مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 872

(79)
جلسة 23 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1720 لسنة 6 القضائية

( أ ) اعتقال - القرار الصادر باعتقال الشخص - ميعاد الطعن فيه - خلو الأوراق من دليل على إبلاغه به أو علمه علماً يقينياً نافياً للجهالة في تاريخ معين - يفتح ميعاد الطعن في هذا القرار حتى تاريخ رفع الدعوى - عدم كفاية اعتقال الشخص في ثبوت علمه على الوجه المتقدم بقرار اعتقاله.
(ب) اعتقال - سلطة مدير عام سلاح الحدود بإصدار قرارات الاعتقال - قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية والقانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية والقوانين المعدلة له والأمر العسكري رقم 29 الصادر في 25 من مارس سنة 1952 بتعيين المدير العام لسلاح الحدود حاكماً عسكرياً للمناطق التابعة له والأمر العسكري رقم 60 الصادر في 11 من مارس سنة 1953 بتخويل مدير عام سلاح الحدود بعض السلطات في مناطق الحدود - سلطة مدير عام سلاح الحدود بإصدار قرارات الاعتقال بالاستناد إلى هذه القوانين والأوامر العسكرية - هي سلطة تقديرية ناطه بها المشرع لمواجهة ما تقتضيه الظروف الاستثنائية التي تستدعي إعلان الأحكام العرفية - اختلاف هذه السلطة عن سلطة الحكومة في الظروف العادية المألوفة - دخول تدابير الأمر بالقبض على ذوي الشبهة أو الخطيرين على الأمن أو النظام العام واعتقالهم في سلطة مدير عام سلاح الحدود بمقتضى البند (7) من المادة 3 من القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية - ذوو الشبهة في تفسير هذا النص هم غير المشبوهين الذين عناهم قانون المتشردين والمشتبه فيهم - اتساع سلطة مدير عام سلاح الحدود في هذا الخصوص بحيث تشمل كل من تحوم حوله شبهة توحي بأنه خطر على الأمن أو النظام العام - ليس يشترط أن يكون من يتبع هذا الإجراء في حقه قد سبقت إدانته في واقعة بذاتها كما لا يمنع من استعمالها كونه قد برئ جنائياً مما يكون قد نسب إليه من جرائم - استناد قرار الاعتقال الصادر من مدير عام سلاح الحدود إلى أصول ثابتة هي تحريات إدارة المخابرات بسلاح الحدود لم تقم من دليل ينقضها يجعله قراراً صحيحاً صادراً من سلطة تملك قانوناً إصداره.
1 - لا يجوز الاحتجاج بتاريخ القبض على المدعي للقول بسريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء في حقه من هذا التاريخ باعتبار أنه علم فيه حتماً بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً، إذ لا دليل في الأوراق على إبلاغه بهذا القرار في تاريخ معين مع اطلاعه على الأسباب التي دعت إلى إصداره بما يتحقق معه علمه بمحتوياته وفحواه علماً يقينياً نافياً للجهالة يمكنه من تحديد موقفه إزاءه من حيث قبوله أو الطعن فيه، لا ظنياً ولا افتراضياً. ومن ثم فإن ميعاد الطعن في القرار المذكور يكون والحالة هذه ما زال مفتوحاً حتى يوم إقامة الدعوى بإيداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 16 من مايو سنة 1959 ويكون الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد في غير محله متعيناً رفضه وقبول الدعوى.
