مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة العشرون (من أول أكتوبر سنة 1974 إلى آخر سبتمبر سنة 1975) - صـ 469

(139)
جلسة 28 من يونيه سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد ثابت عويضه ومحمد صلاح الدين السعيد وعباس فهمي بدر ومحمد نور الدين العقاد المستشارين.

القضيتان رقما 1067 و1185 لسنة 20 القضائية

أ - دستورية القوانين - هيئة مفوضي الدولة - المحكمة العليا.
المستفاد من نص المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 أن الدفع بعدم الدستورية إنما يبدى من أحد الخصوم في الدعوى كما أن هيئة مفوض الدولة طبقاً لأحكام قانون مجلس الدولة لا تعتبر خصماً في المنازعة لأنها ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية فيها - يترتب على ذلك أنه إذا كان الثابت أن الطاعن لم يدفع في أي مرحلة بعدم دستورية أي نص في قانون تنظيم الجامعات فإنه لا محل لأن تتصدى المحكمة للتعقيب على ما ورد بتقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن عدم دستورية بعض مواد قانون تنظيم الجامعات.
ب - جامعات - تأديب - تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات.
قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أفرد نظاماً خاصاً لتأديب أعضاء هيئة التدريس بها لاعتبارات تتعلق بطبيعة الجامعات واستقلالها عن أجهزة الدولة - هذا النظام وإن كان يتضمن قواعد خاصة بالتحقيق والمحاكمة إلا أن المشرع حرص على أن يكفل له الأصول والضمانات والمقومات الأساسية الواجب توافرها لتحقيق سلامة المحاكمة التأديبية وحيدة من يتولونها - إذا كان قانون مجلس الدولة قد نص في هذا المقام على حق صاحب الشأن في رد عضو المحكمة التأديبية طبقاً للقواعد المقررة لرد القضاة إلا أنه ليس من مقتضى ذلك أن تطبق إجراءات رد القضاة أمام مجلس تأديب هيئة التدريس بالجامعات - أساس ذلك أن تلك الإجراءات لا تتلاءم مع طبيعة هذه المجالس وتشكيلها فهذه المجالس وإن كانت قد اعتبرت بمثابة محاكم تأديبية إلا أنها في الواقع من الأمر ليست كذلك كما أن أعضاؤها ليسوا قضاة - لا يخل ذلك بحث صاحب الشأن في أن يطلب تنحية رئيس المجلس أو أحد أعضائه إذا قامت لديه الأسباب الجدية المبررة لإبداء مثل هذا الطلب تحقيقاً لضمانات المحاكمة - إذا انتهى المجلس لأسباب صحيحة إلى رفض هذا الطلب فإن له أن يستمر في إجراء المحاكمة دون أن يحتج عليه بأنه لم يلتزم بقواعد وإجراءات رد القضاة.
جـ - جامعات - تأديب - التحقيق الابتدائي - بطلان التحقيق الابتدائي.
إذا جاز القول ببطلان التحقيق الابتدائي الذي يجرى مع أحد أعضاء هيئة التدريس لمخالفته لأحكام المادة 105 من قانون تنظيم الجامعات فإنه إذا ما ثبت أن مجلس التأديب قد أجرى التحقيق من جديد بكل عناصره فإن النعي على التحقيق الابتدائي بالبطلان يكون غير منتج في الطعن في قرار مجلس التأديب المطعون فيه.
1 - إن قانون المحكمة العليا الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 1969 ينص في المادة الرابعة منه على أن "تختص المحكمة العليا بالفصل دون غيرها في دستورية القوانين إذا ما دفع بعدم دستورية قانون أمام إحدى المحاكم، وتحدد المحكمة التي أثير أمامها الدفع ميعاداً للخصوم لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا، ووقف الفصل في الدعوى الأصلية حتى تفصل المحكمة العليا في الدفع، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن". ويبين من ذلك أن الفصل في دستورية القوانين أصبح من اختصاص المحكمة العليا دون غيرها، وقد رسم القانون طريق إقامة الدعوى بذلك أمامها، بأن يدفع الخصوم في دعوى منظورة أمام إحدى المحاكم بعدم دستورية قانون معين فتحدد المحكمة التي أثير أمامها الدفع - بعد التحقق من حديته - ميعاداً للخصوم لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة العليا، ولما كان قانون مجلس الدولة قد حدد مهمة هيئة مفوضي الدولة في الدعاوى والطعون بأن تتولى تحضيرها وتهيئتها للمرافعة، ثم تودع تقريراً بالرأي القانوني مسبباً تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده، فإنها بهذه المثابة لا تعتبر خصماً في المنازعة لأنها ليست طرفاً ذا مصلحة شخصية فيها، ولما كان الواضح من نص المادة الرابعة من قانون المحكمة العليا سالف الذكر أن الدفع بعدم الدستورية إنما يبدي من أحد الخصوم في الدعوى وكان الثابت في المنازعة الماثلة أن الطاعن لم يدفع في آية مرحلة بعدم دستورية أي نص في قانون تنظيم الجامعات، بل أن المستفاد من مذكرتي دفاعه اللاحقتين على إيداع تقرير هيئة مفوضي الدولة أنه التفت عن الإشارة إلى مسألة عدم الدستورية المثار في التقرير، وتمسك في مذكرته الختامية باختصاص هذه المحكمة بنظر المنازعة وطلب الحكم في موضوعها بإلغاء القرارين المطعون فيهما على أساس من أحكام قانون تنظيم الجامعات ذاته - لما كان ذلك فإنه لا محل لأن تتصدى المحكمة للتعقيب على ما ورد بتقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن عدم دستورية بعض مواد قانون تنظيم الجامعات.
