مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 365

(102)
جلسة 3 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد صلاح الدين السعيد رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضية رقم 558 لسنة 16 القضائية

عقد إداري - تضامن.
التضامن لا يفترض - تفسير حكم المادة 279 من القانون المدني - سريان هذه القاعدة على العقود الإدارية - عدم التقيد بالقواعد التجارية في مجال العقود الإدارية - أساس ذلك - مثال.
إنه عن النعي على الحكم برفض القضاء بالتضمن فإن المادة 279 من القانون المدني وهي من الأصول العامة في الالتزامات التي تسري في مجال العقود الإدارية - تنص على أن التضامن بين الدائنين والمدينين لا يفترض وإنما يكون بناءً على اتفاق أو نص في القانون، ولا يقصد بهذا النص - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني - إلى وجوب اشتراطه بصريح العبارة، فقد تنصرف إليه الإرادة ضمناً، ولكن ينبغي أن تكون دلالة الاقتضاء في مثل هذه الحالة واضحة لإخفاء فيها، فإذا اكتنف الشك هذه الدلالة وجب أن يؤول لنفي التضامن لا لإثباته. فليس يكفي لقيام التضامن أن تكون الظروف مرجحة قيامه، بل يجب أن تكون مؤكدة له بما لا يدع مجالاً للشك في توفره وعلى من يدعي التضامن أن يقيم الدليل عليه، وعند الشك يعتبر التضامن غير قائم.
ومن حيث إن المدعى عليهما وإن كانا قد تقدما معاً إلى المناقصة ووقعا العقد، إلا أنه لم يرد بالعقد ولا بالأوراق اللاحقة مثل كتب الضمان وغيرها ما ينبئ عن قيام التضامن بينهما في أية مرحلة من مراحل التعاقد أو التنفيذ، ولما كانت المدعية قد طلبت الحكم عليهما متضامنين دون أن تقدم أي دليل من الأوراق على وجوه التضامن، لذلك يكون هذا الطلب غير قائم على أساس من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما تضمنه قضاؤه من رفض هذا الطلب. ولا صحة في القول بأن العملية مثار المنازعة عملية تجارية بالنسبة للمدعى عليهما وأن العرف التجاري يقضي بوجود تضامن بين الملتزمين المتعددين بالديون دون حاجة لنص خاص في العقد أو القانون، لا صحة في ذلك لأن الدين المطالب به ناشئ عن تنفيذ عقد إداري يستقل كأصل عام بمبادئه وأحكامه عن تلك التي تحكم روابط القانون الخاص، وهو الأمر الذي لا يلتزم معه القضاء الإداري بتطبيق أحكام القانون الخاص على الروابط العقدية الإدارية، وإنما يستأنس بها بالقدر الذي لا يتعارض مع طبيعة هذه الروابط، واستهداء بهذه القواعد سارت هذه المحكمة في قضائها في مجال العقود الإدارية على الاستئناس ببعض أحكام القانون المدني ومن بينها أحكام التضامن باعتبار أنها من الأصول العامة في الالتزامات الواجبة الاتباع في شأن العقود الإدارية وذلك دون التقيد بالقواعد التجارية في هذا الشأن.