مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الثامنة - الجزء الثاني (من أول فبراير سنة 1962 إلى آخر سبتمبر سنة 1963) - صـ 1107

(104)
جلسة 27 من إبريل سنة 1963

برياسة السيد/ الإمام الإمام الخريبي نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة: مصطفى كامل إسماعيل وحسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 1603 لسنة 8 القضائية

موظف - فصل - عدم تنفيذ الموظف أمر النقل لمدة خمسة عشر يوماً دون عذر مقبول - يكون ركن السبب في قرار الفصل طبقاً للمادة 112 من قانون الموظفين - صحة هذا القرار.
متى ثبت أن الموظف لم ينفذ الأمر الصادر بنقله ولم يقم بتسليم عمله الجديد في الجهة المنقول إليها، واستمر على ذلك مدة خمسة عشر يوماً ولم يقدم عذراً مقبولاً، فإن هذه الوقائع تكون ركن السبب في القرار الصادر بفصله من الخدمة وما دام لها أصل ثابت بالأوراق فإن القرار المذكور المستند إلى المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والصادر ممن يملكه في حدود اختصاصه إذا استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانوناً يكون قد قام على سببه وجاء مطابقاً للقانون.


إجراءات الطعن

في 9 من سبتمبر سنة 1962 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم تقرير طعن في الحكم الصادر بجلسة 11 من يوليه سنة 1962 من محكمة القضاء الإداري (هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي) في الدعوى رقم 895 لسنة 16 القضائية المقامة من الآنسة نهاد حسن أنور حفيظ ضد السيد وزير التربية والتعليم والقاضي بصرف مرتب المدعية بصفة مؤقتة لحين الفصل في الموضوع وإرجاء الفصل في المصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة في تقرير الطعن "الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضدها مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليها في 29 من سبتمبر سنة 1962 وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 3 من نوفمبر سنة 1962 وتداول الطعن في الجلسات حتى جلسة 22 من ديسمبر سنة 1962 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا وعين لنظره أمامها جلسة 12 من يناير سنة 1963 وتداول الطعن في الجلسات حتى جلسة 6 من إبريل سنة 1963. وفيها قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن المدعية أقامت الدعوى رقم 895 لسنة 16 القضائية ضد السيد وزير التربية والتعليم بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 2 من يونيه سنة 1962 وقالت بياناً للدعوى إنها التحقت بخدمة وزارة التربية والتعليم في 5 من نوفمبر سنة 1955 وفي وظيفة أخصائية اجتماعية، وفي 21 من يونيه سنة 1959 ندبت للعمل بالمنطقة الجنوبية بالقاهرة ثم فوجئت في 14 من نوفمبر سنة 1959 بنقلها إلى منطقة أسيوط فتظلمت من قرار النقل وأخبرتها رئيستها شفهياً بإلغاء النقل واستمرار ندبها بالمنطقة إلى حين نقلها إلى إدارة رعاية الشباب. ولكن المنطقة أوقفت صرف مرتبها منذ شهر نوفمبر سنة 1959 فلجأت إلى وكيل الوزارة فأصدر قراراً بإعادتها إلى عملها الأصلي بالمنطقة الجنوبية وصرف مرتبها فوراً وتسلمت عملها يوم 9 من يوليه سنة 1960، غير أنها أوقفت عن عملها اعتباراً من 14 نوفمبر سنة 1960 وأحيلت إلى المحاكمة التأديبية. وصدر حكم المحكمة التأديبية قاضياً بأن وقفها قد صدر مجافياً للقانون فلا ينتج الأثر الذي رتبه