مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 899

(81)
جلسة 23 من مارس سنة 1963

برئاسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1278 لسنة 8 القضائية

( أ ) موظفو هيئة السكك الحديدية ومستخدموها - شغل أحدهم الدرجة الخصوصية (72/ 108 جنيه) واقتران التسمية بوصف أنها خارج الهيئة - اعتباره من طائفة المستخدمين الخارجين عن الهيئة - أساس ذلك هو دخول هذه الدرجة في نصاب مرتب الدرجة العمالية المنصوص عليها في البند (ثالثاً) "المستخدمون الخارجون عن الهيئة (الصناع) الواردة في الجدول الملحق بقانون موظفي الدولة.
(ب) تأديب - المستخدمون الخارجون عن الهيئة الذين طبق عليهم كادر العمال بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 111 لسنة 1960 من أول إبريل سنة 1960 - خضوعهم في مجال التأديب لهذا الكادر - فصل أحدهم بسبب تأديبي دون التزام الأوضاع الشكلية التي قررها هذا الكادر كأخذ رأي اللجنة الفنية لشئون العمال - يعتبر إهداراً صريحاً لضمانة حرص عليها المشرع لصالح العمال - إلغاء قرار الفصل لهذا السبب لا يعطل من سلطة الإدارة في إعادة إجراءات التحقيق والمحاكمة وسلطتها في توقيع الجزاء التأديبي على ما يثبت لديها من ذنب في حق العامل.
(ج) موظف - مرتب - عدم استحقاقه عن مدة الفصل - أساس ذلك أن المرتب مقابل العمل.
1 - إنه ولئن كانت الدرجة التي يشغلها المطعون عليه بالهيئة العامة للسكك الحديدية قد أطلق عليها في قرار التعيين رقم 58 بتاريخ 31/ 8/ 1959 اسم الدرجة الخصوصية (72/ 108) جنيهاً في السنة إلا أن هذه التسمية قد جاء قرينها في جميع المكاتبات الرسمية وصف (أنها خارج الهيئة) وهي فئة تدخل في نصاب مرتب الدرجة (عالية) في البند (ثالثاً) المستخدمون الخارجون عن الهيئة (الصناع) الواردة في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951.
2 - إن النظام القانوني الذي يخضع له المطعون عليه، في مجال التأديب وقت صدور قرار الفصل في 13/ 2/ 1961 - وهو القرار المطعون فيه بالإلغاء - هو كادر العمال وأحكامه، ذلك أن المطعون عليه يعتبر منذ أول إبريل سنة 1960 بالتطبيق لأحكام القانون رقم (111) لسنة 1960 عاملاً يعامل بمقتضى أحكام كادر العمال، ولم يعد بعد من الخاضعين لأحكام قانون نظام موظفي الدولة، وقد ألغى جميع مواده الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهو الباب الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة، ويدخل بالضرورة فيما ألغي من مواد هذا الباب نص المادة (128) المتعلقة بالتأديب وحاصلها (أن العقوبات التأديبية للمستخدمين الخارجين عن الهيئة هي.... (1) الإنذار.... (7) الفصل. ويباشر وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة المختص سلطة توقيع هذه العقوبات كل في دائرة اختصاصه، ويكون قراره فيها نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل فيجوز التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم، وذلك في مدى أسبوعين من تاريخ إعلانه بقرار الفصل، ويكون قرار اللجنة في هذا الشأن نهائياً...) ولقد أعملت الهيئة العامة للسكك الحديدية حكم هذا النص على المطعون عليه، في وقت لم يكن لهذا النص من قيام بعد إذ ألغى منذ أول إبريل سنة 1960 وخرج المطعون عليه بوصفه من المستخدمين الخارجين عن الهيئة من مجال تطبيق أحكام قانون موظفي الدولة ليدخل في ظل أحكام كادر العمال وما لحقه من تعديلات فكان يتعين على الجهة الإدارية، وتلك نصوص القانون واضحة على ما سلف من إيضاح، أن تطبق في حق المطعون عليه أحكام كادر العمال عند التصرف في التحقيق وكان عليها أن تلتزم الأوضاع الشكلية التي قررها الكادر المذكور وقد تناول النص على حالة فصل العامل من الخدمة بسبب تأديبي فقضى بأنه "لا يجوز فصل العامل من الخدمة بسبب تأديبي إلا بموافقة وكيل الوزارة بعد أخذ رأي اللجنة الفنية المشار إليها فيما تقدم" وفي الإعراض عن ذلك إهدار صريح لضمانة حرص عليها المشرع لصالح العمال. فإذا صدر القرار المطعون فيه وهو قرار الفصل مخالفاً لأحكام القانون كان خليقاً بالإلغاء وهذا الإلغاء لا يعطل بطبيعة الحال من سلطة الإدارة في إعادة إجراءات التحقيق والمحاكمة وما لها من سلطة في توقيع الجزاء التأديبي على ما يثبت لديها في حق المطعون عليه من ذنب.
