مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 320

(90)
جلسة 5 من إبريل سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.

القضية رقم 377 لسنة 20 القضائية

أ - مجلس الدولة - اختصاص - أعمال سيادة - لجان تصفية الإقطاع.
أعمال لجان تصفية الإقطاع - لا تعتبر من أعمال السيادة - تعريف أعمال السيادة - اختصاص مجلس الدولة بالنظر في مشروعية قرارات هذه اللجان.
ب - دستور، ملكية خاصة - الاعتداء على الملكية.
النص في الدستور على أن الملكية الخاصة مصونة - قرار المحافظ بالاستيلاء على القطن المملوك للمدعي دون مسوغ - قرار غير مشروع - الإقرار الصادر من المدعي وقع تحت إكراه - بيان ذلك.
جـ - قرار إداري - تعويض - خطأ - ضرر - التعويض عن الأضرار المادية والأدبية.
خطأ الإدارة يتمثل في القرار الإداري غير المشروع الذي أصدرته - التزام الإدارة بتعويض الأضرار المادية الناشئة عنه وكذلك الأضرار الأدبية - مثال.
1 - أن أعمال لجان تصفية الإقطاع وما قد يصدر منها من قرارات لا يصدق عليها صفة أعمال السيادة يستوي في ذلك أن تكون قرارات تلك اللجان صادرة في حدود اختصاصها أو خارج تلك الحدود، ذلك لأنه إن جاز القول بأن بعض الأعمال تعتبر بطبيعتها من أعمال السيادة التي لا تختص المحاكم بنظرها كما هو الحال بالنسبة لعلاقة الدولة بالدول الأخرى أو علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية أو أعمال الحروب، إلا أنه في مجال علاقة الدولة بالمواطنين - في الظروف العادية - لا تظهر أعمال السيادة إلا بالنسبة للإجراءات العليا التي تتخذ في سبيل الدفاع عن كيان الدولة أو استتباب الأمن وفي إطار القواعد التشريعية التي توضع مسبقاً وتحدد الحالات والمراكز القانونية والأوضاع التي تعتبر كذلك، ومتى كان الأمر كذلك، وكان لا يوجد ثمة قانون أسبغ على أعمال تلك اللجان صفة أعمال السيادة فإن الدفع الذي أبدته الجهة الإدارية بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، يكون على غير أساس يتعين رفضه.
2 - لما كان دستور سنة 1964 - هو الدستور الذي كان قائماً عند التحفظ على أموال المدعي وصدور القرار ببيعها - ينص في المادة (16) منه على أن الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل وفقاً للقانون وقد ردد ذات الحكم دستور سنة 1971 في المادة (34) منه وزاد عليه أنه لا يجوز فرض الحراسة على الملكية الخاصة إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي، وكان لا يوجد ثمة قانون يجيز للمحافظ التحفظ على أموال المواطنين والتصرف فيها بالبيع في مثل الحالة المعروضة، فإن القرار رقم 741 لسنة 1966 الصادر من محافظ كفر الشيخ المتضمن تسليم القطن الموجود بمخزن المدعي إلى شركة مصر لتصدير الأقطان وتسليم الخشب والحديد إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيح وعلى أن تقوم كل من الشركة والجمعية بسداد ثمن الأصناف المشار إليها إلى الجمعية الخيرية للنشاط الاجتماعي بكفر الشيخ، هذا القرار يكون صدر بعيداً عن دائرة المشروعية ومخالف للقانون، ولا اعتداد بدفاع الجهة الإدارية الذي حاصله أن المدعي وافق كتابة على تفويض المحافظة في بيع القطن والمهمات الأخرى وخصم مبلغ 1500 جنيهاً من ثمن القطن تبرعاً منه للجنة الخدمات بالمحافظة، بما يكون شأن المحافظة في هذا الصدد شأن الوكيل بالنسبة للموكل، ذلك لأن المدعي قد نعى على هذا التفويض بما تضمنه من تبرع وعلى غيره من الإقرارات المنسوبة إليه بأنه أكره على توقيعها، وهو نعي سديد وسانده أن شواهد الحال تدل على أن المدعي كان في مواجهة إجراءات تميزت بالعدوان سواء من واقع مظهرها أو سلطة القائمين بها بما أفقد المدعي - حسبما ذهب في مذكراته - الإرادة الحرة والاختيار فاستسلم لرغبة تلك السلطات مضطراً ووقع الإقرارات المشار إليها، ويؤكد ما تقدم ويعزره أن تفويض المدعي للمحافظة في بيع القطن والمهمات والتبرع بمبلغ 1500 جنيهاً من ثمن القطن كان في 18 من يوليه سنة 1966 أي بعد إن كان قد صدر فعلاً القرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه في 23 من يونيه سنة 1966 متضمناً بيع القطن والمهمات على النحو السالف بيانه، يضاف إلى ذلك أن المدعي كان وقع إقراراً في 17 من يوليه سنة 1966 تبرع فيه بمبلغ 1000 جنيه لبناء مسجد أو غير ذلك من المشروعات ثم عاد في اليوم التالي 18 من يوليه سنة 1966 وزاد مبلغ التبرع إلى 1500 جنيهاً دون أن يكون لذلك مقتض اللهم إلا أن يكون هناك إكراه قد وقع فاضطر المدعي مجبراً للإذعان إلى طلب مصدر القرار.
