أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 299

جلسة 20 من يناير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.

(62)
الطعن رقم 544 لسنة 44 القضائية

(1) استئناف. دعوى.
الأوضاع المقررة لرفع الدعوى ومنها قواعد إعلان الصحيفة ومواعيد التكليف بالحضور. سريانها على الاستئناف. عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال ثلاثة أشهر. أثره. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. المواد 70 و230؛ 240 مرافعات.
(2 و3) إعلان. "إعلان الطعن". موطن. محاماة.
(2) وجوب إعلان الطعن في موطن المطعون ضده. المقصود بالموطن. المادتان 40 مدني و214 مرافعات. مكتب المحامي لا يعد موطناً عاماً له.
(3) جواز اعتبار مكتب المحامي موطن أعمال له. قصره على الأعمال المتعلقة بمهنته. لا يعد كذلك في غيرها من الأعمال أو لغيره من الأشخاص. مكتب المحامي. عدم اعتباره موطن أعمال لموكليه.
(4) إعلان. دعوى. استئناف.
ميعاد ثلاثة الأشهر الواجب تكليف المستأنف عليه بالحضور قبل انقضائها. هو ميعاد حضور. حضور المستأنف عليه بناء على ورقة إعادة الإعلان لا يسقط حقه في التمسك باعتبار الاستئناف كأن لم يكن. مجرد فوات الميعاد المذكور. قاطع في عدم تحقيق الغاية من الإجراء.
1 - مؤدى ما نصت عليه المادة 230 من قانون المرافعات من أن الاستئناف يرفع بصحيفة وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى؛ وما نصت عليه المادة 240 من القانون المذكور من أنه تسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام؛ أنه تنطبق على الاستئناف جميع الأوضاع المقررة لرفع الدعوى بالإجراءات المتعلقة بها. ومنها قواعد إعلان صحيفتها ومواعيد التكليف بالحضور فيها؛ فإذا ما أوجبت المادة رقم 70 قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1976 - أن يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب وإلا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن. فإن هذا الحكم يسري تبعاً لذلك على الاستئناف ويكون من المتعين لصحة الإجراءات - أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الميعاد المذكور وإلا اعتبر الاستئناف كأن لم يكن.
2 - إن ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لنص المادة 214 من قانون المرافعات من أن المقصود بلفظ الموطن - دون وصف في المادة المذكورة هو الموطن العام للشخص وفقاً لأحكام القانون المدني وذلك رغبة في توحيد المصطلحات في قانون الموضوع وقانون الإجراءات، وإذ كان الموطن كما عنت به المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة فإنه يكون بذاته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - المقصود بالموطن الذي أوجبت المادة 214 من قانون المرافعات أن يلتزم إعلان الطعن فيه للخصم ولما كان مكتب المحامي وفقاً لهذا التعريف لا يعتبر موطناً له فإن إعلانه بالطعن الخاص به في مكتبه يكون باطلاً.
3 - جواز اعتبار مكتب المحامي موطن أعمال له بوصفه المكان الذي يباشر فيه مهنته على نحو ما نصت عليه المادة 41 من القانون المدني، على أن ذلك يقتصر على الأعمال المتعلقة به والمتصلة بمهنته وعمله فيه كمحام ومن ثم فلا يتعداها إلى ما يتعلق بغيرها من الأعمال أو بغيره من الأشخاص. لما كان ذلك، فإنه لا يستقيم - في صحيح القانون - اعتبار مكتب المحامي موطناً لموكليه في مفهوم ما نصت عليه المادتان 40 و41 من القانون المدني.