مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 412

(118)
جلسة 24 من مايو سنة 1975

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضه رئيس المحكمة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمد صلاح الدين السعيد، أبو بكر محمد عطيه، محمود طلعت الغزالي، محمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضية رقم 831 لسنة 12 القضائية

أ - قرار إداري. ميعاد الطعن فيه - تاريخ العلم به - القرار المنعدم - عدم التقيد بميعاد - قرار نزع الملكية ليس قراراً تنظيمياً عاماً - لا يكفي نشره بالجريدة الرسمية لافتراض العلم به وجوب اتباع إجراءات لصفة التي حددها القانون - القرار المنعدم لا تلحقه حصانة.
ب - نزع ملكية - عقار بالتخصيص.
تعريف العقار بالتخصيص - مناطه أن يكون مالك المنقول هو مالك العقار - أساس ذلك - مثال.
1 - إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بأن قرار تقرير المنفعة العامة لمشروع معين بما يصاحبه ويترتب عليه من نزع ملكية الأفراد المالكين أو الحائزين ليس في طبيعته قراراً تنظيمياً عاماً بحيث يكفي نشره في الجريدة الرسمية لتوفر القرينة القانونية على العلم به وإنما هو أقرب إلى القرارات الفردية لأنه يمس المركز القانوني الذاتي لكل مالك أو حائز لجزء من العقار الذي تنزع ملكيته كما يمس أيضاً المراكز القانونية الذاتية لمن ترد أسماؤهم بالكشف المرافق للقرار من الملاك الحقيقيين الذين يكون لهم بعد الاطلاع على الكشف المذكور من إبداء اعتراضاتهم إلى الجهة المختصة التي عينها القانون وعلى ذلك فإن علم ذوي الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، إذ تطلب القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة إلى جانب نشر القرار في الجريدة الرسمية بلصقه في المكان المعد للإعلانات بالمحافظة وفي مقر العمدة والشرطة أو في المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار مما يستفاد من أن مجرد نشر قرار المنفعة العامة لا يكفي في نظر المشرع لوصوله إلى علم ذوي الشأن من الملاك والحائزين للعقار الذي يرد عليه القرار. ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت إجراءات اللصق لم يقم عليها دليل، فإن النشر في الجريدة الرسمية وحده لا يكون كافياً في إثبات علم المطعون ضده بالقرار محل الطعن في تاريخ سابق على رفع الدعوى ومن جهة أخرى فإن الثابت أن القرار المطعون فيه - فيما تضمنه من نزع ملكية المنقولات المملوكة للمدعي والتي انصب عليها الطعن الماثل - قد نزل إلى حد غصب السلطة وانحدر بذلك إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً الأمر الذي يزيح أية حصانة ويفتح الباب للطعن فيه دون التقيد بميعاد.
2 - إن العقار بالتخصيص هو كما عرفته المادة 82 من القانون المدني هو المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار واستغلاله، وجلي من هذا النص أن مناط اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص أن يكون مالك المنقول هو نفس مالك العقار الأصلي، فلا يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه المستأجر رصداً لخدمة العقار المؤجر كما هو الشأن بالنسبة للمدعي، ومرد ذلك هو إلى أن إضفاء صفة العقار بالتخصيص على المنقول الملحق بالعقار أساسه مصلحة هذا العقار والمالك هو الذي يمثل هذه المصلحة. المستفاد من تقرير الخبير المقدم في الطعن أن الجانب الأكبر من المنقولات المملوكة للمستأجر والتي لم ترد في محضر الجرد الثابت التاريخ في 16 من مايو سنة 1953 - وبصفة خاصة الآلات والأجهزة والتركيبات - قد اتصلت بالعقار اتصال قرار بحيث لا يمكن نزعها بدون تلف، ومن ثم فإنها