3 - إن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن خطأ الجهة الإدارية ثابت قبلها على ما سلف الإيضاح بإصدارها القرار رقم 741 لسنة 1966 بالمخالفة للقانون، وقد لحق بالمدعي أضراراً مادية وأدبية، وقامت علاقة السببية بين الخطأ الإداري المشار إليه والضرر الذي لحق بالمدعي، فمن ثم يكون المدعي محقاً في المطالبة بالتعويض الذي يجبر تلك الأضرار المادية والأدبية.
4 - وإذ كان المدعي قد أصابه علاوة على الأضرار المادية المشار إليها، أضرار أدبية تتمثل في العدوان على أمواله دون مسوغ من القانون وما لحقه من تشهير وزراية بين ذويه والمتصلين به، فإنه يستحق تعويضاً عن تلك الأضرار، وترى المحكمة تقدير التعويض بمبلغ قدره 5000 جنيهاً شاملاً ما أصاب المدعي من الأضرار المادية السالف بيانها، والأضرار الأدبية التي لحقته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن السيد/ عبد الله راتب خليل أقام الدعوى رقم 2317 لسنة 1968 مدني كلي القاهرة ضد السادة/ وزير الزراعة، وزير الداخلية، ووزير الخزانة، ومحافظ كفر الشيخ، وعيد بيومي مأمور مركز كفر الشيخ، وذلك - بصحيفة معلنة في 6، 13 من مايو سنة 1968 طلب فيها الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 30000 جنيه مع المصاريف والأتعاب وشمول الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة وقال المدعي بياناً للدعوى أنه بتاريخ 28 من مايو سنة 1966 توجه المدعى عليه الأخير وبصحبته بعض الموظفين إلى مخازن المدعي وحصروا ما به من أقطان محلوجة وأخشاب وحديد وغير ذلك ثم حرروا محضراً بذلك وأعيد غلق المخزن وسلم بجميع محتوياته إلى أحد الخفراء النظاميين وإذ عرض المحضر المشار إليه على السيد محافظ كفر الشيخ، أصدر القرار رقم 741 لسنة 1966 بتشكيل لجنة فنية لمعانية المخزن ومطابقة موجوداته على المحضر السالف ذكره وتقرير حالتها ومدى صلاحيتها وتقدير أثمانها، وتسليم الأقطان إلى شركة مصر لتصدير الأقطان والأخشاب والحديد إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ بموجب محاضر رسمية، ومضى المدعي موضحاً أن كل الإجراءات السالفة تمت دون مبرر من القانون كما أنه لم يتسلم هذه المهمات ولا أثمانها وأوضح المدعي أنه لحقه ضرر جسيم من هذا الاعتداء المادي والأدبي فضلاً عن حرمانه من حاجياته وما ناله من ضرر لما فاته من ربح بالإضافة إلى ما ناله من جراء الاتهام الجنائي إذ قدم للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 3999 لسنة 1967 لعدم اتخاذه الإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 296 لسنة 1953 معدلاً بالقانون رقم 220 لسنة 1954 بالنسبة للقطن، وأنه يقدر تعويضاً مؤقتاً عن ذلك 30000 جنيه.
ورداً على الدعوى دفعت الحكومة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن العمل المطالب بالتعويض عنه من أعمال السيادة بالتطبيق للمادة (16) من قانون السلطة القضائية، والمادة (12) من قانون مجلس الدولة، كذلك دفعت بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المدعي يطالب بالتعويض عما لحقه من أضرار نتيجة لما اتخذته محافظة كفر الشيخ من التحفظ على أمواله وممتلكاته، فينعقد الاختصاص بنظر المنازعة لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره بالتطبيق للمادة (8) من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959.
