مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 275

(82)
جلسة 15 من مارس سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، محمد نور العقاد المستشارين.

القضية رقم 224 لسنة 20 القضائية

أ - قضاء إداري - اختصاص - قبول الدعوى - ميعاد رفع الدعوى - عاملون بالقطاع العام - فصل.
الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر قرارات فصل العاملين بالقطاع العام - الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد - أياً كان الرأي في سلامة الدفعين فقد أصبحا غير ذي موضوع بعد صدور القانون رقم 28 لسنة 1974.
ب - عاملون بالقطاع العام - فصل من الخدمة بغير الطريق التأديبي - مسئولية جنائية أدلتها.
القانون رقم 28 لسنة 1974 - أسباب الفصل بغير الطريق التأديبي - التصرفات المنسوبة للمدعي تفقد الاطمئنان إلى أمانته والحفاظ على المال العام ومن ثم يسوغ فصله من الخدمة - الصورة الخطية من مذكرة النيابة العامة يساندها ما ورد في مذكرة النيابة الإدارية تعد دليلاً على المسئولية الجنائية - بيان ذلك.
إنه عن الدفع الذي أثارته الحكومة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى لأن المدعي ليس من الموظفين العموميين الذين يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بهم والدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر في قانون مجلس الدولة للطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية النهائية، فإنه أياً كان الرأي في سلامة هذين الدفعين قبل العمل بالقانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم، فإنهما بصدور هذا القانون قد أصبحا غير ذي موضوع ذلك أن القانون المشار إليه ناط بمحكمة القضاء الإداري على ما يبين من حكم المواد الأولى والثالثة والتاسعة والثالثة عشر منه الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والمؤسسات والوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 يستوي في ذلك أن يكون العامل المفصول قد قدم طلباً للعودة إلى الخدمة بالتطبيق للمادة الثامنة من القانون رقم 28 لسنة 1974 ورفض طلبة ولجأ إلى محكمة القضاء الإداري طاعناً فيه في الميعاد المقرر قانوناً وفقاً لحكم المادة التاسعة منه أم أن يكون قد أقام دعواه قبل صدور هذا القانون، وذلك طالما أن المشرع قد قضى في المادة (13) من القانون المشار إليه أن تطبيق القواعد الموضوعية التي تضمنها على من رفعوا دعاوى من الخاضعين لأحكام هذا القانون أمام أية جهة قضائية ولم تصدر فيها أحكام نهائية قبل نفاذه شأن المنازعة الماثلة - وأخذاً في الحسبان أن الالتجاء إلى القضاء طعناً في قرار الفصل بغير الطريق التأديبي أقوى أثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة والإصرار عليه من مجرد التقديم بطلب العودة إلى الخدمة وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون المشار إليه، ومن ثم يسوغ في ظل العمل بأحكام القانون رقم 28 لسنة 74 التمسك بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي عناها هذا القانون، ولما كان الأمر كذلك وكان المدعي من العاملين بإحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لمؤسسة عامة، وكان إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي قد تم على ما سلف البيان في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 وقبل العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 فإن القضاء الإداري يكون قد أصبح مختصاً بنظر الدعوى والفصل فيها، ولا وجه للحجاج في هذا الصدد بأن المدعي لم يكن خاضعاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 ومن ثم لا يخضع لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974، ذلك لأن مناط تطيق هذا القانون بصريح نص المادة الأولى منه هو إنهاء خدمة العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها بغير الطريق التأديبي خلال الفترة التي عناها وليست الخضوع لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963، أما ما عناه المشرع من ذكر هذا القانون في المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 فهو مجرد تحديد قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي يسري عليها هذا القانون بأنها تلك التي صدرت خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 دون سواها.
أما عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر لطلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية في قانون مجلس الدولة، فإنه أصبح بدوره - بعد صدور القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه - غير ذي موضوع، ذلك لأن هذا القانون وقد فتح باب الطعن في قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي سالفة البيان، وقضى بتصحيح أوضاع العاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي طبقاً لقواعد موضوعية موحدة واجبة التطبيق على من كان منهم قد لجأ إلى القضاء طالباً إلغاءها أو تراخى إلى صدور هذا القانون ثم تقدم في ظله طالباً العودة إلى الخدمة، فإن المدعي وقد أقام دعواه بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته قبل العمل بهذا القانون وكانت هذه الدعوى أمعن أثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة من مجرد طلب العودة إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة الثالثة من هذا القانون على ما سلف الإشارة إليه، فإن هذه الدعوى بهذه المثابة قد أصبحت بحكم القانون مقبولة شكلاً.