أضحت بهذا الاتصال عقارات بطبيعتها ويشملها نزع الملكية، أما المنقولات الأخرى المملوكة للمطعون ضده والتي لم تتصل بالعقار المنزوعة ملكيته اتصال قرار فإنه لا يسوغ - وفقاً لأحكام نزع الملكية المشار إليه - نزع ملكيتها لنزع ملكية العقار، وبهذه المثابة يكون القراران المطعون فيهما قد خالفا القانون فيما تضمناه من نزع ملكية هذه المنقولات ويتعين من ثم القضاء بإلغائهما في هذا الشق منها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص فيما أوضحه الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع أن المدعي أقام الدعوى رقم 1410 لسنة 18 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بصحيفة أودعها قلم كتابها في 10 من سبتمبر 1964 طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من رئيس الوزراء رقم 1555 لسنة 1964 بنزع ملكية دار سينما ديانا بالقاهرة وما ترتب على ذلك من آثار وقال في بيان دعواه أن القرار المذكور اعتبر من أعمال المنفعة العامة الأرض المقام عليها دار السينما وكذلك المباني المقامة عليها وجميع مشتملاتها، ونص على أن يستولي بطريق التنفيذ المباشر على أرض ومباني ومشتملات الدار المذكورة، ونعى المدعي على هذا القرار مخالفته للقانون لأن نزع الملكية للمنفعة العامة طبقاً لأحكام القانون 577 لسنة 1954 منوط بأن يكون هناك مشروع معين تقرر اعتباره من أعمال المنفعة العامة واقتضى تنفيذه نزع ملكية عقارات معينة الأمر الذي لم يتوافر في القرار المطعون فيه إذ لم يرفق به مذكرة ببيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة العامة مما يبطل القرار المطعون فيه لصدوره في غير الأحوال التي نص عليها القانون... وأثناء نظر الدعوى قدمت الجهة الإدارية القرار رقم 1694 لسنة 1965 المصحح للقرار المطعون فيه. فتقدم المدعي بمذكرات طعن فيها في هذا القرار أيضاً مؤسساً طعنه على ذات المخالفات القانونية التي نعاها على القرار الأول وأضاف أن المشروع الذي صدر القرار المعدل لتنفيذه هو مشروع توفير دور العرض السينمائي للفيلم المصري بمدينة القاهرة لا يتصور قيامه إلا إذا كان محدد المعالم كذلك فإن السبب في نزع الملكية والاستيلاء لا يعتبر سبباً مطابقاً للقانون لأن العقار المنزوع ملكيته مخصص بالفعل لعرض الأفلام ومنها الفيلم المصري كما أن نزع الملكية لا يجوز أن يرد على المنقولات المملوكة له والتي كان يضعها في العقار بمناسبة استغلاله له، وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني تأسيساً على أن القرار 1555 لسنة 1964 نشر بالجريدة الرسمية في 16 من مايو سنة 1964 ولم ترفع الدعوى بطلب إلغائه إلا في 10 من سبتمبر سنة 1964، كما أن القرار 1694 لسنة 1965 نشر بالجريدة الرسمية في 27 من يوليه سنة 1965 ولم تقدم المذكرة بالطعن فيه إلا في 5 من أكتوبر سنة 1965 أي بعد الميعاد القانوني هذا إلا أن القرار الثاني لا يخرج عن كونه تصحيحاً للقرار الأول فلا يقبل الطعن فيه بعد أن تحصن القرار الأول بفوات ميعاد الطعن فيه، وعن موضوع الدعوى قالت الإدارة أن القرار المطعون فيه صدر مستوفياً شرائطه القانونية إذ تضمن المشروع الذي تقرر من أجله نزع ملكية العقار وليس تنفيذه الذي يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وبذلك تكون الدعوى بشقيها على غير أساس.