ومن حيث إن محكمة القاهرة الابتدائية حكمت بجلستها المنعقدة في 12 من يونيه سنة 1969 بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وأبقت الفصل في المصروفات. وإذ وردت القضية المشار إليها إلى محكمة القضاء الإداري قيدت بجدولها برقم 1452 لسنة 23 القضائية. وقدم المدعي مذكرتين بدفاعه حاصل ما جاء فيها أنه بتاريخ 28 من مايو سنة 1966 قامت لجنة تصفية الإقطاع بمركز كفر الشيخ برياسة مأمور المركز بالتحفظ على ما كان موجوداً بمخازن المدعي من قطن محلوج وأخشاب وحديد وغيرها ورفعت محضراً بذلك إلى محافظ كفر الشيخ الذي أصدر القرار رقم 741 لسنة 1966 بوصفه رئيساً للجنة تصفية الإقطاع بالمحافظة بتشكيل لجنة لتقدير قيمة موجودات المخازن وتسليم الأقطان إلى شركة مصر لتصدير الأقطان والأخشاب إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ، كما نص القرار على أن تسلم أثمان هذه المهمات إلى الجمعية الخيرية للنشاط الاجتماعي بكفر الشيخ على أن تتولى الجمعية محاسبة المدعي عن ثمن هذه الأصناف بعد انتهاء لجنة تصفية الإقطاع من تحديد موقف المدعي. ومضى المدعي موضحاً أن المحافظة أبلغت النيابة العامة متهمة إياه بحيازة قطن لم يخطر عنه بالمخالفة للقانون، وقدم المدعي للمحاكمة في الجنحة 3999 لسنة 1967 مركز كفر الشيخ وحكم فيها بتاريخ 14 من يناير سنة 1968 ببراءته وأصبح الحكم نهائياً، وأوضح المدعي أنه بالرغم من أن القرار الصادر من السيد محافظ كفر الشيخ يفتقر لكل أسباب الشرعية، فإن المحافظة لم ترد إليه أمواله أو قيمتها واتخذ القرار المشار إليه ستاراً لمصادرة أمواله، وأضاف المدعي أن كل إقرار نسب إليه في ظل تلك الإجراءات الغير مشروعة، يكون باطلاً لانعدام إرادته أو على الأقل لأن إرادته مشوبة.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري حكمت بجلستها المنعقدة في 20 من يناير سنة 1974 بإخراج المدعى عليهم الأول، والثاني والثالث والخامس من الدعوى بلا مصاريف، وبإلزام محافظ كفر الشيخ بصفته بأن يدفع للمدعي تعويضاً قدره 30000 جنيهاً والمصروفات، وقد أقامت المحكمة حكمها على أساس أنه لا يوجد ثمة قانون يجيز للمحافظ أن يستولي على أموال أحد المواطنين حال إيداعه إياها في مخازنه، كما أن قانون الإدارة المحلية - الذي استند عليه القرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه - لا يخول للمحافظ سلطة إصدار مثل هذا القرار، كذلك لا يجوز لقرارات لجان تصفية الإقطاع أن تمس ما للملكية الخاصة من حرمة كفلها الدستور، لذلك يكون قرار محافظ كفر الشيخ بالاستيلاء على محتويات المخزن المملوك للمدعي مشوباً بعدم المشروعية الجسيم لما فيه من اعتداء على حق الملكية الذي كفله الدستور، ومضى الحكم المطعون فيه موضحاً أنه لما كان خطأ محافظ كفر الشيخ ثابتاً على النحو السالف بيانه، وقد ترتب عليه ضرر للمدعي يتمثل في حرمانه من أمواله المبينة بالأوراق والتي قدرت اللجنة التي عاينتها في 28 من مايو سنة 1966 قيمتها بمبلغ 22000 جنيه فإن المدعي يكون على حق في دعواه ويستحق تعويضاً كاملاً قدره 30000 جنيه منظوراً في ذلك قيمة محتويات المخازن وقت الاستيلاء عليها في 28 من مايو سنة 1966.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون للأسباب الآتية:
أولاً - أن المحاكم غير مختصة بنظر أعمال السيادة، فقد نص قانون مجلس الدولة على عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، كما نص قانون السلطة القضائية على أنه ليس للمحاكم أن تنظر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في أعمال السيادة، وما قامت به لجنة تصفية الإقطاع بمركز كفر الشيخ وما اتخذه محافظها باعتباره رئيساً للجنة تصفية الإقطاع بالمحافظة من التحفظ على محتويات مخزن المطعون ضده وبيعها، إنما يعد من التدابير الثورية التي تتخذها الدولة لتصفية الإقطاع والرأسمالية المستغلة بقصد إعادة توزيع الثروات وفقاً للأسس القائمة على المفاهيم الجديدة للملكية والتضامن الاجتماعي والمبادئ الاشتراكية، ومن ثم فإن هذه التدابير تعتبر من أعمال السيادة التي ينبغي أن تظل بمنجاة عن كل رقابة مهما كانت درجة عدم مشروعيتها أو الآثار الضارة المترتبة عليها.