إن الاضطراب كان يسود عمل الشركة في النواحي الإدارية والمالية، فقد أهدرت تعليمات المؤسسة واستبيح مخالفة قراراتها، ولا شك أن المدعي عن كل ذلك مسئول بوصف أنه نيط به تنظيم وإدارة الشركة فكان عليه أن يتابع الالتزام بقرارات المؤسسة ويعمل على التمسك بها وتنفيذها وأن يبسط رقابة حقيقية وفعلية على عمل مرؤوسيه، وإذا كان ذلك حال الشركة من الناحيتين المالية والإدارية، فإن تصرفات المدعي - وقد استباح لنفسه دون وجه حق الاستيلاء على بعض المشغولات الذهبية وغيرها من أموال الشركة - حسبما ثبت من تقرير اللجنة التي شكلتها المؤسسة - يفقد تماماً الاطمئنان إلى أمانته والحفاظ على المال العام، ولا يجدي المدعي التنصل من المخالفات الإدارية والمالية بأن مرؤوسيه هم المسئولون عنها، لأنه حتى لو صح قيام مسئولية مرؤوسيه، فإن مسئولية المدعي تقوم كاملة أخذاً في الاعتبار بأن تكرار تلك المخالفات والخروج على التعليمات على ما سلف إيضاحه يكشف عن فساد الإدارة العليا في الشركة وتهاونها.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ذهب إليه المدعي وسانده فيه الحكم المطعون فيه من عدم الاطمئنان إلى الصورة الخطية لمذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة والتشكيك فيما ورد بها، أو أنها دون ضم أصلها لا ترقى إلى مرتبة الدليل على قيام المسئولية الجنائية ذلك لأن عدم تقديم أصل هذه المذكرة يرجع إلى دشتها حسبما ورد بالأوراق هذا بجانب أنه ليس منكوراً أن نيابة الأموال العامة قد أجرت التحقيق وقدمت مذكرتها فيه، ولئن كانت قد دشتت لمضي المدة القانونية، فإنه يمكن الاستدلال على محتوياتها مما ورد في مذكرة النيابة الإدارية في القضيتين 86 لسنة 1967، 242 لسنة 1967، يضاف إلى ما تقدم أن الانهيار الذي لحق الشركة في شئونها المالية والإدارية وكذلك عدم حفاظ المدعي على أموال الشركة والاستيلاء على بعضها كما هو ثابت من التقرير الذي أعدته اللجنة التي شكلتها المؤسسة وكذلك من تقرير الرقابة الإدارية، بما يغني عن أي دليل آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد.... أقام الدعوى رقم 180 لسنة 26 القضائية ضد السادة/ رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتجارة المعادن سيجال، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للسلع الهندسية والمعادن والكيماويات وذلك بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 11 من نوفمبر سنة 1971 طلب فيها الحكم باعتبار قرار فصل المدعي من الخدمة كأن لم يكن، وأعادته إلى عمله مع ما يترتب على ذلك على ذلك من آثار مالية وإلزام المدعى عليهم المصروفات. وقال المدعي بياناً لدعواه أنه التحق في 16 من إبريل سنة 1964 بوظيفة مندوب مفوض لإدارة شركة الوادي للمعادن والمصوغات - إحدى شركات المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة - والتي أدمجت فيما بعد في الشركة المصرية لتجارة المعادن "سيجال" - إحدى الشركات التابعة للمؤسسة المصرية العامة للسلع الهندسية والمعادن والكيماويات، وظل قائماً بعمله على أتم وجه إلى أن منح إجازة لأجل غير مسمى اعتباراً من 16 من سبتمبر سنة 1966، ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 891 لسنة 1967 بإنهاء خدمته من 8 من فبراير سنة 1967 دون مقتض من الواقع والقانون. ونعى المدعي على القرار الصادر بإنهاء خدمته أنه انحرف عن مقصده وجاء عارياً عن المبرر القانوني، وذلك لأنه أغفل ضمانات التأديب التي تستلزم أن يسبق توقيع الجزاء، التحقيق مع العامل وإبلاغه كتابة بما هو منسوب إليه وسماع دفاعه، ويترتب على عدم اتباع تلك الإجراءات - التي تعتبر من النظام العام - إسقاط صفة الفصل كعقوبة تأديبية تجيز لصاحب العمل فسخ العقد. واستطرد المدعي موضحاً أن القرار المطعون فيه تنكب الطريق السوي، ذلك أن المؤسسة المدعى عليها أغفلت سلطة النيابة الإدارية إذا ما اتصلت المخالفة التأديبية بها ولم تقم هي بالتحقيق أو لم تنتظر كلمتها إذا ما باشرت التحقيق، ورقابة القضاء - وهي تمتد إلى وصف الفعل المنسوب إلى العامل والتحقيق من وجود المخالفة ومناسبة الجزاء التأديبي لها - هي دون غيرها الرقابة الفعالة التي تكفل للناس حقوقهم وحرياتهم، خاصة وقد خلا القانون رقم 32 لسنة 1966 من تفويض السيد رئيس الجمهورية في إصدار قرارات لها قوة القانون، ويظل اختصاص المحاكم التأديبية منعقداً لها بشأن التظلمات من الجزاءات التي أشارت إليها المادة (60) من قرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966، وتظل تلك القرارات وكذلك القرارات الصادرة بالبت في التظلم منها، غير نهائية ويجوز للعامل التظلم منها أمام الجهة القضائية المختصة قانوناً، وأضاف المدعي أنه لم يرتكب خطأ ما، ولم يخل بالتزاماته الجوهرية المترتبة على عقد عمله، ولم يقترف جريمة مخلة بالشرف أو تدل على انحراف في الطبع ولم يخرج على مقتضيات واجبات وظيفته. فإنه بذلك ينعدم المبرر لفسخ عقده، وتكون المؤسسة المدعى عليها قد تغيت غاية غير مشروعة مع المدعي طالما أنها لم تذكر سبباً يجيز لها فصله، وإذ كانت المطالبات الودية مع المؤسسة المدعى عليها - رغم اعترافها بحقه - لم تأت نفعاً معها، فإنه يعتصم بالقضاء بغية الحكم له باعتبار قرار الفصل كأن لم يكن وعودته إلى عمله مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية.
ورداً على الدعوى قدمت الشركة المصرية لتجارة المعادن (سيجال) مذكرتين دفعت فيهما بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن القرار المطعون فيه الصادر بإنهاء خدمة المدعي من العمل كمندوب مفوض على شركة الوادي للمعادن والمصوغات صدر من رئيس الجمهورية بوصفه سلطة عليا تمارس حقها الأصيل في فصل الموظفين تحقيقاً للصالح العام، ومن ثم يمتنع البحث في تقرير صلاحية المدعي للعمل ومناسبة الفصل لأي اعتبار آخر. كذلك دفعت الشركة المذكورة بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة، تأسيساً على أن المدعي عين في 4 من أغسطس سنة 1964 مندوباً مفوضاً على شركة الوادي للمعادن والمصوغات بقرار صادر من رئيس مجلس إدارة المؤسسة الاستهلاكية وظل تابعاً للمؤسسة المذكورة إلى أن أنهيت خدمته في 28 من فبراير سنة 1967، ومن ثم فإنه - طوال مدة عمله - لم يكن له أية علاقة بشركة الوادي للمعادن والمصوغات سوى إدارتها لحساب ومصلحة المؤسسة، هذا بالإضافة إلى أن الشركة المصرية لتجارة المعادن (سيجال) لم تكن وقت إنهاء خدمة المدعي قد أنشئت بعد، وخلصت الشركة المذكورة إلى طلب الحكم:
أولاً - بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى.
ثانياً - بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لها وإخراجها من الدعوى بلا مصاريف.
ثالثاً - رفض طلبات المدعي في مواجهة الشركة المدعى عليها. كما قدمت المؤسسة المصرية العامة للسلع الهندسية مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة لها لرفعها على غير ذي صفة تأسيساً على أن شركة الوادي للمعادي والمصوغات التي أقيم عليها المدعي مفوضاً بقرار من المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة كانت منذ إلحاق المدعي بالخدمة حتى تاريخ انتهائها تتبع المؤسسة المذكورة إذ لم تنقل تبعيتها إلى المؤسسة المصرية العامة للسلع الهندسية والكيماويات إلا من 25 من مارس سنة 1968، ومن ثم تنتفي صفتها في الدعوى.
