أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 161

جلسة 10 من يناير سنة 1979

برياسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد حمدي.

(40)
الطعن رقم 672 لسنة 45 القضائية

(1، 2) التزام. "حوالة". بيع. عقد.
(1) مشتري العقار بعقد غير مسجل. بيعه لآخر دون الاقتصار على حوالة حقوقه الشخصية إليه. جواز تقابل المشتري الأول مع البائع له بعد البيع الثاني.
(2) تقابل مشتري العقار بعقد غير مسجل مع البائع له. سريانه قبل المشتري الثاني بعقد غير مسجل من المشتري الأول.
عدم سريانه قبل من اكتسب حقاً عينياً على العقار قبل التقابل.
(3) حكم. "قصور". نقض.
قصور الحكم المطعون فيه في الرد على دفاع قانوني.
لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية طالما أنه انتهى إلى النتيجة الصحيحة.
1 - أنه وإن كان لمشتري العقار غير المسجل أن يحيل الحقوق الشخصية الناشئة عن العقد لآخر وفقاً لإجراءات الحوالة، إلا أن ذلك لا ينفي حقه أيضاً في أن يتصرف بالبيع في العقار إلى مشترتان بموجب عقد بيع يكون مستقلاً بذاته عن عقد شرائه، يلتزم هو فيه قبل المشتري بكافة التزامات البائع التي يرتبها عقد البيع؛ وإذ كان الثابت من مطالعة عقد البيع المؤرخ 21/ 4/ 1972 أنه تضمن بيع المطعون ضده الأول الأطيان التي اشتراها من المطعون ضدهما الثاني والثالث بموجب عقد البيع غير المسجل 1/ 12/ 1970 إلى الطاعن، وأن المطعون ضده الأول التزم في العقد الأول بكافة التزامات البائع التي تتولد عن البيع من ضمان خلو المبيع من الحقوق العينية والالتزام بتسليم مستندات الملكية للطاعن والتوقيع على العقد النهائي واستحضار المطعون ضدهما الثاني والثالث للتوقيع عليه مما ينفي عنه صفة حوالة الحق التي يترتب عليها حلول المحال له محل المحيل في الحق نفسه بجميع مقوماته وخصائصه، ومن ثم فلا يحل الطاعن محل المطعون ضده الأول في العقد المؤرخ 8/ 12/ 1970 ويكون لهذا الأخير وللمطعون ضدهما الثاني والثالث أن يتقايلا عنه إعمالاً للأثر النسبي للعقود.
2 - الغير الذي لا يمس التقايل حقوقه هو من اكتسب حقاً عينياً على العقار المبيع. ولا يتحقق ذلك بالنسبة للطاعن - مشتري العقار من المشتري الأول، إلا بشهر عقدي البيع أو التأشير بالحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد على هامش صحيفتها المشهرة، أما مجرد شهر الصحيفة، فإنه لا يرتب حقاً عينياً للطاعن يحول دون الاحتجاج عليه بالتقايل بين البائع والمشتري الأول ولو كان عرفياً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن رفع الدعوى 1965 لسنة 1973 مدني كلي الزقازيق طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقدي بيع ابتدائيين مؤرخين في 21/ 4/ 1972 و8/ 12/ 1970 وأولهما صادر له من المطعون ضده الأول ببيعه عشرة أفدنة وثانيهما صادر لهذا الأخير من المطعون ضدهما الثاني والثالث عن ذات القدر، دفع الأخيران بتقايلهما مع المطعون ضده الأول عن البيع الصادر منهما إليه بموجب اتفاق مؤرخ في 25/ 3/ 1973 ودفع الطاعن بصورية هذا التقايل، فأحالت المحكمة الدعوى للتحقيق ثم قضت في 27/ 5/ 1974 برفضها، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 243 سنة 17 قضائية المنصورة (مأمورية الزقازيق)، وبتاريخ 23/ 3/ 1975 قضت المحكمة بتأييده، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل أولهما القصور والخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقول الطاعن أنه أثار أمام محكمة الموضوع أوجه دفاع جوهرية مفادها علم المطعون ضدهما الثاني والثالث - في تاريخ سابق على التقايل - بالبيع الصادر له من المطعون ضده الأول وبحلوله محله في البيع الصادر منهما وانعدام صفة المطعون ضده الأول في التقايل عن هذا البيع؛ وأنه قام بتسجيل صحيفة الدعوى المرفوعة بصحة العقدين مما يحول دون الاحتجاج عليه بالتقايل المثبت في محرر عرفي، فضلاً عن أنه لا يعلم بصورية عقد تمليك البائع له، فيكون غيراً حسن النية له أن يتمسك بالعقد الظاهر الذي خلا من