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نزع ملكية المنقولات المملوكة للمدعي وبرفض الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار فيما تضمنه من نزع ملكية أرض وبناء العقار والمنقولات الملحقة المملوكة لنفس المالكين - أقام قضاءه بما تقدم على أن القرار المطعون فيه من القرارات الفردية التي لا يكفي نشرها في الجريدة الرسمية لافتراض علم أصحاب الشأن بها وإذ لم يثبت من الأوراق أن المدعي أعلن بالقرار أو علم به علماً يقينياً في تاريخ سابق على تاريخ رفع الدعوى فإن الدفع يكون على غير أساس. وفيما يتعلق بموضوع الدعوى فإنه لما كان القرار 1555 لسنة 1964 لم يشتمل على مذكرة ببيان المشروع المطلوب اعتباره من أعمال المنفعة العامة كما لم يتضمن القرار المشار إليه اسم المالك الظاهر، وإذ كانت تلك البيانات التي أغفلها القرار من الضمانات الأساسية التي أوجبها القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ومن ثم فإن القرار يكون باطلاً، وأنه من أجل هذا اتجهت الإدارة إلى تصحيح قرارها بعد رفع الدعوى فاستصدرت القرار 1694 لسنة 1965 والذي وإن وصف بأنه تصحيح للقرار الأول غير أنه في واقع الأمر كان بديلاً عنه لتدارك ما شاب القرار الأول من مخالفات، وأنه ولئن فرض جدلاً أن القرار الثاني تصحيح للقرار الأول فإنه لم يكن ليسري بأثر رجعي وإنما يعمل به من تاريخ نشره عملاً بقاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية وأن هذا القرار الجديد هو قرار صحيح استوفى كافة الشرائط القانونية لأن من المسلم به في الوقت الراهن أن إنشاء دور العرض السينمائي والمسارح هو من قبيل إنشاء المرافق التجارية التي يمكن للدولة في العصر الحديث أن تضطلع بها وأن تستخدم في سبيل تحقيق أغراضها وسائل القانون العام، فإذا قدرت الجهة الإدارية أن هذا المرفق في حاجة إلى إنشاء دور عرض أو نزع ملكية دور عرض سينمائي قائمة فإن تصرفها يكون مطابقاً للقانون ويكون القرار رقم 1694 لسنة 1965 صحيحاً في شقه الخاص باعتبار مشروع توفير دور العرض السينمائي للفيلم المصري من أعمال المنفعة العامة وتكون الدعوى بطلب إلغائه على غير أساس إلا فيما يتصل من الاستيلاء على ما يشمله العقار من منقولات وآلات إذ الأصل أن نزع الملكية للمنفعة العامة لا يرد إلا على العقارات كما يرد على المنقولات المملوكة لمالك العقار والتي تعتبر عقارات بالتخصيص، أما غير ذلك من المنقولات فيظل محتفظاً بطبيعته كمنقول ولا يجوز نزع ملكيته وإذ كان الثابت من العقد الثابت التاريخ في 14 من سبتمبر سنة 1952 الخاص باستئجار المدعي لسينما ديانا أن المالك قد وضع منقولات في العقار ورصدها لخدمته فتعتبر عقارات بالتخصيص ويجوز نزع ملكيتها تبعاً للعقار، أما المنقولات التي اشتراها المدعي من ماله الخاص وقدم إثباتاً لذلك حافظة مستندات اشتملت على فواتير شراء منقولات لم يشتمل عليها عقد الإيجار المشار إليه، ومن ثم تكون مملوكة له ولا يرد عليها قرار نزع الملكية بل أن القرار الصادر بنزع ملكيتها للمنفعة العامة يكون مشوباً بعيب اغتصاب السلطة لصدوره ممن لا ولاية له في إصداره الأمر الذي ينحدر بالقرار في هذا الشق إلى درجة الانعدام مما يبرر الحكم بوقف تنفيذه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المطعون ضده كان يستأجر دار سينما ديانا بالقاهرة منذ عام 1940 وبسبب ما أصاب المبنى من تلف في حريق القاهرة عام 1952 فقد أبرم تعاقد جديد بين المالكين والمطعون ضده ثابت التاريخ في 14 من سبتمبر سنة 1952 تضمن بشأن ما التزم به كل منهما في سبيل إصلاح المبنى وتهيئته للاستغلال فحدد البند الثاني ما يقع على عاتق الملاك من التزامات وحدد البند الثالث التزامات المستأجر. المطعون ضده. وهي قيامه بكافة أعمال التأثيث والتركيبات الكهربية الغير مطلوبة من المالكين وبنوع خاص:
1 - تأثيث كل السينما بوجه عام وملحقاتها ولا سيما تركيب الكراسي ولا يقل ثمنها عن خمسة جنيهات للكرسي الواحد وتركيب جميع الستائر بما في ذلك ستار الشاشة والسجاجيد إلخ....
