مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 1031

(96)
جلسة 13 من إبريل سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل، وحسن السيد أيوب، وعبد المنعم سالم مشهور، ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 968 لسنة 7 القضائية

تعليم - تعهد - تعهد الطالب بإتمام دراسته وقيامه بالتدريس مدة محددة بعد إتمامها - التزامه مع ولي أمره على وجه التضامن برد جميع ما أنفقته الوزارة في تعليمه إذا ما انقطع عن الدراسة لغير عذر مقبول أو فصل لسبب تأديبي أو إذا لم يقم بالتدريس المدة المحددة - فصله بسبب عدم أداء الرسوم المقررة وما إليها من المصروفات الإضافية - يعتبر بمثابة انقطاع عن الدراسة لغير عذر مقبول - أساس ذلك أن هذه الرسوم والمصروفات إجبارية وعدم أدائها يرتب بصفة حتمية فصل الطالب من المدرسة إذا لم يؤدها وفقاً للقواعد التنظيمية السارية - احتجاج ولي أمر الطالب بفقره الشديد الذي منعه من سداد هذه الرسوم - لا يرفع مسئوليته ما دام لم يثبت أن فقره يجعل أداءه هذه الرسوم الإجبارية مستحيلاً - وأنه حادث طارئ بعد التعهد، مستحيل الدفع، غير ممكن التوقع طبقاً للقاعدة العامة في المسئولية العقدية.
إذا كان الثابت من مطالعة التعهد الموقع عليه من المدعى عليه ونجله أنه يتضمن الالتزام بأن يتم نجل المدعى عليه دراسته بمدرسة المعلمين العامة بالإسكندرية وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس السنوات التالية لإتمام دراسته بالمدرسة المذكورة وفي حالة إخلاله بهذا الالتزام بأن يخرج من المدرسة لعذر غير مقبول قبل إتمام الدراسة أو يفصل منها لأسباب تأديبية أو إذا لم يقم بالتدريس مدة الخمس سنوات المذكورة يترتب في ذمته مع المدعى عليه بطريق التضامن التزام آخر هو رد جميع ما أنفقته الوزارة عليه بواقع خمسة عشر جنيهاً مصرياً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الخارجي.
ولا شبهة في أن القواعد التنظيمية التي كانت سارية إبان واقعة الدعوى كانت تلزم طلبة المدرسة المذكورة بأداء ثمن الزي العسكري ورسوم التأمين الصحي والنشاط الاجتماعي وما إليها من المصروفات الإضافية وترتب بصفة حتمية على عدم أدائها فصل الطالب الذي لم يؤدها من المدرسة.
وما دامت المدرسة بحكم القواعد التنظيمية سالفة الذكر لا تملك الترخص في فصل الطالب الذي لا يؤدي الرسوم المذكورة فإن عدم أدائها الذي يترتب عليه الفصل بقوة القانون يعتبر بمثابة الانقطاع عن الدراسة وما دامت تلك الرسوم إجبارية لا يجوز الإعفاء منها فإن هذا الانقطاع يعتبر أنه بقوة القانون بغير عذر مقبول.
وما دام المدعى عليه لا ينازع في أنه لم يؤد الرسوم سالفة البيان. ومن ثم فإنه يكون بصفته قد أخل بالتزام إتمام الدراسة لأن عدم أداء تلك الرسوم يعتبر لما تقدم بمثابة الانقطاع عن الدراسة بغير عذر مقبول ونتيجة لإخلاله بهذا الالتزام الأصلي يكون قد ترتب في ذمته بحسب التعهد المأخوذ عليه التزام آخر هو رد جميع ما أنفقته الوزارة من مصروفات بواقع خمسة عشر جنيهاً مصرياً عن كل سنة دراسية أو جزء منها.
ولا وجه لاحتجاج المدعى عليه بفقره الشديد ذلك بأن القاعدة العامة أن المسئولية العقدية لا ترتفع إلا إذا أثبت المدين أن الالتزام قد استحال تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة. والمدعى عليه لم يثبت أن فقره الذي يدعيه يجعل أداءه للرسوم الإجبارية المشار إليها مستحيلاً، وأنه حادث طارئ بعد التعهد، مستحيل الدفع، غير ممكن التوقع - وهي خصائص الحادث المفاجئ والقوة القاهرة بل إنه لا دليل إطلاقاً على ما ادعاه من فقر شديد.