2 - يبين من مطالعة الأمر العسكري رقم 64 الصادر في 23 من فبراير سنة 1959 من السيد مدير عام سلاح الحدود والحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال بعض الأشخاص والقبض عليهم وحجزهم في مكان أمين وعدم الإفراج عنهم إلا بأمر مصدر القرار ومن بينهم المدعي، أن هذا الأمر قد صدر لدواعي الأمن العام بناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية، وعلى القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية والقوانين المعدلة له، وكذا على الأمر العسكري رقم 29 الصادر في 25 من مارس سنة 1952 بتعيين المدير العام لسلاح الحدود حاكماً عسكرياً للمناطق التابعة له، وبمقتضى السلطة الممنوحة للمدير المذكور بالأمر العسكري رقم 20 الصادر في 11 من مارس سنة 1953 بتخويله بعض السلطات في مناطق الحدود فإذا ظهر أن القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملكه في حدود السلطة المخولة قانوناً. وهي سلطة تقديرية ناطه بها المشرع لمواجهة ما تقتضيه الظروف الاستثنائية التي تستدعي إعلان الأحكام العرفية كلما تعرض الأمن أو النظام العام في البلاد للخطر، وما تستوجبه دواعي هذه الحالة من ضرورة اتخاذ تدابير وقائية عاجلة لسلامة المجتمع وضمان أمنه تقصر عنها وسائل القانون العام الذي يطبق في الأحوال العادية. ومن بين هذه التدابير الأمر بالقبض على ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام ووضعهم في مكان أمين وقد عبر الشارع في البند (7) من المادة 3 من القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية عن هذه الفئة بقوله "الأمر بالقبض واعتقال ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام العام ووضعهم في مكان أمين، وغني عن البيان أن السلطة المستمدة من هذا القانون تختلف في مداها للحكمة والمبررات التي تقوم عليها عن تلك التي تتمتع بها الحكومة في الظروف العادية المألوفة، وأن ذوي الشبهة هم غير المشبوهين الذين عناهم قانون المتشردين والمشتبه فيهم وحدد لهم أوضاعاً خاصة، وقد غاير الشارع في العبارة التي وصفهم بها استبعاداً لتلك التسمية الاصطلاحية مما يدل على انصراف قصده إلى المعنى اللغوي للعبارة التي استعملها بحيث تشمل بهذا الوصف كل من تحوم حوله شبهة توحي بأنه خطر على الأمن أو النظام العام. وقد استند الأمر العسكري المطعون فيه إلى أصول ثابتة في الأوراق استمد منها سبب صدوره وهي تحريات إدارة المخابرات بسلاح الحدود التي تضمنت قيام المدعي بضربين من النشاط الضار بالأمن العام وهما تهريب المخدرات بوساطة أعوانه والاتجار مع آخرين بالأسلحة وكلاهما من الأعمال التي تشكل خطراً على سلامة المجتمع وأمنه. ولما كانت الشبهات في هذه الحالة كافية بنص القانون للقبض والاعتقال وكانت السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية هي التي بوصفها الجهاز المسئول المختص تستجمع العناصر والأدلة المكونة لهذه الشبهات والمثبتة لها، وهي التي تقدر مدى خطورتها على الأمن أو النظام العام، وتحدد الوقت المناسب لتدخلها باتخاذ هذا التدبير، فليس بلازم أن يكون الشخص الذي اتبع في حقه مثل هذا الإجراء قد سبق إدانته في واقعة معينة بذاتها وإلا لتعطلت حكمة تخويل الحاكم العسكري سلطة الأمر به وغلت يده عن أداء وظيفته التي منح من أجلها هذه السلطة الاستثنائية. ولا ينفي عن المدعي الشبهة التي قامت به والتي سجلها تقريرا كل من إدارة المخابرات بسلاح الحدود ومخابرات القناة وشرق الدلتا كونه قد سبق اتهامه في 29 من أكتوبر سنة 1955 بتهريب مخدرات في قضية الجناية رقم 140 لسنة 1955 عليا القنطرة شرق وقضت المحكمة الجنائية ببراءته مما نسب إليه وصدق مدير عام سلاح الحدود على هذا الحكم في 3 من مايو سنة 1958 لأن عدم توافر أدلة الإدانة ضده في هذه القضية لا يرفع عنه ما أحاط بسلوكه المساس بالأمن العام بسبب النشاط المعزو إليه سواء في تهريب المخدرات أو في الاتجار بالأسلحة من شبهات أخرى لم تقم على هذا الاتهام وحده، ولم ينهض دليل كاف لصحتها أو مشكك فيها وهي شبهات استخلصها مصدر القرار على وجه سائغ من تحريات جدية بنى عليها قراره الذي استهدف به حماية المصلحة العامة وسلامة المجتمع وبخاصة في مناطق الحدود التي هي منافذ تسرب المخدرات وتهريب السلاح وقصد منه تحقيق الغاية التي حرص عليها الشارع بتخويله سلطة القبض على ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام العام واعتقالهم. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على سبب صحيح يبرره في الظروف الاستثنائية التي أوحت بإصداره في ظل الأحكام العرفية التي استلزمت إعلانها مقتضيات سلامة البلاد وضرورات الأمن.