ثانياً - الدعوى غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، وذلك أن الثابت من الأوراق أنه بعد أن تم التحفظ على محتويات مخزن المدعي سلمت الأقطان لشركة مصر لتصدير الأقطان وقدر ثمنها بمبلغ 782 مليم و4011 جنيه، كما سلمت الأخشاب والحديد إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ قدرت ثمنها بمبلغ 770 مليم و232 جنيه وبذلك يكون جملة ما يستحق للمطعون ضده مبلغ 552 مليم و2744 جنيه بعد خصم مبلغ 1500 جنيهاً تبرع بها المطعون ضده. ولما كان القرار رقم 741 لسنة 1966 قد تضمن النص على أن تقوم جمعية النشاط الاجتماعي بمحافظة كفر الشيخ بمحاسبة المطعون ضده، وكانت الجمعية المذكورة قد حلت، فقد كان على المطعون ضده أن يختصم المصفى على الجمعية، أو الجهة التي ألت إليها أموال الجمعية دون محافظة كفر الشيخ التي أصبح لا شأن لها بأموال المطعون ضده.
ومن حيث إن إدارة قضايا الحكومة قدمت مذكرة بدفاع الجهة الإدارية حاصل ما جاء فيها أن قرار محافظ كفر الشيخ رقم 741 لسنة 1966 الصادر في 23 من يونيه سنة 1966 لم ينفذ إلا في 18 من يوليه سنة 1966 بعد أن وافق المدعي كتابة على معاينة مخزنه وتفويضه المحافظة في بيع ما يوجد بالمخزن، ولا ريب أن أحجام المحافظة عن التنفيذ الفوري للقرار حتى حصولها على التفويض المشار إليه، ينفي عن القرار صفة الاستيلاء، ويكون شأن المحافظة في هذا الصدد شأن الوكيل بالنسبة لموكله، خاصة وأن القرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه تضمن محاسبة المدعي على ثمن الأشياء التي وافق على بيعها، ومضت المذكرة موضحة أن المحافظة نفذت التفويض الصادر من المدعي على أكمل وجه، فقد اعترضت على الأثمان التي قدرت للقطن أمام الجهة المختصة ورفض اعتراضها، كما أن الخشب والحديد بيع بالأسعار الجبرية. وما كان يجوز بيعها بأكثر من ذلك، وكل ما تقدم يؤكد انتفاء ركن الخطأ في جانب المحافظة وتنتفي تبعاً لذلك مسئوليتها من تعويض المدعي طالما أن الإجراءات التي اتخذت في شأن بيع بعض أمواله كان بتفويض منه وبموافقته.
ومن حيث إن المدعي قدم خمس مذكرات بدفاعه حاصل ما جاء فيها أن أعمال السيادة الضابط فيها موضوعي، وقد استقر الفقه والقضاء على حصرها في الأعمال التي تتصل بالعلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والأعمال الخاصة بعلاقة الدولة بغيرها من الدول وأعمال الحرب أما الأعمال التي تتصل بسلامة أمن الدولة الداخلي فلا تعتبر من أعمال السيادة إلا ما اتصل منها بالإجراءات العليا ذات الأهمية الكبرى اللازمة للمحافظة على كيان الدولة، وبالتالي فإن الاستيلاء على أموال المدعي الموجودة بمخازنه لا يعتبر من أعمال السيادة. ومضى المدعي موضحاً أن قرار الاستيلاء على ممتلكاته صدر من محافظ كفر الشيخ فيكون وحده الواجب اختصامه في الدعوى. ثم تناول المدعي في مذكراته موضوع الدعوى موضحاً أن كلاً من الإقرار الخاص بتبرعه بمبلغ 1500 جنيهاً والتفويض الصادر منه للمحافظة ببيع الأموال التي تم الاستيلاء عليها، باطل، إذ أنه كان واقعاً تحت إكراه جسيم ورهبة السلطة التي استولت على محتويات مخزنه بالقوة والتي أدخلت في روعه أنه إذا رفض التوقيع على الإقرار بالتبرع وتفويض المحافظة في البيع فسوف يكون عرضة للاعتقال ومصادرة جميع ممتلكاته خاصة وأنه لا يتصور أن مواطناً يستولي على أمواله جبراً عنه ودون سند من القانون، يذهب طواعية إلى من استولى على أمواله ويفوضه في بيعها. ومضى المدعي موضحاً أن اللجنة التي عاينت مخزنه في 28 من مايو سنة 1966 - ومن بين أعضائها ثلاثة مهندسين زراعيين - أثبتت في تقريرها أن القطن الموجود بالمخزن من نوع الكرنك ومعبأ في 71 بالة تزن 