وقدمت الشركة المصرية لتجارة المعادن ملف خدمة المدعي، كما قدمت ملف تحقيق وبه تقرير اللجنة التي شكلت لبحث شكوى الجماعة القيادية التي وردت للمؤسسة من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، قد بين التقرير المشار إليه المخالفات التي شابت تعيين بعض العاملين والاضطراب وعدم الانتظام في عمل الإدارة الإدارية بالشركة، كما أشار التقرير إلى مخالفة الشركة لتعليمات المؤسسة الخاصة بعدم إعطاء سلف للعاملين والاقتصاد في صرف الأجور الإضافية، كذلك تناول التقرير العمليات التي تمت بالشركة موضحاً أنه لا يوجد دراسات سابقة أو تخطيط للعمليات التي تقوم بها الشركة مما يكبدها خسائر نتيجة لعدم الدراسة الفنية السابقة، علاوة على أن ملفات العمليات غير مستوفاة لجميع المستندات اللازمة. وتناول التقرير بعد ذلك ما قام المدعي بسحبه من مشغولات ذهبية موضحاً أن المدعي سحب مشغولات ذهبية من فرع فؤاد وليلى شماس عبارة عن "شمبر وكردون ذهب عيار 18، ومصحف عيار 18 ورقبة عيار 21، وتسعة جنيهات ذهبية" وقيمتها 370 مليم و147 جنيه كما سحب مشغولات من خزينة الفرع ولم يردها بلغ قيمتها 510 مليم و120 جنيه بخلاف مبلغ 500 مليم و2.00 جنيه أجرة إصلاح ساعتين ومنبه وإصلاح حلق، كذلك سحب من فرع الجملة عهدة السيد/...... بعض مشغولات ذهبية عبارة عن "أساور وغوايش إسكندراني وذهب كسر" بلغ وزنته 385.30 جراماً من الذهب.
كذلك انطوى ملف التحقيق المشار إليه على صورة خطية من مذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة/ 222 لسنة 1966 حصر تحقيق أموال عامة، فيما أبلغت به الرقابة الإدارية من تلاعب المدعي والسيد/..... المدير المالي بأموال الشركة والاستيلاء عليها دون وجه حق واستغلال نفوذ وظائفهما في إخفاء أوجه التلاعب، وقد أوجزت المذكرة المشار إليها أقوال ذوي الشأن، وغيرهم ممن سمعوا في التحقيق، وأوضحت أن الشركة المذكورة كانت تتفشى فيها الفوضى في جميع أعمالها سواء من ناحية المشغولات الذهبية وكيفية التصرف فيها دون إثبات حركة المبيعات في دفاتر منتظمة مما يسهل للقائمين بالعمل في الشركة التصرف في أموال الشركة تصرفات مريبة يشوبها الشك مما مكن بعض العاملين بالشركة من الاستيلاء على أموال الشركة دون وجه حق، وأضافت المذكرة أنه "بالنسبة للسيد/..... فإنه لما كانت المؤسسة قد أفادت بكتابها المؤرخ 12 من يناير سنة 1967، أن أنهيت خدمته بالقرار الجمهوري 891 لسنة 1967 الصادر في 28 من فبراير سنة 1967، ولما كان هذا القدر من الجزاء يغني عن متابعة المؤاخذة الجنائية مما يحسن معه غض النظر عن المسئولية الجنائية والاكتفاء بما اتخذ من إجراء إداري" وانتهت المذكرة إلى الرأي بإرسال الأوراق للنيابة الإدارية لاتخاذ اللازم نحو مجازاة كل من السيدين:..... و..... إدارياً عما هو منسوب إليهما. كذلك أرفق بالملف المشار إليه مذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 86 لسنة 1967 تموين - وهذه القضية خاصة بما أسفر عنه تحقيق نيابة أمن الدولة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة - وقد أشارت النيابة الإدارية إلى مذكرة نيابة الأموال العامة السالف ذكرها وأوجزت ما تضمنته، وذكرت النيابة الإدارية في مذكرتها أن تحقيقات نيابة الأموال العامة أسفرت عن مسئولية كل من المدعي والمدير المالي بها من عدم وضع نظام دفتري منتظم لرصد كمية المشغولات الذهبية وكيفية التصرف فيها وعدم وضع نظام للسلف بها مما سهل لهما التصرف في أموال الشركة تصرفات مريبة يشوبها الشك واستيلائهما على بعض أموالها دون وجه حق الأمر الذي يستوجب مساءلتهما إدارياً، إلا أنه نظراً لما تبين من الأوراق من انقطاع صلتهما الوظيفية نظراً لإنهاء خدمة أولهما بموجب القرار الجمهوري رقم 891 لسنة 1967 وإنهاء عقد عمل الثاني أثر انتهاء مدته فإنه بذلك يتعذر تتبعهما تأديبياً لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية قبلهما لتركهما الخدمة، مما يتعين معه صرف النظر عما أسند إليهما - كذلك قدمت الشركة المدعى عليها ملف القضية رقم 242 لسنة 1967 تموين وهي خاصة بالتحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية فيما أظهره تقرير اللجنة التي فحصت المخالفات التي وردت بشكوى الجماعة القيادية، وقد أشارت النيابة الإدارية في مذكرتها إلى ما انتهى إليه المحقق في القضية رقم 742 لسنة 66 حصر أموال عامة وفي القضية 86 لسنة 67 نيابة مؤسسات التموين، ثم تناولت المذكرة ما استجد من وقائع لم يتم تحقيقها في القضيتين المشار إليهما وخلصت - فيما يختص بالمدعي - إلى أنه خرج على مقتضى الواجب في أداء عمله ولم يحافظ على أموال الشركة محافظته على أمواله الخاصة بأن (1) قام بتعيين...... بالشركة مخالفاً بذلك تعليمات المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة المتضمنة عدم الارتباط مع العامل المذكور بأي عقد أو عمل (2) لم يتخذ الإجراءات الصحيحة في شأن تعيين العاملين الموضحة أسماؤهم بتقرير اللجنة المشكلة بمعرفة المؤسسة المشار إليها (3) أمر بصرف أجور إضافية لبعض العاملين بالشركة دون موافقة سابقة من المؤسسة بالمخالفة لكتابها الدوري رقم 348 في 9 من إبريل سنة 1966 (4) لم يسدد الضرائب المستحقة على بدل التمثيل الشهري، الذي كان يقوم بصرفه من خزينة الشركة مباشرة دون اتباع الإجراءات الصحيحة في صرفه (5) وافق بالاشتراك مع آخر على صرف مبالغ نقدية لبعض العاملين بالشركة كسلف بضمان مرتباتهم بالمخالفة لتعليمات المؤسسة. ورأت النيابة الإدارية حفظ ما أسند إليه قطعياً لعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية قبله لتركه الخدمة.
