مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 837

(74)
جلسة 16 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل، وحسن السيد أيوب، والدكتور ضياء الدين صالح، ومحمد مختار العزبي. المستشارين.

القضية رقم 1018 لسنة 8 القضائية

( أ ) قراري إداري - ميعاد الطعن فيه - صدور قرار إداري بإغلاق أحد مكاتب تحفيظ القرآن الكريم وقيام جهة الإدارة بإغلاقه في غيبة صاحب الشأن - الدفع بعدم قبول دعوى إلغائه لرفعها بعد الميعاد - في غير محله ما دام لم يثبت في الأوراق ما يدل على علم صاحب الشأن علماً يقينياً بالقرار وبكافة عناصره ومشتملاته لعدم نشره أو إعلانه به - عدم كفاية واقعة إغلاق المكتب على الوجه المتقدم لقيام ركن العلم قانوناً.
(ب) مدارس ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم - تبعيتها للأزهر الشريف وخضوعها لإشرافه - خروجها عن نطاق تطبيق أحكام القانون رقم 160 لسنة 1958 بشأن تنظيم المدارس الخاصة عليها، وسريان القواعد التنظيمية التي وضعها واعتمدها فضيلة شيخ الجامع الأزهر ووزير التربية والتعليم في 7 من مارس سنة 1956 عليها - أثر ذلك - صحة الحكم بوقف تنفيذ قرار إداري صادر بإغلاق أحد هذه المكاتب بالاستناد للمادة 27 من هذا القانون.
1 - إذا كان الثابت أن واقعة غلق مكتب تحفيظ القرآن الكريم قد تمت في غيبة المطعون عليه، وليس في الأوراق بعد ذلك ما يدل على أن المطعون عليه قد علم علماً يقينياً بالقرار الإداري المطعون عليه الصادر بإغلاق المكتب المشار إليه وبكافة عناصره ومشتملاته، إذ أنه لم ينشر ولم يعلن به، وواقعة غلق المكتب على الوجه الثابت المتقدم غير كافية لقيام ركن العلم قانوناً، فرفع دعوى الإلغاء في الرابع من نوفمبر سنة 1961 طعناً في قرار الغلق الإداري المبلغ لشرطة المعادي في 5/ 8/ 1961، وليس في الأوراق ما يدل على إعلان صاحب الشأن به ولا ما ينم عن نشر القرار ولا ما يقطع بعلم المطعون عليه بالقرار يقينياً، فإنه يترتب على ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد يكون غير قائم على أساس من القانون سليم.
2 - إن مكاتب تحفيظ القرآن الكريم لها وضع متميز خاص يقوم على جلال رسالتها الدينية وعظمتها الروحية وروعتها الأدبية لتحفيظ النشء آيات القرآن الكريم وما يحيط بذلك من تفهيم وتجويد وترتيل، فيقبل عليها كل من تهيأ لطرق أبواب مختلف المعاهد الدينية والأزهر ابتغاء الاستزادة من هدى القرآن وسنة الرسول. وكل هذا ينأى بتلك المكاتب عن نطاق تطبيق قانون التعليم الخاص الذي يقصد به أصلاً أو فرعاً التربية أو الإعداد للمهن الحرة والتي تهدف إلى تحقيق ناحية من نواحي التثقيف العام. وفي ملف المادة من الرسائل والمكاتبات الإدارية الرسمية ما يؤكد أن وزارة التربية والتعليم لا تعارض في ذلك الاتجاه من عدم تبعية مكاتب أو (مدارس) تحفيظ القرآن الكريم لها، وإنما تتبع تلك المكاتب والمدارس للأزهر الشريف الذي يتولى إعانتها مع وزارة الأوقاف وتخضع تلك المكاتب لإشرافه. وقد جاءت القواعد التنظيمية التي وضعها واعتمدها كل من فضيلة شيخ الجامع الأزهر والسيد وزير التربية والتعليم في مارس سنة 1956 في صورة مذكرة عنوانها "مذكرة بتنظيم إشراف الأزهر الشريف على مدارس تحفيظ القرآن الكريم". فإذا جاءت بعد ذلك جهة فرعية من جهات الإدارة لتلصق بهذا المكتب محل قرار الغلق أياً كانت تسميته، صفة المدرسة الخاصة لتزج به في مفهوم نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 160 لسنة 1958 وتصدر قرارها تأسيساً على حكم المادة 27 منه بإغلاقه، فإن جهة الإدارة هذه تكون قد خالفت حكم القانون. وإذ قام طعن المدعي على قرار الغلق الذي يطلب وقف تنفيذه، بحسب الظاهر من الأوراق، على أسباب جدية تبرر إجابته إلى طلبه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال الذي يتمثل فيما يؤدي إليه غلق المكتب المذكور من تعطيل رسالته الدينية وحرمان المدعي من نشاطه المشروع، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بوجهة النظر هذه وهي سديدة تتفق وأحكام القانون وروحه. فإن الطعن فيه بالإلغاء يكون قد جانبه التوفيق.