إجراءات الطعن

في 16 من يونيه سنة 1960 أودعت إدارة قضايا الحكومة بصفتها نائبة عن السيد وزير الداخلية والسيد مدير عام سلاح الحدود بصفتيهما سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1720 لسنة 6 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 19 من إبريل سنة 1960 في الدعوى رقم 938 لسنة 3 القضائية المقامة من: محمد نصار يماني ضد كل من 1- السيد وزير الداخلية، 2 - السيد مدير عام سلاح الحدود، القاضي "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها، وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 23 فبراير سنة 1959 من الحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال المدعي - وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب الطاعنان للأسباب التي استندا إليها في عريضة طعنهما "إحالة هذا الطعن على دائرة فحص الطعون لتقضي بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده في أي من الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين" وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 26 من يونيه سنة 1960. وعقبت عليه هيئة مفوضي الدولة بمذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها لما أبدته بها من أسباب إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي وإلزامه المصروفات". وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14 من إبريل سنة 1962 التي أبلغ بها الطرفان في 18 من مارس سنة 1962. وقد قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا حيث عين لنظره أمام الدائرة الأولى بها جلسة 23 من فبراير سنة 1962 التي أبلغ بها الطرفان في 16 من يناير سنة 1963 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 938 لسنة 13 القضائية ضد كل من: 1 - السيد وزير الداخلية، 2 - السيد مدير عام سلاح الحدود أمام محكمة القضاء الإداري "هيئة منازعات الأفراد والهيئات" بصحيفة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من مارس سنة 1959 ذكر فيها أنه فوجئ في شهر مارس سنة 1959 بإلقاء القبض عليه وترحيله إلى معتقل الفيوم الذي رحله بدوره إلى معتقل قنا العسكري ومنذ هذا التاريخ وهو يوالي التظلم من جهة إلى أخرى ويطرق أبواب المسئولين باحثاً عن السر الغامض في هذا الاعتقال الذي لم يتمكن من معرفته، مع أنه لم يقم به أي سبب من الأسباب التي تجعله عرضة للتنكيل والتعذيب وهو في مقتبل العمر ولما كانت الحرية الشخصية هي التاج الذي يتوق كل إنسان إلى التحلي به وقد كفلتها مختلف دساتير العالم وعملت على صونها. وكان المدعي قد فقد هذا التاج لا لجرم أو لذنب إلا إمعاناً في الكيد والانتقام من جانب من نيط بهم مكافحة المخدرات، وضربا من ضروب التعسف الظاهر جعلهم يذهبون به إلى هذا المصير، فإنه يلتمس "أولاً - تحديد أقرب جلسة عاجلة للحكم بوقف تنفيذ الأمر الصادر باعتقاله وفي حضور المدعى عليهما لسماعه. ثانياً - وفي الموضوع بإلغاء الأمر الصادر باعتقاله وفي حضور المدعى عليهما لسماعه أيضاً".