كذلك قدم المدعي حافظة بمستنداته، ومذكرة طلب فيها رفض الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أبدته الشركة المدعى عليها تأسيساً على أن مؤدى إلغاء القرار المطعون فيه هو إعادة الحال إلى ما كانت عليه وذلك بإعادته إلى عمله السابق بالشركة المدعى عليها ولا يتسنى تنفيذ الحكم إلا على الشركة المدعى عليها (سيجال) التي أدمجت فيها شركة الوادي للمعادن والمصوغات. وتناول المدعي في مذكرته موضوع الدعوى أن الصورة الخطية لمذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 لا تطابق المذكرة الأصلية للنيابة إذا أصابها تلاعب بدليل أن النيابة العامة في القضية المشار إليها انتهت إلى عدم مسئوليته إدارياً أو جنائياً ولم يرد بها أن القرار الجمهوري بإنهاء خدمته يغني عن المؤاخذة الجنائية الأمر الذي تمسك معه المدعي في مذكرته بضرورة ضم المذكرة الأصلية حتى بتكشف التزوير الذي لحق الصورة المقدمة من الشركة، كذلك ناقش المدعي في مذكرته المخالفات التي أسندت إليه في قضية النيابة الإدارية رقم 242 لسنة 1967، فأوضح أنه لم يوجه اتهام إليه في شأن أي من هذه المخالفات ليرد عليها، ومن بديهيات التحقيق أن يوجه الاتهام ليكون الشخص الذي في موقف الاتهام على بينة مما هو مسند إليه ولتتاح له الفرصة في الدفاع، وأضاف المدعي أنه لا شأن له بعدم استقطاع الضرائب على بدل التمثيل الذي يتقاضاه إذ أن ذلك من صميم جهة الصرف، كما أن تعيين بعض العاملين بالشركة كان بناءً على قرار من الجمعية العمومية فرض فيه المدعي بتعيين العاملين، أما السلف المقول بصرفها للعاملين بضمان مرتباتهم، فهي سلف تمت قبل تأميم الشركة فضلاً عن أنه لم يثبت أن المدعي هو الآمر بصرف هذه السلف أو الأجور الإضافية - واستطرد المدعي في مذكرته موضحاً أنه طلب من النيابة الإدارية في التحقيق الذي كانت تجربة ضم بيان تفصيلي عن مبيعات الشركة خلال عام 66/ 1967 ومقارنته بمبيعاتها قبل ذلك، كما طلب ضم التسجيل الموجود بالرقابة الإدارية، إلا أن النيابة الإدارية قدرت طلبه وهو ما يعني وجهاً جديداً لبطلان التحقيق ونتيجته، وخلص المدعي في مذكرته إلى ضرورة ضم ملف تحقيق نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حتى يظهر التزوير الذي تم بمعرفة الرقابة الإدارية والذي بناءً عليه ضللت النيابة الإدارية وانتهت من تحقيقاتها بتوجيهات مغرضة دون تحقيق دفاعه.
وبصحيفة معلنة في 17 من أكتوبر سنة 1972 اختصم المدعي السيد رئيس الجمهورية.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري بجلستها المنعقدة في 27 من ديسمبر سنة 1973 حكمت.
أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وباختصاصها.
ثانياً - برفض الدفوع بعدم قبول الدعوى وبقبولها.
ثالثاً - بإلغاء القرار رقم 891 لسنة 1967 فيما قضى به من إنهاء خدمة المدعي وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات. وقد أقامت حكمها فيما يختص برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى على أساس أن القرار المطعون فيه الصادر بفصل المدعي بغير الطريق التأديبي هو قرار إداري نهائي صادر من رئيس الجمهورية بما له من سلطة وفقاً للقانون في شأن أحد العاملين بالقطاع العام، ومن ثم فإن محاكم القضاء الإداري تختص وحدها بالفصل في المنازعة سواء اعتبر المدعي الصادر في شأنه هذا القرار موظفاً عاماً أو فرداً من الأفراد، كما شيدت المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أساس أن شركة "سيجال" تعتبر خلفاً لشركة الوادي للمعادن والمصوغات وهي بهذه المثابة تتصل موضوعاً بالدعوى، ولو أن الخصم الحقيقي في الدعوى هو السيد رئيس الجمهورية بوصفه مصدر القرار المطعون فيه، إلا أنه لا يوجد ثمة ما يحول قانوناً من اختصام الشركة ليمكن تكليفها بتقديم ما لديها من أوراق تتصل بموضوع الدعوى. وأوضحت المحكمة أن الدعوى مقبولة شكلاً أخذاً في الاعتبار أنه كان يمتنع على المفصولين بغير الطريق التأديبي أن يطلبوا من مجلس الدولة إلغاء تلك القرارات عملاً بالقانون رقم 31 لسنة 1963، وإذ قضت المحكمة العليا بعدم دستورية القانون المذكور ونشر حكمها في 22 من نوفمبر سنة 1971، فإن هذا الحكم يكون فتح ميعاداً جديداً للطعن، كما أسست المحكمة حكمها فيما يتعلق بإلغاء القرار المطعون فيه على أساس أن المحكمة لا تطمئن إلى الصورة الخطية لمذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة لما شابها من اتهام إذ لم يرد بها تكييف ما أسند إلى المدعي أو تسنده إلى مواد معينة في قانون العقوبات، يضاف إلى ما تقدم أنه لا يبين من الصورة الخطية لتلك المذكرة أن النيابة العامة سألت المدعي، ولذلك لا يمكن إسناد أي تهمة إلى المدعي طالما لم يحقق معه وتسمع أقواله وبما يترتب عليه أن يكون المدعي فصل بغير مبرر ظاهر، وحتى مع التسليم بمغايرة المسئولية الجنائية للمسئولية الإدارية، ومغايرة الطريق التأديبي للطريق غير التأديبي حيث لا يشترط في الأخير إجراء تحقيق جنائي أو إداري إلا أنه يلزم أن يستبين للقضاء أسباب القرار الإداري حتى يستطيع بسط رقابته عليها ويلزم في هذه الأسباب أن تكون مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول قائمة فعلاً تنتجها مادياً وقانوناً، كما يتحتم أن توضع هذه الأسباب وأصولها تحت رقابة المحكمة لدى طلبها وهو ما لم تفعله الجهة الإدارية بل قعدت عنه الأمر الذي يغل رقابة المحكمة عن التحقق من صحة قيام السبب المبرر لصدور القرار المطعون فيه، وبالتالي يجعل القرار في حكم غير المستند على سبب صحيح يبرره مما يفقده ركناً أساسياً من أركان وجوده.