إجراءات الطعن

في 14 من إبريل سنة 1962 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1018 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 13 من فبراير سنة 1962 في طلب وقف التنفيذ في الدعوى رقم 125 لسنة 16 القضائية المقامة من الشيخ إبراهيم إبراهيم مطاوع صاحب مكتب تحفيظ القرآن الكريم بالمعادي ضد وزارة التربية والتعليم، والذي قضى "بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه". وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد واحتياطياً برفض طلب وقف التنفيذ مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل الأتعاب عن الدرجتين. وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصم في 24 من مايو سنة 1962 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 9 من يونيه سنة 1962 وبعد أن تحمل الطعن عدة تأجيلات قررت الدائرة بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1962 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 9 من يناير سنة 1962 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم في الطعن القاصر على حكم وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه الشيخ إبراهيم إبراهيم مطاوع صاحب مكتب تحفيظ القرآن الكريم بالمعادي أقام الدعوى رقم 125 لسنة 16 القضائية ضد وزارة التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 4 من نوفمبر سنة 1961 طلب في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر في 5 من أغسطس سنة 1961 من وزارة التربية والتعليم بغلق مكتب تحفيظ القرآن الذي هو صاحبه، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل الأتعاب وقال شرحاً لدعواه إنه افتتح في عام 1957 مكتباً لتحفيظ القرآن الكريم والدين وقد أخذ ترخيصاً بذلك من مشيخة الجامع الأزهر التي هي الجهة المختصة بهذه المكاتب. وقد أخذ الأزهر ووزارة الأوقاف يصرفان له الإعانة السنوية طبقاً للقوانين وأصبح هذا المكتب تابعاً للأزهر، فهو الذي يشرف عليه بواسطة مفتشيه ولم يلاحظ عليه أي خطأ أو تقصير إذ كان المدعي يقوم بعمله في همة ونشاط قاصداً وجه الله تعالى مستهدفاً نشر تحفيظ القرآن الكريم والدين الإسلامي الحنيف للأطفال والناشئين ولكنه فوجئ في 15 من أغسطس سنة 1961 بغلق هذا المكتب إدارياً بواسطة شرطة المعادي بناء على كتاب من منطقة القاهرة الجنوبية التعليمية الصادر لها في 5 من أغسطس سنة 1961 برقم 6008 مع ملاحظة أن المدعي كما يقول لا يعلم حتى إقامة هذه الدعوى سبب هذا الغلق الإداري المفاجئ والذي وقع بدون تنبيه أو إنذار. وما صدر من وزارة التربية والتعليم فيه مخالفة للقانون وانحراف بالسلطة لأن مكتب تحفيظ القرآن الكريم لم يكن في يوم تابعاً لوزارة التربية والتعليم وأن اختصاص التفتيش عليه من مفتش الأزهر وآية ذلك ما قدمه المدعي في حافظة بمستنداته وكلها تدل على أن هذا المكتب الذي أغلقته الإدارة هو من اختصاص الأزهر الشريف.
وقد حددت محكمة القضاء الإداري لنظر طلب وقف التنفيذ جلسة 21 من نوفمبر سنة 1961 وفيها وفي الجلسات المتعاقبة نظرت الدعوى على الوجه المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 13 من فبراير سنة 1962 حكمت المحكمة (هيئة منازعات الأفراد والهيئات) في طلب وقف التنفيذ، بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وذلك للأسباب التي استند إليها الحكم المطعون فيه. أما الشق من الدعوى الخاص بموضوع إلغاء القرار الإداري الصادر بغلق مكتب المدعي فإنه ولا يزال متداولاً بالجلسات أمام محكمة القضاء الإداري.
