أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 237

جلسة 17 من يناير 1979

المؤلفة من السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة رئيساً وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد الخالق البغدادي، سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي وأمين طه أبو العلا.

(56)
الطعن رقم 450 لسنة 45 القضائية

(1) معاهدات "تمثيل دبلوماسي".
تقديم السفير أوراق اعتماده. اعتباره ممثلاً لحكومته بقوة القانون. الإرادة المعلنة منه تعد مطابقة للإرادة الحقيقة للشخص الدولي الذي يمثله. اتفاقية فينا سنة 1961.
(2) شفعة. وكالة. محاماة. نقض.
طلب السفير أخذ الأرض المجاورة لدار السفارة بالشفعة تعبير عن رغبة حكومته في ذلك لا حاجة لصدور توكيل خاص منها إليه لإعلان تلك الإرادة. توكيله محامياً للطعن بالنقض. صحيح.
(3) نقض. وكالة.
الطعن بالنقض من السفير بصفته ممثلاً لحكومته. لا عبرة بتغير شخص السفير الذي كان ممثلاً في الخصومة من قبل. كفاية ذكر وظيفته في الصحيفة.
(4) شفعة. ملكية. أجانب.
حظر تملك الأجانب للعقارات المبينة والأراضي العقارية. الاستثناء ملكية البعثات الدبلوماسية والقنصلية ومقر سكن رئيس البعثة بشرط المعاملة بالمثل. طلب الحكومة الأجنبية أخذ عقار بالشفعة لتوسيع مقر البعثة. جائز.
(5) توثيق. شفعة.
تفويض الحكومة الأجنبية لسفيرها في طلب أخذ العقار بالشفعة. عدم وجوب توثيق هذا التفويض.
1 - الأمر المستقر طبقاً لأحكام القانون الدولي أن سفراء الدول يمثلون حكوماتهم في البلاد التي يوفدون إليها ويكفي أن يقدم السفير أوراق اعتماده كي يصبح بقوة القانون ممثلاً لحكومته. ويخضع لأوامرها فيما يكلف به، تفترض قواعد هذا القانون أن الإرادة التي يعلنها ممثل الشخص الدولي هي إرادة الشخص الدولي نفسه وأن هذه الإرادة المعلنة تطابق الإرادة الحقيقية تمام المطابقة، ولا تعني تلك القواعد بالإرادة الشخصية لممثل الشخص الدولي، وقد نصت المادة 3 في فقرتيها ب، جـ من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية المنعقدة في 18/ 4/ 1961 - والتي صاغت تلك الأحكام المستقرة وانضمت إليها مصر وأبرمتها فأصبحت قانوناً من قوانينها - على أن للسفراء الأجانب أن يمثلوا دولهم فيما يتصل بحماية مصالحها وكذلك مصالح رعاياها.
2 - لما كان مفاد المادة الأولى من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية في فقرتها الأولى قد أوردت أن المقصود بتعبير دار البعثة - المباني وأجزاء الأبنية والأراضي الملحقة بها بغض النظر عن مالكها المستخدمة في أغراض البعثة بما فيها منزل رئيس البعثة - فإن مقتضى ذلك أن طلب الأرض موضوع النزاع بالشفعة للفرض الذي ذكرته يمثل مصلحة للدولة الطاعنة يقوم سفيرها في مصر على حمايتها بوصفه ممثلاً لها، وإذ يعلن السفير عن رغبة حكومته في الأخذ بالشفعة فإن هذه الرغبة هي إرادة الطاعنة ذاتها وتعتبر صادرة منها لا من سفيرها ولا حاجة إلى توكيل خاص يصدر منها للسفير لإعلان تلك الإرادة إذ في تقديم أوراق اعتماده للدولة الموفد إليها ما يغني عن ذلك، وترتيباً على ذلك فإنه لا حاجة لإيداع مثل هذا التوكيل الخاص للتدليل على قيام تلك الوكالة مع توكيل المحامي الموكل في التقرير بالطعن بالنقض.