3 - استقر قضاء هذه المحكمة على أن المرتب مقابل العمل وإذا انقطع المطعون عليه عن العمل بصدور قرار الفصل، فلا محل للقضاء له بمرتبه عن مدة فصله، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب فيما قضى به من صرف مرتب المدعي عن مدة الفصل.


إجراءات الطعن

في 16 من يونيه سنة 1962 أودع السيد محامي الحكومة سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذا المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1278 لسنة 8 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 16 من إبريل سنة 1962 في الدعوى رقم 191 لسنة 9 القضائية المقامة من وديع يوحنا بقطر ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية والذي قضى: (بإلغاء القرار الإداري رقم 177 الصادر في 13 من فبراير سنة 1961 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار منها صرف مرتبه عن مدة الفصل، وألزمت الإدارة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة). وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في تقرير طعنه: (الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون عليه وإلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة). وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 21 من يونيه سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5 من يناير سنة 1963 وفيها قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 2 من فبراير سنة 1963 وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدم المطعون عليه في 18 من فبراير سنة 1963 مذكرة انتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بفتح باب المرافعة واحتياطياً قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً. ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 191 لسنة 9 القضائية ضد الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية أمام المحكمة الإدارية بالإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 22 من أكتوبر سنة 1961 عن طريق المساعدة القضائية، وطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر بفصله في 13 من فبراير سنة 1961 وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف والأتعاب. وقال بياناً لدعواه إنه فوجئ في صباح يوم 25/ 5/ 1960 بينما كان يؤدي عمله بمحطة القباري، بقوة من مباحث السكة الحديد أجرت تفتيشه وألقت القبض عليه، واتهمته بأخذ رشوة من التجار المصدرين لرسائل الخضار بالمحطة. وعلى إثر ذلك تم جرد الإيراد بمعرفة المفتشين المختصين فأثبتوا زيادة في الإيراد قيمتها 495 مليماً ثم أحيل إلى نيابة منيا البصل للتحقيق معه ثم أفرج عنه مؤقتاً، وفي مساء ذات اليوم أبلغ الموظف الذي تسلم العمل منه بعد القبض عليه بوجود عجز في الإيراد قدره خمسمائة مليم، وقد ظهر أن هذا العجز هو عبارة عن الزيادة التي ظهرت خطأ في ذلك اليوم. وقد قام المفتشون بإعادة الجرد في اليوم التالي فتبين لهم سلامة الإيراد وقد حققت معهم النيابة، وتم إخلاء سبيل المدعي لبراءته من التهمة المنسوبة إليه واستلم عمله في 31 مايو سنة 1960 وحفظ التحقيق في النيابة. ثم يستطرد المدعي أنه في 13/ 2/ 1961 فصل من الخدمة بناء على إشارة من مراقبة عموم الأفراد بالقاهرة وقد جاء هذا الفصل تعسفياً ولا سند له من القانون ما دام قد ثبت براءة المدعي. ولهذا فقد تظلم في 19/ 2/ 1961 من قرار فصله ولكن الجهة الإدارية لم تقم بإعادته إلى عمله. وختم المدعي دعواه بطلب الحكم بإلغاء قرار فصله على النحو السالف الإشارة إليه.