إجراءات الطعن

في 15 من مارس سنة 1961 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم بصفته، تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 22 من يناير سنة 1961 من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود الإدارية وطلبات التعويض في الدعوى رقم 449 لسنة 14 القضائية المقامة من السيد وزير التربية والتعليم ضد السيد/ علي حسن عبد الله بصفته ولياً على نجله محمود علي حسن والقاضي "برفض الدعوى وإلزام الوزارة المدعية المصروفات" وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بصفته بأن يدفع للطاعن بصفته 45 جنيهاً والفوائد بواقع 4% سنوياً من وقت المطالبة القضائية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليه في 28 من مارس سنة 1961 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من فبراير سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 14 من يناير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا وعين لنظره أمامها جلسة 23 من مارس سنة 1963. وأبلغ الطرفان في 16 من فبراير سنة 1963 بميعاد هذه الجلسة وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن في أن وزارة التربية والتعليم أقامت الدعوى رقم 449 لسنة 14 القضائية ضد السيد/ علي حسن عبد الله بصفته الشخصية وبصفته ولياً طبيعياً على نجله محمود علي حسن عبد الله بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 15 من ديسمبر سنة 1959 بطلب "الحكم بإلزام المدعى عليه على وجه التضامن بصفتيه المذكورتين بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 45 جنيهاً والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقالت الوزارة بياناً للدعوى إن نجل المدعى عليه التحق بمدرسة المعلمين العامة بمحرم بك في العام الدراسي 54/ 1955 بعد أن وقع تعهداً في 12 من ديسمبر سنة 1954 يلتزم بمقتضاه القيام بالتدريس مدة الخمس سنوات التالية مباشرة لإتمام دراسته حسب الشروط التي تقرها الوزارة المدعية بحيث إذا لم يقم بذلك أو انقطع عن الدراسة بغير عذر مقبول أو فصل لأسباب تأديبية يكون ملتزماً برد المصروفات الدراسية التي أنفقتها عليه الوزارة بواقع 15 جنيهاً عن كل سنة دراسية أو جزء منها وقد تعهد المدعى عليه مع ولده المشمول بولايته في تنفيذ هذا الالتزام بطريق التضامن. ولكن نجل المدعى عليه انقطع عن الدراسة منذ 5 من أكتوبر سنة 1957 ولم ينتظم بها ولم يتقدم بعذر مقبول يبرر انقطاعه الأمر الذي حتم فصله في 8 من ديسمبر سنة 1957 ورتب حقاً للوزارة في مطالبة المدعى عليه بصفتيه متضامنين بمصروفات ثلاث سنوات ولم تجد المطالبة الودية نفعاً. وأجاب المدعى عليه على الدعوى أثناء تحضيرها لدى هيئة مفوضي الدولة بأن نجله فصل لعدم دفعه الرسوم المطلوبة منه وقدم شهادة لإثبات ذلك. وقرر أن عدم دفعه الرسوم يرجع إلى فقره الشديد وعدم إمهاله في دفع الرسوم المذكورة ورد ممثل الحكومة بأن الرسوم التي كانت مطلوبة يبلغ مجموعها 3 جنيهات و458 مليماً وهي رسوم إجبارية لا يجوز الإعفاء منها تتعلق بالتأمين الصحي واتحاد الطلبة والنشاط الاجتماعي والمكتبة والمطبوعات وثمن الزي العسكري. وبجلسة 22 من يناير سنة 1961 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى وإلزام الوزارة المدعية المصروفات، وأقامت قضاءها على أن الفصل من أجل الرسوم لا يمكن اعتباره فصلاً تأديبياً تنطبق عليه نصوص التعهد المأخوذ على المدعى عليه وولده ومن ثم فلا يكون المدعى عليه وولده قد أخلا بالتزاماتهما.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن امتناع المدعى عليه عن دفع الرسوم أدى إلى فصله طبقاً للقانون وهذا بدوره أدى إلى انقطاعه عن الدراسة أكثر من المدة القانونية. وهذا الانقطاع لا يعتبر أنه بعذر مقبول أو يعتبر على أسوأ الفروض راجعاً إلى فعل المدعى عليه مما لا يعد عذراً مقبولاً يعفيه من التزامه إذ لم يكن في وسع المدرسة إلا أن تفصله طبقاً للقانون.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة التعهد الموقع عليه من المدعى عليه ونجله أنه يتضمن الالتزام بأن يتم نجل المدعى عليه دراسته بمدرسة المعلمين العامة بالإسكندرية وأن يقوم بالتدريس مدة الخمس السنوات التالية لإتمام دراسته بالمدرسة المذكورة وفي حالة إخلاله بهذا الالتزام بأن يخرج من المدرسة لعذر غير مقبول قبل إتمام الدراسة أو يفصل منها لأسباب تأديبية أو إذا لم يقم بالتدريس مدة الخمس سنوات المذكورة يترتب في ذمته مع المدعى عليه بطريق التضامن التزام آخر هو رد جميع ما أنفقته الوزارة عليه بواقع خمسة عشر جنيهاً مصرياً عن كل سنة دراسية أو جزء منها للقسم الخارجي.