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات التي أحالت إليها المادة 240 منه - هو ميعاد حضور بصريح النص ويترتب على عدم تكليف المستأنف بالحضور خلاله اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وأنه إذا تم التكليف بالحضور بعد فوات هذا الميعاد ثم حضر المستأنف عليه فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجزاء المنصوص عليه في المادة المذكورة إذ أن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة 114 مرافعات هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة، أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة ولا محل للتحدي في هذا الصدد بأن حضور المستأنف عليه قد حقق الغاية من الإجراء عملاً بنص المادة 20 مرافعات؛ ذلك أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه. لما كان ذلك، وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه - أن المطعون عليهم الثلاثة الأول لم يحضروا أمام محكمة الاستئناف لأول مرة ولا بجلسة.... بناء على ورقة إعادة الإعلان التي تم إعلانهم بها في.... بعد فوات ميعاد الثلاثة أشهر المقرر قانوناً وكان الحكم قد أقام قضاءه على هذا الأساس فإن النعي عليه بمخالفة القانون يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 12159 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعن والمطعون عليه الخامس للحكم بفسخ عقد الإيجار الصادر منهم للأخير عن المحل المبين بصحيفة الدعوى، كما أقام الطاعن الدعوى رقم 8057 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليهم للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من المطعون عليه الخامس - المستأجر الأصلي للمحلي - مع الاعتداد به في مواجهة المؤجرين - المطعون عليهم الثلاثة الأول - وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين ليصدر فيهما حكم واحد قضت في الدعوى الأولى بفسخ عقد الإيجار في الدعوى الثانية بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الخامس إلى الطعن وبرفض ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بشقيه بالاستئناف رقم 4082 سنة 89 ق القاهرة دفع المطعون عليهم الثلاثة الأول اعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانهم بصحيفته إعلاناً صحيحاً في الميعاد المقرر طبقاً للمادتين 70 و240 مرافعات، وبجلسة 21/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بقبول هذا الدفع وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على سببين: ينعى الطاعن بالسبب الثاني منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه. وفي بيان الوجه الأول منها يقول أن الحكم قد أغفل إعمال المادة 20 من قانون المرافعات التي أرست قاعدة أساسية في تنظيم البطلان الذي يقع بسبب عيب في الشكل الذي يلحق بإجراء ما باعتبار أن الشكل ليس إلا وسيلة لتحقيق غاية لو أنها تحققت - رغم تخلف الشكل - فلا مبرر للبطلان إذ يعتبر التمسك به مع ذلك من قبيل التعسف في استعمال الحق، ذلك أن الإعلان الذي قضى الحكم المطعون فيه ببطلانه قد حقق الغاية منه، وهي اتصال علم المطعون عليهم بالاستئناف عن طريق وكيلهم الذي أعلن به وحضر عنهم فيه فيكون القضاء ببطلان إعلانهم بصحيفة الاستئناف مخالفاً للقانون. وعن الوجه الثاني يقول أن الحكم المطعون فيه قد أعمل - في الاستئناف - حكم المادة 70 مرافعات التي تقضي باعتبار الدعوى كأن لم تكن إذ لم يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب - رغم أنه لا ينطبق إلا على الدعوى في مرحلتها الابتدائية ذلك أن المادة 240 مرافعات قد قصرت ما يسري على الاستئناف من القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى على ما يتعلق منها بالإجراءات والأحكام دون تلك المتعلقة بالمواعيد - ومنها حكم المادة 70 آنفة البيان. وفي الوجه الثالث يقول الطاعن أن الحكم خالف القانون بإعماله حكم المادة 214 من قانون المرافعات مع قصره على مفهوم الموطن المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني - وهو الموطن الأصلي - دون الموطن الحكمي الذي نصت عليه المادة 41 مدني وهو المكان الذي يباشر فيه الشخص تجارة أو حرفة أو يباشر فيه الوكيل أعمال موكله والذي يعتبر موطناً بالنسبة لتلك الأعمال وبالتالي يعتبر موطناً للموكل يصح إعلانه فيه لدى الوكيل، ومن ثم ينصرف حكم المادة 214 مرافعات - مع عموم نصها وعدم تخصيصه - إلى الموطن الأصلي والحكمي معاً.
