مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 951

(87)
جلسة 30 من مارس سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1137 لسنة 6 القضائية

( أ ) كلية النصر (فيكتوريا) - موظفوها - فصلهم - عقود الاستخدام التي تربطهم بالكلية قبل أن تصبح من أملاك الدولة بالتطبيق للقانون رقم 111 لسنة 1957 - نصها على أن لكل من الطرفين إنهاء العقد قبل ذلك بفترة "Term" - المقصود بذلك هو أن تمضي فترة دراسية عبارة عن ثلاثة أشهر بين الإخطار بالإنهاء وبين الميعاد المحدد له - عدم اعتبار فترة الإجازة الصيفية "Term" في حكم هذا النص وإنما هي عطلة.
(ب) كلية النصر (فيكتوريا) - موظفوها - فصلهم - التزام الحكومة بجميع التزامات هذه الكلية قبل موظفيها بعد أن أصبحت من أملاك الدولة بالتطبيق للقانون رقم 111 لسنة 1957 - المركز القانوني لهؤلاء يستمد عناصره ومقوماته من عقود الاستخدام مع الكلية - حق الحكومة بناء على ذلك في إنهاء الرابطة الوظيفية - إنهاؤها دون مراعاة لنص العقد على انقضاء فترة "Term" قبل الميعاد المحدد للفصل بناء على تفسير خاطئ - ما يترتب على هذا الخطأ هو استحقاق المفصول مرتبه عن الفترة المذكورة، دون أن يؤثر ذلك على قيام قرار الفصل أو نتائجه المعتبرة قانوناً.
1 - إن علاقة المطعون ضده بالحكومة إنما تقوم أساساً على العقد المبرم بينه وبين مدير كلية فيكتوريا في 6/ 8/ 1955 قبل أن تصبح هذه الكلية من أملاك الدولة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 111 لسنة 1957 والعقد المرافق له بين السيد وزير التربية والتعليم وبين الحارس العام على أموال الرعايا البريطانيين والفرنسيين والاستراليين وقد كان من مقتضى العقد الذي أبرمه المطعون ضده مع الكلية السابق الإشارة إليه أن لكل من الطرفين إنهاءه قبل ذلك بفترة "Term" والنص الأصلي لهذا الشرط هو:
The appointment is subject to termination by one term’s notice on either side.
وواضح من ذلك أن المقصود بهذا أن تمضي فترة دراسية بين الإخطار بالفصل وبين الميعاد المحدد له وأن فترة الإجازة الصيفية التي تبدأ من أول يوليه وتنتهي في أخر سبتمبر إن هي إلا عطلة ولا يمكن اعتبارها "Term" والسنة الدراسية في الكلية المذكورة كانت تقسم إلى ثلاث فترات دراسية كل فترة عبارة عن ثلاثة شهور تبدأ الأولى في أكتوبر وتنتهي في ديسمبر والثانية من يناير وتنتهي في مارس والثالثة من إبريل إلى يونيه وقد أقر بذلك التفسير أمام المحكمة الإدارية رئيس حسابات الكلية ووافقه عليه الحاضر عن الحكومة.
