مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 408

(117)
جلسة 20 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسين عوض بريقى نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ إبراهيم حسين صالح خليفة وصادق حسن محمد مبروك ويحيى توفيق الجارحي وعبد الفتاح صالح الدهري المستشارين.

القضية رقم 759 لسنة 18 القضائية

إصلاح زراعي - القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل أحكام القانون رقم 178 لسنة 1952 الخاص بالإصلاح الزراعي - تحديد ما يعتبر أرض بناء ما يخضع لأحكامه وما لا يعتبر كذلك - القانون لم يحدد تعريفاً لأراضي البناء - التفسير التشريعي رقم 1 لسنة 1963 لم يحدد الحالات التي تعتبر فيها الأراضي أراض بناء على سبيل الحصر - يجب بحث كل حالة على حدة وفقاً لظروفها وملابساتها - تطبيق لما يعتبر أرض بناء وما لا يعتبر.
إن الطاعن من الخاضعين لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 بتعديل بعض أحكام قانون الإصلاح الزراعي والذي جرى نص المادة الأولى منه على أن "يستبدل بنص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 المشار إليه النص الآتي "لا يجوز لأي فرد أن يمتلك من الأراضي الزراعية أكثر من مائة فدان ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية ما يملكه الأفراد من الأراضي البور والأراضي الصحراوية وكل تعاقد ناقل للملكية يترتب عليه مخالفة هذه الأحكام يعتبر باطلاً ولا يجوز تسجيله".
ومن حيث إن القانون المذكور جاء خلواً من تعريف لما يعتبر أرض بناء إلا أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي أصدرت القرار رقم 1 لسنة 1963 بإصدار التفسير التشريعي لتعريف أراضي البناء ينص على أنه "لا يعتبر أرضاً زراعية في تطبيق أحكام المادة الأولى من قانون الإصلاح الزراعي":
1 - الأراضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي المعدة للبناء.
2 - الأراضي الداخلة في كردون البنادر والبلاد الخاضعة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 ولم تصدر مراسيم بتقسيمها قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي بشرط مراعاة ما يأتي:
( أ ) أن تكون هذه الأراضي عبارة عن قطعة أرض جزئت إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو التأجير أو للتحكير لإقامة مبان عليها.
(ب) أن تكون هذه التجزئة قد تمت بوجه رسمي أي ثابت التاريخ قبل العمل بقانون الإصلاح الزراعي.
(جـ) أن تكون إحدى القطع الداخلة في تلك التجزئة واقعة على طريق قائم داخل في التنظيم ومثل هذه القطعة وحدها هي التي تعتبر من أراضي البناء التي يجوز الاحتفاظ بها زيادة عن الحد الأقصى الجائز تملكه قانوناً.
3 - أراضي البناء في القرى والبلاد التي لا تخضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940.
وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الحالات التي عددها هذا التفسير التشريعي لأراضي البناء لا يمكن القول بأنها تجمع كل الحالات التي يطلق عليها تعريف "أراضي البناء" إذ أن الحالات المتقدمة لم ترد في التفسير على سبيل الحصر وإنما وردت على سبيل المثال ولا يمكن وضع معيار جامع مانع لما يعتبر أرض بناء وإنما يجب بحث كل حالة على حدة وفقاً للظروف والملابسات المحيطة بها مع الاستهداء بروح التفسير التشريعي المشار إليه فإذا كان هذا التفسير التشريعي تنطبق أحكامه على الأرض موضوع النزاع فهي أرض فضاء أما إذا لم تنطبق أحكامه على الأرض فيتعين بحث الظروف والملابسات المحيطة بها أما إذا كان قد أقيم على الأرض بناء بالفعل قبل صدور قانون الإصلاح الزراعي ففي هذه الحالة تكون الأرض بناء غير مشكوك في أمرها.
ومن حيث إنه بالرجوع إلى الأوراق وإلى تقرير مكتب الخبراء المودع في الاعتراض يبين أن الأرض محل النزاع وتبلغ مساحتها 16 س، 15 ط، 15 ف بزمام أولاد طوق شرق غير مقام عليها أي بناء قبل صدور القانون رقم 127 لسنة 1961.
ومن حيث إن الثابت أن هذه الأرض وإن كانت داخلة جميعها في كردون بندر أولاد طوق شرق الخاضع لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 بتقسيم الأراضي إلا أنه لم يصدر مرسوم بتقسيمها ولم تتم تجزئتها إلى عدة قطع بقصد عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتحكير لإقامة مبان عليها ولا صحة فيما ذهب إليه الطاعن من أنه لا حجاه لتجزئة الأرض إذا كان أحد حدودها يقع جميعه على طريق قائم داخل في التنظيم ذلك أن هذا الوضع لا يغني عن تجزئتها بالمعنى المقصود في التفسير التشريعي وفي القانون رقم 52 لسنة 1940 وهو أن تتم تجزئة الأرض بغرض عرضها للبيع أو للمبادلة أو للتحكير لإقامة مبان عليها الأمر المنتفي في النزاع الراهن أما أن يخترقها طريق وعدة طرق فلا يمكن اعتبار ذلك من قبيل تجزئة الأرض المشار إليها ومن ثم فلا مناص من بحث ظروف هذه الأرض والملابسات المحيطة بها.
