أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 271

جلسة 17 من يناير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار: محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، ومحمد طه سنجر، إبراهيم فراج وصبحي رزق داود.

(59)
الطعن رقم 23 لسنة 47 ق "أحوال شخصية"

(1) أوراق "أوراق المحضرين". إعلان.
الأصل في الإعلان. علم المعلن إليه به علماً يقينياً بتسلم الصورة لشخصه. الاكتفاء بالعلم الافتراضي أو الحكمي. استثناء لحكمه تسوغه.
(2) أحوال شخصية. استئناف "اعتباره كأن لم يكن".
اعتبار الاستئناف كأن لم يكن في مسائل الأحوال الشخصية. شرطه. تخلف المستأنف عن الحضور بالجلسة الأولى المحددة لنظر الاستئناف رغم علمه بها يقينياً. تعجيل المستأنف عليها للاستئناف وإعلان المستأنف لغير شخصه. لا يفيد العلم اليقيني بالجلسة المعجلة.
1 - مفاد المادتين 10، 11 من قانون المرافعات أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة إلى ذات الشخص المعلن إليه، واكتفاء المشرع بالعلم الافتراضي متى سلمت الورقة لصاحب صفة في تسلم الإعلان غير المراد إعلانه أو بالعلم الحكمي إذا سلمت للنيابة العامة حال الجهل بموطن المعلن إليه، إنما هو الحكمة تسوغ الخروج على هذا الأصل، شرعت لها ضمانات معينة لتحقق العلم بالإعلان، بحيث يتعين الرجوع إلى الأصل إذا انتفت الحكمة أو أهدرت دلالة الضمانات.
2 - المستقر في قضاء هذه المحكمة أن توقيع الجزاء الذي شرعته المادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، لا يصادف محله إلا إذا ثبت علم المستأنف علماً يقينياً بالجلسة الأولى التي حددت لنظر استئنافه وتخلفه رغم ذلك، لما ينم عنه نكوله عن حضور الجلسة المشار إليها بالذات من أنه غير جاد في طعنه، فلا تلتزم المحكمة ثمة بالتصدي لموضوعه. لما كان ما تقدم، وكان الواقع في الدعوى أنه كان محدداً لنظر الاستئناف المرفوع من الطاعن جلسه 6 من إبريل سنة 1977، وأن المطعون عليها - المستأنف عليها - هي التي استصدرت أمراً بتقصير نظر الاستئناف لجلسة 7 من مارس سنة 1977، وأنها أعلنت الطاعن بهذه الجلسة الأخيرة مخاطباً مع صهره المقيم معه لغيابه وفي موطن غير محل إقامته الذي عينه في صحيفة استئنافه، وكان الحكم المطعون فيه قد رتب قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن على عدم حضور الطاعن في هذه الجلسة الأخيرة رغم إعلانه قانوناً مع أن إعلانه بها لا يفيد إلا علماً ظنياً أو افتراضياً ولا يؤدي إلى العلم اليقيني الذي يترتب على التخلف عن الحضور بالرغم من افتقاد الجدية في إقامة الطعن، وهو مناط تطبيق المادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على ما سلف بيانه، وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 175 لسنة 1973 "أحوال شخصية نفس" أمام محكمة الجيزة الابتدائية بصحيفة أعلنت إلى المطعون عليها في 15 من مايو سنة 1973 بطلب الحكم بإثبات طلاقه لها الحاصل بتاريخ 8 من مايو سنة 1973 طلقة أولى رجعية. وقال شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1967 تزوجها طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس، وإذ دب الخلاف بينهما وانضم إلى طائفة الإنجليين الوطنيين في 8 من سبتمبر سنة 1971 بينما هي قبطية أرثوذكسية، وهما يدينان بالطلاق، وقد أوقعه عليها عند إقامته دعواه بقوله "زوجتي ومدخولتي السيدة.... الشهيرة بـ.... طالق مني ممارسة لحقه في إيقاع الطلاق بالإرادة المنفردة بعد اختلافهما طائفياً، فقد طلب الحكم بإثباته. وبتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1973 حكمت المحكمة غيابياً بإثبات طلاق الطاعن للمطعون عليها طلقة أولى رجعية. عارضت المطعون عليها في هذا الحكم طالبة أصلياً بطلانه واحتياطياً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، ودفعت بعدم اختصاص محكمة الجيزة الابتدائية محلياً بنظر الدعوى. وبتاريخ 30 من ديسمبر سنة 1974 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنه ليس لها محل إقامة ولا موطن في المكان الذي أعلنت فيه، وبعد سماع شهود