أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 317

جلسة 20 من يناير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره؛ وعضوية السادة المستشارين: الدكتور بشرى رزق، رأفت عبد الرحيم، محمد حسب الله وحسن البكري.

(65)
الطعن رقم 515 لسنة 48 القضائية

(1 و2) عمل "إغلاق المنشأة".
(1) إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً. أثره. إنهاء عقود العاملين بها. التحاق أحدهم بمنشأة أخرى. اعتباره تعاقداً جديداً.
(2) علاقة شركات القطاع العام بالعاملين لديها. علاقة تعاقدية. توجيهات وزير الصناعة بإلحاق عمال المنشأة التي أغلقت بخدمة إحدى الشركات. تعيين الشركة لأحدهم. اعتباره منبت الصلة بعقد عمله السابق. عدم أحقيته في المطالبة بأجره في المنشأة السابقة.
1 - إذ كان مفاد نص المادة 85 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً يستتبع إنهاء عقود العاملين بها وبالتالي فإن التحاق أحد من هؤلاء العاملين من بعد بالعمل لدى منشأة أخرى يكون بمثابة تعاقد جديد تخضع لأحكامه وحدة العلاقة فيما بين طرفيه.
2 - علاقة شركات القطاع العام بالعاملين لديها علاقة تعاقدية تخضع لأحكام نظم العاملين بهذه الشركات الصادرة بالقرارات الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 و3546 لسنة 1962 و3309 لسنة 1966 والقانون رقم 61 لسنة 1971 على حسب الأحوال ولأحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذه التشريعات، ولا تعدو التوجيهات التي تصدر من وزير الصناعة بشأن إلحاق العمال بخدمة هذه الشركات أن تكون مجرد توصيات غير ملزمة لها ولا تصلح كأداة للتعيين فيها ولا أثر لها على عقود العمل المبرمة بينها وبينهم وأحكام التشريعات المشار إليها والتي تحكم وحدها علاقتهم بها، وهو ما مؤداه أن المطعون ضده الأول قد عين في وظيفته تعيناً جديداً منبت الصلة بعقد عمله السابق الذي انتهى بإغلاق المصنع إغلاقاً نهائياً، فيخضع هذا التعيين الجديد لأحكام القرار الصادر به والقانون رقم 61 لسنة 1972 وتنحسر عنه توجيهات وزير الصناعة، وإذ كان قرار رئيس مجلس الإدارة قد نص صراحة على أن يحدد أجر المطعون ضده الأول على أساس الإنتاج وفق الفئات المقررة بلائحة لشركة الطاعنة في هذا الخصوص، فإنه يضحى فاقد الحق في أن يكون تعيينه بها لقاء نفس الأجر الذي تقاضاه من المصنع قبل إغلاقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام ضد الشركة الطاعنة والمؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج الدعوى رقم 518 سنة 1973 عمال كلي جنوب القاهرة التي انتهى فيها إلى طلب الحكم ببطلان قرار المؤسسة الصادر بإلحاقه بالعمل لدى الشركة فيما تضمنه من التحلل من مرتبه الأصلي وبأحقيته لأجر مقداره 28 جنيهاً شهرياً اعتباراً من 15/ 3/ 1972 حتى تاريخ الفصل في الدعوى. وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل لدى مصنع تيتي الذي أغلق عقب وفاة صاحبه بتاريخ 18/ 12/ 1970 فأصدر وزير الصناعة قراراً بتوزيع العمال الدائمين به على الشركات التابعة للمؤسسة المذكورة بنفس مرتباتهم التي كانوا يتقاضونها في هذا المصنع وإذ كان أجره الشهري به قد بلغ 28 جنيهاً وعين لدى الشركة الطاعنة في 15/ 3/ 1972 بأجر مقداره 13 جنيهاً شهرياً فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1973 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المهمة التي أفصحت عنها في منطوق حكمها. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 9 من مارس سنة 1977 بأحقية المطعون ضده الأول في اعتبار أجره الشهري مبلغ 28 جنيهاً ابتداء من تاريخ التحاقه بالعمل لدى الشركة الطاعنة في 14/ 3/ 1972 وإلزام الشركة أن تؤدي له مبلغ 361 ج و502 م قيمة فرق الأجر من هذا التاريخ حتى 28/ 2/ 1977. استأنفت الطاعنة هذا الحكم باستئنافها المقيد برقم 649 سنة 94 ق مدني أمام محكمة استئناف القاهرة، فقضت في 28 من يناير سنة 1978 ببطلان الحكم المستأنف الصادر بجلسة 9 من مارس سنة 1977 وأحقية المطعون ضده الأول في اعتبار أجره الشهري 28 جنيهاً ابتداء من تاريخ التحاقه بالعمل لدى الشركة في 15/ 3/ 1972 وإلزامها أن تدفع له مبلغ 360 جنيه و502 مليماً من هذا التاريخ حتى 28/ 2/ 1977. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته وبنقض الحكم المطعون فيه بالنسبة للمطعون ضده الأول، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت لنظره جلسة 23 من ديسمبر سنة 1978، وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني بصفته أنه اختصم في الدعوى الابتدائية دون أن يطلب القضاء عليه بشيء ولم توجه الشركة الطاعنة أية طلبات إليه في استئنافها.