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون أخطأ في تطبيق القانون وتأويله عندما قبل الدعوى شكلاً إذ أن القرارات الجمهورية التي اعتبرها القانون رقم 31 لسنة 1963 من أعمال السيادة هي تلك الصادرة بإحالة الموظفين العموميين إلى المعاش أو الاستيداع أو فصلهم بغير الطريق التأديبي وبالتالي فإن غير تلك القرارات لا يعتبر من أعمال السيادة... وكان اختصاص القضاء الإداري بطلب إلغائها من الأمور التي لا يمكن المجادلة فيها، وإذ كان العاملون بالقطاع العام - ومنهم المدعي - لا يدخلون في عداد الموظفين العموميين، فإن القرار المطعون فيه لم يكن من بين القرارات التي أضفى عليها القانون رقم 31 لسنة 1963 صفة أعمال السيادة، وبالتالي لم يكن متمتعاً بحصانة تحول بين القضاء الإداري وبين الاختصاص بإلغائه إذ كان رفع الطلب في الميعاد. ولما كان القرار المطعون فيه صدر في 28 من فبراير سنة 1967 وأقام المدعي الدعوى بطلب إلغائه في 11 من نوفمبر سنة 1971 فإن الدعوى تكون غير مقبولة شكلاً. وأشار تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه - خالف القانون فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه ذلك أن هذا القرار قد قام على أسباب استخلصت من التحقيقات أوضحتها كل من مذكرة النيابة العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة، ومذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 242 لسنة 1967، وأضاف تقرير الطعن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه بغير تحقيق النيابة العامة ينتفي الدليل على صحة ما تسنده النيابة إلى المدعي من مسئولية جنائية، مردود بأن عدم ضم ملف القضية رقم 742 لسنة 1966 إنما يرجع إلى إرساله للدشت لمضي المدة القانونية على حفظ الدعوى، أي أن عدم الضم لا يرجع إلى إهمال الجهة الإدارية ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه يكون قد حمل الجهة الإدارية نتائج غير مترتبة على عملها، فضلاً عن تعارض هذه النتائج مع ما هو ثابت من المستندات المقدمة في الدعوى والتي استخلص فيها أسباب القرار محل الطعن فيه استخلاصاً سائغاً فقد ثبت من ملف النيابة الإدارية رقم 242 لسنة 1967 المتضمن صورة من تقرير النيابة العامة، أن ما ارتكبه المدعي من أخطاء يكون جرائم يسأل عنها جنائياً، وقد رأت النيابة العامة غض النظر عن المساءلة الجنائية لانتهاء خدمته.
ومن حيث إن المدعي عقب على تقرير الطعن بمذكرة أشار فيها إلى أن الطعن الماثل هو الوحيد تقريباً في قضايا الموظفين الذين فصلوا بغير الطريق التأديبي ولعل إدارة قضايا الحكومة تكون قد تقدمت بالطعن دون الرجوع إلى الوزير المختص، وأضاف المدعي أن الأمر الذي تناوله قضاء المحكمة العليا لعدم دستورية القانون رقم 31 لسنة 1963 هو منع التقاضي عن القرارات الجمهورية التي أصبح بطلانها حقيقة مسلمة يستوي في ذلك أي شخص صدر بعزله قرار جمهوري سواء كان موظفاً عاماً أو موظفاً في مؤسسة عامة، واستطرد المدعي موضحاً أن دشت تحقيق النيابة العامة. يقطع بأنه لم تكن هناك تهمة جنائية لأن الجنايات لا تدشت وإنما تدشت فقط الشكاوى الإدارية التي لا جريمة فيها، وكذلك فإن الصور المقدمة في الأوراق غير رسمية ولا يصح التعويل عليها، وخلص المدعي في مذكرته إلى طلب رفض الطعن وإلزام الطاعنين المصروفات.
كذلك قدمت إدارة قضايا الحكومة حافظة مستندات انطوت على مذكرة الرقابة الإدارية بشأن تلاعب كبار المسئولين بشركة الوادي للمعادن والمصوغات في موجودات وأموال الشركة، وصورة من مذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة. كما قدمت مذكرة فصلت فيها ما ورد بتقرير الطعن وأضافت دفعاً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى تأسيساً على أن المدعي عين مندوباً مفوضاً لإدارة شركة الوادي للمعادن والمصوغات وظل يؤدي عمله إلى أن صدر القرار الجمهوري رقم 891 لسنة 1967 بإنهاء عمله بها، وأياً كان التكييف القانوني لطبيعة عمل المدعي - وهو عمل مؤقت بطبيعته - فإن علاقته بالشركة لا تدخل في مجالات القانون العام، وإنما هي علاقة خاصة تحكمها بالإضافة إلى لائحة العاملين بالقطاع العام قانون عقد العمل، وقد استقر قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن العاملين بالوحدات الاقتصادية لا يعتبرون من الموظفين العموميين ولا يختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر المنازعات التي قد تثور بشأن علاقته بالشركة التي يعمل بها، وإنما ينعقد الاختصاص للقضاء الإداري.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صدر قرار رئيس مجلس إدارة المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة رقم 88 لسنة 1964 بتعيين السيد/...... (المدعي) نائباً للمندوب المفوض بشركة الوادي للمعادن والمصوغات، وبتاريخ 4 من أغسطس سنة 1964 صدر قرار السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة المذكورة رقم 129 لسنة 1964 بتعيين المدعي مندوباً مفوضاً لإدارة الشركة المشار إليها، وظل المدعي قائماً بعمله إلى أن صدر قرار المؤسسة المذكورة رقم 122 لسنة 1966 في 6 من نوفمبر سنة 1966 بوقف المدعي عن عمله، وقد أوضحت المؤسسة بكتابها رقم 997 سري المؤرخ 10 من ديسمبر سنة 1966 والموجه إلى المندوب المفوض للشركة أنها ترى استمرار وقف المدعي عن العمل إلى أن ينتهي التحقيق والتصرف في المخالفات المنسوبة إلى المدعي والواردة بتقرير الرقابة الإدارية الذي أحالته المؤسسة في 7 من نوفمبر سنة 1966 إلى نيابة الأموال العامة لتحقيق ما ورد به من وقائع، ثم بتاريخ 28 من فبراير سنة 1967 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 891 لسنة 1967 متضمناً إنهاء خدمة المدعي مع حفظ حقه في المعاش أو المكافأة.