2 - تنفيذ جميع التركيبات والأجهزة الكهربية سواء الثابتة أو المتحركة وذلك سواء كان بالإضاءة الطبيعية أو بالنيون أو بأية طريقة أخرى وكذا جميع أجهزة التوزيع بما فيها لوحات التغذية والأمن والإشارة والأجراس ومصابيح الإشعاع والمصابيح العاكسة المتعلقة بهذه التركيبات وجميع ذلك سواء داخل العين أو خارجها.
3 - كامل تركيبات العرض والصوت مع جميع ملحقاتها من كابلات وخطوط تغذية وأجهزة أمن وشاشات.
ونص البند الخامس على أن "جميع الأثاثات والأجهزة والتركيبات التي يأتي بها أو يعملها السيد سبترو طبقاً للبند الثالث تكون ملكاً مطلقاً إلى آل سبترو بولد وذلك دون أي تعويض أو مقابل من جهتهم وسيحرر محضر جرد عن هذه الأثاثات والتركيبات يوقع عليه الطرفان في يوم إعادة فتح سينما ديانا وهذا الجرد يحل محل الجرد الذي تم وفقاً لعقد إيجار 10 من يوليه سنة 1943 وتسري عليه نفس نصوص العقد المذكور فيما يتعلق باستعمالها وتسليمها في نهاية عقد الإيجار وجميع الأثاثات والتركيبات الموجودة حالياً في سينما ديانا وجميع تلك التي يؤتى بها بعد الجرد المشار إليه والتي تكون أو قد تكون ملكاً للسيد سبترو أو ملك الغير، والتي لا تدخل ضمن الجرد المذكور - يمكن أن يأخذها السيد سبترو أو مالكها في أية لحظة أثناء مدة الإيجار وبنوع خاص عند انتهاء عقد الإيجار وتسليم العين" وطبقاً للبند الخامس من العقد حرر محضر جرد بتاريخ 24 من إبريل سنة 1953 وأثبت تاريخه في 16 من مايو سنة 1953 تضمن بيان الأثاثات والمفروشات والمهمات والآلات والأجهزة على اختلاف أنواعها. "حافظة 15 ملف ي" وبتاريخ 5 من سبتمبر سنة 1964 حررت لجنة الجرد التي شكلت لتنفيذ القرارين المطعون فيهما بالاستيلاء على دار سينما ديانا ومشتملاتها محضراً يتضمن بيان جميع موجودات الدار (ملف رقم 11 لسنة 1965 من ص 16 إلى 51) وقد سلمت هذه الموجودات على ذات المحضر إلى مدير عام الشركة العامة لتوزيع وعرض الأفلام السينمائية. هذا وقد قدم المطعون ضده حافظة مستندات أعطيت الرقم 9 ملف مشتملة على 43 مستنداً وهي عبارة عن فواتير وإيصالات قدمها لإثبات ملكيته للمنقولات التي تضمنتها.
ومن حيث إن هذه المحكمة رأت قبل الفصل في الموضوع بندب خبير يختاره مكتب الخبراء بوزارة العدل بالمأمورية الموضحة بهذا الحكم في القسم الخاص بإجراءات الطعن وانتهى الخبير في تقريره الذي أودعه بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1973 إلى ما يأتي:
أولاً: إنه بحصر الأثاثات والمهمات والأجهزة والأعمال والتركيبات التي تضمنتها الفواتير المقدمة من المطعون ضده والمرفقة بحافظة مستنداته رقم 9 ملف وبمقارنتها بما اشتمل عليه محضر الجرد الثابت التاريخ في 16 من مايو سنة 1953 والمرفق بحافظة المستندات رقم 15 ملف، وعلى ذلك فإن محضر الجرد المذكور لا يشمل شيئاً مما ورد بهذه الفواتير.