وقد ردت وزارة الداخلية وسلاح الحدود على هذه الدعوى بمذكرتين دفعا فيهما بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن الأمر العسكري رقم 64 باعتقال المدعي وآخرين صدر من السيد الحاكم العسكري لمناطق الحدود في 23 من فبراير سنة 1959 وتم تنفيذه في ذات التاريخ بالقبض على المذكور وترحيله إلى معتقل قنا العسكري. وهذا التاريخ هو الذي يمكن دون ريب الاجتماع به في علم المدعي علماً يقينياً بالقرار المطعون فيه والذي يبدأ منه جريان ميعاد رفع الدعوى إلى المحكمة طبقاً لنص المادة 22 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة، ولما كانت الدعوى قد رفعت بإيداع صحيفتها سكرتيرية المحكمة في 16 من مايو سنة 1959، أي بعد مضي أكثر من ستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار، فإنها تكون غير مقبولة شكلاً لرفعها بعد الميعاد القانوني. وقالت الحكومة في الموضوع إن القرار رقم 64 باعتقال المدعي وآخرين قد صدر من الحاكم العسكري لمناطق الحدود استناداً إلى الأمر العسكري رقم 29 الصادر في 25 من مارس سنة 1952 بتعيين المدير العام لسلاح الحدود حاكماً عسكرياً للمناطق التابعة له، وبمقتضى السلطة المخولة له بالأمر العسكري رقم 60 الصادر في 11 من مارس سنة 1953 بتخويله بعض السلطات في مناطق الحدود، وبناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1956 وعلى القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية والقوانين المعدلة له، وبذلك يكون القرار المطعون فيه صادراً ممن يملكه قانوناً في حدود السلطة المخولة له. والثابت من مذكرة إدارة المخابرات بسلاح الحدود الخاصة بتحرياتها في شأن نشاط المدعي أنه من أكبر مهربي المخدرات الموجودين بالقنطرة شرق، حيث يقوم بإحضارها بواسطة أعوانه من نجيلة... إلى القنطرة تمهيداً لنقلها عبر القنال إلى وادي النيل، فضلاً عن أنه قد سبق اتهامه في القضية الجنائية العليا رقم 140 لسنة 1955 قنطرة شرق. كما أنه يقوم بالاشتراك مع آخرين بشراء الأسلحة من الأعراب بسيناء والاتجار فيها. وكل ذلك يقطع في الدلالة على مدى خطورته على الأمن العام وعلى سلامة المجتمع ويبرر قرار اعتقاله الذي استهدف به الحاكم العسكري لمناطق الحدود المصلحة العامة التي قصد المشرع إليها من منحه سلطة القبض على ذوي الشبهة والخطرين على الأمن العام وهي سلطة المحافظة على صالح المجتمع في ظل الظروف الاستثنائية التي استدعت إعلان الأحكام العرفية والتي لا تكفي في مواجهتها وسائل القانون العام الذي يطبق في الأحوال العادية. ومن ثم فإن قرار الاعتقال يكون قائماً على أسباب صحيحة مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق ومطابقاً للقانون نصاً وروحاً، وتكون المطاعن الموجهة إليه غير جدية، والدعوى بطلب إلغائه على غير أساس سليم من القانون حقيقة بالرفض. وخلصت الحكومة من هذا إلى طلب الحكم: أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً رفض الدعوى، مع إلزام المدعي في أي من الحالتين بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وبجلسة 10 من نوفمبر سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري في الطلب المستعجل "بوقف تنفيذ القرار المطعون". وأسست قضاءها على أن ما ورد بمذكرة إدارة المخابرات بسلاح الحدود من تحريات في شأن سلوك المدعي لم يتضمن وقائع معينة تدل على خطورته على الأمن العام أو على تواتر اشتغاله بتهريب المخدرات، بل جاء بعبارة عامة ومرسلة، تجعل القرار المطعون فيه فاقد السند والطعن قائماً على أسباب جدية تبرر إجابة المدعي إلى وقف تنفيذ هذا القرار لمساسه بالحرية الشخصية.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة في 7 من يناير سنة 1960 مذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها لما أبدته بها من أسباب إلى أنها ترى "الحكم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة".