3 - لما كان من المقرر أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض تقوم بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه فيقبل الطعن ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وبصفته التي كان متصفاً بها. وكان البين من الحكم المطعون فيه وتقرير الطعن أن الطعن موجه إلى المطعون ضدهم من الطاعن بصفته ممثلاً لحكومة الجمهورية التركية وهي ذات الصفة التي كان متصفاً بها أمام المحكمة التي أصدت الحكم المطعون فيه - وأن الطعن قد رفع من محامي الطاعن نيابة عن حكومة الجمهورية التركية بمقتضى التوكيل الصادر له من سفيرها في جمهورية مصر العربية السيد/.... وهذا بيان كاف في تعيين شخص الطاعن ومن ثم فلا عبرة بتغير شخص السفير الممثل لها في الطعن عنه في الدعوى المطعون في حكمها إذ يكفي ذكر وظيفة من يمثل الطاعنة وهو سفيرها في مصر لتعيين شخص الحكومة المتقاضية. وهي الخصم الحقيقي في الدعوى وما السفير أياً كان شخصه إلا الممثل القانوني لها.
4 - النص في المادة الثانية من فقرتها "أ" من القانون الخاص بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبنية والأراضي الفضاء قد أجازت استثناء من الحظر المنصوص عليه في المادة الأولى لغير المصري اكتساب ملكية العقارات المبنية والأراضي الفضاء إذا كانت ملكية العقار لحكومة أجنبية لاتخاذه مقراً لبعثتها الدبلوماسية أو القنصلية أو لسكنى رئيس البعثة وذلك بشرط المعاملة بالمثل أو كانت الملكية لإحدى الهيئات أو المنظمات الدولية، وإذ كان ذلك فإن مصلحة الطاعنة وقد قررت أنها تبتغي الأرض المشفوع فيها لتوسيع مقر بعثتها تكون قائمة طالما أن أحداً من المطعون ضدهم لم يدع عدم توافر ما اشترطته تلك المادة لجواز تملك الأرض موضوع النزاع عن طريق الاستثناء.
5 - اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية المنعقدة بتاريخ 18/ 4/ 1961 والتي أصبحت قانوناً نافذاً في مصر بمقتضى القرار الجمهوري 469 لسنة 1964 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 25/ 11/ 1964 قد نصت في مادتها الثالثة على أن وظيفة البعثة الدبلوماسية هي تمثيل الدولة المعتمدة في الدولة المعتمد لديها وحماية مصالح الدولة المعتمدة ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها ضمن الحدود التي يقرها القانون الدولي العام - كما نصت المادة 3/ 1 منها على أن رئيس البعثة يعتبر متولياً وظيفته في الدولة المعتمد لديها منذ تقديمه أوراق اعتماده أو منذ إعلانه لوصوله وتقديم صورة طبق الأصل من أوراق اعتماده إلى وزارة خارجية تلك الدولة أو أية وزارة أخرى قد يتفق عليها ومقتضى ذلك اعتبار ممثلي الدولة أفراداً مفوضين من حكوماتهم يتلقون منها تعليماتها وتلتزم حكوماتهم بأعمالهم. لما كان ذلك وكان سفير الطاعنة قد فوض من حكومته برفع الدعوى المطعون في حكمها فإنه لا يكون ثمة حاجة قانونية للقول بوجوب توثيق هذا التفويض طبقاً لأحكام الدولة التي اعتمدته أو الدولة المعتمد لديها فلم تتطلب نصوص اتفاقية فينا ذلك كما لم يجريه عرف دولي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول دعوى الطاعنة على أساس أنها مرفوعة ممن لم تثبت له صفة لدى المحكمة سواء لرفعها أصلاً بغير توكيل أو يكون التوكيل المودع صادراً ممن لم تثبت له صفة لديها، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى 504 سنة 1972 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهم طالبة الحكم بثبوت حقها في الشفعة في الأرض الموضحة الحدود والمعالم بالصحيفة والحلول محل المشترين بنفس الشروط المتفق عليها في عقد البيع النهائي واعتبار الحكم سنداً لملكيتها تأسيساً على أن المطعون ضدها الرابعة (شركة....) باعت للمطعون ضدهم الثلاثة الأول قطعة الأرض سالفة الذكر وهي تجاور دار سفارة الجمهورية التركية من الجهة الشرقية وتبتغي تملكها لتوسيع هذه الدار وقد أعلنت رغبتها في أخذها بالشفعة إلى كل من الشركة البائعة والمشترين الثلاثة ولم يستجيبوا لها فاتخذت كافة الإجراءات ورفعت الدعوى وأثناء نظرها دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول بعدم قبولها لرفعها من غير ذي صفة تأسيساً على أن سفير تركيا في مصر ليس من مهام منصبه أن يمثل حكومته في القضايا التي ترفع منها أو عليها وسقوط الحق في الأخذ بالشفعة وبتاريخ 28/ 11/ 1972 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وبرفض الدفع بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة وبأحقية الحكومة الطاعنة في أخذ الأرض موضوع النزاع بالشفعة فطعن المطعون ضدهم الثلاثة الأول على هذا الحكم بالاستئناف 6334 سنة 90 قضائية القاهرة - وبتاريخ 4/ 3/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده الأول أصلياً ببطلان الطعن واحتياطياً بعدم قبوله لرفعه من غير ذي صفة وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأي بنقص الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها صممت النيابة على رأيها.