16 رطل 602 قنطار، وأنه لم يفقد خواصه حين أن القطن المقول بأنه بيع لحسابه عبارة عن 52 بالة تزن 2 رطل 379 قنطار وأنه قطن مخلوط فقد صلاحيته، وهو ما يفيد أن هذا القطن ليس له ولذلك يلزم المحافظة بتعويضه عن القطن طبقاً للبيان الوارد بمحضر المعاينة المؤرخ في 28 من مايو سنة 1966 سواء من ناحية الكمية أو الحالة أو النوع وطبقاً للأسعار المعمول بها في عام 53/ 1954، أما المهمات والأخشاب والحديد الذي تم الاستيلاء عليها فإنه يجب محاسبته عليها طبقاً لأسعار السوق حسبما تقضي بذلك أحكام القانون المدني. ومضى المدعي موضحاً أن التعويض الذي قضى به الحكم المطعون فيه يتناسب مع ما أصابه من ضرر مادي وضرر أدبي، منظوراً في ذلك إلى قيمة الأشياء التي تم الاستيلاء عليها وقد قدرته اللجنة المختصة بمبلغ 22 ألف جنيه، وما أصابه من هجوم على مسكنه واستيلاء على أمواله دون وجه حق، والتشهير به بين أهله وذويه وتقديمه للمحاكمة الجنائية وحجزه في أقسام الشرطة وخلص المدعي في مذكراته إلى طلب رفض الطعن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن لجنة تصفية الإقطاع بمركز كفر الشيخ انتقلت يوم 28 من مايو سنة 1966 إلى ناحية بلشاشه، وفتحت المخزن الموجود بمنزل المدعي في الناحية المذكورة - بعد حصولها على موافقة كتابية من المدعي - وقامت بمعاينة موجودات المخزن، وأثبتت في محضرها وصف وعدد ونوع الخشب والحديد الموجودين بالمخزن، كما أثبتت أن بالمخزن 71 بالة قطن كرنك زنة 602 قنطاراً وأوضحت قرين البيان الخاص بالقطن أنه أخذ من واقع علوم التخزين حيث إن البالات مبعثرة بالمخزن، والعدد على وجه التقريب وقدرت اللجنة قيمة موجودات المخزن بمبلغ 22000 جنيه تقريباً. وعقب انتهاء اللجنة المذكورة من عملها قدم المدعي طلباً إلى مأمور كفر الشيخ ليتولى بيع القطن لحسابه لإحدى شركات العزل ثم رفعت اللجنة تقريرها إلى السيد/ محافظ كفر الشيخ فأصدر قراره برقم 741 لسنة 1966 في 23 من يونيه سنة 1966 - مستنداً إلى قانون الإدارة المحلية رقم 124 لسنة 1960 وإلى القرارين رقم 666، 667 لسنة 1966 بتشكيل لجان تصفية الإقطاع - متضمناً النص في المادة الأولى منه على تشكيل لجنة فنية برياسة المهندس عبد الله النحاس مدير الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ، وعضوية كل من المهندس فتح الله محمد عسر، والمهندس عبد الحميد صالح بالإصلاح الزراعي، والسيد/ محمد عبد الحميد سالم مدير إدارة التفتيش بالمحافظة، ومندوب من مؤسسة القطن تختاره المؤسسة المذكورة ونصت المادة الثانية من القرار المشار إليه بأنه على اللجنة معاينة مخازن المدعي ومطابقة موجوداتها على محضر لجنة تصفية الإقطاع بمركز كفر الشيخ المؤرخ 28 من مايو سنة 1966 وتقدير حالتها ومدى صلاحيتها وتقدير أثمانها، وتسليم القطن إلى شركة مصر لتصدير الأقطان، وتسليم الخشب والحديد إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ ونصت المادة الثالثة على أن تسدد أثمان هذه الأصناف إلى حساب الجمعية الخيرية للنشاط الاجتماعي بكفر الشيخ، على أن تتولى الجمعية محاسبة المدعي بعد انتهاء إجراءات تصفية الإقطاع وتحديد موقفه.
وبتاريخ 23 من يونيه سنة 1966 تم معاينة القطن الموجود بمخزن المدعي بواسطة لجنة مشكلة من كبير خبراء مؤسسة القطن وعضوية مندوبين من المساحة والإصلاح الزراعي والمحافظة وفي حضور المدعي وضابط نقطة شرطة صندلا وأثبتت اللجنة في محضرها أن القطن من نوع الكرنك ومعبأ في 52 بالة فقط ومكبوس مائياً (نشأن أخضر) ويدل مظهره الخارجي مبدئياً - بعد سحب عينة صغيرة - أنه لم يفقد خواصه الطبيعية حيث إنه مخزن بطريقة سليمة فوق أخشاب والمخزن مبني بالمسلح.