وبجلسة 19 من إبريل سنة 1960 قضت المحكمة "برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر في 23 فبراير سنة 1959 من الحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال المدعي - وألزمت الحكومة بالمصروفات وبمبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة" وأقامت قضاءها فيما يتعلق بعدم قبول الدعوى على أن الحكومة لم تبين تاريخ القبض على المدعي وإيداعه المعتقل. كما أنه لا يوجد في الأوراق ما يدل على إعلان المذكور بالقرار المطعون فيه، فضلاً عن أن صورة القرار المرفقة بالأوراق لم تتضمن أسباب صدوره، مما ينتفي معه علم المدعي بفحوى القرار علماً يقينياً نافياً للجهالة، ويجعل ميعاد إقامة الدعوى مفتوحاً حتى يعلم بالقرار وبأسباب القبض عليه، وبذا يكون الدفع في غير محله متعيناً رفضه. وقالت في الموضوع أنه قد استبان لها من الاطلاع على الأوراق وعلى الجناية رقم 140 لسنة 1955 عليا قنطرة شرق أن تحريات إدارة مخابرات سلاح الحدود عن المدعي من أنه من كبار مهربي المخدرات والمتجرين فيها إنما قامت على الاتهام الموجه إليه في الجناية المذكورة التي حكم فيها ببراءته مما نسب إليه من المحكمة الجنائية العليا وتصدق على هذا الحكم من مدير عام سلاح الحدود في 3 من مايو سنة 1958. فضلاً عن أن هذه التحريات في شأن سلوك المدعي لم تتضمن وقائع معينة تدل على خطورته على الأمن العام أو على تواتر اشتغاله بتهريب المخدرات، بل جاءت عباراتها عامة ومرسلة. أما اتهامه في الجناية آنف الذكر بتهريب المخدرات فإن الثابت من الحكم الصادر فيها أن المحكمة قضت ببراءته بعد أن نفت عنه التهمة. ومن ثم أضحى القرار المطعون فيه بغير سند بعد أن انهارت الأسباب التي قام عليها مما يجعله مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه. ولا اعتداد بالقول بأن المحكمة سبق أن قضت برفض الدعوى رقم 847 لسنة 13 القضائية المماثلة للدعوى الحالية في الأسباب التي قام عليها قرار الاعتقال لا اعتداد بذلك لاختلاف الظروف والأسباب التي قام عليها الاعتقال في كل من الدعويين.
وبعريضة مودعة سكرتيرية هذه المحكمة في 16 من يونيه سنة 1960 طعنت وزارة الداخلية وسلاح الحدود في هذا الحكم وطلبا "إحالة هذا الطعن على دائرة فحص الطعون لتقضي بإحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، واحتياطياً رفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده في أي من الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وأسسا طعنهما في خصوص الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد على ذات الأسباب التي سبق أن استندا إليها أمام محكمة القضاء الإداري وأضافا إليها أن المحكمة فاتها في أسباب ردها على هذا الدفع ما هو ثابت في الأوراق من أن قرار اعتقال المدعي صدر في 23 من فبراير سنة 1959 ونفذ ضده في 28 منه في حين أنه لم يقم دعواه إلا في 16 من مايو سنة 1959، ولم يثبت أنه قدم تظلماً من هذا القرار ومن ثم فإن الدفع يكون في محله، ويكون الحكم المطعون فيه، إذ قضى برفضه قد خالف القانون، وذكرا في الموضوع إن الأسباب التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه غير مقبولة، إذ لا شبهة في أن الحاكم العسكري لمناطق الحدود قد استعمل سلطاته التي منحه إياها القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية وفقاً لما تتطلبه مقتضيات الأمن العام وما تفرضه الظروف الاستثنائية من ضرورة اتخاذ تدابير سريعة وحاسمة بالنظر إلى النشاط الضار الخطر الذي يزاوله المدعي استناداً إلى التحريات التي أثبتت أنه من المشتبه فيهم وفقاً لحكم الفقرة السابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 533 لسنة 1954 ولا يغير من هذا كون المحكمة قد برأته في قضية الجناية رقم 140 لسنة 1955 عليا القنطرة بعد أن نفت عنه التهمة، إذ أن هذا الحكم لا يرفع عنه شبهة اشتغاله بتهريب المخدرات التي أيدتها التحريات التي قامت بها الجهات المختصة. وليس بلازم أن يكون قد سبق الحكم عليه لكي تقوم هذه الشبهة هذا فضلاً عما تحقق لإدارة المخابرات من أنه يقوم بشراء الأسلحة من الأعراب بسيناء والاتجار فيها. مما يقطع في الدلالة على مدى خطورته على الأمن العام وسلامة المجتمع. ومن ثم فإن قرار اعتقاله يكون قائماً على أسباب صحيحة مستمدة من أصول ثابتة في الأوراق مطابقاً للقانون. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون ويصبح حقيقاً بالإلغاء.