ومن حيث إنه عن الدفع الذي أثارته الحكومة بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى لأن المدعي ليس من الموظفين العموميين الذين يختص القضاء الإداري بنظر المنازعات الخاصة بهم والدفع الذي أبدته بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر في قانون مجلس الدولة للطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية النهائية، فإنه أياً كان الرأي في سلامة هذين الدفعين قبل العمل بالقانون رقم 28 لسنة 1974 بشأن إعادة العاملين المدنيين المفصولين بغير الطريق التأديبي إلى وظائفهم، فإنهما بصدور هذا القانون قد أصبحا غير ذي موضوع، ذلك أن القانون المشار إليه ناط بمحكمة القضاء الإداري على ما يبين من حكم المواد الأولى والثالثة والتاسعة والثالثة عشر منه الاختصاص بنظر المنازعات الخاصة بالعاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي بالجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لأي منها في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 يستوي في ذلك أن يكون العامل المفصول قد قدم طلباً للعودة إلى الخدمة بالتطبيق للمادة الثامنة من القانون رقم 28 لسنة 1974 ورفض طلبة ولجأ إلى محكمة القضاء الإداري طاعناً فيه في الميعاد المقرر قانوناً وفقاً لحكم المادة التاسعة منه، أم أن يكون قد أقام دعواه قبل صدور هذا القانون، وذلك طالما أن المشرع قد قضى في المادة (13) من القانون المشار إليه أن تطبيق القواعد الموضوعية التي تضمنها على من رفعوا دعاوى من الخاضعين لأحكام هذا القانون أمام أية جهة قضائية ولم تصدر فيها أحكام نهائية قبل نفاذه - شأن المنازعة الماثلة - وأخذاً في الحسبان أن الالتجاء إلى القضاء طعناً في قرار الفصل بغير الطريق التأديبي أقوى أثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة والإصرار عليه من مجرد التقديم بطلب العودة إلى الخدمة وفقاً لحكم المادة الثالثة من القانون المشار إليه، ومن ثم فلا يسوغ في ظل العمل بأحكام القانون رقم 28 لسنة 74 التمسك بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي عناها هذا القانون، ولما كان الأمر كذلك وكان المدعي من العاملين بإحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لمؤسسة عامة، وكان إنهاء خدمته بغير الطريق التأديبي قد تم على ما سلف البيان في الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 وقبل العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 فإن القضاء الإداري يكون قد أصبح مختصاً بنظر الدعوى والفصل فيها، ولا وجه للحجاج في هذا الصدد بأن المدعي لم يكن خاضعاً لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963 ومن ثم لا يخضع لأحكام القانون رقم 28 لسنة 1974، ذلك لأن مناط تطبيق هذا القانون وفقاً لصريح المادة الأولى منه هو إنهاء خدمة العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الوحدات الاقتصادية التابعة لها بغير الطريق التأديبي خلال الفترة التي عناها وليست الخضوع لأحكام القانون رقم 31 لسنة 1963، أما ما عناه المشرع من ذكر هذا القانون في المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 فهو مجرد تحديد قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي التي يسري عليها هذا القانون بأنها تلك التي صدرت خلال الفترة من تاريخ العمل بالقانون رقم 31 لسنة 1963 حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 10 لسنة 1972 دون سواها. أما عن الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر لطلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية في قانون مجلس الدولة، فإنه أصبح بدوره - بعد صدور القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه - غير ذي موضوع، ذلك لأن هذا القانون وقد فتح باب الطعن في قرارات إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي سالفة البيان، وقضى بتصحيح أوضاع العاملين الذين انتهت خدمتهم بغير الطريق التأديبي طبقاً لقواعد موضوعية موحدة، واجبة التطبيق على من كان منهم قد لجأ إلى القضاء طالباً إلغاءها أو تراخى إلى أن صدر هذا القانون ثم تقدم في ظله طالباً العودة إلى الخدمة، فإن المدعي وقد أقام دعواه بطلب إلغاء قرار إنهاء خدمته قبل العمل بهذا القانون وكانت هذه الدعوى أمعن أثراً في معنى التمسك بالعودة إلى الخدمة من مجرد طلب العودة إلى الخدمة بالتطبيق لحكم المادة الثالثة من هذا القانون على ما سلف الإشارة إليه، فإن هذه الدعوى تكون بهذه المثابة قد أصبحت بحكم القانون مقبولة شكلاً.
ومن حيث إن المدعي كان من العاملين بإحدى الوحدات الاقتصادية التابعة لمؤسسة عامة وفصل من الخدمة بغير الطريق التأديبي خلال الفترة الزمنية التي عينتها المادة الأولى من القانون رقم 28 لسنة 1974 المشار إليه، ولجأ إلى محكمة القضاء الإداري طاعناً في قرار إنهاء خدمته ولم يصدر في شأنه حكم نهائي حائز لقوة الأمر المقضي، ولم يتقدم بطلب العودة إلى الخدمة وفقاً لحكم المادة الثالثة من هذا القانون، فإنه بهذه المثابة يخضع لأحكام القانون المذكور إعمالاً لحكم الفقرة الأولى من المادة الثالثة عشر منه التي تقضي بأن يطبق أحكام المادة الثامنة من القانون على من رفعوا دعاوى من الخاضعين لأحكامه وقد شرطت هذه المادة لإعادة العامل إلى الخدمة أن يثبت قيام إنهاء الخدمة بغير الطريق التأديبي على غير سبب صحيح يجعله في حالة من الحالات المنصوص عليها في المادة الأولى من القانون رقم 10 لسنة 1972، ولما كان الأمر كذلك فإن الفصل في المنازعة الماثلة يقتضي تناول الأسباب التي قام عليها قرار إنهاء خدمة المدعي بغير الطريق التأديبي لاستظهار مدى صحتها في حكم المادة الثامنة من القانون رقم 28 لسنة 1974 وعلى هدى ذلك تتحدد مشروعية القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة الرقابة الإدارية - المودعة حافظة الحكومة المقدمة لجلسة 25 من يناير سنة 