ردت الجهة الإدارية المدعى عليها بمذكرة جاء فيها أن المدعي ضبط متلبساً يوم 25/ 5/ 1960 بمعرفة أحد ضباط المباحث بطلب وقبول مبلغ خمسة قروش على سبيل الرشوة من صابر علي شيخون، مصدر الرسالة رقم 15/ 2915 فأحيل إلى النيابة العامة حيث قيدت الشكوى برقم 1555 لسنة 60 منيا البصل برقم 46 لسنة 1960 حصر أمن الدولة العليا وبتحقيق الموضوع انضمامياً اتضحت مسئولية المدعي في المخالفات الآتية: (1) تلاعبه في وزن الرسالة موضوع التحقيق لإثباته الوزن بالأوراق (200) كيلو جرام والنولون (260) مليماً في حين أن الحقيقة هي (206) كيلو جرام للوزن وأن صحة النولون (365) مليماً كما أن ضمن الرسالة طرد وزنه (23) كيلو بصل ناشف تقدر أجرته على الدرجة الأولى وقد قدره المدعي على أنه خضار مع باقي الرسالة على الدرجة الثانية. ورأت اللجنة إلزامه بدفع مبلغ (105) مليم فرق نولون. (2) قبوله التخليص على الرسالة موضوع التحقيق والرسالتين رقم (13/ 7913، 14/ 7914) يوم 25/ 5/ 1960 بدون تراخيص من الحجر الزراعي مخالفاً بذلك التعليمات. وانتهت النيابة العامة إلى طلب محاكمته تأديبياً لما أسند إليه. وعلى ذلك أصدر السيد مدير عام الهيئة القرار رقم (177) في 13/ 2/ 1961 بفصله من الخدمة لاتهامه بأخذ رشوة قدرها خمسة قروش ووجود (495) مليماً زيادة بعهدته. ونفذ هذا القرار ورفع المدعي عن العمل في 14/ 2/ 1961 وقد تظلم منه المدعي في 19/ 2/ 1961. ولما كان المدعي موظفاً بالدرجة الخصوصية التي يخضع أربابها للقواعد والأحكام التي ينظمها الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد عرض تظلمه على لجنة شئون الموظفين وفقاً للمادة 128 من هذا القانون. فقررت اللجنة تأييد قرار فصل المدعي. وانتهت الجهة الإدارية إلى القول بأن القرار المطعون فيه قد صدر من مختص وقام على سبب صحيح بعد التحقيق مع المدعي إدارياً وجنائياً وسماع أقواله وبذلك تكون دعواه على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضها.
وبجلسة 16 من إبريل سنة 1962 حكمت المحكمة الإدارية بالإسكندرية "بإلغاء القرار رقم 177 الصادر في 13 من فبراير سنة 1961 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار ومنها صرف مرتبه عن مدة الفصل وألزمت الإدارة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها، هذا، على عدم صحة السببين اللذين قام عليهما قرار الفصل: قبول المدعي رشوة قدرها خمسة قروش، ووجود زيادة في عهدته قدرها 495 مليماً، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء، ثم استطردت المحكمة قائلة إن هذا الإلغاء لا يعطل بطبيعة الحال من سلطة الإدارة في توقيع الجزاء على المدعي بما يتناسب صدقاً وعدلاً مع المخالفات التي ارتكبها بصدد شحن الرسالة موضوع التحقيق. وأضافت المحكمة أنه يترتب على إلغاء قرار الفصل استحقاق المدعي مرتبه عن مدة الفصل.
وفي 16 من يونيه سنة 1962 طعنت إدارة قضايا الحكومة في هذا الحكم وطلبت "قبول طعنها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض دعوى المطعون عليه وإلزامه المصروفات ومقابل الأتعاب". واقتصرت أسباب الطعن على ما وقع فيه الحكم المطعون فيه من خطأ مرده فقط إلى ما استند إليه من عدم صحة السببين اللذين قام عليهما قرار الفصل فخالف الحكم بذلك ما هو ثابت من الوقائع في الأوراق فضلاً عما جاوز به الحكم حدود رقابته القانونية على القرار المطعون فيه ونهجت المحكمة في بحث القرار التأديبي نهج الرقابة القضائية على الأحكام الجنائية فأغفلت بذلك ما بين القضاءين من فوارق جوهرية ترجع إلى اختلاف طبيعة القضاء الإداري عن القضاء الجنائي. والحكم المطعون فيه أخطأ إذ راح يفند السببين الذين عليهما قام قرار الفصل، وقبول الرشوة ووجود الزيادة في العهدة على الرغم من أن الثابت في الأوراق أن النيابة العمومية قررت أن جريمة الرشوة قائمة ثابتة في حق المتهم ولكنها نظراً إلى تفاهة قيمة الرشوة قررت الحفظ مع إحالة الأوراق إلى الجهة الإدارية لمحاكمة المتهم إدارياً على ما هو ثابت في حقه.
