مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 351

(98)
جلسة 26 من إبريل سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، محمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضية رقم 508 لسنة 19 القضائية

حكم - قوة الأمر المقضى به.
حجية الأحكام منوطة بشروط يلزم توافرها. اختلاف سبب الدعوى - جواز إعادة نظرها - مقارنة بين اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في القرارات التأديبية، واختصاص القضاء الإداري بإلغاء القرارات الإدارية - تطبيق.
إن الأحكام التي حازت قوة الأمر تكون حجة بما فصلت فيه ولا يجوز قبول دليل ينقض هذه القرينة القاطعة، ومن ثم لا تجوز إعادة طرح النزاع الذي فصلت فيه أمام القضاء من جديد، إلا أن تطبيق هذه القاعدة منوط بتوفر شروطها القانونية، وهي أن يتحد الخصوم والمحل والسبب في الدعوى التي صدر فيها الحكم والدعوى الجديدة.
الثابت من الأوراق أن المدعي أقام الدعوى رقم 14 لسنة 4 القضائية أمام المحكمة التأديبية بطلب إلغاء قرار فصله من خدمة الشركة المدعى عليها، واستند في اختصاص المحكمة بنظر دعواه إلى حكم المادة 60 من لائحة العاملين بالقطاع العام الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3309 لسنة 1966 فيما قضت به المادة المذكورة من اختصاص المحاكم التأديبية بنظر الطعون في القرارات التأديبية الصادرة بفصل أولئك العاملين. بينما استند المدعي في اختصاص المحكمة بدعواه الماثلة إلى سبب آخر استمده من أحكام تشريع جديد هو قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 الذي ألغى النظام السابق وعمل به من أول أكتوبر سنة 1971.
ومن ثم فإن الحكم الصادر بعدم الاختصاص في الدعوى الأولى - وهو حكم بات وقطعي في مسألة الاختصاص التي فصل فيها مستنداً إلى عدم مشروعية المادة 60 المذكورة، لا يحوز حجية تمنع المحكمة من نظر الدعوى الجديدة لاختلاف السبب في كل منهما بتغير النص التشريعي الذي يحكم الاختصاص حالياً عما كان عليه عند صدور الحكم في الدعوى الأولى، إذ تستند الدعوى الجديدة كما سلف القول إلى المادة 49 من النظام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه، وهو سبب غير السبب الذي قامت عليه الدعوى الأولى، وعلى ذلك تكون الدعويان غير متحدتين في سببهما، ومن ثم يكون قضاء الحكم المطعون فيه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها قد أخطأ في تطبيق القانون لعدم توفر شرط وحدة السبب في الدعويين.
ليس صحيحاً ما ذهب إليه الحكم من عدم سريان أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه على القرار المطعون فيه لخلو هذا القانون من النص على الأثر الرجعي لأحكامه، ومن ثم لا تنسحب على القرارات السابقة على تاريخ العمل به، وذلك بالقياس على ما استقر عليه القضاء من عدم انعطاف قانون إنشاء مجلس الدولة (رقم 112 لسنة 1946) على القرارات الإدارية السابقة على العمل بأحكامه - إذ أن النظر الصحيح في هذه الخصوصية هو أن قانون إنشاء مجلس الدولة قد استحدث لأول مرة في النظام القضائي في مصر حق طلب إلغاء القرارات الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري، فكان من مقتضى ذلك ألا ينعطف أعمال هذا الحق المنشأ والذي لم يكن له وجود من قبل على ما قد صدر من القرارات الإدارية النهائية قبل تاريخ العمل به أما القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام فإنه لم يستحدث نظام الطعن القضائي في القرارات التأديبية الصادرة في شأن هؤلاء العاملين، لأن هذا النظام كان قائماً من قبل ومنعقداً الاختصاص به للمحاكم العادية طبقاً لأحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 ثم قضت أحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 بتعديل قواعد اختصاص جهات القضاء بنظر الطعون في تلك القرارات بأن جعلت ولايته للمحاكم التأديبية بدلاً من المحاكم العادية، ومن ثم تسري أحكام هذا التعديل في الاختصاص على الطعون في القرارات التي صدرت قبل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه أو بعده. وعلى ذلك يكون القياس الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه غير قائم على أساس سليم، وكان يتعين على المحكمة التأديبية أن تقضي باختصاصها بنظر الدعوى.