مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 1008

(93)
جلسة 6 من إبريل سنة 1963

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة: حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد عبد العزيز البرادعي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 20 لسنة 8 القضائية

تفسير - دعوى التفسير - يلزم لقبول دعوى التفسير أن يكون بمنطوق الحكم لبس أو غموض يصعب معه الوقوف على ما قصدته منه المحكمة - لا يجوز أن يكون المقصود من دعوى التفسير تعديل الحكم - اتخاذ دعوى التفسير ذريعة للفصل في نزاع لم يعرض له الحكم - غير جائز [(1)].
إنه بغض النظر عما يشترط لقبول دعوى التفسير من تضمن منطوق الحكم لبساً أو غموضاً يصعب معهما إمكان الوقوف على ما قصدته المحكمة منه، فإنه يشترط ألا تكون الدعوى مقصوداً بها تعديل الحكم والمساس بقاعدة خروج القضية من سلطة المحكمة التي أصدرته، ولذلك يجب ألا يتخذ التفسير ذريعة لإصلاح خطأ أو تلافي نقص وقع في الحكم ومن باب أولى يجب ألا يتخذ التفسير ذريعة للفصل في نزاع لم يعرض له الحكم المطلوب تفسيره.


إجراءات الطعن

في 7 من نوفمبر سنة 1961 أودع الأستاذ محمد عيسى المحامي بالوكالة عن السيد/ محمد طه صالح سعودي سكرتيرية هذه المحكمة عريضة دعوى ضد السيد وزير الداخلية بطلب الحكم بتفسير الحكم الصادر بتاريخ 25 من فبراير سنة 1961 في الطعن رقم 1171 لسنة 5 القضائية من هذه المحكمة باعتبار المدعي ضابطاً بقوة القانون مدمجاً في كشف أقدمية واحد مع ضباط الشرطة على الأسس التي بينتها المادة 143 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بعد السيد/ عادل فهمي عريف وقبل السيد/ مصطفى مصطفى محمد البهيدي واعتباره في رتبة النقيب ابتداء من 31 من ديسمبر سنة 1947، ورتبة رائد في 30 من أكتوبر سنة 1951، والمقدم في أول إبريل سنة 1954، والعقيد في سنة 1959 وصرف ما يترتب على ذلك من فروق مالية مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت العريضة إلى وزارة الداخلية في 13 من نوفمبر سنة 1961 وعين لنظر الدعوى أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21 من يناير سنة 1962. وأبلغ الطرفان في 4 من يناير سنة 1962 بميعاد هذه الجلسة. وفيها أجل نظرها إلى جلسة 24 من مارس سنة 1962 وفيها قررت الدائرة إحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا. وعين لنظرها أمامها جلسة 2 من مارس سنة 1963 وأبلغ الطرفان في 17 من يناير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الدعوى - في أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 2017 لسنة 9 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الداخلية في 12 من يوليه سنة 1954 بطلب الحكم بتسوية حالته بتطبيق كادر هيئات البوليس عليه وإرجاع أقدميته في الدرجة الرابعة إلى 31 من ديسمبر سنة 1949 ومنحه الدرجة الثالثة اعتباراً من 14 من فبراير سنة 1952 على أن تكون أقدميته في الدرجة الثالثة سابقة على أقدمية يحيى حسن عبد القادر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليها بمصاريف الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة. فقضت محكمة القضاء الإداري في 27 من مايو سنة 1959 برفض دعوى المدعي وإلزامه مصاريفها. فطعن المدعي في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 1171 لسنة 5 القضائية فقضت المحكمة الإدارية العليا في 25 من فبراير سنة 1961 بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لكادر هيئات البوليس تنفيذاً لقرار وزير الداخلية الصادر في 29 من نوفمبر سنة 1949 وما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة. فأقام المدعي الدعوى الراهنة بطلب الحكم بتفسير الحكم الصادر بتاريخ 25 من فبراير سنة 1961 في الطعن رقم 1171 لسنة 5 القضائية باعتبار المدعي ضابطاً بقوة القانون مدمجاً في كشف أقدمية واحد مع ضباط الشرطة على الأسس التي بينتها المادة 143 من القانون رقم 234 لسنة 1955 بعد السيد/ عادل فهمي عريف وقبل السيد/ مصطفى مصطفى محمد البهيدي واعتباره في رتبة النقيب ابتداء من 31 من ديسمبر سنة 1947 ورتبة رائد في 30 من أكتوبر سنة 1951 والمقدم في أول إبريل سنة 1954 والعقيد في سنة 1959 وصرف ما يترتب على ذلك من فروق مالية مع إلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إن