وقد عقبت هيئة مفوضي الدولة على هذا الطعن بمذكرة بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيها إلى أنها ترى "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المدعي وإلزامه المصروفات". وبنت رأيها على أن المحكمة الإدارية العليا سبق أن قضت بجلسة 29 من إبريل سنة 1961 في الطعن رقم 327 لسنة 6 القضائية المتعلق بوقف التنفيذ برفض الدفع بعدم قبول الدعوى بعد إذ استظهرت بحق أنه لا دليل في الأوراق على علم المدعي بالقرار الصادر باعتقاله علماً يقينياً في وقت بذاته يخرجه عن نطاق ميعاد الطعن، إذ ظل الأمر معلقاً عليه حتى تاريخ رفع الدعوى كما قضت وهي بسبيل الرد على موضوع طلب وقف التنفيذ بأن أمر الاعتقال - بصرف النظر عن حكم الجناية رقم 140 لسنة 1955 - قد صدر بناء على ما قدره الحاكم العسكري من خطورة الأفعال المنسوبة إلى المدعي على الأمن وأن الشبهات التي استخلصها مصدر القرار على وجه سائغ من تحريات لها أصل ثابت في الأوراق تجعل هذا القرار المستند إليها قائماً على سبب صحيح مشروع يبرره في الظروف الاستثنائية التي استدعت إعلان الأحكام العرفية وبخاصة في مناطق الحدود، بوصف هذا القرار تدبيراً وقائياً عاجلاً اتخذه الحاكم العسكري بسلطته التقديرية لمواجهة حالة ألجأته إليها مقتضيات النظام وضرورات الأمن العام مستهدفاً بذلك حماية المصلحة العامة وسلامة المجتمع. وحق الحاكم العسكري في اتخاذ هذا التدبير إنما يستمده من أحكام القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية وفقاً لحكم الفقرة السابعة من المادة الثالثة منه وذلك بالقبض على كل مشتبه فيه تدعو ضرورات المحافظة على الأمن إلى الحد من نشاطه أو إلى ضبطه أو حجزه في مكان أمين. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قائماً على سبب يبرره واقعاً وقانوناً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغائه قد جاء مخالفاً لأحكام القانون، ويحق والحالة هذه القضاء بإلغاء هذا الحكم وبرفض الدعوى.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بجلسة 29 من إبريل سنة 1961 في الطعن رقم 327 لسنة 6 القضائية المرفوعة من الحكومة عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1959 في طلب وقف التنفيذ في هذه الدعوى عينها برفض الدفع بعدم قبول الدعوى الذي أثارته الحكومة في ذلك الطعن ولا تزال متمسكة به ذاته في الطعن الحالي وبقبولها، وذلك تأسيساً على أن الحكومة لم تقدم دليلاً يبين التاريخ الذي تم فيه فعلاً تنفيذ الأمر العسكري رقم 64 الصادر من الحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال بعض الأشخاص، ومن بينهم المدعي، بالنسبة إلى هذا الأخير بالقبض عليه وإيداعه المعتقل سوى قولها أن القبض والاعتقال تما في يوم 23 من فبراير سنة 1959 وهو تاريخ صدور القرار بإقرار المدعي في صحيفة دعواه، مع أن الثابت في هذه الصحيفة هو أنه قبض عليه في مارس سنة 1959 لا في فبراير سنة 1959. وأنه