ثانياً: أنه بحصر الأثاث والمهمات والأجهزة والأعمال التي لا يشملها محضر الجرد الثابت التاريخ في 16 من مايو سنة 1953 تبين أنها تشمل ما جاء بالفواتير مضافاً إليها أدوات مركبة على الطبيعة بالسينما وأنها تدخل ضمن الموجودات التي تضمنها محضر اللجنة والتي تسلمتها الشركة العامة للتوزيع وعرض الأفلام السينمائية.
ثالثاً: أنه بفحص الأثاث والآلات التي تسلمتها الشركة العامة لتوزيع وعرض الأفلام السينمائية تبين أن بعض المشتملات وتمثل 20% من مشتملات السينما يمكن نزعها دون تلف والباقي متصل بالمباني ونزعه في مكانه بسبب التلف.
ومن حيث إن مبنى الطعن المقدم من إدارة قضايا الحكومة أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وتأويله من وجهين:
الأول: أن قرارات نزع الملكية وإن انصرفت آثارها إلى أفراد بذاتهم إلا أنها قد تمس مراكز أصحاب الحقوق العينية على العقار والحائزين له وأولئك لا يمكن الإدارة أن تحصرهم مقدماً حتى يمكن القول بأن عليها أن تتولى أعلامهم ليجري ميعاد الطعن في حقهم وأنه من أجل ذلك فقد نصت المادة 16 من قانون نزع الملكية على نشر قرارات تقرير المنفعة العامة والاستيلاء في الجريدة الرسمية ومن ثم يترتب على النشر كافة الآثار القانونية ومن بينها سريان مواعيد الطعن بالإلغاء في حق ذوي الشأن.
والثاني: أن جميع المنقولات التي شملها قرار الاستيلاء هي عقارات بالتخصيص لا فرق في ذلك بين العقارات التي وضعها المالك وتلك التي وضعها المستأجر ما دامت لم توضع إلا لمنفعة العقار واستغلاله، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
ومن حيث إنه بعد أن قضى برفض الدعوى بالنسبة إلى طلب إلغاء القرار رقم 1555 لسنة 1964 ورقم 1964 لسنة 1965 فيما تضمن من نزع ملكية أرض وبناء العقار المسمى دار سينما ديانا المملوكة لآل سبترو بولد والمنقولات الملحقة به المملوكة للمالكين المبينين بعقد الإيجار الثابت التاريخ في 14 من سبتمبر 1952 وهو الشق الذي لم يطعن فيه أمام هذه المحكمة فإن النزاع ينحصر في مدى مطابقة الحكم المطعون فيه للقانون بالنسبة إلى ما قضى به من إلغاء القرارين المشار إليهما فيما تضمناه من نزع ملكية المنقولات المملوكة للمطعون ضده.
ومن حيث إنه عما دفعت به الحكومة الدعوى بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد وعادت تقيم عليه الوجه الأول من طعنها فقد أوضح الحكم المطعون فيه أن القرار المطعون فيه لا يعدو أن يكون قراراً فردياً يلزم إعلانه إلى ذوي الشأن لجريان ميعاد الطعن في حقهم فضلاً عن أنه لم يثبت أن المطعون ضده علم به علم اليقين.