المشرع على الوقف. وأثناء ترددها لاستعجال صرف جميع استحقاقاتها المتأخرة طلب منها المختصون التوقيع باستلام استمارة سفر إلى أسيوط ومعها خطاب بإيقافها عن العمل بتاريخ 2 من مايو سنة 1961 فتوجهت في 20 من مايو سنة 1961 إلى المنطقة لتشرح عدم إمكان الموظف الموقوف القيام بتنفيذ قرار النقل فتنبهت المنطقة إلى هذا الخطأ وكتبت إلى إدارة المستخدمين في الوزارة في 30 من مايو تستفسر عما يتبع فجاء الرد من مدير التفتيش إلى المنطقة في 12 من يونيه سنة 1961 بإنهاء إيقافها وإعادتها للعمل مع إخطارها بالسفر إلى منطقة أسيوط لتتسلم عملها بها في اليوم التالي لإخلائها من المنطقة الجنوبية. وصرف ما تستحقه من المرتب عن كل مدة الوقف. ومع ذلك فقد امتنعت المنطقة عن رفع الإيقاف أو صرف أي مبلغ، ثم فوجئت أخيراً أثناء وجودها بالإدارة العامة لرعاية الشباب يوم 25 من يناير سنة 1962 بخطاب مؤرخ 21 من يناير سنة 1962 يفيد أنه صدر القرار رقم 1687 برفع اسمها من الخدمة اعتباراً من 5 من مايو سنة 1961 وعقبت المدعية على هذا القرار بالنعي عليه بأنه لا يستند إلى سبب قانوني وليس له ما يبرره، وبأن هذا القرار قد أرجع تاريخ رفع الاسم إلى 5 من مايو سنة 1961 على حين أن المنطقة وإدارة المستخدمين بالوزارة كانتا تعتبرانها (أنها) موقوفة عن العمل بدليل توجيه خطاب التفتيش إلى المنطقة في 12 من يونيه سنة 1961 بإنهاء الإيقاف. وانتهت المدعية إلى القول بأنها لا تستطيع أن تصبر على قطع مرتبها وطلبت الحكم بصفة مستعجلة باستمرار صرف مرتبها حتى يفصل في موضوع الدعوى. وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من السيد وزير التربية والتعليم بتاريخ 21 من يناير سنة 1962 رقم 1687 برفع اسمها من الخدمة من 5 من مايو سنة 1961 مع حفظ حقها في صرف مرتبها عن مدة إيقافها مع ما يترتب على ذلك من أثار وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأجابت وزارة التربية والتعليم على الدعوى فذكرت أن المدعية نقلت من منطقة جنوب القاهرة التعليمية إلى منطقة أسيوط التعليمية وأخلي طرفها من منطقة جنوب القاهرة في 4 من مايو سنة 1961 ولكنها لم تتسلم عملها الجديد وادعت أنها بقيت قائمة بالعمل بمنطقة جنوب القاهرة وتبين من التحقيق عدم صحة هذه الواقعة، ولما ثبت أن المدعية لم تتسلم عملها بمنطقة أسيوط عقب إخلاء طرفها من منطقة جنوب القاهرة لمدة أكثر من 15 يوماً متصلة دون عذر مقبول أصدرت الوزارة قرارها بتاريخ 13 من يناير سنة 1962 يقضي بإنهاء خدمة المدعية اعتباراً من 5 من مايو سنة 1961 تاريخ اليوم التالي لإخلاء طرفها وذلك عملاً بأحكام المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951. وهو قرار صادر ممن يملك إصداره وفي حدود السلطة المخولة له قانوناً ودون انحراف بها أو تعسف في استعمالها. وبجلسة 11 من يوليه سنة 1962 قضت محكمة القضاء الإداري بصرف مرتب المدعية بصفة مؤقتة لحين الفصل في الموضوع وإرجاء الفصل في المصروفات. وأقامت حكمها على أنه "يتضح من ظاهر الأوراق أنه ينتج منها في نظر هذه المحكمة جميع الأركان القانونية التي تجيز لها أن تأمر بصرف مرتب المدعية بصفة مؤقتة وأن ترجئ الفصل في المصروفات لحين الفصل في الدعوى الموضوعية وذلك دون مساس بأصل موضوع الدعوى".