2 - إن الحكومة قد التزمت بجميع الالتزامات الواقعة على عاتق المدارس المبيعة بالتطبيق للقانون رقم 111 لسنة 1957 قبل موظفيها ومستخدميها وعمالها بما في ذلك مكافآت ترك الخدمة ومن ثم فإن المركز القانوني للمطعون ضده بالنسبة للعلاقة التي نشأت بينه وبين الحكومة بعد شرائها لهذه المدرسة يستمد عناصره ومقوماته من عقد استخدامه مع الكلية المذكورة وبالتالي يكون من حق الحكومة إعمالاً لهذا العقد بوصفه لائحة استخدام تحدد حقوق وواجبات كل من الطرفين أن تنتهي الرابطة الوظيفية بينها وبين المطعون ضده فإذا ما أنهتها قبل الأجل المتفق عليه كان لها ذلك على أن توفيه حقوقه المالية حتى نهاية المدة احتراماً لهذا العقد وما التزمت به في عقد الشراء........ والحكومة إذ أنهت عقد استخدام المطعون ضده اعتباراً من أول يوليه سنة 1957 بإخطار في 30 من يونيه سنة 1957 دون مراعاة لما نص عليه عقد استخدامه سالف الذكر من انقضاء فترة "Term" قبل الميعاد المحدد للفصل إنما قد بنت ذلك على تفسير خاطئ لشروط إنهاء هذا العقد كما سبق أن توضح، وأن كل ما يترتب على هذا الخطأ هو استحقاق المطعون ضده لمرتبه عن الفترة المذكورة دون أن يؤثر ذلك على قيام قرار الفصل أو نتائجه المعتبرة قانوناً، وقد أقر المطعون ضده بأنه استلم مرتبه لغاية أخر ديسمبر سنة 1957 وبذلك يكون قد استوفى كامل حقه طبقاً لعقد استخدامه.


إجراءات الطعن

في 31/ 3/ 1960 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 27/ 1/ 1960 في القضيتين رقمي 451، 667 لسنة 13 القضائية المقامتين من السيد الدكتور محمد أحمد عجلان ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي "بإلغاء القرار المطعون فيه فيما قضى به من فصل المدعي من الخدمة وبما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة مصاريف الدعوى ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد الطاعن للأسباب التي أوردها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات".
وقد أعلن هذا الطعن إلى الطرفين وعرض على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إرجاء إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 451 لسنة 13 القضائية بطلب استمرار صرف مرتبه كما أقام الدعوى رقم 667 لسنة 13 القضائية بطلب إلغاء قرار فصله من الخدمة وبنى طلبه في هاتين الدعويين على أنه قد تعاقد مع كلية فيكتوريا للعمل بها بوظيفة مدرس طبقاً للشروط الموضحة في عقد استخدامه وكان ذلك في سنة 1955 وبعد أن حصل على إذن من وزارة الداخلية طبقاً للقانون رقم 32 لسنة 1956 الخاص باشتراط الحصول على إذن قبل العمل بالهيئات الأجنبية، وقد ظل قائماً بواجبه في هذه المدرسة على أحسن وجه إلى أن أخطر بكتاب مؤرخ في 30/ 6/ 1957 صادر من مدير الكلية بالاستغناء عن خدماته اعتباراً من أول يوليه سنة 1957 وذلك بالاستناد إلى العقد المبرم بين المطعون ضده وبين الكلية المذكورة المؤرخ 6/ 8/ 1955.... ويعيب المطعون ضده على هذا الإجراء مخالفة القانون لأنه منذ انتقلت ملكية المدرسة إلى الحكومة قد أصبح موظفاً عاماً له من الحقوق ما للموظفين عامة، وعلى هذا النحو يكون فصله قد انطوى على التعسف في استعمال السلطة إذ لا يمكن حمله إلا على أنه أريد به الانتقام منه لترشيح نفسه في الانتخابات الأخيرة لمجلس الأمة وهو وإن استبعد اسمه من قائمة المرشحين إلا أن ذلك ليس من شأنه أن يؤثر على حقوقه كموظف عام وأكدت هذا المعنى السلطات السياسية العليا. ومما يجب ملاحظته أن الوزارة فصلت المطعون ضده بالمخالفة لعقد استخدامه الذي أقرت الحكومة في العقد المبرم