ومن حيث إن ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة فيما يتعلق بطلبات الإلغاء هي ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح أو إعلان صاحب الشأن بالقرار إلا أن يقوم مقام الإعلان والنشر علمه بالقرار وبمحتوياته علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق لها أن قضت بأن قرار تقرير المنفعة العامة لمشروع معين بما يصاحبه ويترتب عليه من نزع ملكية الأفراد المالكين أو الحائزين ليس في طبيعته قراراً تنظيمياً عاماً بحيث يكفي نشره في الجريدة الرسمية لتوفر القرينة القانونية على العلم به وإنما هو أقرب إلى القرارات الفردية لأنه يمس المركز القانوني الذاتي لكل مالك أو حائز لجزء من العقار الذي تنزع ملكيته كما يمس أيضاً المراكز القانونية الذاتية لمن ترد أسماؤهم بالكشف المرافق للقرار من الملاك الحقيقيين الذين يكون لهم بعد الاطلاع على الكشف المذكور من إبداء اعتراضاتهم إلى الجهة المختصة التي عينها القانون وعلى ذلك فإن علم ذوي الشأن بأثر القرار المذكور على مراكزهم القانونية لا يتحقق بمجرد نشره في الجريدة الرسمية، إذ تطلب القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة إلى جانب نشر القرار في الجريدة الرسمية أو بوضعه في المكان المعد للإعلانات بالمحافظة وفي مقر العمدة والشرطة أو في المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها العقار مما يستفاد من أن مجرد نشر قرار المنفعة العامة لا يكفي في نظر المشرع لوصوله إلى علم ذوي الشأن من الملاك والحائزين للعقار الذي يرد عليه القرار.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت إجراءات اللصق لم يقم عليها دليل، فإن النشر في الجريدة الرسمية وحده لا يكون كافياً في إثبات علم المطعون ضده بالقرار محل الطعن في تاريخ سابق على رفع الدعوى.
من حيث إنه من جهة أخرى فإن الثابت أن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من نزع ملكية المنقولات المملوكة للمدعي والتي انصب عليها الطعن الماثل - قد نزل إلى حد غصب السلطة وانحدر بذلك إلى مجرد الفعل المادي المنعدم الأثر قانوناً الأمر الذي يزيح أية حصانة ويفتح الباب للطعن فيه دون التقيد بميعاد.
ومن حيث إن الوجه الثاني من الطعن يقوم على أن جميع المنقولات الملحقة بالعقار تعتبر عقارات بالتخصيص، لا فرق في ذلك بين المنقولات التي يضعها المالك وتلك التي يضعها المستأجر ما دامت لم توضع إلا لخدمة العقار واستغلاله هذا الوجه من الطعن على غير أساس من القانون ذلك أن العقار بالتخصيص هو كما عرفته المادة 82 من القانون المدني هو المنقول الذي يضعه صاحبه في عقار يملكه رصداً على خدمة هذا العقار واستغلاله، وجلي من هذا النص أن مناط اعتبار المنقول عقاراً بالتخصيص أن يكون مالك المنقول هو نفس مالك العقار الأصلي، فلا يعتبر عقاراً بالتخصيص المنقول الذي يضعه المستأجر رصداً لخدمة العقار المؤجر كما هو الشأن بالنسبة للمدعي، ومرد ذلك هو إلى أن إضفاء صفة العقار بالتخصيص على المنقول الملحق بالعقار أساسه مصلحة هذا العقار والمالك هو الذي يمثل هذه المصلحة.
ومن حيث إن المستفاد من تقرير الخبير المقدم في الطعن أن الجانب الأكبر من المنقولات المملوكة للمستأجر والتي لم ترد في محضر الجرد الثابت التاريخ في 16 من مايو سنة 1953 - وبصفة خاصة الآلات والأجهزة والتركيبات - قد اتصلت بالعقار اتصال قرار بحيث لا يمكن نزعها بدون تلف، ومن ثم فإنها أضحت بهذا الاتصال عقارات بطبيعتها ويشملها نزع الملكية، أما المنقولات الأخرى المملوكة المطعون ضده والتي لم تتصل بالعقار المنزوعة ملكيته اتصال قرار فإنه لا يسوغ - وفقاً لأحكام نزع الملكية المشار إليه - نزع ملكيتها لنزع ملكية العقار، وبهذه المثابة يكون القراران المطعون فيهما قد خالفا القانون فيما تضمناه من نزع ملكية هذه المنقولات ويتعين من ثم القضاء بإلغائهما في هذا الشق منها ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب فيما انتهى إليه من إلغاء قراري نزع الملكية المطعون فيهما، تضمناه من نزع ملكية المنقولات المملوكة للمدعي السالفة الذكر دون سواها، الأمر الذي يتعين معه قبل الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الحكومة مصروفات الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الحكومة المصروفات.