الطرفين عادت فحكمت بتاريخ 20 من إبريل سنة 1975 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإلغاء الحكم المعارض فيه بكامل أجزائه وبإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية، وقيدت برقم 230 لسنة 1975 أحوال شخصية المنصورة الابتدائية. دفعت المطعون عليها بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها بالحكم الصادر في الدعوى رقم 182 لسنة 1971 أحوال شخصية المنصورة الابتدائية واستئنافها رقم 1 لسنة 1973 ق أحوال شخصية نفس المنصورة، كما دفعت بعدم سماعها لانتمائها لطائفة الأقباط الكاثوليك بتاريخ 8 من أكتوبر سنة 1972 قبل رفع الدعوى، وبتاريخ 5 من يناير سنة 1977 حكمت محكمة المنصورة الابتدائية (أولاً) برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها وبجواز نظرها، (ثانياً) بعدم سماع الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم في شقه الثاني بالاستئناف المقيد برقم 3 لسنة 1977 ق أحوال شخصية المنصورة طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته، وبتاريخ 7 من مارس سنة 1977 حكمت محكمة الاستئناف باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، على سند من القول بأن الطاعن - المستأنف - لم يحضر بالجلسة رغم إعلانه قانوناً، وأنه وقد طلبت المستأنف عليها - المطعون عليها - والنيابة العامة الحكم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، فلا مناص من إجابة هذا الطلب عملاً بالمادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، في حين أن الجزاء المشار به في المادة السابقة لا يجوز الحكم به إلا إذا تخلف المستأنف عن حضور الجلسة الأولى المحددة لنظر استئنافه، والثابت أن المطعون عليها استصدرت قراراً بتعجيل الاستئناف لجلسة 7 من ماس سنة 1977، وأعلنته به في غير موطنه الذي بينه في صحيفة الاستئناف، وصدر الحكم المطعون فيه تأسيساً على تخلفه عن الحضور في هذه الجلسة التي لم يعلم بها علماً يقينياً، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أنه لما كان مفاد المادتين 10 و11 من قانون المرافعات أن الأصل في إعلان أوراق المحضرين - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يصل إلى علم المعلن إليه علماً يقينياً بتسليم الصورة إلى ذات الشخص المعلن إليه، وكان اكتفاء المشرع بالعلم الافتراضي متى سلمت الورقة لصاحب صفة في تسلم الإعلان غير المراد إعلانه، أو بالعلم الحكمي إذا سلمت للنيابة العامة حال الجهل بموطن المعلن إليه، إنما هو لحكمة تسوغ الخروج على هذا الأصل، شرعت لها ضمانات معينة لتحقق العلم بالإعلان، بحيث يتعين الرجوع إلى الأصل إذا انتفت الحكمة أو أهدرت دلالة الضمانات. لما كان ذلك، وكان المستقر في قضاء هذه المحكمة أن توقيع الجزاء الذي شرعته المادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، لا يصادف محله إلا إذا ثبت علم المستأنف علماً يقيناً بالجلسة الأولى التي حددت لنظر استئنافه وتخلفه رغم ذلك، لما ينم عنه نكوله عن حضور الجلسة المشار إليها بالذات من أنه غير جاد في طعنه، فلا تلتزم المحكمة ثمة بالتصدي لموضوعه. لما كان ما تقدم وكان الواقع في الدعوى أنه كان محدداً لنظر الاستئناف المرفوع من الطاعن جلسة 6 من إبريل سنة 1977، وأن المطعون عليها المستأنف عليها هي التي استصدرت أمراً بتقصير نظر الاستئناف لجلسة 7 من مارس سنة 1977 وأنها أعلنت الطاعن بهذه الجلسة الأخيرة مخاطباً صهره المقيم معه لغيابه، وفي موطن غير محل إقامته الذي عينه في صحيفة استئنافه. وكان الحكم المطعون فيه قد رتب قضاءه باعتبار استئناف كأن لم يكن على عدم حضور الطاعن في هذه الجلسة الأخيرة رغم إعلانه قانوناً. مع أن إعلانه بها لا يفيد إلا علماً ظنياً أو افتراضياً ولا يؤدي إلى العلم اليقيني الذي يترتب على التخلف عن الحضور بالرغم من افتقاد الجدية في إقامة الطعن. وهو مناط تطبيق المادة 319 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية على ما سلف بيانه. وإذ تنكب الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث سائر أسباب الطعن.