ومن حيث إنه يتعين بادئ ذي بدء، وقبل التصدي لأوجه الطعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بإلغاء قرار فصل المطعون عليه، تحديد النظام القانوني الذي يجب أن يخضع له المطعون عليه في مجال تأديبه وقت صدور القرار المطعون فيه بالإلغاء. خاصة بعد إذ جاء في دفاع الهيئة العامة للسكك الحديدية عند ردها على صحيفة هذه الدعوى: قالت بأن المدعي كان إلى ما قبل صدور القرار بفصله بالدرجة الخصوصية التي يخضع أربابها للقواعد والأحكام التي ينظمها الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة فقد عرض تظلمه على لجنة شئون الموظفين وفقاً للمادة 128 من هذا القانون فقررت اللجنة تأييد قرار الفصل. وتقول المنطقة الشمالية للسكك الحديدية في مذكرتها التكميلية المقدمة في 20 من يناير سنة 1962 أن المدعي يعمل مساعداً لمخزن روسبيت ويشغل درجة خصوصية منشأة بالتطبيق للمادة 135 مكرر من قانون التوظف وقد أجازت هذه المادة إنشاء درجات فرعية أو خصوصية بقرار من الوزير المختص بموافقة وزير الخزانة وبعد أخذ رأي ديوان الموظفين. وتقول الهيئة العامة إن هذه المادة لم تلغ بالقرار بالقانون رقم 111 لسنة 1960 لأنها لا تدخل أحكام الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 وأحكام الباب الثاني محددة على سبيل الحصر في المادة السابقة من القانون رقم 111 لسنة 1960 وهي قاصرة على المواد من 117 إلى 130 دون سواها وبذلك تكون المادة 135 مكرر باقية غير ملغاة. وقد تناول الإلغاء أيضاً جداول درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة من صناع وغير صناع، تلك الجداول الملحقة بالقانون رقم 210 لسنة 1951 وليس من بين تلك الدرجات الملغاة في الجداول الدرجة الخصوصية. وانتهت من ذلك الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية إلى أن الدرجات الخصوصية تظل باقية كما كانت بأحكامها القديمة وقواعدها وتستطرد الهيئة العامة قائلة إن الذي يؤيد قولها هو ما جاء بالبند (رابعاً) من كتاب دوري ديوان الموظفين رقم 8 لسنة 1960 حيث نص على أنه (تسري القواعد المتقدمة على المستخدمين والمستخدمات، الصناع وغير الصناع المعينين على درجات عالية وأولى وثانية خارج الهيئة بميزانيات الوزارات والمصالح والهيئات العامة ذات الميزانيات المستقلة والمعاملين بمقتضى قواعد تنظيم خاصة الذين تتفق درجاتهم مع درجات المستخدمين الخارجين عن الهيئة طبقاً للقانون رقم 210 لسنة 1951). وتخلص الهيئة العامة إلى أنه لما كان المدعي قبل صدور قرار فصله في 13 من فبراير سنة 1961 على درجة خصوصية فإنه يخرج بالضرورة عن مجال تطبيق أحكام القانون رقم 111 لسنة 1960 وتسري عليه أحكام قانون نظام موظفي الدولة. وفي أول يوليه سنة 1961 أعد السيد رئيس قسم شئون الأفراد بالمنطقة الشمالية مذكرة عن وضع المطعون عليه. جاء فيها: "(1) فصل المدعي وديع يوحنا بقطر، مساعد مخزن روسبيت في الدرجة الخصوصية (72/ 108) جنيهاً بأقسام نقل القباري من خدمة الهيئة بقرار الإدارة العامة رقم 177 بتاريخ 13/ 2/ 1961 للأسباب الواردة بذات القرار. (2) تظلم المدعي من قرار الفصل، وأرسل التظلم للإدارة العامة إلا أنه أعيد بكتاب مراقبة الأفراد رقم 8716 في 6/ 5/ 1961 لعرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين الفرعية بالمنطقة ليصبح قرارها نهائياً بشأن المدعي. (3) عرض الموضوع بمذكرة وافية على لجنة شئون الموظفين الفرعية التي انعقدت في 15/ 6/ 1961 وقررت الآتي: (عرض الموضوع على اللجنة وتبين أن قرار الفصل المتظلم منه صدر من السيد المهندس مدير عام الهيئة وتقرر رفع الأمر إلى الإدارة العامة للإفادة عن مدى سلطة لجنة شئون الموظفين الفرعية بالمنطقة في التصدي لقرار صدر من السيد المدير العام). (4) تحرر للإدارة العامة فجاء ردها بالكتاب رقم 8716 في 27/ 6/ 1961 بعرض الموضوع على لجنة شئون الموظفين بالمنطقة لدراسة موضوعه وإصدار قرار نهائي فيه إما بتأييد فصل المدعي أو إعادته إلى الخدمة، وفي الحالة الأخيرة تخطر الإدارة العامة لاستصدار القرار اللازم لإعادته للخدمة. ولذا نعرض الأمر على اللجنة على ضوء ما توضح بعاليه وحسبما جاء بالمذكرة السابق تقديمها في 15/ 6/ 1961 لتقرير اللازم". وفي 9/ 7/ 1961 قررت اللجنة تأييد قرار الفصل الصادر من السيد المدير العام وذلك بعد إعادة النظر في الموضوع.