حيث إن المطعون ضده الخامس دفع بعدم قبول الطعن بالنسبة له على أساس أن النزاع يدور بين الطاعنة وباقي المطعون ضدهم وأنه لا يعتبر خصماً حقيقياً فيه.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن البين من صحيفة الطعن والحكم المطعون فيه أن النزاع يدور أساساً بين الطاعنة والمطعون ضدهم من الأول الرابعة وإن المطعون ضده الخامس بصفته ليس خصماً حقيقياً في النزاع ولم يقضي له أو عليه بشيء في الحكم المطعون فيه ومن ثم فلا يقبل اختصامه في الطعن.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع بعدم قبول الطعن لرفعه من غير صفة كما دفع ببطلانه وقال شرحاً لذلك أن محامي الطاعنة قرر بالطعن بالنقض بمقتضى التوكيل 199 سنة 1975 توثيق عام الجيزة الصادر لها من سفير الطاعنة في جمهورية مصر العربية بتاريخ 10/ 4/ 1975 السيد.... وهذا التوكيل خاص برفع طعن بالنقض عن الحكم 6334 سنة 90 قضائية استئناف القاهرة وهو توكيل غير صادر من الطاعنة حكومة الجمهورية التركية ولم يقدم محامي الطاعنة سند وكالته الخاصة عن الأصيل الصادر منها إلى سفيرها والذي يخوله حق الطعن بالنقض في خصوص دعوى الشفعة محل التداعي ولم تودع الطاعنة هذا التوكيل وقت تقديم الصحيفة الأمر الذي يبطل الطعن عملاً بالمادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 13 سنة 1973 كما أن السفير مصدر التوكيل المذكور لم يكن موكلاً عن حكومته لإصداره لأن الحكم المطعون فيه قد صدر ضد: (أولاً) سعادة.... بصفته سفيراً للجمهورية التركية. (ثانياً) فخامة رئيس حكومة تركيا بصفته الممثل القانوني لحكومة الجمهورية التركية ولم يكن السفير الحالي.... مختصماً في دعوى الموضوع ولم يتناوله الحكم المطعون فيه بقضاء يتصل بشخصه أو بصفته بينما أن السفير السابق.... هو الذي باشر إجراءات الشفعة والدعوى أمام محكمة الموضوع بمقتضى توكيل قاصر على شخصه مسمى فيه دون سواء - وإذ كان ذلك، فإن السفير الحالي.... يكون قد قرر بالطعن عن طريق محاميه دون أن يكون خصماً في الحكم المطعون فيه ولا مفوضاً من حكومته بشأن الطعن فيه بتوكيل خاص وبذلك يكون الطعن قد رفع من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك بأن الأمر المستقر طبقاً لأحكام القانون الدولي أن سفراء الدول يمثلون حكوماتهم في البلاد التي يوفدون إليها ويكفي أن يقدم السفير أوراق اعتماده كي يصبح بقوة القانون ممثلاً لحكومته ويخضع لأوامرها فيما يكلف به، وتفترض قواعد هذا القانون أن الإرادة التي يعلنها ممثل الشخص الدولي هي إرادة الشخص الدولي نفسه وأن هذه الإرادة المعلنة تطابق الإرادة الحقيقية تمام المطابقة، ولا تعني تلك القواعد بالإرادة الشخصية لممثل الشخص الدولي، وقد نصت المادة 3 في فقرتيها ب، جـ من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية المنعقدة في 18/ 4/ 1961 والتي صاغت تلك الأحكام المستقرة وانضمت إليها مصر وأبرمتها فأصبحت قانوناً من قوانينها - على أن للسفراء الأجانب أن يمثلوا دولهم فيما يتصل بحماية مصالحها وكذلك مصالح