بينها وبين الحارس العام باحترامه بقبولها تنفيذ جميع الالتزامات التي كانت المدارس المبيعة ملزمة بها قبل موظفيها ومستخدميها وعمالها. وقد نص في عقد استخدام المطعون ضده المشار إليه على جواز إنهائه قبل الميعاد المحدد له بفترة، والعطلة الصيفية التي بدأت في أول يوليه سنة 1957 لا تعتبر بمثابة "Term"إذ المقصود به الفترة الدراسية لا العطلة الصيفية كما وأن فصله جاء مخالفاً للمادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تنص على كيفية إنهاء خدمة الموظف المعين على درجة دائمة - والثابت من الأوراق أن فصل المطعون ضده - على حد قول الوزارة - كان بناء على مكالمة تليفونية صادرة من مكتب الأستاذ المدير الفني لمكتب السيد الوزير صباح الثلاثاء الموافق 25/ 6/ 1957 وذلك على غير ما تقضي به أحكام المادة 107 المذكورة، وهذا فضلاً عن أن القول بأن المطعون ضده لم يثبت صلاحيته للوظيفة مردود عليه بأن التقرير المقدم عنه في 27 من مايو سنة 1957 - بعد أن آلت ملكية المدرسة للحكومة في 29/ 4/ 1957 وبعد أن أصبح من عداد موظفي الدولة - يشيد بكفايته الممتازة بجميع عناصرها.... وترد الحكومة على الدعوى بأنه بعد شرائها الكلية المذكورة لم تغير أي شيء في وضعها بل أبقتها على حالتها والتزمت بمقتضى عقد شرائها أن تنفذ جميع الالتزامات التي عليها وهي في هذه الناحية التزامات خاصة تخضع في تنظيمها لقواعد القانون الخاص ذلك أنه لا يمكن القول بأن موظف الكلية يصبح موظفاً عاماً بمجرد شراء الحكومة للمدرسة.... فصلة المطعون ضده بالكلية كانت قبل 29/ 4/ 1957 صلة تعاقدية وظلت له هذه الصفة بعد ذلك والحقيقة في أمره لم يصدر قرار بفصله من الخدمة - وهو لم يدخل الخدمة أصلاً - حتى يمكن بحث ما إذا كان هذا القرار الإداري من اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري من عدمه، وإخطار المدعي بالفصل من مدير الكلية لم يكن إلا تعبيراً عن إدارة مدير الكلية بصفته خلفاً للمدير السابق بإنهاء العقد المبرم مع المطعون ضده في 6/ 8/ 1955 والذي أجاز لأي منهما إنهاءه بالإرادة المنفردة مراعياً شروط الإخطار قبل موعد الانتهاء بفترة واحدة..... ومن الثابت أن المطعون ضده كان يعمل معيداً بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية وفصل بقرار من مجلس قيادة الثورة في 22/ 9/ 1954 وقد اتهم المذكور أكثر من مرة في قضايا الشيوعية والترويج للمبادئ الهدامة وفي هذا يقول السيد حكمدار بوليس الإسكندرية في كتابه المبلغ لجامعة الإسكندرية بتاريخ 2/ 3/ 1949 عن المطعون ضده أنه شيوعي خطر كان عضواً بارزاً في لجنة المنطقة بالإسكندرية وكان نشاطه في الجامعة بكافة كلياتها، وكان منزله وكراً لترويج المبادئ الهدامة، وقبض عليه في قضية الشيوعية الكبرى في سنة 1946 وضبطت لديه أوراق وصدر أمر باعتقاله في 15/ 5/ 1948 - وفي خطاب آخر للسيد حكمدار بوليس الإسكندرية بتاريخ 23/ 2/ 1950 بشأن استفسار جامعة الإسكندرية عما إذا كان يمكن إعادة تعيين المطعون ضده بكلية العلوم - أفاد سيادته أنه بالرجوع إلى السيد مدير الأمن العام قرر سيادته بأن حالة الشخص المذكور لا تشجع على إعادته إلى الجامعة.... وعلى فرض التسليم باختصاص المحكمة بنظر الدعوى فإن قرار الفصل المطعون فيه قد صدر سليماً لأن المادة (6) من القانون رقم 210 لسنة 1951 قد اشترطت شروطاً معينة في الموظف منها أن يكون حسن السلوك محمود السيرة، وهذا الشرط يلزم أن يكون بالموظف ما دام هو باق في الوظيفة الأمر الذي لم يتوافر في المطعون ضده ومن ثم يكون قرار فصله قد قام على السبب المبرر له وبالتالي فلا مطعن عليه.