ومن حيث إنه لا شبهة في أن القواعد التنظيمية التي كانت سارية إبان واقعة الدعوى كانت تلزم طلبة المدرسة المذكورة بأداء ثمن الزي العسكري ورسوم التأمين الصحي والنشاط الاجتماعي والمكتبة وما إليها من المصروفات الإضافية وترتب بصفة حتمية على عدم أدائها فصل الطالب الذي لم يؤدها من المدرسة.
ومن حيث إنه ما دامت المدرسة بحكم القواعد التنظيمية سالفة الذكر لا تملك الترخيص في فصل الطالب الذي لا يؤدي الرسوم المذكورة فإن عدم أدائها الذي يترتب عليه الفصل بقوة القانون يعتبر بمثابة الانقطاع عن الدراسة وما دامت تلك الرسوم إجبارية لا يجوز الإعفاء منها فإن هذا الانقطاع يعتبر أنه بقوة القانون بغير عذر مقبول.
ومن حيث إن المدعى عليه لا ينازع في أنه لم يؤد الرسوم سالفة البيان. ومن ثم فإنه يكون بصفتيه قد أخل بالتزام إتمام الدراسة لأن عدم أداء تلك الرسوم يعتبر لما تقدم بمثابة الانقطاع عن الدراسة بغير عذر مقبول ونتيجة لإخلاله بهذا الالتزام الأصلي يكون قد ترتب في ذمته بحسب التعهد المأخوذ عليه التزام آخر هو رد جميع ما أنفقته الوزارة من مصروفات بواقع خمسة عشر جنيهاً مصرياً عن كل سنة أو جزء منها.
ومن حيث إنه لا وجه لاحتجاج المدعى عليه بفقره الشديد ذلك بأن القاعدة العامة أن المسئولية العقدية لا ترتفع إلا إذا أثبت المدين أن الالتزام قد استحال تنفيذه بسبب أجنبي لا يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة. والمدعى عليه لم يثبت أن فقره الذي يدعيه يجعل أداءه للرسوم الإجبارية المشار إليها مستحيلاً، وأنه حادث طارئ بعد التعهد مستحيل الدفع، غير ممكن التوقع - وهي خصائص الحادث المفاجئ والقوة القاهرة بل إنه لا دليل إطلاقاً على ما ادعاه من فقر شديد.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ أخذ بغير هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وإلزام المدعى عليه بصفته ولياً على نجله محمود علي حسن وإلزامه بالتضامن بصفته الشخصية بأن يدفع للمدعي بصفته مبلغ 45 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 15 من ديسمبر سنة 1959 لغاية تمام الوفاء والمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المدعى عليه بصفته ولياً على ولده محمود علي حسن وإلزامه بالتضامن بصفته الشخصية بأن يدفع لوزارة التربية والتعليم مبلغ 45 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% سنوياً عن هذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 15 من ديسمبر سنة 1959 لغاية تمام الوفاء والمصروفات.