مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 390

(110)
جلسة 11 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى كمال إبراهيم رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد فهمي طاهر ومحيي الدين طاهر ومحمد بدير الألفي ويوسف شلبي يوسف المستشارين.

القضية رقم 301 لسنة 17 القضائية

تسوية حالة - تقادم - بدء سريان التقادم.
قانون مجلس الدولة لم يحدد مدداً لرفع الدعاوى في المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها بهيئة قضاء إداري إلا ما يتعلق منها بطلبات الإلغاء - مقتضى ذلك أن غيرها من الطلبات يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقاً لقواعد القانون المدني ما دام لا يوجد نص في قانون مجلس الدولة يخالف هذه القواعد - لما كانت المادة 374 من القانون المدني تقضي بأن يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشر سنة فإن هذا النص هو الواجب التطبيق في دعوى التسوية - تحديد الميعاد الذي يبدأ منه سريان هذا التقادم - إذا كانت الجهة الإدارية قد عدلت تسوية حالة العامل بإلغاء التسوية السابقة فإنه من تاريخ إجراء هذا التعديل وليس قبله يبدأ المساس بحقه وتنشأ مصلحته في المنازعة في هذه التسوية الأخيرة والمطالبة بحقه وتسري في شأنه من هذا التاريخ مدة التقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني.
إن مقطع النزاع في الطعن المعروض ينحصر في تحديد الميعاد الذي يبدأ منه سريان ميعاد التقادم المشار إليه وهل هو من تاريخ نفاذ كادر العمال كما ذهب الحكم الاستئنافي أم من تاريخ تعديل تسوية حالة المدعي كما ذهبت هيئة مفوضي الدولة ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن قواعد القانون المدني الخاصة بالتقادم يمكن تطبيقها في مجال روابط القانون العام بالقدر الذي يتفق مع طبيعة هذه الروابط إلا إذا وجد نص خاص في مسألة بعينها، وإذا كان للتقادم المسقط في روابط القانون الخاص حكمته التشريعية المتصلة بالمعاملات فإن حكمة التقادم في مجال روابط القانون العام تجد تبريرها على نحو أدعى وأوجب - في استقرار الأوضاع الإدارية والمراكز القانونية لعمال المرافق العامة تمليه المصلحة العامة وحسن سير هذه المرافق. ولما كان قانون مجلس الدولة لم يحدد مدداً لرفع الدعاوى في المنازعات الإدارية التي يختص بنظرها بهيئة قضاء إداري إلا ما يتعلق منها بطلبات الإلغاء إذ نص على أن ميعاد رفعها هو ستون يوماً على التفصيل الوارد به، ومن ثم فإن غيرها من الطلبات يجوز رفعها متى كان الحق المطالب به لم يسقط بالتقادم طبقاً لقواعد القانون المدني ما دام لا يوجد نص خاص في قانون مجلس الدولة يخالف هذه القواعد ولما كانت المادة 374 من القانون المدني تقضي بأن يتقادم الالتزام بانقضاء خمس عشرة سنة فإن هذا النص هو الواجب التطبيق في الطعن الحالي.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي عين في 26 من سبتمبر سنة 1943 بوظيفة "عامل تجارب" بيومية قدرها 50 مليماً بمراقبة المحاصيل الزراعية بوزارة الزراعة بصفة دائمة، ثم سويت حالته طبقاً لكادر العمال أثر صدور هذا الكادر بالأمر رقم 151 بتاريخ 28 من يوليه سنة 1946 فمنح الدرجة 140/ 300 مليماً المقررة لعامل تجارب" وذلك اعتباراً من تاريخ تعيينه في 26 من سبتمبر سنة 1943. وبتاريخ 10 من يونيه سنة 1948 أعيدت تسوية حالته بالقرار رقم 103 بمنحه هذه الدرجة اعتباراً من 7 من سبتمبر سنة 1949 تاريخ بلوغه الثامنة عشرة سنة من عمره مع تعديل أجره وموعد علاواته على هذا الأساس وتحصيل الفرق الناتج عن هذا التعديل. كما تبين أن المدعي تقدم بطلب معافاة من الرسوم القضائية في 5 من فبراير سنة 1963 - ثم أودع صحيفة دعواه أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والزراعة في 17 من ديسمبر سنة 1963.
ومن حيث إنه يبين من استعراض الوقائع المتقدمة أن الجهة الإدارية المدعى عليها سوت حالة المدعي بالتطبيق لكادر العمال بالأمر رقم 151 بتاريخ 28 من يوليه سنة 1946 فمنحته الدرجة 140/ 300 مليماً المقررة - لوظيفته بالكادر المذكور وذلك اعتباراً من تاريخ تعيينه في 26 من سبتمبر سنة 1943 وقد قبل المدعي هذه التسوية ولم ينازع فيها، ولكن الجهة الإدارية عادت بعد ذلك وسحبت هذه التسوية بمقتضى القرار رقم 103 الصادر في 10 من يونيه سنة 1948 وعدلت تسوية حالة المدعي بإلغاء التسوية السابقة وأعادت تسوية حالته اعتباراً من 7 من سبتمبر سنة 1949 تاريخ بلوغه ثمانية عشر سنة مع تعديل أجره وموعد علاواته على هذا الأساس وتحصيل الفروق المالية الناتجة عن هذا التعديل فمن ثم فإنه من تاريخ إجراء هذا التعديل وليس قبله يبدأ المساس بحق المدعي وتنشأ مصلحته في المنازعة في هذه التسوية الأخيرة والمطالبة بحقه اعتباراً من 10 من يونيه سنة 1948 وتسري في شأنه من هذا التاريخ مدة التقادم الطويل الذي يكتمل في 9 من يونيه سنة 1963 ولا حجة لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من بدء سريان التقادم في حق المدعي من أول مايو سنة 1945 تاريخ نفاذ كادر العمال وذلك لأنه في هذا التاريخ لم يكن هناك ثمة منازعة في حق المدعي تتوافر معها مصلحته في إقامة دعواه.. ولما كان الثابت من الأوراق أن المدعي تقدم بطلب الإعفاء من الرسوم القضائية في 5 من فبراير سنة 1963 متمسكاً بحقه في التسوية الأولى فإنه يكون قد قطع مدة التقادم الطويل قبل اكتمالها بأكثر من أربعة أشهر، ومن ثم فإن دعواه لم تسقط بالتقادم ويكون الحكم الاستئنافي المطعون فيه إذا احتسب بداية التقادم اعتباراً من أول مايو سنة 1945 تاريخ نفاذ كادر العمال وقضى بسقوط حق المدعي بالتقادم قد خالف صحيح حكم القانون.