ومن حيث إن الملاحظ بادئ ذي بدء أن مساحة هذه الأرض كبيرة إذ تبلغ 16 فدان تقريباً مما ينتفي معه القول بأنها قد تصلح لأن تكون معدة لبناء مسكن للطاعن وملحقات لهذا المسكن كما أن الثابت من تقرير الخبراء أنها جميعها منزرعة قطن وأرز وقد أبدى التقرير أنها أربعة قطع في حوض واحد هو حوض أحمد أبو رمضان رقم 21 وقد أوضحها على رسم كروكي مرافق للتقريري (الصفحة 11 منه) وهذه القطع هي:
أولاً - الـ 13 س و11 ط و5 ف القطعة/ 5 حديثة تقابل القطعة/ 3 قديمة بالحوض المذكور وحدها الشرقي شارع قائم داخل في التنظيم بعرض ثمانية أمتار.
ثانياً - الـ 5 س و17 ط و3 ف القطعة/ 40 حديثة تقابل القطعة/ 3 قديمة بالحوض المذكور:
1 - القطعة 26 قديمة تداخل جزء منها في مبنى المعهد الديني الأزهري لأولاد طوق شرق وقدره 2 س و5 ط وفقاً لبحث الملكية ولم يستنزل من التكليف وتم افتتاح المعهد الديني في أول أكتوبر سنة 1956 علاوة على ما تداخل في مبنى مركز الشرطة الذي أقيم في سنة 1950 أي أنه - على ما يقول التقرير - قد حدثت تجزئة لهذه القطعة قبل سنة 1961.
2 - حدها الشرقي مبان عبارة عن شبكة الكهرباء ومركز الشرطة والمعهد الديني الأزهري يليه من شرق مسجد وجمعية تحفيظ القرآن الكريم ومكتب التلغراف والتليفون ثم يلي جميع هذه المباني مبان سكنية.
3 - يمر بها من الجهة الشرقية إلى الجهة الغربية شارع غير مرصوف به أعمدة الكهرباء عبارة عن امتداد شارع الثورة بعرض عشرة أمتار فقسمها إلى قطعتين كل قطعة منها تقع على شارع قائم داخل التنظيم وإحدى هذه القطع بحري هذا الشارع وحدها القبلي الشارع والقطعة الثابتة تقع قبلي هذا الشارع وحدها البحري الشارع وبهذه القطعة صهريج المياه لمدينة أولاد طوق شرق وتاريخ تشغيل هذا المشروع هو 12 ديسمبر سنة 1963.
ثالثاً - الـ 18 قيراطاً ضمن القطعة 19 حديثة تقابل ضمن القطعة 18 قديمة بالحوض المذكور لم يحدث بها أي تجزئة بمفردها.
رابعاً - الـ 32 س و16 ط و5 ف ضمن القطعة/ 20 حديثة وتقابل القطع ضمن 18، 19، 20، 21، 22 وضمن 37، 39 قديمة بالحوض المذكور يمر بها شارع قائم داخل في التنظيم غير مرصوف به أعمدة الكهرباء تقسمها إلى قطعتين كل قطعة منها تقع على شارع قائم داخل في التنظيم قبل سنة 1961 ومقام على إحداها صهريج المياه منذ ديسمبر سنة 1963.
ومن حيث إنه واضح مما تقدم أن أرض القطعة البالغة 5 س و17 ط و3 ف الواردة تحت بند ثانياً من تقرير الخبراء تعتبر أرض بناء وذلك لما ثبت من أن أجزاء منها تداخلت من مبنى مركز الشرطة المقام سنة 1950 وفي مبنى المعهد الديني المقام سنة 1956 ويجاوز هذين المبنيين مسجد وجمعية تحفيظ القرآن الكريم ومكتب التلغراف والتليفون ثم شارع عرضه ستة أمتار ثم مبان سكنية كما أن هذه القطعة ملاصقة لشبكة الكهرباء ولأرض فضاء فضلاً عن أن هناك شارعاً عرضه عشرة أمتار يشق هذه القطعة عرضاً - كل هذه الظروف مجتمعة تقطع بأن هذه الأرض كانت وقت صدور القانون رقم 127 لسنة 1961 ليست أرضاً زراعية وإنما أرض مقام عليها بناء وبالتالي تخرج من دائرة تطبيق هذا القانون وتكون بمنأى عن الاستيلاء.
ومن حيث إنه بالنسبة لباقي القطع فإن الظروف المحيطة بها لا تخرجها من عداد الأراضي الزراعية ذلك أنها ما زالت مستغلة بالزراعة حتى صدور القانون المشار إليه ومساحتها أكبر بكثير من أن تكون معدة لبناء مسكن خاص وليست متداخلة مع أي مبان أو تقع في المنطقة السكنية كما هو واضح من الرسم الكروكي ولا يغير من ذلك مجرد وقوع الحد الشرقي للقطعة "أولاً" على طريق قائم داخل في التنظيم أو أن طريقاً يشق القطعة "ثالثاً" ذلك أن الأراضي الزراعية تقع غالبيتها على طرق وشوارع دون أن تفقد صفتها كأرض زراعية كما لا يغير منه وقوع شبكة المياه في القطعة "رابعاً" إذ أن الثابت من التقرير أن مشروع هذه الشبكة لم يبدأ إلا في ديسمبر سنة 1963 أي بعد صدور القانون رقم 127 لسنة 1961.
ومن حيث إنه لما تقدم جميعه يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اعتبار مساحة 5 س، 17 ط، 3 ف المشار إليها أرضاً زراعية والحكم باستبعادها من الاستيلاء لدى مورث الطاعنين واعتبارها أرض بناء لأحكام القانون رقم 127 لسنة 1961 ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام كل من الطرفين نصف المصروفات إعمالاً لحكم المادة 186 من قانون المرافعات.