مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 401

(114)
جلسة 18 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسنين رفعت نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى كمال إبراهيم وأحمد سعد الدين قمحه ومحمد بدير الألفي ويوسف شلبي يوسف المستشارين.

القضية رقم 1396 لسنة 14 القضائية

أ - حكم - تنازل عن الحكم - إكراه.
إذا كان المدعي قد وازن بين المركز الذي يقرره تنفيذ الحكم المطعون فيه إذا ما قضى برفض الطعن بما ينطوي عليه من تعرضه لاحتمال إحالته إلى المعاش إعمالاً للسلطة التقديرية المقررة لجهة الإدارة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 61 لسنة 1964 بإصدار قانون هيئة الشرطة وبين المزايا التي يفيد منها في حالة بقائه في وظيفته المدنية فأثر عدم الدخول في مجال السلطة التقديرية للإدارة حتى يضمن استمراره في الخدمة فإن تنازل المدعي عن الحكم لا يكون قد صدر تحت إكراه يفسده - أساس ذلك أنه يجب لكي يكون ثمة إكراه مفسد للرضا أن تبعث الرهبة بغير حق أي بوسائل غير مشروعة ولغاية غير مشروعة.
ب - حكم - تنازل عن الحكم - دعوى التسوية - دعوى الإلغاء - النظام العام.
جواز تنازل المحكوم له عن الحكم الصادر لصالحه في دعوى تسوية - أساس ذلك أن الوضع الذي يحظره القانون ويمكن العدول عنه في أي حالة كانت عليها الدعوى هو ذلك التنازل الذي يتعلق بدعوى الإلغاء لتعلق الأمر فيها بالنظام العام.
1 - إن محصل ما ينعاه المدعي من إكراه شاب رضاه عند تقديمه التنازل عن الحكم المطعون فيه أنه كان واقعاً تحت ضغط أولي الشأن بالوزارة لحمله على تقديمه وإلا تعرض لحكم الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون هيئة الشرطة باحتمالاته التي قد تتمخض عن وضع أسوأ له فلم يكن أمامه إلا أن يختار أخف الضررين، وأن ما اتبعته الوزارة معه يبلغ حد الوسائل غير المشروعة التي بعثت في نفسه بغير حق الرهبة الجدية التي ضغطت على إرادته فأفسدت رضاه.
ومن حيث إن ما نسبه المدعي إلى الإدارة من مسلك اتخذ حياله بمناسبة بحث حالات من صدرت لهم أحكام بالإدماج في هيئة الشرطة ومنهم المدعي - بما قد يترتب عليه من إحالته إلى المعاش بالتطبيق لحكم الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون هيئة الشرطة لو صح وقوعه بالصورة التي يدعيها - لما كان إكراهاً مفسداً للرضاء لانتفاء ركن عدم المشروعية سواء في الوسائل أو في الغاية، إذ يجب لكي يكون ثمة إكراه مفسد للرضا أن تبعث الرهبة بغير حق أي بوسائل غير مشروعة ولغاية غير مشروعة، بينما هذا المسلك المزعوم سواء من جانب المسئول بمكتب وزير الداخلية، أو ما أبداه مستشار الدولة في مذكرته من رأي في شأن مدى إمكانية تنفيذ الأحكام الصادرة بالإدماج في هيئة الشرطة - لا تعدو أن تكون بياناً بما قد يترتب على إدماجه في هيئة الشرطة برتبة لواء تنفيذاً للحكم الصادر لصالحه من احتمال إحالته إلى المعاش نتيجة أعمال الجهة الإدارية سلطتها التقديرية التي خولها لها المشرع في هذا الشأن ومن ثم فإن هذا المسلك في حد ذاته لو صح من جانب الإدارة يكون مشروعاً في وسيلته وغايته ما دام يكشف عن حكم القانون الواجب التطبيق، فإذا كان المدعي قد وازن بين المركز الذي يقرره تنفيذ الحكم المطعون فيه إذا ما قضى برفض الطعن بما ينطوي عليه من تعرضه لاحتمال إحالته إلى المعاش إعمالاً للسلطة التقديرية المقررة لجهة الإدارة بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 17 من القانون رقم 61 لسنة 1964 - وبين المزايا التي يفيد منها في حالة بقائه في وظيفته المدنية فآثر عدم الدخول في مجال السلطة التقديرية للإدارة حتى يضمن استمراره في الخدمة والانتفاع بالمزايا المقررة لوظيفته فإن هذا التنازل لا يكون قد صدر من المدعي تحت إكراه يفسده ويجعل الرضا فيه منعدماً وإنما صدر عن إرادة صحيحة قدرت فاختارت التنازل عن الحكم وهو ما رأي فيه أنه يحقق له مزايا أفضل من الاستمرار في النزاع.
2 - وإذا كانت الدعوى المتنازل عن الحكم الصادر فيها من دعاوى التسويات، فمن ثم وأياً كان الرأي القانوني في أحقية المدعي - فإن مثل هذا التنازل جائز قانوناً - ذلك أن الوضع الذي يحظره القانون ويمكن العدول عنه في أي حالة كانت عليها الدعوى هو ذلك التنازل الذي يتعلق بدعوى الإلغاء لتعلق الأمر فيها بالنظام العام الذي على أساسه تبني الرقابة على مشروعية القرارات الإدارية كما وأنه يبدو من أقوال المدعي نفسه أن الجهة الإدارية أخذت في اعتبارها هذا التنازل وعاملته على أساسه، فلا يجوز له بعد ذلك التنصل منه على أي وجه من الوجوه، ما دام قد صدر صحيحاً حسبما سلف البيان.