رعاياها، لما كان ذلك. وكانت الطاعنة تطلب الشفعة في الأرض موضوع النزاع لحاجتها إليها في توسيع مكاتبها، وكانت المادة الأولى من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية في فقرتها الأولى قد أوردت أن المقصود بتعبير دار البعثة المباني وأجزاء الأبنية والأرض الملحقة بها بغض النظر عن مالكها المستخدمة في أغراض البعثة بما فيها منزل رئيس البعثة فإن مقتضى ذلك أن طلب الأرض موضوع النزاع بالشفعة للغرض الذي ذكرته يمثل مصلحة للدولة الطاعنة يقوم سفيرها في مصر على حمايتها بوصفه ممثلاً لها، وإذ يعلن السفير عن رغبة حكومته في الأخذ بالشفعة فإن هذه الرغبة هي إرادة الطاعنة ذاتها وتعتبر صادرة منها لا من سفيرها ولا حاجة إلى توكيل خاص يصدر منها للسفير لإعلان تلك الإرادة إذ في تقديم أوراق اعتماده للدولة الموفد إليها ما يغني عن ذلك وترتيباً على ذلك فإنه لا حاجة لإيداع مثل هذا التوكيل الخاص للتدليل على قيام تلك الوكالة مع توكيل المحامي الموكل في رفع الطعن - ولما كان من المقرر أن الخصومة في الطعن أمام محكمة النقض تقوم بين من كانوا خصوماً في النزاع الذي فصل فيه فيقبل الطعن ممن كان طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه وبصفته التي كان متصفاً بها، وكان البين من الحكم المطعون فيه وصحيفة الطعن أن الطعن موجه إلى المطعون ضدهم من الطاعن بصفته ممثلاً لحكومة الجمهورية التركية وهي ذات الصفة التي كان متصفاً بها أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه - وأن الطعن قد رفع من محامي للطاعن نيابة عن حكومة الجمهورية التركية بمقتضى التوكيل الصادر له من سفيرها في جمهورية مصر العربية السيد.... وهذا بيان كاف في تعيين شخص الطاعنة، ومن ثم فلا عبرة بتغير شخصي للسفير الممثل لها في الطعن عنه في الدعوى المطعون في حكمها إذ يكفي ذكر وظيفة من يمثل الطاعنة وهو سفيرها في مصر لتعيين شخص الحكومة المتقاضية وهي الخصم الحقيقي في الدعوى وما السفير التركي أياً كان شخصه إلا الممثل القانوني لها.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم عدا الأخير قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع أيضاً بانتفاء مصلحة الطاعنة في الطعن بصدور القانون رقم 81 سنة 1976 وقال في بيان ذلك أن المادة الأولى من القانون المذكور حظرت على غير المصريين سواء كانوا أشخاصاً طبيعيين أم اعتباريين اكتساب ملكية العقارات المبينة أو الأراضي الفضاء في جمهورية مصر العربية أياً كان سبب اكتساب الملكية عدا الميراث ويشمل هذا الحظر الملكية التامة وملكية الرقبة وحقوق الانتفاع واستثنى في المادة 2 فقرة أ ملكية العقار لحكومة أجنبية بشروط من بينها أن يكون الاستثناء في العقارات المبينة دون غيرها وقد رتب القانون على مخالفة أحكامه البطلان المطلق فيجوز لكل ذي شأن وللنيابة العامة طلبه وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها - وبصدور هذا القانون يحظر على الحكومة التركية الطاعنة تملك الأرض القضاء التي تبدي الرغبة في أن تشفع فيها.