ظل يوالي التظلم ويطرق أبواب المسئولين باحثاً عن السر الغامض في هذا الاعتقال الذي لم يتمكن حتى ساعة رفع الدعوى من إدراك سببه. فلو صح أن القبض تم في شهر مارس سنة 1959 وأن المدعي تظلم من القرار الصادر به ولم يقم على نفي هذا أو ذاك دليل قاطع - فإن الدعوى التي أودعت صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 16 من مايو سنة 1959 تكون مقبولة شكلاً لرفعها في الميعاد القانوني. ولو صح غير ذلك لما جاز الاحتجاج بتاريخ القبض على المدعي للقول بسريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء في حقه من هذا التاريخ باعتبار أنه علم فيه حتماً بالقرار المطعون فيه علماً يقينياً، إذ لا دليل في الأوراق على إبلاغه بهذا القرار في تاريخ معين مع اطلاعه على الأسباب التي دعت إلى إصداره بما يتحقق معه علمه بمحتوياته وفحواه علماً يقينياً نافياً للجهالة يمكنه من تحديد موقفه إزاءه من حيث قبوله أو الطعن فيه، لا ظنياً ولا افتراضياً. ومن ثم فإن ميعاد الطعن في القرار المذكور يكون والحالة هذه ما زال مفتوحاً حتى يوم إقامة الدعوى وبإيداع صحيفتها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 16 من مايو سنة 1959 ويكون الدفع بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد في غير محله متعيناً رفضه وقبول الدعوى.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإنه يبين من مطالعة الأمر العسكري رقم 64 الصادر في 23 من فبراير سنة 1959 من السيد مدير عام سلاح الحدود والحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال بعض الأشخاص والقبض عليهم وحجزهم في مكان أمين، وعدم الإفراج عنهم إلا بأمر من مصدر القرار ومن بينهم المدعي، أن هذا الأمر قد صدر لدواعي الأمن العام بناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 329 لسنة 1956 بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية، وعلى القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية والقوانين المعدلة له، وكذا على الأمر العسكري رقم 29 الصادر في 25 من مارس سنة 1952 بتعيين المدير العام لسلاح الحدود حاكماً عسكرياً للمناطق التابعة له، وبمقتضى السلطة الممنوحة للمدير المذكور بالأمر العسكري رقم 60 الصادر في 11 من مارس سنة 1953 بتخويله بعض السلطات في مناطق الحدود وقد جاء بمذكرة إدارة المخابرات بسلاح الحدود في شأن نشاط المدعي الذي من أجله اتخذ هذا الإجراء الوقائي في حقه أن المذكور صاحب أملاك وأنه من أكبر مهربي المخدرات الموجودين بالقنطرة شرق. ويقوم بإحضارها بواسطة أعوانه من نجيلة إلى القنطرة تمهيداً لنقلها عبر القنال إلى وادي النيل - هذا وقد سبق اتهام المذكور في القضية الجنائية العليا رقم 140/ 55 بتاريخ 29/ 10/ 1955 القنطرة شرق. وقد أخطرت مخابرات القناة وشرق الدلتا بكتابها المؤرخ 29/ 12/ 1956 أن المذكور يقوم مع آخرين بشراء الأسلحة من الأعراب بسيناء للاتجار فيها".