وبتاريخ 27 من يناير سنة 1960 قضت المحكمة في الدعويين المشار إليهما بالحكم المطعون فيه بانية قضاءها على أن علاقة المطعون ضده بكلية فيكتوريا كانت تقوم على رابطة أساسها عقد استخدامه الذي ظل معاملاً بأحكامه، وأن أحكام العقد ذاتها تكون هي القاعدة التنظيمية التي تحكم حالته والتي تضعه في مركز لائحي يخضع لأحكام القانون العام وهي مع ذلك لا تمنع من سريان أحكام قانون التوظف في حقه فيما لا يتعارض مع ما هو وارد في هذا العقد ولا تنافر بين قيام العقد وبين كون الموظف داخلاً في الهيئة أو في الفئة العالية وأن كلية فيكتوريا منذ صدور القانون رقم 111 لسنة 1957 والعقد المرافق له قد أصبحت شخصاً من أشخاص القانون العام يقوم بالإسهام في شئون مرفق عام من مرافق الدولة هو مرفق التعليم، ومن ثم فإن موظفي كلية فيكتوريا ومنهم المدعي (المطعون ضده) يعتبرون موظفين عموميين بحكم تبعيتهم لمؤسسة عامة وتسري عليهم تبعاً لذلك الأحكام والأنظمة المقررة بالنسبة لموظفي الإدارة الحكومية فيما لم يرد بشأنه نص خاص في العقود المبرمة مع هؤلاء الموظفين... وقد ظل المدعي (المطعون ضده) في عمله بعد صدور القانون رقم 111 لسنة 1957 وعقد البيع المؤرخ 29/ 4/ 1957 إلى أن صدر القرار المطعون فيه في 30/ 6/ 1957 بالاستغناء عن خدماته اعتباراً من أول يوليه سنة 1957، وأنه على هذا المقتضى فإن المدعي اعتبر موظفاً عاماً وتطبق بالتالي في شأنه أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتباره القانون العام للتوظف.. ويبين من أوراق الدعوى أن المدعي حاصل على بكالوريوس كلية العلوم في سنة 1944 وعلى الدكتوراه من جامعة شيفيلد في 5 من مارس سنة 1954 وكان يعمل في وظيفة معيد بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية منذ 22/ 10/ 1944 وفصل من الخدمة تنفيذاً لقرار مجلس قيادة الثورة الصادر في 21/ 9/ 1954 ثم عين في 6/ 8/ 1955 في وظيفة مدرس مادة الطبيعة بكلية فيكتوريا بالإسكندرية ابتداء من أول أكتوبر سنة 1955 بمرتب سنوي قدره 550 جنيهاً، يضاف إليه 50 جنيهاً نظير الإشراف على العامل وذلك بعد الحصول على إذن من مصلحة الأمن العام بوزارة الداخلية - والظاهر من الأوراق أن ثمة مذكرة محررة من الجهة الإدارية جاء فيها "أنه في 30/ 6/ 1957 قد أخطرت الكلية بالاستغناء عن خدمات المدعي اعتباراً من 1/ 7/ 1957 وذلك بناء على إشارة تليفونية صادرة من مكتب الأستاذ المدير الفني للسيد وزير التربية والتعليم صباح الثلاثاء 25/ 6/ 1957 ولم تفصح الجهة الإدارية عن مضمون هذه الإشارة إلا أن مندوبها قرر بأن إنهاء خدمة المدعي كان لما بان من عدم صلاحيته في عمله...." وكان يتعين تطبيقاً للعقد المبرم بين المدعي وبين الكلية، والذي ظل سارياً في مواجهة الجهة الإدارية احترامه وعدم النكول عنه فيما ورد فيه من نصوص ملزمة للجهة