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه لم يتضمن أن المدعية ليس لها مورد رزق غير مرتبها. وعلى أن القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعية يستند إلى أساس صحيح من القانون ذلك أنها قد انقطعت عن العمل أكثر من خمسة عشر يوماً دون عذر مقبول والمادة 112 من قانون موظفي الدولة تعتبر الموظف مستقيلاً إذا انقطع عن عمله بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية. ومن ثم يكون هذا القرار على الأقل بحسب الظاهر صحيح ويتفق وأحكام القانون الأمر الذي يجعل ادعاء المدعية لا يقوم بحسب الظاهر على أسباب جدية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه متى ثبت أن الموظف لم ينفذ الأمر الصادر بنقله ولم يقم بتسليم عمله الجديد في الجهة المنقول إليها، واستمر على ذلك مدة خمسة عشر يوماً ولم يقدم عذراً مقبولاً، فإن هذه الوقائع تكون ركن السبب في القرار الصادر بفصله من الخدمة وما دام لها أصل ثابت بالأوراق فإن القرار المذكور المستند إلى المادة 112 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة والصادر ممن يملكه في حدود اختصاصه إذا استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً أو قانونياً يكون قد قام على سببه وجاء مطابقاً للقانون.
ومن حيث إن القرار المطعون فيه صادر بتاريخ 13 من يناير سنة 1962 من وزير التربية والتعليم بناء على مذكرة مسببة مؤرخة 10 من يناير سنة 1962 وقد نص على أنه "نظراً لأن الآنسة المذكورة لم تتسلم عملها بمنطقة أسيوط عقب إخلائها من منطقة جنوب القاهرة في 4 من مايو سنة 1961 لمدة أكثر من 15 يوماً متصلة دون عذر مقبول وللأسباب الواردة في هذه المذكرة لذلك تعتبر مفصولة قانوناً من التاريخ التالي لإخلاء طرفها حسب أحكام المادة 112 من قانون التوظف وتتخذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ ذلك".
ومن حيث إنه يبدو من القرار المذكور ومن مذكرته التي بني عليها (ملف إدارة الشئون القانونية - الشكاوى - مأمورية 156 - امتناع الآنسة نهاد حسن أنور حفيظ عن تنفيذ أمر نقلها وانقطاعها عن العمل ص 3 - 9) يبدو أن القرار سالف الذكر على هدي المبدأ المشار إليه يقوم بحسب الظاهر - على سببه ويطابق القانون. أما ما تتمسك به المدعية من أن الوزارة كانت تعتبرها موقوفة عن العمل في تاريخ لاحق لتاريخ إخلاء طرفها في 4 من مايو سنة 1961 من منطقة جنوب القاهرة مستدلة على ذلك بكتاب إدارة التفتيش الموجه إلى المنطقة لإنهاء الإيقاف الذي قدمت صورته المؤرخة 12 من يونيه سنة 1961. هذا الذي تتمسك به المدعية وتدعيه عذراً مقبولاً يشفع لها في عدم تسلمها عملها بمنطقة أسيوط عقب إخلائها من منطقة جنوب القاهرة، فإنه لا يبدو من الأوراق على الأخص من أقوال مدير إدارة التفتيش وأقوال المدير المساعد لتلك الإدارة (محضر المناقشة - رقم 12 ملف الطعن) بشأن الكتاب المذكور. لا يبدو هذا العذر بحسب الظاهر - واضحاً الوضوح المانع من المساس بأصل المركز القانوني موضوع النزاع إذا قضي للمدعية مؤقتاً بصرف المرتب. وغني عن البيان أنه ينبغي عند الفصل في هذا الطلب المستعجل الإبقاء على هذا الأصل سليماً حتى يفصل في موضوع النزاع.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ يقضي
بصرف المرتب قد جاء مخالفاً للقانون فيتعين القضاء بإلغائه ورفض طلب صرف المرتب وإلزام المدعية بمصروفات هذا الطلب.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه، بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب صرف المرتب وألزمت المدعية بمصروفات هذا الطلب.