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة أمام المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه بل يجب أيضاً أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثاني قد وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يكن للشركة الطاعنة أية طلبات قبله ولم يحكم بشيء عليه، وكانت الشركة قد أسست طعنها على أسباب لا تتعلق به، فإنه لا يقبل منها اختصامه في الطعن، وينبغي لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الشركة الطاعنة على الحكم المطعون مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وتقول بياناً لذلك أن الحكم أسس قضاءه بأحقية المطعون ضده الأول لنفس أجره الذي كان يتقاضاه في مصنع تيتي ومقداره 28 جنيهاً على أن قرار الشركة رقم 100 لسنة 1972 وقد صدر بتعيينه لديها في وظيفة عامل حياكة بالمستوى الثالث عملاً بالمادة الخامسة من القانون رقم 61 لسنة 1971 ونص في ديباجته على توصية وزير الصناعة بتوزيع عمال مصنع تيتي على شركات المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج بمرتباتهم الحالية في ذلك المستوى يكون قد استجاب لهذه التوصية بالنسبة للتعيين ومقدار الأجر بالإضافة إلى أنها أقرت بمحاضر أعمال الخبير أن المطعون ضده الأول يتقاضى منها مرتباً ثابتاً ومنحت زميلتيه المقارن بهما نفس أجرهما السابق لدى ذلك المصنع، في حين أن القرار المذكور بعد أن أورد في ديباجته توصية وزير الصناعة نص على تعيين هؤلاء العمال تعييناً جديداً على أن يتقاضوا أجورهم بالإنتاج وفق لائحة الشركة وقد صدر ذلك القرار طبقاً لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 بشأن تحديد الأجور عند التعيين والأوراق خالية مما يفيد أنها استجابت لتلك التوصية بالنسبة للمطعون ضده الأول الذي يتقاضى أجره على أساس الإنتاج ولا يغير من ذلك ثبات هذا الأجر في فترة معينة لأن ضعف إنتاجه أوجب احتساب أجره وفقاً لمتوسط إنتاج القسم الذي يعمل به كما أنها طبقت لائحة الأجور على زميلتي المطعون ضده الأول المقارن بهما.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 85 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إغلاق المنشأة إغلاقاً نهائياً يستتبع إنهاء عقود العاملين بها وبالتالي فإن التحاق أحد من هؤلاء العاملين من بعد بالعمل لدى منشأة أخرى يكون بمثابة تعاقد جديد تخضع لأحكامه وحدة العلاقة فيما بين طرفيه، وكانت علاقة شركات القطاع العام بالعاملين لديها علاقة تعاقدية تخضع لأحكام نظم العاملين بهذه الشركات الصادرة بالقرارات الجمهورية رقم 1598 لسنة 1961 و3546 لسنة 1962 و3309 والقانون رقم 61 لسنة 1971 - على حسب الأحوال - ولأحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص في هذه التشريعات، ولا تعدو التوجيهات التي تصدر من وزير الصناعة بشأن إلحاق العمال بخدمة هذه الشركات أن تكون مجرد توصيات غير ملزمة لها، ولا تصلح كأداة للتعيين فيها ولا أثر لها على عقود العمل المبرمة بينها وبينهم وأحكام التشريعات المشار إليها والتي تحكم وحدها علاقتهم به، ولما كانت المادة الخامسة من القانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "... يكون التعيين في وظائف المستوى الأول بقرار من رئيس مجلس الإدارة بناء على ترشيح المجلس ويكون التعيين في باقي المستويات بقرار من رئيس مجلس الإدارة"، كما تنص المادة 22 من ذلك القانون على أنه "... يجوز لمجلس الإدارة وضع نظام للعمل بالقطعة أو بالإنتاج أو بالعمولة بحيث يتضمن معدلات الأداء الواجب تحقيقها بالنسبة للعمل أو مجموعة العاملين والأجر المقابل لها وحساب الزيادة والنقص في هذا الأجر عند زيادة الإنتاج أو نقصه عن المعدلات المقررة وذلك دون التقيد ببداية أو نهاية مربوط المستوى الوظيفي المعين فيه العامل"، لما كان ذلك. وكان البين من الأوراق أنه لما أغلق مصنع ملابس تيتي - وهو من مصانع القطاع الخاص - الذي عمل لديه المطعون ضده الأول إغلاقاً نهائياً وأرسل وزير الصناعة والبترول والثروة المعدنية توجيهاته إلى المؤسسة المصرية العامة للغزل والنسيج بتوزيع عمال هذا المصنع على شركات المؤسسة بمرتباتهم وقتذاك، أصدر رئيس مجلس إدارة الشركة الطاعنة بتاريخ 11 من إبريل سنة 1977 القرار رقم 100 لسنة 1972 الذي أشار في ديباجته إلى توجيهات وزير الصناعة المذكورة بيد أنه اتبعها بالنص على إلحاق المطعون ضده الأول بالعمل لدى الشركة في وظيفة عامل حياكة بمصنع شبرا بالمستوى الثالث اعتباراً من 14/ 3/ 1973 على أن يتقاضى أجره بالإنتاج حسب فئاته المقررة لوظائف هذا المصنع، وهو مؤداه أن يكون المطعون ضده الأول قد عين في وظيفته هذه تعييناً جديداً منبت الصلة بعقد عمله السابق الذي انتهى بإغلاق مصنع تيتي إغلاقاً نهائياً، فيخضع هذا التعيين الجديد لأحكام القرار الصادر به والقانون رقم 71 لسنة 1971 وتنحسر عنه توجيهات وزير الصناعة، وإذ كان قرار رئيس مجلس الإدارة المنوه عنه قد نص صراحة على أن يحدد أجر المطعون ضده الأول على أساس الإنتاج وفق لفئات المقررة بلائحة الشركة الطاعنة في هذا الخصوص، فإنه يضحى فاقد الحق في أن يكون تعيينه به لقاء نفس الأجر الذي تقاضاه من مصنع تيتي قبل إغلاقه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المطعون ضده الأول المرفوعة إلى محكمة الدرجة الأولى.