مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 337

(93)
جلسة 12 من إبريل سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.

القضية رقم 14 لسنة 16 القضائية

مجلس الدولة - اختصاص - معاهد.
المعهد القومي للقياس والمعايرة - اعتبار العلاقة بينه وبين طلابه علاقة قانونية تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - اختصاص المحاكم الإدارية بنظر المنازعة - أساس ذلك - مثال.
يتعهد طالب البحث بالتفرغ للبحث والمواظبة عليه، كما يتعهد أن يستمر فيه لمدة سنة على الأقل فإذا تخلى عنه خلال السنة الأولى تعين عليه أن يعيد إلى المركز كل ما تسلمه من قيمة المنحة وكذلك الرسوم التي يكون المركز قد دفعها له أثناء الفترة التي قضاها به.
أياً كان الرأي في التكييف القانوني لمركز المدعى عليها بوصفها طالبة بحث بالمعهد القومي للقياس والمعايرة، فإن العلاقة التي تربطها بالمجلس المذكور هي علاقة قانونية تدور في فلك الوظيفة العامة وتتصل بها مآلاً، وتنبع هذه العلاقة من القرار الصادر بإقامتها طالبة بحث بالمعهد المذكور وتحكمها تبعاً لذلك اللوائح الإدارية والمالية المطبقة في المعهد، وإذ كانت المنازعة الماثلة تتصل بالعلاقة القانونية المشار إليها التي قامت بين المدعى عليها وبين المعهد المذكور، فإنها تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى.
إن المادة 14 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 47 لسنة 1972 تنص أن "تختص المحاكم الإدارية: (1) بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وفي المادة 10 متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن يعادلهم، وفي طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات (2) بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات، والمكافآت المستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثتهم. ولما كانت المدعى عليها على ما سلف في حكم العاملين ومن المستوى الذي تختص المحاكم الإدارية بنظر منازعاتهم من ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه الدعوى للمحكمة الإدارية لرياسة مجلس الوزراء ويتعين لذلك إحالتها إليها لتفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدها مصروفات الطعن وأبقت الفصل في مصروفات الدعوى لمحكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من أوراق الطعن في أن السيد وزير البحث العلمي أقام الدعوى رقم 188 لسنة 23 القضائية ضد السيدة/ نبيلة توفيق السيد السلوقي وذلك بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 17 من نوفمبر سنة 1968، طلب فيها إلزام المدعى عليها بأن تدفع مبلغ 502 مليم و119 جنيه والفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والمصروفات، وقال المدعي بياناً للدعوى أنه بتاريخ 6 من مايو سنة 1967 صدر الأمر التنفيذي رقم 236 لسنة 1967 بإقامة المدعى عليها طالبة بحث بالمعهد القومي للقياس والمعايرة بمنحة شهرية قدرها 20 جنيه وتسلمت العمل بالمعهد في 29 من مارس سنة 1967، وقد انقطعت المدعى عليها عقب إجازة لمدة خمسة أيام تنتهي في 11 من أكتوبر سنة 1967 ولم تعد لمواصلة أبحاثها بالمعهد بالرغم من استدعائها بالكتاب رقم 2994 المؤرخ 21 من أكتوبر سنة 1967، ومن أجل هذا صدر الأمر التنفيذي رقم 810 بتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1967 بإنهاء منحة المدعى عليها اعتباراً من 13 من أكتوبر سنة 1967. وأضاف المدعي أن المعهد القومي للقياس والمعايرة يتبع وزارة البحث العلمي طبقاً لقرار رئيس الجمهورية رقم 498 لسنة 1968 وتسري عليه أحكام اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحوث الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 والتي تنص في المادة (22) على أن يتعهد طالب البحث بالتفرغ والمواظبة عليه كما يستمر فيه لمدة سنة على الأقل فإذ تخلى عنه خلال السنة الأولى تعين عليه أن يعيد إلى المركز كل ما تسلمه من قيمة المنحة وكذلك الرسوم التي يكون المركز قد دفعها له أثناء الفترة التي قضاها به، واستطرد المدعي موضحاً أنه لما كانت المدعى عليها قد انقطعت عن البحث فإنها تلزم بما قبضته من المعهد وقدره 502 مليم و119 جنيه وذلك عن الفترة من 29 من مارس سنة 1967 حتى 30 سبتمبر سنة 1967.