وبتاريخ 17 من يوليه سنة 1966 قدم المدعي طلباً إلى السيد محافظ كفر الشيخ تضمن أن لجنة تصفية الإقطاع فتحت محزنه وكان به 52 بالة قطن كرنك وبعض الأخشاب والشبابيك والتمس تسليمه الأخشاب لأنها مخصصة لترميم مساكن عمال زراعية، وأضاف أنه يتبرع بمبلغ 1000 جنيه من ثمن القطن للمحافظة مساهمة منه في بناء مسجد ببندر كفر الشيخ أو أي مشروع آخر يراه المحافظ.
وبتاريخ 18 من يوليه سنة 1966 قامت اللجنة المشكلة بالقرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه بمعاينة موجودات المخزن وأعدت محضراً بأعمالها أوضحت فيه أن القطن معبأ في 52 بالة من صنف الكرنك عبارة عن 11 بالة "فؤادية 5"، 41 بالة "غربية" منها خمس بالات "عوارية" وأنه تم تسليم القطن إلى السيد/ محمد النوري مندوب شركة مصر لتصدير الأقطان الذي طلب نقل القطن إلى محلج شركة النيل بكفر الشيخ إلى أن يقوم خبراء مؤسسة القطن بتحديد ثمنه كما أثبتت اللجنة بياناً كاملاً عن أصناف وعدد الخشب والحديد والمهمات الأخرى وقامت بتسليمها إلى مندوب الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ لتقوم الجمعية بتوريد ثمن هذه الأصناف طبقاً للتسعيرة الجبرية، وفي ذات التاريخ (أي في 18 من يوليه سنة 1966) وقع المدعي إقراراً تضمن تفويض المحافظة في تنفيذ القرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه، وتبرعه بمبلغ 1500 جنيه من ثمن القطن المباع بمعرفة المحافظة والذي كان موجوداً بمخازنه إلى لجنة الخدمات العامة بالمحافظة.
والثابت كذلك من الأوراق أن الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيخ قامت بسداد مبلغ 770 مليم و232 جنيه بشيك رقم 22261 بتاريخ 25 من يوليه سنة 1966 على البنك الأهلي، قيمة الخشب والحديد والمهمات التي سلمت إليها مقدرة طبقاً للتسعيرة الجبرية. وفيما يختص بالقطن فقد قررت هيئة التحكيم واختبارات القطن (الإدارة العامة للفرز والتحكيم للداخل) أن الأقطان التي تم الاستيلاء عليها من مخزن المدعي، من صنف الكرنك وفقد معظم خواصه الطبيعية من ناحية اللون والتيلة نظراً لطول مدة التخزين التي بلغت 14 عاماً ورأت اللجنة اعتباره "ناتج إنقاذ" وعلى أساس 48 بالة برتبة "فولى جود فير تو جود"، وأربعة بالات برتبة "فولى فير تو جود فير" وإذ لاحظت المحافظة التناقض بين قرار هيئة التحكيم واختبارات القطن المشار إليه وبين ما سبق أن قرره كبير خبراء مؤسسة القطن في 23 من يونيه سنة 1966 على ما سلف الإيضاح، فقد كتبت في 7 من ديسمبر سنة 1966 إلى مدير عام الفرز والتحكيم معترضة على ما انتهت إليه الهيئة من تقييم القطن على النحو الثابت بقرارها وطلبت المحافظة إعادة النظر في القرار، ورداً على هذا الاعتراض أفادت هيئة التحكيم واختبارات القطن على النحو الثابت بقرارها بكتابها المؤرخ 21 من ديسمبر سنة 1966 بأن هذه الأقطان مر عليها 15 عاماً من تاريخ حلجها مما يسبب بصفة قاطعة فقد خواص القطن وفقدها لونها الطبيعي مهما يقل من عناية في طريقة التخزين، هذا علاوة على أن صنف الكرنك منعت زراعته منذ ثلاث سنوات ولا يوجد لهذا الصنف أسعار حالية ولا يدخل ضمن جدول الأصناف التجارية المتداولة. وأضاف الكتاب أن هيئة التحكيم واختبارات القطن هي الجهة المحايدة التي تقرر صنف القطن ورتبته وأن الرتب التي أعطيت للقطن هي الرتب الحقيقية وفقاً لما رأته اللجنة التي شكلت لفحصه والتي قامت بحسب عينات من جميع البال حتى يكون حكمها على هذه الأقطان سليماً. وعلى أساس ما تقدم قامت شركة مصر لتصدير الأقطان بسداد مبلغ 782 مليم و4011 جنيه إلى المحافظة بأمر صرف رقم 1451 بتاريخ 29 من يناير سنة 1967 عبارة عن قيمة القطن محسوبة على أساس الرتبة التي قدرت للقطن بواسطة هيئة التحكيم واختبارات القطن.