بيان التقايل متى كان ذلك في مصلحته. ولكن الحكم المطعون فيه أغفل بحث هذا الدفاع وأقام قضاءه على تطبيق خاطئ للقانون حجبه عن بحث دفاعه مما يعيب الحكم بالقصور والخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس ذلك أنه في وجهه الأول مردود بأنه وإن كان لمشتري العقار بالعقد غير المسجل أن يحيل الحقوق الشخصية الناشئة عن العقد لأخر وفقاً لإجراءات الحوالة إلا أن ذلك لا ينفي حقه أيضاً في أن يتصرف بالبيع في العقار إلى مشتر ثان بموجب عقد بيع يكون مستقلاً بذاته عن عقد شرائه ويلتزم هو فيه قبل المشتري بكافة التزامات البائع التي برمتها عقد البيع، وإذا كان الثابت من مطالعة عقد البيع المؤرخ 21/ 4/ 1972 أنه تضمن بيع المطعون ضده الأول الأطيان التي اشتراها من المطعون ضدهما الثاني والثالث بموجب عقد البيع غير المسجل المؤرخ 8/ 12/ 1970 إلى الطاعن وأن المطعون ضده الأول التزم في العقد الأول بكافة التزامات البائع التي تتولد عن البيع من ضمان خلو البيع من الحقوق العينية والالتزام بتسليم مستندات الملكية للطاعن والتوقيع على العقد النهائي واستحضار المطعون ضدهما الثاني والثالث للتوقيع عليه، مما ينفي عنه صفة حوالة الحق - التي يترتب عليها حلول المحال له محل المحيل في الحق نفسه بجميع مقوماته وخصائصه - ومن ثم فلا يحل الطاعن محل المطعون ضده الأول في العقد المؤرخ 8/ 12/ 1970 ويكون لهذا الأخير والمطعون ضدهما الثاني والثالث أن يتقابلا عنه إعمالاً للأثر النسبي للعقود، وفي وجهه الثاني مردود بأن الغير الذي لا يمس التقابل حقوقه هو من أكسب حقاً عينياً على العقار المبيع، ولا يتحقق ذلك بالنسبة للطاعن إلا بشهر عقدي البيع أو التأشير بالحكم الصادر في دعوى صحة التعاقد على هامش صحيفتها المشهرة، أما مجرد شهر الصحيفة فإنه لا يترتب حقاً عينياً للطاعن يحول دون الاحتجاج عليه بالتقابل ولو كان عرفياً، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على الأخذ بأسباب الحكم المستأنف وواجه دفاع الطاعن في الأسباب بقوله أنه مردود بما هو مقرر من أن العقد غير المشهر لا ينقل الملكية وإنما تتولد عنه التزامات شخصية منها التزام البائع بنقل الملكية المشتري والثابت أن التفاسخ وقع صحيحاً لا صورية فيه فيزول التزام المستأنف عليهما الثاني والثالث بنقل الملكية للمستأنف عليه الأول بزوال سببه، وإذا كانت تلك الأسباب سائغة وكافية لحمل قضائه الذي انتهى صحيحاً إلى زوال التزام المطعون ضدهما الثاني والثالث بنقل الملكية للمطعون ضده الأول بزوال سببه ورفض طلب الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع، وكان لا يفسد الحكم مجرد القصور في الرد على دفاع قانوني للخصم إذ بحسب المحكمة أن يكون حكمها صحيح النتيجة قانوناً ولمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما ترى استكمالها إذا ما شابها خطأ أو قصور. فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني القصور وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم المطعون فيه أخذ بأسباب الحكم المستأنف برغم ما شابه من قصور يتمثل في أخذه بأقوال شهود المطعون ضدهما رغم تناقضها واضطرابها ولم يرد على ما ساقه الطاعن من أدلة وقرائن على الصورية مما يعيبه بالقصور ويبطله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها هو مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سلطان لأحد عليها في ذلك إلا أن تخرج بتلك الأقوال إلى غير ما يؤدي إليه مدلولها. وهي غير ملزمة بالتحدث في حكمها عن كل قرينة من القرائن التي يدلي بها الخصوم أو أن تورد كل حجج الخصوم، وإذ كان ذلك وكانت محكمة الموضوع - بما لها من سلطة تقدير الأدلة في الدعوى - قد خلصت إلى ترجيح أقوال شهود المطعون ضدهما على جدية التقابل وإطراح الإدعاء بصوريته فلا يعيب حكمها ألا يرد على ما ساقه الطاعن من دلائل على الصورية ففيما رجحه الرد المسقط لما غايره ويكون النعي بما تضمنه السبب الثاني جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.