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد صدر ممن يملكه في حدود السلطة المخولة له قانوناً. وهي سلطة تقديرية ناطه بها المشرع لمواجهة ما تقتضيه الظروف الاستثنائية التي تستدعي إعلان الأحكام العرفية كلما تعرض الأمن أو النظام العام في البلاد للخطر، وما تستوجبه دواعي هذه الحالة من ضرورة اتخاذ تدابير وقائية عاجلة لسلامة المجتمع وضمان أمنه تقصر عنها وسائل القانون العام الذي يطبق في الأحوال العادية. ومن بين هذه التدابير الأمر بالقبض على ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام العام ووضعهم في مكان أمين وقد عبر الشارع في البند (7) من المادة 3 من القانون رقم 533 لسنة 1954 في شأن الأحكام العرفية عن هذه الفئة بقوله "الأمر بالقبض واعتقال ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام العام ووضعهم في مكان أمين". وغني عن البيان أن السلطة المستمدة من هذا القانون تختلف في مداها للحكمة والمبررات التي تقوم عليها عن تلك تتمتع بها الحكومة في الظروف العادية المألوفة، وأن ذوي الشبهة هم غير المشبوهين الذين عناهم قانون المتشردين والمشتبه فيهم وحدد لهم أوضاعاً خاصة، وقد غاير الشارع في العبارة التي وصفهم بها استبعاداً لتلك التسمية الاصطلاحية مما يدل على انصراف قصده إلى المعنى اللغوي للعبارة التي استعملها بحيث تشمل بهذا الوصف كل من تحوم حوله شبهة توحي بأنه خطر على الأمن أو النظام العام. وقد استند الأمر العسكري المطعون فيه إلى أصول ثابتة في الأوراق استمد منها سبب صدوره وهي تحريات إدارة المخابرات بسلاح الحدود التي تضمنت قيام المدعي بضربين من النشاط الضار بالأمن العام وهما تهريب المخدرات بوساطة أعوانه والاتجار مع آخرين بالأسلحة وكلاهما من الأعمال التي تشكل خطراً على سلامة المجتمع وأمنه. ولما كانت الشبهات في هذه الحالة كافية بنص القانون للقبض والاعتقال وكانت السلطة القائمة على إجراء الأحكام العرفية هي التي بوصفها الجهاز المسئول المختص تستجمع العناصر والأدلة المكونة لهذه الشبهات والمثبتة لها وهي التي تقدر مدى خطورتها على الأمن أو النظام العام، وتحدد الوقت المناسب لتدخلها باتخاذ هذا التدبير فليس بلازم أن يكون الشخص الذي اتبع في حقه مثل هذا الإجراء قد سبق إدانته في واقعة معينة بذاتها وإلا لتعطلت حكمة تخويل الحاكم العسكري سلطة الأمر به وغلت يده عن أداء وظيفته التي منح من أجلها هذه السلطة الاستثنائية. ولا ينفي عن المدعي الشبهة التي قامت به والتي سجلها تقريرا كل من إدارة المخابرات بسلاح الحدود ومخابرات القناة وشرق الدلتا كونه قد سبق اتهامه في 29 من أكتوبر سنة 1955 بتهريب مخدرات في قضية الجناية رقم 140 لسنة 1955 عليا القنطرة شرق وقضت المحكمة الجنائية ببراءته مما نسب إليه وصدق مدير عام سلاح الحدود على هذا الحكم في 3 من مايو سنة 1958. لأن عدم توافر أدلة الإدانة ضده في هذه القضية لا يرفع عنه ما أحاط بسلوكه المساس بالأمن العام بسبب النشاط المعزو إليه سواء في تهريب المخدرات أو في الاتجار بالأسلحة من شبهات أخرى لم تقم على هذا الاتهام وحده، ولم ينهض دليل ناف لصحتها أو مشكك فيها. وهي شبهات استخلصها مصدر القرار على وجه سائغ من تحريات جدية بنى عليها قراره الذي استهدف به حماية المصلحة العامة وسلامة المجتمع وبخاصة في مناطق الحدود التي هي منافذ تسرب المخدرات وتهريب السلاح وقصد منه تحقيق الغاية التي حرص عليها الشارع بتخويله سلطة القبض على ذوي الشبهة أو الخطرين على الأمن أو النظام العام واعتقالهم. ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد قام على سبب صحيح يبرره في الظروف الاستثنائية التي أوحت بإصداره في ظل الأحكام العرفية التي استلزمت إعلانها مقتضيات سلامة البلاد وضرورات الأمن. وإذ أخذ حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه بغير هذا النظر فقضى بإلغاء القرار الصادر في 23 من يناير سنة 1959 من الحاكم العسكري لمناطق الحدود باعتقال المدعي فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.