وزارة الداخلية أصدرت تنفيذاً لهذا الحكم قرارها رقم 683 بتاريخ 28 من أغسطس سنة 1961 مقتصراً على مجرد رفع مرتب المدعي إلى أول مربوط الدرجة الخامسة اعتباراً من 29 من نوفمبر سنة 1949 إلى أول مايو سنة 1950 فتظلم منه المدعي ونعى عليه أنه أهدر الحكم الصادر لصالحه إذ أن مقتضى هذا الحكم الذي قضى بتطبيق كادر هيئات البوليس عليه يؤدي حتماً إلى اعتباره شاغلاً لوظيفة من وظائفه وطلب تسوية حالته بمقارنته بزملائه المطبق عليهم كادر هيئات البوليس بعد أن أضحى مدمجاً وجوبياً ضمنهم كأثر مباشر لصدور القانون رقم 234 لسنة 1955 على التفصيل الوارد في طلباته في الدعوى الراهنة. فأخطرت الوزارة المدعي برفض تظلمه وقالت إن الحكم الذي يجري تنفيذه لم يتعرض لموضوع إدماج المدعي مع ضباط الشرطة وتعرض فقط لأحقيته في التسويات الخاصة به في الدرجات المدنية بالتطبيق لكادر هيئات الشرطة كما أنه لا يحق له المطالبة بالإدماج مع ضباط الشرطة وذلك لعدم حصوله على درجة ليسانس في الحقوق واستطرد المدعي إلى النعي على أسباب رفض تظلمه بقوله إن فيها خروجاً على الحكم المراد تنفيذه من جهة، وخروجاً على القانون من جهة أخرى. ثم قال إن منطوق الحكم المراد تفسيره من حيث بيان مركز المدعي في صدد أقدميته مع الضباط، أي من حيث الآثار التي تترتب على تسوية حالته بالتطبيق لكادر هيئات البوليس يكتنفه الغموض ويحيط به الإبهام فشرط طلب التفسير متحقق ومتوافر وحق المدعي في اعتباره ضابطاً بقوة القانون ومدمجاً مع ضباط الشرطة في كشف أقدمية واحد ثابت له من ذات الحكم المطلوب تفسير منطوقه. وأنه يخلص من استعراض نصوص القانون رقم 234 لسنة 1955 بنظام هيئات البوليس أنه قد فرق بين طائفتين الأولى - طائفة رجال الإدارة وجعل القانون إدماجهم وجوبياً. والثانية - طائفة موظفي وزارة الداخلية الذين يرى وزير الداخلية إدماجهم في هيئة البوليس بعد موافقة المجلس الأعلى للبوليس. ولما كان المدعي قد اعتبر ضمن هيئة البوليس في ظل أحكام القانون رقم 140 لسنة 1944، فإنه يعتبر من بين رجال الإدارة المقصودين في المادة 142 من القانون رقم 234 لسنة 1955 الذين جعل القانون المذكور إدماجهم وجوبياً لا تترخص فيه وزارة الداخلية.
ومن حيث إنه بغض النظر عما يشترط لقبول دعوى التفسير من تضمن منطوق الحكم لبساً أو غموضاً يصعب معهما إمكان الوقوف على ما قصدته المحكمة منه، فإنه يشترط ألا تكون الدعوى مقصوداً بها تعديل الحكم والمساس بقاعدة خروج القضية من سلطة المحكمة التي أصدرته ولذلك يجب ألا يتخذ التفسير ذريعة لإصلاح خطأ أو تلافي نقص وقع في الحكم ومن باب أولى يجب ألا يتخذ التفسير ذريعة للفصل في نزاع لم يعرض له الحكم المطلوب تفسيره.
ومن حيث إنه يبين من سياق الوقائع المبينة آنفاً أن النزاع يدور في دعوى التفسير الراهنة حول أحقية المدعي في تطبيق القانون رقم 234 لسنة 1955 بشأن نظام هيئة البوليس على حالته ومدى هذه الأحقية، بعد إذ صدر له الحكم في الطعن رقم 1171 لسنة 5 القضائية من المحكمة الإدارية العليا وهو الحكم المطلوب تفسيره.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطلوب تفسيره المشار إليه، أنه قطع في تحديد مقومات النزاع الذي عرض له وفصل فيه. فقرر في أسبابه أن المدعي إنما يطالب بتسوية حالته طبقاً للمركز القانوني الذي يستحقه طبقاً للقواعد السابقة على القانون رقم 234 لسنة 1955 الخاص بنظام هيئة البوليس. وأن مقطع النزاع في الدعوى يترتب على تحديد الوظيفة التي كان يشغلها المدعي حين صدور قرار وزير الداخلية في 29 من نوفمبر سنة 1949. بإدخال بعض وظائف إدارة الجوازات والجنسية ضمن وظائف هيئات البوليس وهل كان المدعي في ذلك الحين يشغل إحدى الوظائف أم لا.
ومن حيث إنه لما كان ذلك فإنه يبين في وضوح أن الحكم المطلوب تفسيره ينطق في صراحة بأن النزاع المطروح في دعوى التفسير الراهنة الذي يدور حول أحقية المدعي في تطبيق القانون رقم 234 لسنة 1955 في شأن نظام هيئة البوليس على حالته ومدى هذه الأحقية. هذا النزاع لم تعرض له المحكمة التي أصدرت الحكم المذكور. ومن ثم فإن الفصل في ذلك النزاع في دعوى التفسير الراهنة يجاوز سلطة هذه المحكمة في التفسير. ويتعين لذلك القضاء برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.


[(1)] بمثل هذا المبدأ قضت المحكمة في نفس الجلسة في القضية رقم 21 لسنة 8 القضائية.