ومن حيث إنه لا شبه بعد الذي تقدم مما جاء بدفاع الهيئة العامة للسكك الحديدية وما نصت على ذكره في وضوح بمذكراتها وكتبها الإدارية الرسمية، من أن المطعون عليه يعتبر من طائفة المستخدمين الخارجين عن الهيئة وهي الطائفة التي اختص بتنظيمها الباب الثاني وحده من قانون نظام موظفي الدولة في المواد من 117 إلى 130 منه وانتظمت درجاته ومرتباته وعلاواته البنود (ثانياً)، (ثالثاً)، (رابعاً) من جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون المذكور ذلك أنه ولئن كانت الدرجة التي يشغلها المطعون عليه بالهيئة العامة للسكك الحديدية قد أطلق عليها في قرار التعيين رقم 58 بتاريخ 31/ 8/ 1959 اسم الدرجة الخصوصية (72/ 108) جنيهاً في السنة إلا أن هذه التسمية قد جاء قرينها في جميع المكاتبات الرسمية وصف (أنها خارج الهيئة) وهي فئة تدخل في نصاب مرتب الدرجة (عالية) في البند (ثالثاً) المستخدمون الخارجون عن الهيئة (الصناع) الواردة في جدول الدرجات والمرتبات الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951.
ومن حيث إنه في 26 من مارس سنة 1960 صدر قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 111 لسنة 1960 بسريان أحكام كادر العمال على المستخدمين الخارجين عن الهيئة وتحسين حالتهم - منشور بالجريدة الرسمية في 31 من مارس سنة 1960 بالعدد 73 - ونص في المادة السابعة منه على أنه (تلغى المواد من 117 إلى 130 والمادة 144 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه). وفي المادة الثامنة منه على أنه (ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به في الإقليم الجنوبي من أول الشهر التالي لنشره). ومن ثم يكون هذا القانون ساري المفعول اعتباراً من أول إبريل سنة 1960 أي قبل تاريخ صدور القرار المطعون فيه بفصل المدعي في 13 من فبراير سنة 1961. وقد ارتكز القانون رقم 111 لسنة 1960 في ديباجته إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 وإلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1944 بكادر العمال والقرارات المعدلة له ونص في المادة الأولى من هذا القانون على أن "ينشأ في كادر العمال درجة جديدة تحت اسم (مستخدمين) بالفئة من (200/ 320) مليماً يومياً بعلاوة 20 مليماً كل سنتين". وفي المادتين الثانية والثالثة منه (ينقل إلى درجات كادر العمال والمستخدمين والمستخدمات غير الصناع (في المادة الثانية) والصناع (في المادة الثالثة) المعينون على درجات بالميزانية...) وجاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون "من الأهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها إقامة حياة اجتماعية سليمة تحقق لجميع المواطنين عدالة شاملة ليشعروا أنهم متساوون في الحقوق والواجبات. وإذ كانت الدولة قد راعت مصالح العمال بحيث أصبحت هذه الرعاية ملموسة بين جميع طبقاتهم فإنه بقيت بوزارات الحكومة ومصالحها طبقة المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال بفئتيها الصناع وغير الصناع دون أن يلحق أفرادها تحسين يذكر مما أدى إلى تخلفهم عن زملائهم المعينين على كادر العمال. لذلك رؤى تحسين حال هذه الطائفة بما يكفل مساواتهم بزملائهم العمال على الأسس الآتية: (1) اعتبار جميع المستخدمين الخارجين عن الهيئة صناعاً وغير صناع، عمالاً يعاملون بمقتضى كادر العمال. (2) إنشاء درجة جديدة في كادر العمال للمستخدمين الخارجين عن الهيئة غير الصناع من فئة (5/ 8) جنيهات شهرياً بعلاوة خمسمائة مليم كل سنتين.