الإدارية ومنها عدم إنهاء هذا العقد قبل الميعاد المحدد له بفترة "Term". والثابت أن فترة العطلة الصيفية التي بدأت في أول يوليه سنة 1957 لا تعتبر بمثابة "Term" عند النظر في إنهاء عقد استخدام المدعي على أساس أن العام الدراسي بالكلية ينقسم إلى ثلاث فترات تبدأ الأولى في أول أكتوبر وتنتهي في 31 من ديسمبر. والثانية من أول يناير وتنتهي في 31 مارس. والثالثة من أول إبريل وتنتهي في 30 يونيه ومن ثم فإن إخطار الجهة الإدارية المدعي بإنهاء خدمته قد جاء مخالفاً لعقد استخدامه.... وأما ما ذهبت إليه الجهة الإدارية من أن فصل المدعي كان لعدم صلاحيته لمباشرة أعمال وظيفته، فإن هذا الادعاء يتنافى والتقرير المقدم عن المدعي في 27/ 5/ 1957من مفتش مادة العلوم وقد جاء فيه "أن المدعي ذو شخصية قوية مادته ممتازة، طريقته استقرائية ممتازة، ويجيد مناقشة تلاميذه كما يجيد تحضير دروسه، أعمال تلاميذه التحريرية جيدة، إجابة التلاميذ جيدة، جيد التعاون جداً مع إدارة المدرسة. التقدير العام ممتاز. وهذا كله مما لا يتفق والقول بأن انتهاء خدمته كان مرده إلى عدم الصلاحية في أداء عمله وبالتالي ينهار ما تذرعت به الجهة الإدارية في هذا الصدد.. أما فيما يتعلق بما أثارته الجهة الإدارية من أن المدعي لا يتوافر في حقه شرط حسن السيرة المنصوص عليه في المادة 6 من القانون رقم 210 لسنة 1951 فإنه لا نزاع في أنه يشترط في الموظف العام أن يكون محمود السيرة وهو شرط صلاحية للاستمرار في الوظيفة وليس فقط شرط من شروط التعيين فيها ومرد ذلك إلى القواعد العامة التي تمليها اعتبارات الصالح العام ويجب التفرقة بين حالة انتفاء هذا الشرط عند ترشيح الموظف لتعيينه في الخدمة ابتداء إذ لا يجوز تعيينه فيها إعمالاً لنص المادة 6 المشار إليها وبين حالة انتفاء الشرط المذكور بعد التعيين إذ يخضع الأمر في هذه الحالة الأخيرة للأحكام المقررة لإنهاء خدمة الموظفين طبقاً للقانون، فيفصل الموظف بالطريق التأديبي أو بغير الطريق التأديبي على حسب القواعد المرعية والأصول الواجبة التطبيق والإجراءات المقررة لذلك. وإذ كان الثابت أن فصل المدعي هم فصل بغير الطريق التأديبي ولم يثبت في الأوراق أن فصله قد تم بالأداة المنصوص عليها في المادة 107 من القانون رقم 210 لسنة 1951 ولا يحول دون صدور قرار الفصل بأداته الصحيحة التذرع بالقول بأنه قد سبق فصله من الخدمة بقرار صدر من مجلس قيادة الثورة في سبتمبر سنة 1954 لأن هذا القرار ولئن كان قد فصم رابطة التوظف بين المدعي والجامعة فقد استنفذ غرضه في حينه. ثم قامت بعد ذلك رابطة عقدية بين المدعي وكلية فيكتوريا وظلت قائمة إلى أن انبثقت رابطة أخرى بقوة القانون رقم 111 لسنة 1957 والعقد المرافق لما أسبغت على المدعي مركزاً لائحياً واكتسبت في ظله مركزاً قانونياً ذاتياً في اعتباره موظفاً عاماً خاضعاً