وفي 14 من إبريل سنة 1962 طعنت إدارة قضايا الحكومة في الحكم الذي قضى بوقف تنفيذ القرار وطلبت الحكومة قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار الإداري المطلوب إلغاؤه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً برفض طلب وقف التنفيذ. وأقامت الحكومة هذا الطعن على وجهين: (1) فيما يتعلق بالشكل قالت إن الدعوى رفعت بعد الميعاد لأن المطعون عليه لابد وأن يكون قد علم بالقار الإداري الصادر بالغلق علماً يقينياً من واقعة غلق مكتبه إدارياً بواسطة ضابط شرطة المعادي في 15 من أغسطس سنة 1961 ومع ذلك فإنه لم يرفع دعوى الإلغاء إلا في الرابع من نوفمبر سنة 1961. (2) أن مكاتب تحفيظ القرآن الكريم تعتبر من المدارس الخاصة التي تخضع لأحكام القانون رقم 160 لسنة 1958 والتي يكون الترخيص بها والإشراف عليها من اختصاص وزارة التربية والتعليم، وتقول الوزارة إن المكتب المذكور لم يحصل على الترخيص المنصوص عليه في المادة الثانية من هذا القانون، ومن ثم يكون قرار الوزارة الصادر بغلق المكتب قد جاء سليماً ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون حين اعتبر مكاتب تحفيظ القرآن الكريم لا تخضع لحكم القانون المذكور.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول لهذا الطعن، وهو المتعلق بمواعيد رفع الدعوى فإن الملف خال مما يدل على أن القرار الإداري الصادر في الخامس من أغسطس سنة 1961 بغلق المكتب المذكور قد نشر في أي جريدة أو نشرة مصلحية أو أنه قد أعلن بأي وسيلة إلى المطعون عليه. وليس في الأوراق دليل على أن المطعون عليه قد علم بذلك القرار علماً يقينياً يشمل كافة عناصر القرار ومحتوياته على النحو الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة العليا وقد تبين لهذه المحكمة من مراجعة أوراق ملف الموضوع أن كتاباً صدر في 5/ 8/ 1961 من السيد المدير المساعد لمنطقة القاهرة الجنوبية للتعليم الخاص إلى السيد مأمور شرطة المعادي جاء فيه "قررت لجنة شئون التعليم الخاص بالمنطقة غلق المدرستين (مدرسة المحمدية المشتركة) و(مدرسة الرشاد بحارة الجندي بالمعادي) طبقاً للمادة 27 من القانون رقم 160 لسنة 1958 فنرجو التفضل بتنفيذ الغلق فوراً والإفادة بالنتيجة". وجاء بمحضر تحقيق الشرطة صفحة 99548 قسم المعادي في 13 من أغسطس سنة 1961 أن السيد النقيب عادل سالم معاون ضابط القسم قد انتقل في تاريخه إلى مقر مدرسة الرشاد المشتركة والتي تقع بشارع 77 حارة الجندي رقم 2 بالطابق الأرضي ووجد به أحد النجارين يقوم بإعداد مقاعد للتلاميذ فطلب منه المعاون الخروج من المبنى وتم ذلك فعلاً وقام الضابط بتشميع أبواب المدرسة بالشمع الأحمر وختمها بخاتم العسكري رزق جمعة علي، وبالبحث عن مالك المدرسة لم نجده ونبهنا على الجيران بإخطاره بالحضور إلى القسم عند عودته وقفل المحضر على ذلك. وتأسيساً على ذلك تكون واقعة غلق مكتب تحفيظ القرآن الكريم قد تمت في غيبة المطعون عليه وليس في الأوراق بعد ذلك ما يدل على أن المطعون عليه قد علم علماً يقينياً بالقرار الإداري المطعون عليه الصادر بإغلاق المكتب المشار إليه وبكافة عناصره ومشتملاته إذ أنه لم ينشر ولم يعلن به، وواقعة غلق المكتب على الوجه الثابت المتقدم غير كافية لقيام ركن العلم قانوناً، فرفع دعوى الإلغاء في الرابع من نوفمبر سنة 1961 طعناً في قرار الغلق الإداري المبلغ لشرطة المعادى في 5/ 8/ 1961 وليس في الأوراق ما يدل على إعلان صاحب الشأن به، ولا ما ينم عن نشر القرار ولا ما يقطع بعلم المطعون عليه بالقرار يقينياً فإنه يترتب على ذلك أن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد يكون غير قائم على أساس من القانون سليم.