ومن حيث إن لجان تصفية الإقطاع بالمحافظات شكلت خلال عام 1966 بناءً على تعليمات السيد النائب الأول لرئيس الجمهورية دون أن يصدر من جهة الاختصاص ثمة تشريع ينظمها ويحدد اختصاصاتها، وقد كان تنظيم تلك اللجان بمحافظة كفر الشيخ - حسبما يبين من قراري محافظ كفر الشيخ رقم 666، 667 لسنة 1966 - يقوم على أساس إنشاء اللجنة العليا لتصفية الإقطاع بالمحافظة برياسة السيد محافظ كفر الشيخ، واللجنة المركزية لتصفية الإقطاع بالمحافظة برياسة نائب مدير الأمن، ثم ثمان لجان فرعية بدائرة المحافظة، كل منها برياسة مأمور مركز الشرطة المختص. وقد صدر القرار رقم 666 لسنة 1966 المشار إليه مبيناً اختصاصات اللجان المتقدم ذكرها فنص على أن تقوم اللجان الفرعية بحصر جميع النفوذ الإقطاعي بشتى صوره في كل قرية وإيضاح كل حالة إيضاحاً مفصلاً، وفي سبيل ذلك تقوم بفحص حالة من طبق عليهم قانون الإصلاح الزراعي والأشخاص الذين لهم نفوذ وسيطرة على أهالي القرية ممن طبق عليهم قانون الإصلاح الزراعي أو من لم يطبق عليهم القانون المذكور.
ومن حيث إن أعمال لجان تصفية الإقطاع وما قد يصدر منها من قرارات لا يصدق عليها صفة أعمال السيادة، يستوي في ذلك أن تكون قرارات تلك اللجان صادرة في حدود اختصاصها أو خارج تلك الحدود، ذلك لأنه إن جاز القول بأن بعض الأعمال تعتبر بطبيعتها من أعمال السيادة التي لا تختص المحاكم بنظرها كما هو الحال بالنسبة لعلاقة الدولة بالدول الأخرى أو علاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية أو أعمال الحرب، إلا أنه في مجال علاقة الدولة بالمواطنين - في الظروف العادية - لا تظهر أعمال السيادة إلا بالنسبة للإجراءات العليا التي تتخذ في سبيل الدفاع عن كيان الدولة أو استتباب الأمن وفي إطار القواعد التشريعية التي توضع مسبقاً وتحدد الحالات والمراكز القانونية والأوضاع التي تعتبر كذلك، ومتى كان الأمر كذلك، وكان لا يوجد ثمة قانون أسبغ على أعمال تلك اللجان صفة أعمال السيادة، فإن الدفع الذي أبدته الجهة الإدارية بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى، يكون على غير أساس سليم يتعين رفضه.
ومن حيث إنه لما كان دستور سنة 1964 - هو الدستور الذي كان قائماً عند التحفظ على أموال المدعي وصدور إقرار ببيعها - ينص في المادة (16) منه على أن الملكية الخاصة مصونة وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل وفقاً للقانون وقد ردد ذات الحكم دستور سنة 1971 في المادة (34) منه وزاد عليه أنه لا يجوز فرض الحراسة على الملكية الخاصة إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي، وكان لا يوجد ثمة قانون يجيز للمحافظ التحفظ على أموال المواطنين والتصرف فيها بالبيع في مثل الحالة المعروضة، فإن القرار رقم 741 لسنة 1966 الصادر من محافظ كفر الشيخ المتضمن تسليم القطن الموجود بمخزن المدعي إلى شركة مصر لتصدير الأقطان وتسليم الخشب والحديد إلى الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بكفر الشيح وعلى أن تقوم كل من الشركة والجمعية بسداد ثمن الأصناف المشار إليها إلى الجمعية الخيرية للنشاط الاجتماعي بكفر الشيخ، هذا القرار يكون صدر بعيداً عن دائرة المشروعية ومخالف للقانون، ولا اعتداد بدفاع الجهة الإدارية الذي حاصله أن المدعي وافق كتابة على تفويض المحافظة في بيع القطن والمهمات الأخرى وخصم مبلغ 1500 جنيهاً من ثمن القطن تبرعاً منه للجنة الخدمات بالمحافظة، بما يكون شأن المحافظة في هذا الصدد شأن الوكيل بالنسبة للموكل، ذلك لأن المدعي قد نعى على هذا التفويض بما تضمنه من تبرع وعلى غيره من الإقرارات المنسوبة إليه بأنه أكره على توقيعها، وهو نعي سديد ويسانده أن شواهد الحال تدل على أن المدعي كان في مواجهة إجراءات تميزت بالعدوان سواء من واقع مظهرها أو سلطة القائمين بها بما أفقد المدعي - حسبما ذهب في مذكراته - الإرادة الحرة والاختيار فاستسلم لرغبة تلك السلطات مضطراً ووقع الإقرارات المشار إليها، ويؤكد ما تقدم ويعززه أن تفويض المدعي للمحافظة في بيع القطن والمهمات والتبرع بمبلغ 1500 جنيهاً من ثمن القطن كان في 18 من يوليه سنة 1966 أي بعد أن كان قد صدر فعلاً القرار رقم 741 لسنة 1966 المشار إليه في 23 من يونيه سنة 1966 متضمناً بيع القطن والمهمات على النحو السالف بيانه، يضاف إلى ذلك أن المدعي كان وقع إقراراً في 17 من يوليه سنة 1966 تبرع فيه بمبلغ 1000 جنيه لبناء مسجد أو غير ذلك من المشروعات ثم عاد في اليوم التالي (18 من يوليه سنة 1966) وزاد مبلغ التبرع إلى 1500 جنيهاً دون أن يكون لذلك مقتض اللهم إلا أن يكون هناك إكراه قد وقع فاضطر المدعي مجبراً للإذعان إلى طلب مصدر القرار.