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن النظام القانوني الذي يخضع له المطعون عليه، في مجال التأديب وقت صدور قرار الفصل في 13 من فبراير سنة 1961 - وهو القرار المطعون فيه بالإلغاء - هو كادر العمال وأحكامه، ذلك أن المطعون عليه يعتبر منذ أول إبريل سنة 1960 بالتطبيق لأحكام القانون رقم 111 لسنة 1960 عاملاً يعامل بمقتضى أحكام كادر العمال ولم يعد بعد من الخاضعين لأحكام قانون نظام موظفي الدولة، وقد ألغى بجميع مواده الباب الثاني من القانون رقم 210 لسنة 1951 وهو الباب الخاص بالمستخدمين الخارجين عن الهيئة، ويدخل بالضرورة فيما ألغي من مواد هذا الباب نص المادة 128 المتعلقة بالتأديب وحاصلها "أن العقوبات التأديبية للمستخدمين الخارجين عن الهيئة هي: (1) الإنذار.... (7) الفصل. ويباشر وكيل الوزارة أو رئيس المصلحة المختص سلطة توقيع هذه العقوبات كل في دائرة اختصاصه، ويكون قراره فيها نهائياً فيما عدا عقوبة الفصل فيجوز التظلم منها إلى لجنة شئون الموظفين بالوزارة أو المصلحة التابع لها المستخدم، وذلك في مدى أسبوعين من تاريخ إعلانه بقرار الفصل، ويكون قرار اللجنة في هذا الشأن نهائياً..." ولقد أعملت الهيئة العامة للسكك الحديدية حكم هذا النص على المطعون عليه، في وقت لم يكن لهذا النص من قيام بعد إذ ألغى منذ أول إبريل سنة 1960 وخرج المطعون عليه بوصفه من المستخدمين الخارجين عن الهيئة من مجال تطبيق أحكام قانون موظفي الدولة ليدخل في ظل أحكام كادر العمال وما لحقه من تعديلات، فكان يتعين على الجهة الإدارية، وتلك نصوص القانون واضحة على ما سلف من إيضاح، أن تطبق في حق المطعون عليه أحكام كادر العمال عند التصرف في التحقيق وكان عليها أن تلتزم الأوضاع الشكلية التي قررها الكادر المذكور وقد تناول النص على حالة فصل العامل من الخدمة بسبب تأديبي فقضى بأنه "لا يجوز فصل العامل من الخدمة بسبب تأديبي إلا بموافقة وكيل الوزارة بعد أخذ رأي اللجنة الفنية المشار إليها فيما تقدم". وفي الإعراض عن ذلك إهدار صريح لضمانة حرص عليها المشرع لصالح العمال. فإذا صدر القرار المطعون فيه وهو قرار الفصل مخالفاً لأحكام القانون كان خليقاً بالإلغاء وهذا الإلغاء لا يعطل بطبيعة الحال من سلطة الإدارة في إعادة إجراءات التحقيق والمحاكمة وما لها من سلطة في توقيع الجزاء التأديبي على ما يثبت لديها في حق المطعون عليه من ذنب. وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن المرتب مقابل العمل وإذ انقطع المطعون عليه عن العمل بصدور قرار الفصل، فلا محل القضاء له بمرتبه عن مدة فصله، ويكون الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب فيما قضى به من صرف مرتب المدعي عن مدة الفصل بعد إذ لازمه التوفيق فيما انتهى إليه من الحكم بإلغاء القرار الإداري رقم 177 الصادر في 13 من فبراير سنة 1961 بفصل المدعي من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار، فهذا الحكم صحيح في هذا الشق منه ولكن لغير ما ارتكز عليه الحكم المطعون فيه من أسباب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من صرف مرتب المطعون عليه عن مدة الفصل وبتأييده فيما عدا ذلك على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الهيئة العامة للسكك الحديدية بالمصروفات.