مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 375

(105)
جلسة 3 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد صلاح الدين السعيد رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده، محمد نور الدين العقاد المستشارين.

في القضية رقم 846 لسنة 19 القضائية

أ - حكم - مدى حجية قرار مد الوقف عن العمل.
قرار مد الوقف عن العمل وإن كان يعتبر حكماً دقيقاً إلا أنه لا يحول دون النظر في دعوى إلغاء القرار لاختلاف محل الطلبين - أساس ذلك - مثال.
ب - عاملون بالقطاع العام. تأديب.
عدم عرض قرار الوقف عن العمل خلال عشرة أيام من تاريخ صدوره لا يترتب عليه بطلان القرار - أساس ذلك.
1 - إن المؤسسة الطاعنة قد قدمت في 18 من يناير سنة 1975 مذكرة بدفاعها أضافت فيها أن الثابت في الأوراق أنها قد طلبت من المحكمة التأديبية في الطلب رقم 170 لسنة 15 ق مد إيقاف المطعون ضده بعد انتهاء مدة الوقف وبعد أن بحثت المحكمة مشروعية هذا القرار - وأسبابه فقد انتهت في 16 من مارس سنة 1973 إلى الحكم بمد وقف المطعون ضده إلى نهاية شهر مايو سنة 1973 ولم يطعن المطعون ضده على هذا الحكم بأي طعن بحيث صار نهائياً واكتسب حجية الشيء المقضى به، كما أنها عرضت على ذات المحكمة التأديبية الطلب رقم 63 لسنة 15 ق النظر في صرف نصف المرتب الموقوف وبتاريخ أول يناير سنة 1973 قضت المحكمة بعد أن تأكد لها مشروعية قرار الوقف وقيامه على مبررات قوية عدم صرف نصف المرتب الموقوف ولم يطعن المطعون ضده أيضاً في هذا الحكم بأي طعن بحيث صار نهائياً، ومن ثم ما كان يجوز للمحكمة أن تعيد النظر في شأن قرار الوقف ونصف المرتب الموقوف بعد أن قضت فيهما عندما عرضا عليها في الطلبين رقمي 170، 63 لسنة 15 ق وحاز حكمها قوة الشيء المحكوم فيه بحيث صار ما قضت به حاسماً للنزاع في خصوصها حائزاً للحجية.
2 - إنه باستعراض أحكام نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 71 الذي صدر في ظله القرار المطعون فيه بأن نص في مادته السابعة والخمسين على أن "لرئيس مجلس الإدارة أن يوقف العامل من عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة المشار إليها في المادة 49 من هذا النظام ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف مرتبه، ويجب عرض الأمر على المحكمة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرير ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه وإلا وجب صرف المرتب كاملاً حتى تصدر المحكمة قرارها في هذا الشأن وعلى المحكمة التي يحال إليها أن تقرر خلال عشرة أيام من تاريخ الإحالة صرف أو عدم صرف باقي المرتب فإذا برئ العامل أو حفظ التحقيق أو عوقب بعقوبة الإنذار صرف إليه ما يكون قد أوقف صرفه من مرتبه. فإذا عوقب بعقوبة أشد تقرر السلطة التي وقعت العقوبة ما يتبع في شأن صرف المرتب الموقوف صرفه. فإن عوقب بعقوبة الفصل انتهت خدمته من تاريخ وقفه." والمستفاد بجلاء من هذا النص أن الشارع قد خول رئيس مجلس إدارة المؤسسة سلطة وقف العامل احتياطياً عن عمله لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر وذلك إذا ما رأي أن صالح التحقيق حول ما نسب إليه من مخالفات يتطلب اتخاذ هذا الإجراء وغني عن البيان أن أعمال هذه السلطة ليس وقفاً على التحقيق الذي تباشره السلطة الإدارية في شأن تلك المخالفات، وإنما يمتد إلى ما يجري في المجال الجنائي من تحقيق حول ذات المخالفات إذا ما خالطتها شبهة الجريمة العامة وذلك لاتحاد العلة من الوقف في الحالين وهي كفالة سير التحقيق إلى غايته ومنتهاه في جو خال من المؤثرات وحمايته من أن تعصف به الأهواء أو تميل به إلى غير ما قصده من كشف الحقيقة والتصرف عليها.
ومن حيث إنه لئن كان الأصل العام أنه يترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف مرتبه منذ اليوم الذي أوقف فيه إلا أنه رعاية لمصلحة العامل الموقوف وباعتبار أن المرتب أو الأجر هو في الغالب الأعم مورد رزقه الأصيل نزولاً على هذه المحكمة - قرر الشارع في المادة 57 من نظام العاملين بالقطاع العام آنفة الذكر وقف صرف نصف المرتب فحسب كأثر لازم للوقف عن العمل، وفرض في الوقت ذاته على السلطة ذات الشأن عرض الأمر على المحكمة التأديبية المختصة خلال عشرة أيام من تاريخ الوقف لتقرر ما تراه في نصف المرتب الموقوف صرفه وأوجب حال عدم اتخاذ هذا الإجراء في الميعاد المتقدم صرف المرتب كاملاً حتى تصدر المحكمة قرارها في هذا الشأن ومؤدى ذلك أن عدم العرض على المحكمة التأديبية للنظر فيما يتبع في شأن نصف المرتب الموقوف صرفه في الميعاد المشار إليه ليس من شأنه أن يؤدي إلى بطلان قرار الوقف أو اعتباره كأن لم يكن وذلك لعدم وجود نص يرتب هذا الأثر وإذ استند الحكم المطعون فيه في إلغاء قرار الوقف إلى عدم عرض الأمر على المحكمة التأديبية خلال عشرة أيام من تاريخ صدور هذا القرار فإنه يكون قد خالف حكم القانون.