1975 - بشأن تلاعب كبار المسئولين بشركة الوادي للمعادن والمصوغات في موجودات وأموال الشركة مستغلين في ذلك مراكزهم الوظيفية ومحاولة إخفاء أوجه التلاعب، أنه كان قد ورد للرقابة معلومات وتقارير من السيد المدير الإداري للشركة وكذا من بعض العاملين بالشركة تشير إلى قيام المدعي بسحب مشغولات ذهبية من عهدة فروع البيع دون أن يقوم بردها رغم مضي وقت طويل على استلامها ومماطلته للمسئولين بحجة عدم توافر قيمتها النقدية لديه، كما وردت للرقابة ثمة معلومات أخرى تشير إلى استغلال المدعي هو والمدير المالي أموال الشركة والاستحواز على نقدية خزائنها دون وجود سند دال على ذلك وتصوير أن هذه المبالغ يجري سحبها من الخزائن المختلفة للشركة لإنجاز احتياجاتها ومحاولتهما تسوية عهد الخزائن نتيجة لكثرة مطالبات المسئولين عنها، على أثر تدخل أجهزة الرقابة المختلفة - حتى يبدو الأمر طبيعياً ولا ينكشف أمام أجهزة الرقابة، وقد قاما في سبيل ذلك بتسخير عدد من العاملين بالشركة مستغلين اتصالاتهم وإمكانياتهم في تنفيذ رغباتهم. وقد قامت الرقابة الإدارية بفحص هذه الوقائع وتم إجراء تسجيلات صوتية بالتليفون بين المسئولين عن فرع الجملة وفرع فؤاد شماس مع المدعي، وسمعت الرقابة الإدارية أقوال بعض العاملين بالشركة وكذلك أقوال المدعي وخلصت الرقابة الإدارية في تقريرها إلى أن يثبت بوجه عام استغلال كل من المدعي، والمدير المالي للشركة سلطة وظائفهما في الحصول على مقومات عينية ومادية من أموال الشركة دون ردها أو سداد قيمتها، وقد وصل بهما الأمر إلى إنكار بعض ما حصلوا عليه رغم ما تأيد لدى الرقابة الإدارية بالتسجيلات والمستندات والشهود من حصولهم على هذه المسحوبات، كما ثبت محاولتهما إخفاء موقف مسحوباتهما مع علمهما بالإجراءات الصورية التي تتخذ بمعرفة مرؤوسيهم في محاولة لإخفاء الحقيقة أمام لجان الجرد وأمام أجهزة الرقابة بما يتنافى مع أسس القيادة السليمة ويساعد على انحراف المرؤوسين. وقد أحالت المؤسسة تقرير الرقابة الإدارية المشار إليه إلى نيابة الأموال العامة للتحقيق حيث قيد برقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة وقد سمعت النيابة العامة أقوال ذوي الشأن كما سمعت أقوال المدعي وانتهت في تحقيقها - حسبما هو ثابت من مذكرتها التي أودعت صورتها إدارة قضايا الحكومة ضمن حافظة المستندات المقدمة بجلسة 25 من يناير سنة 1975 - إلى أن السيد/...... (المدعي) قد استولى بغير حق على أموال الشركة الأمر الذي يعد جناية استيلاء على أموال الدولة بدون وجه حق طبقاً لنص المواد 111/ 1، 113/ 1، 118، 119 من قانون العقوبات إلا أنه نظراً لقيام المدعي بسداد بعض مسحوباته من الشركة وذلك بأن قام بسداد مسحوباته من فرع فؤاد شماس، ومن أنه فصل من عمله الأمر الذي تكتفي معه النيابة العامة كجزاء للمتهم دون تقديمه للمحكمة الجنائية. كذلك فإن الثابت من الأوراق أن المؤسسة شكلت لجنة لبحث ما تضمنته شكوى الجماعة القيادية بالشركة التي أحالها إلى المؤسسة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وقد تضمن تقرير اللجنة المشار إليها أنه تم تعيين عدد من العاملين بالمخالفة لتعليمات المؤسسة من بينهم...... الحاصل على دبلوم الجامعة الأمريكية سنة 1962 وشهادة الهندسة الأرمانية وإجازة الطيران المدني الخصوصي والعمومي وذلك في وظيفة مدير مصنع بمرتب قدره 73 جنيه اعتباراً من أول مارس سنة 1966 بالرغم من أن المؤسسة طلبت بكتابها المؤرخ 8 من مارس سنة 1966 عدم الارتباط بأي عمل أو عقد مع المذكور وقد خلا ملفه من قرار تعيين، كذلك عين السيد/...... بموجب عقد في 24 من سبتمبر سنة 1964 لمدة عام واحد بوظيفة مشرف على فروع الإسكندرية بمرتب قدره 50 جنيهاً ومؤهله توجيهيه رياضة سنة 1939 وشهادة اللاسلكي، وبالرغم من إنهاء عقد المذكور فقد ظل مستمراً في عمله بدون استيفاء الإجراءات القانونية لتعينه، كذلك تبين أن العاملين....، ....، والسيدات.....، ......، .....، ...... ليس لهم قرارات تعيين أو عقود عمل، كما أوضح التقرير أن ملفات العاملين غير مستوفاة ولا يوجد بها قرارات تعيين أو عقود عمل، وأن المسئولين بالشئون الإدارية قرروا أنهم لم يعملوا ببعض التعيينات إلا بعد مضي شهور من تاريخ التعيين كما هو الحال بالنسبة لكل من....، ..... كذلك أوضح التقرير أن الشركة مستمرة في صرف أجور إضافية بالرغم من أن المؤسسة أذاعت كتاباً دورياً رقم 348 في 9 إبريل سنة 1966 على الشركات التابعة بعدم تشغيل العاملين بها في غير أوقات العمل الرسمية إلا لمبررات قوية ولمدة محددة لإنجاز العمل على أن يتم ذلك بموافقة مسبقة من المؤسسة وقد استمرت الشركة في صرف أجور إضافية قبل وبعد الكتاب المشار إليه دون الحصول على موافقة المؤسسة كما أشار التقرير إلى بعض الأخطاء الحسابية في صرف بدل السفر للمدعي ولغيره من العاملين بالشركة وتناول التقرير العمليات التي تمت بالشركة وهي عملية التكت البلاستك لزوم المصوغات القشرة وعملية ماكينة لحام البلاستيك وعملية إصلاح أرضية حجرة الطلاء والمعدن وقد أورى التقرير بصدد هذه العمليات أنه لا يوجد دراسة سابقة أو تخطيط للعمليات التي تقوم بها الشركة مما يكبدها خسائر نتيجة لعدم الدراسة الفنية، كما أن ملفات العمليات غير مستوفاة لجميع المستندات اللازمة وأشار التقرير إلى السلف التي تصرفها الشركة للعاملين بالمخالفة لتعليمات المؤسسة التي أخطرت بها الشركات كما أن تلك السلف تصرف بإيصالات مؤقتة تحفظ بالخزينة لحين السداد ولا تقيد بالدفاتر الحسابية للشركة ثم يبين التقرير مسحوبات المدعي من المشغولات الذهبية وأوضح أن مسحوباته من فرع فؤاد وابلي شماس عهدة فؤاد شماس بلغت 147.370 جنيه عبارة عن قيمة بعض المشغولات الذهبية وثمن تسعة جنيهات ذهبية وأن المشغولات التي سحبها المدعي من خزينة الفرع بلغ قيمتها 130.510 جنيه كما أنه سحب من فرع الجملة مشغولات ذهبية بلغ وزنها 385.30 جراماً كذلك بين التقرير مسحوبات بعض العاملين للشركة.