ومن حيث إن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث إن خطأ الجهة الإدارية ثابت قبلها على ما سلف الإيضاح بإصدارها القرار رقم 741 لسنة 1966 بالمخالفة للقانون، وقد لحق بالمدعي أضراراً مادية وأدبية، وقامت علاقة السببية بين الخطأ الإداري المشار إليه والضرر الذي لحق بالمدعي، فمن ثم يكون المدعي محقاً في المطالبة بالتعويض الذي يجبر تلك الأضرار المادية والأدبية.
ومن حيث إنه ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق فيما قضى به من استحقاق المدعي للتعويض إلا أنه غالى في تقديره بما لا يتناسب مع الأضرار التي لحقت المدعي، فالثابت من الأوراق أن القطن الذي استولى عليه من مخزن المدعي يزن 389.020 قنطاراً وبلغ ثمنه 782 مليم و4011 جنيه وأن الخشب والحديد بيع بمبلغ 770 مليم و232 جنيه طبقاً للأسعار الجبرية ومجموع ذلك 552 مليم و4244 جنيه وهو يمثل الأضرار المادية التي لحقت المدعي ولا تلتفت المحكمة بعد ذلك لما آثاره المدعي من نزاع خاص بوزن القطن أو بثمنه أو بثمن الحديد والخشب على الوجه الذي فصله بمذكراته حسبما سلف الإيضاح، ذلك لأنه ولئن كانت لجنة تصفية الإقطاع قد أثبتت في محضرها المؤرخ 28 من مايو سنة 1966 أن عدد بالات القطن 71 بالة ووزنه 602 قنطاراً إلا أنها حسبما أوضحت في محضرها قد اعتمدت في هذا البيان على علوم وزن قدمها المدعي دون أن تقوم بنفسها بحصر بالات القطن أو بوزنها، وقد قامت اللجنة المشكلة برياسة كبير خبراء القطن بمؤسسة القطن بإحصاء عدد البالات في حضور المدعي فأثبتت في محضرها المؤرخ 23 من يونيه سنة 1966 بأن عدد البالات 52 بالة فقط ولم يعترض المدعي على هذا البيان أما عن ثمن القطن فقد كان نتيجة لتقدير هيئة التحكيم واختبارات القطن - وهي الجهة المختصة والمحايدة في هذا الشأن، بعد أن قامت بسحب عينة من كل بالة وقد أوضح تقرير الهيئة المذكورة الأسباب التي بنى عليها تقدير الثمن وهي أسباب في جملتها تؤيد سلامة التقدير، كذلك فإنه بالنسبة للخشب والحديد فقد تم بيعها بالأسعار الجبرية وليس للمدعي أن يطلب تقدير ثمنها بغير هذه الأسعار أو طبقاً للأسعار الجارية في السوق.
وإذ كان المدعي قد أصابه علاوة على الأضرار المادية المشار إليها، أضرار أدبية تتمثل في العدوان على أمواله دون مسوغ من القانون وما لحقه من تشهير وزارية بين ذويه والمتصلين به، فإنه يستحق تعويضاً عن تلك الأضرار، وترى المحكمة تقدير التعويض بمبلغ قدره 5000 جنيهاً شاملاً ما أصاب المدعي من الأضرار المادية السالف بيانها، والأضرار الأدبية التي لحقته، ويتعين لذلك تعديل الحكم المطعون فيه وإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدي إلى المدعي تعويضاً قدره 5000 جنيهاً وكامل المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وذلك بإلزام محافظة كفر الشيخ بأن تدفع للمدعي مبلغ 5000 جنيهاً (خمسة آلاف جنيه) والمصروفات.