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من الطعن، فإن الحكم المطعون فيه قد أعمل رقابته القانونية على نحو سليم تقره عليه هذه المحكمة، فقام بوزن القرار الإداري بغلق مكتب تحفيظ القرآن الكريم بالمعادي، وزناً مناطه استظهار ركن الاستعجال في وقف التنفيذ، ومشروعية القرار وجديته، وكل ذلك في مجرد مجال الظاهر من الأوراق. فقد بان لهذه المحكمة بوضوح أن مكتب المدعي بالمعادي (مدرسة الإرشاد) يقوم أساساً على تحفيظ القرآن الكريم وأنه يتبع الأزهر الشريف من حيث الترخيص بإنشائه ومن حيث الإشراف عليه ومن حيث إعانته وفي ملف المادة وأوراق الطعن ما يؤيد ذلك. ومن بينها كتاب السيد المشرف العام على جمعيات ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم بالجامع الأزهر إلى السيد مدير منطقة القاهرة الجنوبية في 23/ 8/ 1959 يقول "لذا نرجو من سيادتكم مخاطبة السيد مفتش مساعد قسم المعادي بعدم التعرض لهذه المدرسة (مدرسة الرشاد) للمحافظة على القرآن الكريم حيث إنها معانة وتحت إشراف الجامع الأزهر". وفي الأوراق ما يفيد أن هذا النوع من المكاتب منتشر في قرى ومدن الجمهورية منذ زمن طويل يرجع إلى ما قبل صدور القانون رقم 160 لسنة 1958 الصادر في 20 من سبتمبر سنة 1958 بشأن تنظيم المدارس الخاصة للجمهورية العربية المتحدة وقد أكد السيد وكيل وزارة التربية والتعليم هذا المعنى في المنشور العام الرقيم 192 بتاريخ 31 من أغسطس سنة 1959 الموجه إلى جميع المناطق التعليمية، وجاء فيه "تقدم فضيلة شيخ الجامع الأزهر بشكوى للوزارة من أن بعض المناطق التعليمية تتعقب مدارس تحفيظ القرآن الكريم الخاضعة لتفتيش الأزهر بالإغلاق. ولما كانت هذه المدارس حريصة على رعاية القرآن الكريم والعناية به حفظاً وتلاوة، فإن الوزارة تنبه إلى أن تلتزم المناطق ما جاء بالاتفاق الذي تم بين الوزارة وفضيلة شيخ الجامع الأزهر في شأن هذه المدارس، والمبلغ إلينا بالكتاب الدوري رقم 172 بتاريخ 6/ 5/ 1959"، توقيع (وكيل الوزارة محمد طه النمو) وقد تضمن الكتاب الدوري المذكور المذكرة المتعلقة بتنظيم إشراف الأزهر الشريف على مدارس تحفيظ القرآن الكريم التي وافق عليها فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر في 23 من يناير سنة 1956 واعتمدها السيد وزير التربية والتعليم في 7 من مارس سنة 1956.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم على النحو الذي اتجه إليه الحكم المطعون فيه، أن مكاتب تحفيظ القرآن الكريم لها وضع متميز خاص يقوم على جلال رسالتها الدينية وعظمتها الروحية وروعتها الأدبية لتحفيظ النشء آيات القرآن الكريم وما يحيط بذلك من تفهيم وتجويد وترتيل فيقبل عليها كل من تهيأ لطرق أبواب مختلف المعاهد الدينية والأزهر ابتغاء الاستزادة من هدى القرآن وسنة الرسول. وكل هذا ينأى بتلك المكاتب عن نطاق تطبيق قانون التعليم الخاص الذي يقصد به أصلاً أو فرعاً التربية أو الإعداد للمهن الحرة والتي تهدف إلى تحقيق ناحية من نواحي التثقيف العام. وفي ملف المادة من الرسائل والمكاتبات الإدارية الرسمية ما يؤكد أن وزارة التربية والتعليم لا تعارض في ذلك الاتجاه من عدم تبعية مكاتب أو (مدارس) تحفيظ القرآن لها، وإنما تتبع تلك المكاتب والمدارس للأزهر الشريف الذي يتولى إعانتها مع وزارة الأوقاف وتخضع تلك المكاتب لإشرافه. وقد جاءت القواعد التنظيمية التي وضعها واعتمدها كل من فضيلة شيخ الجامع الأزهر والسيد وزير التربية والتعليم في مارس سنة 1956 في صورة مذكرة عنوانها "مذكرة بتنظيم إشراف الأزهر الشريف على مدارس تحفيظ القرآن الكريم". فإذا جاءت بعد ذلك جهة فرعية من جهات الإدارة لتلصق بهذا المكتب محل قرار الغلق أياً كانت تسميته، صفة المدرسة الخاصة لتزج به في مفهوم نص المادتين الأولى والثانية من القانون رقم 160 لسنة 1958 وتصدر قرارها تأسيساً على حكم المادة 27 منه، بإغلاقه فإن جهة الإدارة هذه تكون قد خالفت حكم القانون. وإذ قام طعن المدعي على قرار الغلق الذي يطلب وقف تنفيذه، بحسب الظاهر من الأوراق، على أسباب جدية تبرر إجابته إلى طلبه، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال الذي يتمثل فيما يؤدي إليه غلق المكتب المذكور من تعطيل رسالته الدينية وحرمان المدعى عليه من نشاطه المشروع. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بوجهة النظر هذه وهي سديدة تتفق وأحكام القانون وروحه. فإن الطعن فيه بالإلغاء يكون قد جانبه التوفيق.
ويتعين القضاء بقبوله شكلاً وبرفضه موضوعاً مع إلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بمصروفات هذا الطلب.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة يوم السبت 16 من مارس سنة 1963 الموافق 20 من شوال سنة 1382 هـ من الهيئة المبينة بصدره.