وانطوت أوراق الدعوى على مذكرة النيابة الإدارية في القضية رقم 86 لسنة 1967 تموين الخاصة بالمخالفات التي تكشف منها تحقيق نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة وقد ضمنت النيابة الإدارية مذكرتها موجزاً لتقرير الرقابة الإدارية، ومذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 فأوضحت أن مذكرة نيابة الأموال العامة تضمنت أن شركة الوادي للمعادن والمصوغات كانت تفشاها الفوضى في جميع أعمالها سواء من ناحية المشغولات الذهبية أو كيفية التصرف إذ أن حركة مبيعاتها لم تكن تثبت في دفاتر منتظمة مما سهل للقائمين بالعمل فيها بالتصرف في أموالها تصرفات مريعة، وأوضحت النيابة الإدارية أن نيابة الأموال العامة خلصت إلى أن المسئولية في ذلك على عاتق السيدين صادق عبد العليم سمهان (المدعي) وعمر أحمد درويش مديرها المالي ورأت غض النظر عن مسئوليتهما الجنائية اكتفاء بما اتخذ قبلهما من إجراء إداري بعد أن أفادت المؤسسة بأن الأول أنهيت خدمته بالقرار الجمهوري رقم 891 لسنة 1967 وأن الثاني لم يجدد عقده بعد انتهائه في 14 من نوفمبر سنة 1966 - كما انطوت أوراق الدعوى على ملف القضية رقم 242 لسنة 1967 (النيابة الإدارية لمؤسسات التموين) والخاصة بالتحقيق فيما أسفر عنه تقرير اللجنة التي شكلتها المؤسسة والسالف الإشارة إليه، وقد أثبتت النيابة الإدارية في مذكرتها الخاصة بالتحقيق المشار إليه موجز ما ورد بمذكرة نيابة الأموال العامة بما لا يخرج عما ورد بمذكرة تلك النيابة في القضية رقم 86 لسنة 1967 أسندت النيابة الإدارية في مذكرتها الخاصة رقم 242 لسنة 1967 خمس مخالفات مالية وإدارية - بعد أن صرفت النظر عن المخالفات الأخرى التي وردت بمذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة وهذه المخالفات هي أنه:
1 - قام بتعيين جورج إبراهيم اسخالبان بالشركة مخالفاً بذلك تعليمات المؤسسة المصرية الاستهلاكية العامة المتضمنة عدم الارتباط مع العامل المذكور بأي عقد أو عمل.
2 - لم يتخذ الإجراءات الصحيحة في شأن تعيين العاملين الموضحة أسماؤهم بتقرير اللجنة المشكل بمعرفة المؤسسة المشار إليها.
3 - أمر بصرف أجور إضافية لبعض العاملين بالشركة دون موافقة سابقة من المؤسسة بالمخالفة لكتابها المدون رقم 348 في 9 من إبريل سنة 1966.
4 - لم يسدد الضرائب المستحقة على بدل التمثيل الشهري الذي كان يقوم بصرفه من خزينة الشركة مباشرة دون اتباع الإجراءات الصحيحة في صرفه.
5 - اشترك مع عمر أحمد درويش المدير المالي للشركة في الموافقة على صرف مبالغ نقدية لبعض العاملين بالشركة كسلف بضمان مرتباتهم بالمخالفة لتعليمات المؤسسة التي تحظر ذلك ومن حيث إنه يبين مما سلف تفصيله.
أن الاضطراب كان يسود عمل الشركة في النواحي الإدارية والمالية، فقد أهدرت تعليمات المؤسسة واستبيح مخالفة قراراتها، ولا شك أن المدعي عن كل ذلك مسئول بوصف أنه نيط به تنظيم وإدارة الشركة، فكان عليه أن يتابع الالتزام بقرارات المؤسسة ويعمل على التمسك بها وتنفيذها وأن يبسط رقابة حقيقية وفعلية على عمل مرؤوسيه، وإذا كان ذلك حال الشركة من الناحيتين المالية والإدارية، فإن تصرفات المدعي - وقد استباح لنفسه دون وجه حق الاستيلاء على بعض المشغولات الذهبية وغيرها من أموال الشركة - حسبما ثبت من تقرير اللجنة التي شكلتها المؤسسة - يفقد تماماً الاطمئنان إلى أمانته والحفاظ على المال العام ولا يجدي المدعي التنصل من المخالفات الإدارية والمالية بأن مرؤوسيه هم المسئولون عنها، لأنه حتى لو صح قيام مسئولية مرؤوسيه، فإن مسئولية المدعي تقوم كاملة أخذاً في الاعتبار بأن تكرار تلك المخالفات والخروج على التعليمات على ما سلف إيضاحه يكشف عن فساد الإدارة العليا في الشركة وتهاونها.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما ذهب إليه المدعي وسانده فيه الحكم المطعون فيه من عدم الاطمئنان إلى الصورة الخطية لمذكرة نيابة الأموال العامة في القضية رقم 742 لسنة 1966 حصر أموال عامة، والتشكيك فيما ورد بها، أو أنها دون ضم أصلها لا ترقى إلى مرتبة الدليل على قيام المسئولية الجنائية، ذلك لأن عدم تقديم أصل هذه المذكرة يرجع إلى دشتها حسبما ورد بالأوراق هذا بجانب أنه ليس منكوراً أن نيابة الأموال العامة قد أجرت التحقيق وقدمت مذكرتها فيه ولئن كانت قد دشتت لمضي المدة القانونية، فإنه يمكن الاستدلال على محتوياتها مما ورد في مذكرة النيابة الإدارية في القضيتين 86 لسنة 1967، 242 لسنة 1967، يضاف إلى ما تقدم أن الانهيار الذي لحق الشركة في شئونها المالية والإدارية وكذلك عدم حفاظ المدعي على أموال الشركة والاستيلاء على بعضها ثابت من التقرير الذي أعدته اللجنة التي شكلتها المؤسسة وكذلك من تقرير الرقابة الإدارية، بما يغني عن أي دليل آخر. ومن حيث إنه متى كان ذلك ما تقدم فإن المخالفات السابقة سواء ما كان منها متعلقاً بإدارة الشركة مالياً وإدارياً أو ما كان منها يتصل بتفريط المدعي في أموال الشركة ثابتة في حقه ومن شأنها أن تفقده الثقة والاعتبار ويكون القرار المطعون فيه يفصل المدعي بغير الطريق التأديبي قد قام على أسباب صحيحة في الواقع والقانون وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون خالف القانون ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وألزمت المدعي المصروفات.