وحيث إن هذا النعي في وجهه الثاني مردود بما نصت عليه المادة 230 من قانون المرافعات من أن الاستئناف يرفع بصحيفة وفقاً للأوضاع المقررة لرفع الدعوى وما نصت عليه المادة 240 من القانون المذكور من أنه تسري على الاستئناف القواعد المقررة أمام محكمة الدرجة الأولى سواء فيما يتعلق بالإجراءات أو بالأحكام ومؤدى هذا أنه تنطبق على الاستئناف جميع الأوضاع المقررة لرفع الدعوى والإجراءات المتعلقة بها ومنها قواعد إعلان صحفيتها ومواعيد التكليف بالحضور فيها، فإذا ما أوجبت المادة 70 مرافعات قبل تعديلها بالقانون رقم 75 سنة 1976 - أن يتم تكليف المدعى عليه بالحضور في خلال ثلاثة أشهر من تقديم الصحيفة إلى قلم الكتاب وإلا اعتبرت الدعوى كأن لم تكن - فإن هذا الحكم يسري تبعاً لذلك على الاستئناف ويكون من المتعين - لصحة الإجراءات - أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلال الميعاد المذكور وإلا اعتبر الاستئناف كأن لم يكن، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بذلك فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله. والنعي في وجهه الثالث مردود بما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لنص المادة 214 من قانون المرافعات من أن المقصود بلفظ الموطن - دون وصف في المادة المذكورة - هو الموطن العام للشخص وفقاً لأحكام القانون المدني وذلك رغبة في توحيد المصطلحات في قانون الموضوع وقانون الإجراءات. وإذا كان الموطن كما عرفته المادة 40 من القانون المدني هو المكان الذي يقيم فيه الشخص عادة فإنه يكون بذاته - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - المقصود بالموطن الذي أوجبت المادة 214 من قانون المرافعات أن يتم إعلان الطعن فيه للخصم، ولما كان مكتب المحامي وفقاً لهذا التعريف لا يعتبر موطناً له فإن إعلانه بالطعن الخاص به في مكتبه يكون باطلاً، ولا يغير من ذلك جواز اعتبار مكتب المحامي موطن أعمال له - بوصفه لمكان الذي يباشر فيه مهنته على نحو ما نصت عليه المادة 41 من القانون المدني، إذ أن ذلك يقتصر على الأعمال المتعلقة به والمتصلة بمهنته وعمله فيه كمحام ومن ثم فلا يتعداها إلى ما يتعلق بغيرها من الأعمال أو بغيره من الأشخاص، لما كان ذلك فإنه لا يستقيم في صحيح القانون. اعتبار مكتب المحامي موطناً لموكليه - في مفهوم ما نصت عليه المادتان 40، 41 من القانون المدني، وإذ لم يخالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس. والنعي في وجهه الأول مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن ميعاد الثلاثة أشهر المنصوص عليه في المادة 70 من قانون المرافعات - التي أحالت إليها المادة 240 منه - هو ميعاد حضور بصريح النص وبترتب على عدم تكليف المستأنف عليه بالحضور خلاله اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وأنه إذا تم التكليف بالحضور بعد فوات هذا الميعاد ثم حضر المستأنف عليه فإن حضوره لا يسقط حقه في طلب توقيع الجراء المنصوص عليه في المادة المذكورة إذ أن البطلان الذي يزول بحضور المعلن إليه عملاً بالمادة 114 مرافعات هو بطلان أوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة، أما البطلان الناشئ عن عدم مراعاة المواعيد المقررة لرفع وإعلان الطعن في الأحكام فلا تسري عليه هذه المادة ولا محل للتحدي في هذا الصدد بأن حضور المستأنف عليه قد حقق الغاية من الإجراء عملاً بنص المادة 20 مرافعات ذلك أن اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو جزاء نص عليه المشرع لعدم إعلان صحيفة الاستئناف خلال ثلاثة أشهر من تقديمها إلى قلم الكتاب ومجرد فوات الميعاد دون اتخاذ هذا الإجراء يقطع في عدم تحقق الغاية منه، لما كان ذلك وكان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه - أن المطعون عليهم الثلاثة الأول لم يحضروا أمام محكمة الاستئناف لأول مرة إلا بجلسة 6/ 6/ 1973 بناء على ورقة إعادة الإعلان التي تم إعلانهم بها في 19/ 3/ 1973 بعد فوات ميعاد الثلاثة أشهر المقرر قانوناً وكان الحكم قد أقام قضاءه على هذا الأساس فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل وقائع النزاع ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أن الحكم استند في قضائه ببطلان إعلان المستأنف عليهم الثلاثة الأول بصحيفة الاستئناف إلى أنها أعلنت إليهم في مكتب الأستاذ.... المحامي بوصفه محلهم المختار مع أن الثابت بتلك الصحيفة أن الطاعن وجه الإعلان إليهم بالمكتب المذكور باعتباره موطناً لهم لا باعتباره محلاً مختاراً وإذ لم يفطن الحكم أيضاً إلى أن هذا الوكيل حضر عنهم أمام محكمة الدرجة الأولى وأنهم اتخذوا مكتبه محلاً مختاراً لهم في صحيفة دعوى أخرى برقم 4680 مقامة منهم ضد الطاعن وآخرين فإنه يكون قد أخطأ في تحصيل الواقع في الدعوى وأقام قضاءه على استخلاص غير سديد بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه دفاع موضوعي جديد لم يقدم للطاعن ما يثبت تمسكه به أمام محكمة الموضوع ومن ثم لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لأول مرة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.