لأحكام قانون التوظف فيما لا يتعارض وما نص عليه العقد وعلى هذا المقتضى فلم يكن جائزاً فصله بغير ترسم الطريق المنصوص عليه في المادة 107 سالفة الذكر... وأن ما نسب إلى المدعي من نشاط شيوعي...... فإن المرجع في تقدير ذلك هو إلى الوقت الذي يتم فيه وزنها والحكم عليها دون الاعتداد بما يكون من أمرها في الماضي لأن ما نسب إلى الموظف لا يكون ذا صفة لاصقة به، بل قد يزايله ويزول عنه......... ولم تقدم الجهة الإدارية ما عساه أن يكون سبباً مبرراً لقرار الفصل في ظل العلاقة الجديدة التي نشأت بين المدعي والحكومة بالقانون رقم 111 لسنة 1957 والعقد المرافق له ولا وجه للتحدي بما ساقته في معرض دفاعها مبرراً لمشروعية القرار المطعون فيه وإذ صدر هذا القرار محمولاً على غير سببه فإنه قد وقع مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه بما ترتب عليه من آثار...
ومن حيث إن طعن الحكومة في هذا الحكم يقوم على أن عقد استخدام المطعون ضده تضمن مبدأ يجيز لكل من الطرفين إنهاءه بإخطار يوجهه إلى الطرف الآخر قبل الموعد بفترة "Term" ولكن الحكم المطعون فيه استخلص من هذا البند معنى غير سائغ مقتضاه أن العطلة الصيفية لا تعتبر بمثابة "Term" والواقع أن التفسير الصحيح لهذا البند يقضي باعتبار السنة الميلادية أربع فترات منها ثلاث فترات دراسية وواحدة عطلة صيفية ومن غير المعقول ألا تعتبر هذه الفترة الأخيرة وهي مساوية لمثيلاتها بإحدى الفترات المشار إليها بالعقد..... وأما فيما يتعلق بتطبيق القواعد العامة في قانون موظفي الدولة فإن المركز القانوني للمدعي يتحدد باعتباره تحت الاختبار ابتداء من تعيينه في خدمة الحكومة واعتباره موظفاً عاماً من 29/ 4/ 1957 إذ من المسلم أن دخول المدعي في عداد موظفي الوزارة من ذلك التاريخ يعتبر تعييناً جديداً تطبق بشأنه أحكام المادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 التي تقضي بأن يكون التعيين في الوظائف المشار إليها تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر فإن لم يتم الموظف مدة الاختبار على ما يرام فصل من وظيفته.... وإذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي شيوعي خطر وعضو بارز في لجنة الإسكندرية وسبق اعتقاله لهذا السبب فإن الوزارة يحق لها أن تفصله لعدم الصلاحية ومن بينها سوء السيرة والسلوك ولا يغير من ذلك أن إدارة الأمن العام سبق أن وافقت على التحاقه بكلية فيكتوريا إذ لم يكن يعتبر في ذلك الوقت موظفاً عمومياً ممن يجب أن يتوافر فيهم شرط حسن السير والسلوك عند التعيين في الوظيفة كما أنه شرط واجب للبقاء فيها لأنه شرط مقرر للمصلحة العامة... والقرار المطعون فيه صدر أثناء فترة الاختبار ولم يشترط القانون أداة معينة لإصدار مثل هذا القرار ويكفي لصحته أن يكون محمولاً على أسباب جدية مستخلصة من الأوراق....
