المتقدم ذكرها ولم يخرج عليها إذ ردد في المادتين 34، 37 منه ذات القواعد التي نصت عليها المواد 23، 29، 30 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف البيان وأضاف في المادة 34 منه أن يتم إعلان أفراد القوات المسلحة ومن في حكمهم - ممن تسري في شأنهم أحكام هذا القانون - بتسليمه إلى الإدارة القضائية المختصة بالقوات المسلحة، مسترشداً في ذلك بحكم الفقرة السادسة من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كذلك، وكان مفاد الوقائع على النحو آنف البيان، أن الدعوى مثار الطعن الماثل كان نظرها مؤجلاً إلى جلسة 25 من يناير سنة 1972 بناءً على طلب الطاعن لتقديم مذكرة بدفاعه، وفي هذا اليوم لم تنعقد المحكمة التأديبية وتقرر تأجيل نظر الدعوى إدارياً إلى جلسة 9 من مارس سنة 1972 مع إعلان ذوي الشأن، وقد أرسل الإخطار الخاص بالطاعن على الوحدة رقم 70 بمركز تدريب الخدمات الطبية في 28 من فبراير سنة 1972 في الوقت الذي كان فيه مجنداً بمستشفى الجراحة الميداني الوحدة رقم 10 جـ 24 في 25 من أكتوبر سنة 1971، وقد أفادت قيادته بأنها لم تتسلم أي إخطار من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة ولم يسلم إليه أية إفادة عن هذا الإخطار الأمر الذي يؤكد أن الطاعن لم يخطر بتاريخ الجلسة المشار إليها، ولقد كان من شأن ذلك أن الطاعن لم يمثل أمام المحكمة التأديبية بجلستها المعقودة في 9 من مارس سنة 1973 التي أجلت إليها الدعوى إدارياً وصدر الحكم في الدعوى دون إتاحة الفرصة له لإبداء دفاعه في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق الطاعن في الدفاع عن نفسه، على وجه يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه ولئن كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو ستون يوماً من تاريخ صدور الحكم إلا أن هذا الميعاد لا يسري، في حق ذي المصلحة - شأن الطاعن - الذي لم يعلن بإجراءات محاكمته إعلاناً صحيحاً وبالتالي لم يعلم بصدور الحكم ضده، إلا من تاريخ علمه اليقيني بهذا الحكم ولما كان لم يقم بالأوراق ما يفيد أن الطاعن قد علم بصدور الحكم المطعون فيه قبل 10 من فبراير سنة 73 تاريخ علمه بالخطاب الموجه إليه من دار الاستشفاء للصحة النفسية بالعباسية بإخطاره بأنه قد تقرر إنهاء خدمته بناءً على الحكم الصادر ضده من المحكمة التأديبية، وكان الطاعن قد أودع تقرير الطعن في هذا الحكم قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا في 26 من مارس سنة 1973 أي قبل مضي ستين يوماً على علمه به، فإن الطعن بهذه المثابة يكون قد استوفى أوضاعه الشكلية ويكون الدفع بعدم قبوله لرفعه بعد الميعاد غير قائم على أساس سليم.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم وكان الطاعن لم يخطر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى على النحو سالف البيان ولم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه وكانت الدعوى بذلك لم تتهيأ أمام المحكمة التأديبية للفصل فيها فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وببطلان الحكم المطعون فيه بالنسبة للطاعن وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة لإعادة محاكمة الطاعن والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارة الصحة للفصل فيما نسب للطاعن مجدداً من هيئة أخرى.