ومن حيث إن محكمة القضاء الإداري حكمت بجلستها المنعقدة في 31 من أغسطس سنة 1969 بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وألزمت المدعي بصفته بالمصروفات، وأقامت حكمها على أساس أن التزام المدعى عليها بالرد وليد أحكام اللائحة المالية والإدارية للمركز القومي للبحوث الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 وليس وليد تعهد مقدم من المدعى عليها أو عقد إداري مكتوب مبرماً بينها وبين المعهد، كما لا يستساغ القول بوجود عقد شفهي بينها وبين المعهد إذ الثابت أن المدعى عليها لم تلحق طالبة بحث بالمعهد بناءً على طلب مقدم منها، وإنما ألحقت به بناءً على ترشيح اللجنة الوزارية للقوى العاملة وبالتالي يكون التزامها بالرد مصدره القانون وتخرج المنازعة بذلك من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الذي حددته المواد 8، 9، 10، 11 من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم 55 لسنة 1959.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك لأن عدم تحرير عقد مكتوب مع المدعى عليها عند التحاقها بالمعهد ليس معناه انتفاء العلاقة التعاقدية بين المدعى عليها والمعهد منذ أن التحقت به، إذ أن هذه العلاقة التعاقدية نشأت نتيجة للطلب الذي تقدمت به للالتحاق بالمعهد، وموافقة المجلس الأعلى للبحث العلمي على هذا الطلب واختيارها من بين المرشحين للعمل بالمجلس عن طريق اللجنة الوزارية للقوى العاملة، ومن ثم قام عقد صحيح منتج لكافة آثاره القانونية منذ إبرامه بتوافق الإيجاب والقبول، كما أنه من المسلم في نطاق العقود الإدارية أن علاقة المتعاقد مع الإدارة لا تخضع للأحكام الواردة في العقد الإداري فحسب وإنما تخضع هذه العلاقة لكافة القوانين واللوائح التي تساهم في تسيير المرافق، ولهذا فإن إخلال المدعى عليها بالانتظام في البحث يلزمها برد كافة المبالغ التي أنفقها عليها المعهد.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعى عليها تقدمت بطلب في 16 من أكتوبر سنة 1966 إلى المعهد القومي للقياس والمعايرة أشارت فيه إلى الإعلان الذي نشر بالجرائد في 4 من أكتوبر سنة 1966 عن تعيين طلاب بحوث من خريجي كليات العلوم، وأوضحت أنها حصلت على بكالوريوس العلوم تخصص طبيعة ورياضة بحتة بتقرير جيد جداً والتمست الموافقة على إلحاقها بالمعهد على أحد المنح المعلن عنها. وإذ رشحت اللجنة الوزارية للقوى العاملة في 19 من مارس سنة 1967 المدعى عليها للعمل بالمجلس الأعلى للبحث العلمي، فقد وافق السيد الدكتور رئيس المجلس الأعلى للبحث العلمي في 27 من مارس سنة 1967 على إلحاق المذكورة كطالبة بحث بالمعهد القومي للقياس والمعايرة وتسلمت عملها في 29 من مارس سنة 1967 ثم صدر الأمر التنفيذي رقم 236 لسنة 1967 في 6 من مايو سنة 1967 بإقامتها طالبة بحث بالمعهد المذكور على أن يصرف لها منحة قدرها 20 جنيهاً من تاريخ استلامها العمل، غير أن المدعى عليها انقطعت عن العمل اعتباراً من 14 من أكتوبر سنة 1967 عقب إجازتها الدورية ولم تعد إلى المعهد بالرغم من استدعائها بالكتاب رقم 2994 المؤرخ 21 من أكتوبر سنة 1967 ومن ثم تقرر إنهاء منحتها اعتباراً من 13 من أكتوبر سنة 1967 - اليوم التالي لانتهاء إجازتها - مع مطالبتها بمبلغ 502 مليم و119 جنيه قيمة صافي ما صرف لها من منحة.