وحيث إن هذا الدفع مردود ذلك أن المادة الثانية في فقرتها ( أ ) من القانون 81 سنة 1976 الخاص بتنظيم تملك غير المصريين للعقارات المبينة والأراضي الفضاء قد أجازت استثناء من الحظر المنصوص عليه في المادة الأولى لغير المصري اكتساب ملكية العقارات المبنية والأراضي الفضاء إذا كانت ملكية العقار لحكومة أجنبية لاتخاذه مقراً لبعثتها الدبلوماسية أو القنصلية أو لسكن رئيس البعثة وذلك بشرط المعاملة بالمثل أو كانت الملكية لإحدى الهيئات أو المنظمات الدولية، وإذ كان ذلك فإن مصلحة الطاعنة وقد قررت أنها تبتغي الأرض المشفوع فيها لتوسيع مقر بعثتها تكون قائمة طالما أن أحداً من المطعون ضدهم لم يدع عدم توافر ما اشترطته تلك المادة لجواز تملك الأرض موضوع النزاع عن طريق هذا الاستثناء.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وقالت في بيان ذلك أن أحكام القانون الدولي العام وأحكام اتفاقية فينا المعقودة في 28/ 4/ 1961 والتي انضمت إليها مصر وبشرت نصوصها في الجريدة الرسمية بتاريخ 25/ 11/ 1964 فأصبحت جزءاً من القانون الداخلي تقضي بأن السفراء الأجانب يمثلون دولهم فيما يتصل بحماية مصالحها أي أن أعمال المبعوث السياسي لا تقتصر على تمثيل دولته في النطاق السياسي والدبلوماسي وإنما تتسع لجميع الأعمال الأخرى التي ترى دولته تكليفه فيها وليس لهذا التكليف شكل معين يجب أن يصدر فيه ومن ثم يصح أن يكون هذا التكليف شفاهة أو كتابة أو أن يجئ في برقية أو في صورة أوامر أو تعليمات - وعلى ذلك فمن حق سفير أي دولة أن يرفع الدعاوى والمطالبات القضائية باسم حكومته في البلد المعتمد فيه كسفير دون حاجة لإبراز أي توكيل عام أو خاص بل يكفي أن يعلن أنه يقوم بتلك الإجراءات باسم حكومته حتى تصبح الأخيرة ملتزمة بما قام به باسمها، ولما كان سفير الطاعنة قد ذكر أنه يعمل باسم حكومته ولحسابها ومن ثم لا يجوز إهدار صفته كممثل لها خاصة وأن تحويل العملة الصعبة لإيداع الثمن صادر من الحكومة التركية، قد خالف الحكم المطعون فيه المبادئ السابقة عندما قضى بأن سفير الطاعنة حين رفع دعواه لم يكن وكيلاً بالمخاصمة القضائية تأسيساً على أن التوكيل الصادر من الحكومة التركية لسفيرها في مصر برفع الدعوى أمام المحاكم المصرية وبتعيين المحامين لهذا الغرض بقصد اكتساب ملكية أرض في الجيزة مجاورة لمبنى دار السفارة التركية عن طريق استعمال حق الشفعة جاء متأخراً عن تاريخ بدء إجراءاتها كما أن هذا التوكيل قد صدر دون بيان لشخص من صدر منه التفويض لمعرفة إن كان صاحب صفة هو أصلاً أم لا، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية المنعقدة بتاريخ 18/ 4/ 1961 والتي أصبحت قانوناً نافذاً في مصر بمقتضى القرار الجمهوري 469 سنة 1964 المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 25/ 11/ 1964 قد نصت في مادتها الثالثة على أن وظيفة البعثة الدبلوماسية هي تمثيل الدولة المعتمدة في الدولة المعتمد لديها وحماية مصالح الدولة المعتمدة ومصالح رعاياها في الدولة المعتمد لديها ضمن الحدود التي يقرها القانون الدولي العام - كما نصت في المادة 13/ 1 منها على أن رئيس البعثة يعتبر متولياً وظيفته في الدولة المعتمد لديها منذ تقديمه أوراق اعتماده أو منذ إعلانه لوصوله وتقديم صورة طبق الأصل من أوراق اعتماده إلى وزارة خارجية تلك الدولة أو أية وزارة أخرى قد يتفق عليها - ومقتضى ذلك اعتبار ممثلي الدولة أفراداً مفوضين من حكوماتهم يتلقون منها تعليماتها وتلتزم حكوماتهم بأعمالهم على ما سلف بيانه - لما كان ذلك وكان سفير الطاعنة قد فوض من حكومته برفع الدعوى المطعون في حكمها فإنه لا يكون ثمة حاجة قانونية للقول بوجوب توثيق هذا التفويض طبقاً لأحكام الدولة التي اعتمدته أو الدولة المعتمد لديها فلم تتطلب نصوص اتفاقية فينا ذلك كما لم يجر به عرف دولي وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم قبول دعوى الطاعنة على أساس أنها مرفوعة ممن لم تثبت له صفة لدى المحكمة سواء لرفعها أصلاً بغير توكيل أو لكون التوكيل المودع صادراً ممن لم تثبت له صفة لديها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف محمولاً على ما صح من أسبابه.