ومن حيث إنه يخلص من كل ما تقدم إن علاقة المطعون ضده بالحكومة إنما تقوم أساساً على العقد المبرم بينه وبين مدير كلية فيكتوريا في 6/ 8/ 1955 قبل أن تصبح هذه الكلية من أملاك الدولة بمقتضى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 111 لسنة 1957 والعقد المرافق له بين السيد وزير التربية والتعليم وبين الحارس العام على أموال الرعايا البريطانيين والفرنسيين والاستراليين وقد كان من مقتضى العقد الذي أبرمه المطعون ضده مع الكلية السابقة الإشارة إليه أن لكل من الطرفين إنهاءه قبل ذلك بفترة "Term" والنص الأصلي لهذا الشرط هو:
The appointment is subject to termination by one term’s notice on either side.
وواضح من ذلك أن المقصود بهذا أن تمضي فترة دراسية بين الإخطار بالفصل وبين الميعاد المحدد له وأن فترة الإجازة الصيفية التي تبدأ من أول يوليه وتنتهي في أخر سبتمبر إن هي إلا عطلة ولا يمكن اعتبارها "Term" والسنة الدراسية في الكلية المذكورة كانت تقسم إلى ثلاث فترات دراسية كل فترة عبارة عن ثلاثة شهور تبدأ الأولى في أكتوبر وتنتهي في ديسمبر والثانية من يناير وتنتهي في مارس والثالثة من إبريل إلى يونيه وقد أقر بذلك التفسير أمام المحكمة الإدارية رئيس حسابات الكلية ووافقه عليه الحاضر عن الحكومة.
ومن حيث إن الحكومة قد التزمت في العقد المذكور بجميع الالتزامات الواقعة على عاتق المدارس المبيعة بالتطبيق للقانون رقم 111 لسنة 1957 قبل موظفيها ومستخدميها وعمالها بما في ذلك مكافآت ترك الخدمة ومن ثم فإن المركز القانوني للمطعون ضده بالنسبة للعلاقة التي نشأت بينه وبين الحكومة بعد شرائها لهذه المدرسة يستمد عناصره ومقوماته من عقد استخدامه مع الكلية المذكورة وبالتالي يكون من حق الحكومة إعمالا لهذا العقد بوصفه لائحة استخدام تحدد حقوق وواجبات كل من الطرفين أن تنهي الرابطة الوظيفية بينها وبين المطعون ضده فإذا ما أنهتها قبل الأجل المتفق عليه كان لها ذلك على أن توفيه حقوقه المالية حتى نهاية المدة احتراماً لهذا العقد وما التزمت به في عقد الشراء..... والحكومة إذ أنهت عقد استخدام المطعون ضده اعتباراً من أول يوليه سنة 1957 بإخطار في 30 من يونيه سنة 1957 دون مراعاة لما نص عليه عقد استخدامه سالف الذكر من انقضاء فترة "Term" قبل الميعاد المحدد للفصل إنما قد بنت ذلك على تفسير خاطئ لشروط إنهاء هذا العقد كما سبق أن توضح وأن كل ما يترتب على هذا الخطأ هو استحقاق المطعون ضده لمرتبه عن الفترة المذكورة دون أن يؤثر ذلك على قيام قرار الفصل أو نتائجه المعتبرة قانوناً وقد أقر المطعون ضده بأنه استلم مرتبه لغاية أخر ديسمبر سنة 1957 وبذلك يكون قد استوفى كامل حقه طبقاً لعقد استخدامه..
ومن حيث إنه لذلك يكون قرار الاستغناء عن خدمات المطعون ضده المبلغ إليه من مدير كلية النصر (كلية فيكتوريا) والمؤرخ 30/ 6/ 1957 بالاستناد إلى عقد استخدامه المبرم مع المدير السابق للكلية بتاريخ 6/ 8/ 1955 قد صدر صحيحاً ممن يملكه ومنتجاً لكافة آثاره القانونية على النحو السالف بيانه دون تعسف في استعمال حقها المستمد من العقد المذكور بناء على ما ارتأته من ماضي المطعون ضده مما جعلها غير راغبة في استمرار قيام علاقة التوظف بينها وبينه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون عليه المصروفات.