ومن حيث إنه بتاريخ 13 من يوليه سنة 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2269 لسنة 1964 بمسئوليات وتنظيم وزارة البحث العلمي، وألحق بالوزارة المذكورة كل من المجلس الأعلى لدعم البحث والمركز القومي للبحوث ويتبعه ثمانية معاهد، والمعاهد القومية للبحوث المبينة بالقرار المشار إليه ومن بينها المعهد القومي للقياس والمعايرة الذي ألحقت به المدعى عليها، ونصت المادة (5) من هذا القرار على أن تسري اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحث الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 على معاهد البحوث النوعية التي تبعت لوزارة البحث العلمي فيما لا يتعارض مع أحكام القانون رقم 79 لسنة 1962. وبتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1965 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 3730 لسنة 1965 بإنشاء المجلس الأعلى للبحث العلمي ونصت المادة (6) منه على أن "يلحق بالمجلس الأعلى للبحث العلمي معاهد البحوث النوعية الملحقة بوزارة البحث العلمي المنصوص عليها بقرار رئيس الجمهورية رقم 2669 لسنة 1964 المشار إليه، ويستمر العمل بالقواعد والنظم المتبعة حالياً بالنسبة لها." كما تضمن القرار المشار إليه النص على إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2669 لسنة 1964 بمسئوليات وتنظيم وزارة البحث العلمي. ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 498 لسنة 1968 بتنظيم وزارة البحث العلمي وقد تضمن النص أن تتبع معاهد البحوث المتخصصة للوزارة المذكورة وسريان أحكام اللائحة الإدارية والمالية الصادر بها قرار رئيس الجمهورية رقم 1459 لسنة 1961 على المعاهد المذكورة إلى أن تصدر اللوائح المنظمة لشئونها، كما نص على إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 3730 لسنة 1965 بإنشاء المجلس الأعلى للبحث العلمي وعقب تشكيل الوزارة بقرار رئيس الجمهورية رقم 2400 لسنة 1971 والذي لم يرد به وزارة البحث العلمي، صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2420 لسنة 1971 بتنظيم الجهاز الحكومي، وقد نص في المادة (24) منه على أن تتبع رئيس مجلس الوزراء: أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا وتضم المركز القومي للبحوث وهيئة الطاقة الذرية وهيئة قناة السويس، وكذلك المجلس الأعلى للرياضة. كما نص في المادة (25) على أن تتبع معاهد البحوث المتخصصة للوزارات المختصة بقرار من رئيس الوزراء وبتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1971 صدر قرار رئيس الوزراء رقم 1871 لسنة 1971 بشأن تحديد تبعية معاهد البحوث المتخصصة التي كانت تابعة لوزير البحث العلمي وقد تضمن في البند (4) من المادة الأولى أن يتبع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، المعهد القومي للقياس والمعايرة، وقد نص قرار رئيس الجمهورية رقم 2617 لسنة 1971 في شأن تنظيم أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا في المادة (16) على أن يتبع رئيس الأكاديمية معاهد البحوث (ومنها المعهد القومي للقياس والمعايرة) ويعمل في شأنها بأحكام اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحوث الصادرة في شأنها بأحكام اللائحة رقم 1459 لسنة 1961 وذلك إلى أن تصدر اللائحة الداخلية المنظمة لهذه المعاهد.
ومن حيث إنه يستفاد من كل ما تقدم أن المعهد المذكور ما زال يسري في شأنه أحكام اللائحة الإدارية والمالية للمركز القومي للبحوث المشار إليها والتي تنص في الفقرة الثالثة من المادة (22) على:
أن يتعهد طالب البحث بالتفرغ للبحث والمواظبة عليه، كما يتعهد أن يستمر فيه لمدة سنة على الأقل فإذا تخلى عنه خلال السنة الأولى يتعين عليه أن يعيد إلى المركز كل ما تسلمه من قيمة المنحة وكذلك الرسوم التي يكون المركز قد دفعها له أثناء الفترة التي قضاها به.
ومن حيث إنه أياً كان الرأي في التكييف القانوني لمركز المدعى عليها بوصفها طالبة بحث بالمعهد القومي للقياس والمعايرة، فإن العلاقة التي تربطها بالمجلس المذكور هي علاقة قانونية تدور في فلك الوظيفة العامة وتتصل بها مآلاً، وتنبع هذه العلاقة من القرار الصادر بإقامتها طالبة بحث بالمعهد المذكور وتحكمها تبعاً لذلك اللوائح الإدارية والمالية المطبقة في المعهد، وإذ كانت المنازعة الماثلة تتصل بالعلاقة القانونية المشار إليها التي قامت بين المدعى عليها وبين المعهد المذكور، فإنها تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى.
من حيث إن المادة (14) من قانون مجلس الدولة الصادر به القانون رقم (47) لسنة 1972 تنص على أن "تختص المحاكم الإدارية: (1) بالفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود ثالثاً ورابعاً وفي المادة 10 متى كانت متعلقة بالموظفين العموميين من المستوى الثاني والمستوى الثالث ومن يعادلهم، وفي طلبات التعويض المترتبة على هذه القرارات (2) بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات. والمكافآت المستحقة لمن ذكروا في البند السابق أو لورثتهم. ولما كانت المدعى عليها على ما سلف في حكم العاملين ومن المستوى الذي تختص المحاكم الإدارية بنظر منازعاتهم فمن ثم ينعقد الاختصاص بنظر هذه الدعوى للمحكمة الإدارية لرياسة مجلس الوزراء ويتعين لذلك إحالتها إليها لتفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدها مصروفات الطعن وأبقت الفصل في مصروفات الدعوى لمحكمة الموضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الإدارية لرئاسة مجلس الوزراء للفصل في موضوعها وألزمت المطعون ضدها مصروفات الطعن وأبقت الفصل في مصروفات الدعوى لمحكمة الموضوع.