2 - إن قانون تنظيم الجامعات قد أفرد نظاماً خاصاً لتأديب أعضاء هيئة التدريس بها لاعتبارات تتعلق بطبيعة الجامعات واستقلالها عن أجهزة الدولة، وهذا النظام الذي ورد بالمواد من 105 إلى 112 من القانون رقم 49 لسنة 1972، وإن كان يتضمن قواعد خاصة بالتحقيق وبالمحاكمة إلا أن المشرع حرص على أن يكفل له كافة الأصول والضمانات والمقومات الأساسية الواجب توافرها لتحقيق سلامة المحاكمة التأديبية وحيدة من يتولونها، فنص في المادة 109 على أن تكون مساءلة جميع أعضاء هيئة التدريس أمام مجلس تأديب يشكل برئاسة أحد نواب رئيس الجامعة يعينه مجلس الجامعة سنوياً وعضوية أستاذ من كلية الحقوق ومستشار من مجلس الدولة "يندبان لهذا الغرض سنوياً، على أنه في حالة غياب الرئيس أو قيام مانع لديه يحل محله النائب الآخر لرئيس الجامعة ثم أقدم العمداء ثم من يليه في الأقدمية منهم. كما نص على أنه" "مع مراعاة حكم المادة 105 في شأن التحقيق والإحالة إلى مجلس التأديب تسري بالنسبة إلى المساءلة أمام مجلس التأديب القواعد الخاصة بالمحاكمة أمام المحاكم التأديبية المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة." ولما كانت هذه القواعد كما وردت بالمواد من 34 إلى 43 من قانون مجلس الدولة - بعد استبعاد الإجراءات الخاصة بإجراء التحقيق والإحالة إلى المحاكمة المشار إليهما في المادة 105 من قانون تنظيم الجامعات - تتضمن الأصول والمقومات الأساسية للمحاكمات التأديبية التي تكفل عدالة المحاكمة بغية إظهار الحقيقة من جهة وتمكين المحال من جهة أخرى من الوقوف على عناصر التحقيق وأدلة الاتهام حتى يتمكن من إبداء دفاعه فيما هو منسوباً إليه، ومن تلك الأصول أن يطمئن المحال إلى المحاكمة إلى حيدة قاضية بألا يقوم به مانع من نظر الدعوى "كأن يكون له رأي أو عقيدة مسبقة في الموضوع الذي تجري عنه المحاكمة. وإذا كان قانون مجلس الدولة قد نص في هذا المقام على حق صاحب الشأن في رد عضو المحكمة التأديبية طبقاً للقواعد المقررة لرد القضاة المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية، إلا أنه ليس من مقتضى ذلك أن تطبق إجراءات رد القضاة أمام مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات، لأن تلك الإجراءات لا تتلاءم مع طبيعة هذه المجالس وتشكيلها، فهذه المجالس وإن كانت قد اعتبرت بمثابة محاكم تأديبية إلا أنها في الواقع من الأمر ليست كذلك، كما أن أعضاءها ليسوا قضاة، ومن ثم يمتنع الأخذ بإجراءات رد القضاة أمام مجلس التأديب المذكور، ولا يخل ذلك بحق صاحب الشأن في أن يطلب تنحية رئيس المجلس أو أحد أعضائه إذا قامت لديه الأسباب الجدية المبررة لإبداء مثل هذا الطلب، تحقيقاً لضمانات المحاكمة، فإذا رفض المجلس طلبه على الرغم من توافر أسانيده فإنه يترتب على ذلك بطلان المحاكمة وإهدار كافة أثارها لتخلف أحد المقومات الأساسية الواجب تحقيقها، فيها أما إذا انتهى المجلس لأسباب صحيحة إلى رفض الطلب فإنه له أن يستمر في إجراءات المحاكمة، دون أن يحتج عليه بأنه لم يلتزم بقواعد وإجراءات رد القضاة. وعلى ذلك فلا وجه لما ذهب إليه الطاعن أن القرار المطعون فيه قد خالف القانون فيما تضمنه من عدم اتباع إجراءات رد القضاة أو فيما قرره من استمرار نظر الدعوى التأديبية.
3 - إن المادة 105 من قانون تنظيم الجامعات تنص على أن "يكلف رئيس الجامعة أحد أعضاء هيئة التدريس في كلية الحقوق في درجة لا تقل عن درجة من يجرى التحقيق معه بمباشرة التحقيق فيما ينسب إلى عضو هيئة التدريس" فإن قام بالتحقيق أستاذ مساعد ولم يشترك الأستاذ طعيمة الجرف إلا في بعض مراحله - فإنه إذا جاز القول ببطلان التحقيق الابتدائي لهذا السبب، فإنه وقد ثبت أن مجلس التأديب قد أجرى التحقيق من جديد بكل عناصره بأن قام بمعاينة مكان الواقعة وسمع أقوال الشهود ومن بينهم من لم تسمع أقواله في التحقيق الابتدائي وأطرح أقوال الشاهد فتحي الأعصر الذي كان من شهود الإثبات أمام المحقق بعد أن عدل عن أقواله أمام المجلس، فإن المجلس يكون بذلك قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها من التحقيق الذي أجراه، ومن ثم يكون النعي على التحقيق الابتدائي بالبطلان غير منتج في الطعن في قرار مجلس التأديب المطعون فيه.