أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 446

جلسة 30 من يناير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور محمد محمد حسنين نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: صلاح الدين يونس، ومحمد وجدي عبد الصمد، ومحمد علي هاشم، وصلاح الدين عبد العظيم.

(86)
الطعن رقم 466 لسنة 47 القضائية

(1) ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية".
جميع الضرائب التي تدفعها المنشأة عدا ضريبة الأرباح. اعتبارها من التكاليف الواجب خصمها من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية.
(2) ضرائب "الضرائب الإضافية". قانون.
ضريبة الدفاع المفروضة بالقانون 277 لسنة 1956، وضريبة الأمن القومي المفروضة بالقانون 23 لسنة 1967. عدم اعتبارهما من التكاليف الواجب خصمها من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية. علة ذلك. النص في القانون 113 لسنة 1973 على عدم جواز خصمها. اعتباره نصاً تفسيرياً.
(3) قانون "سريانه من حيث الزمان".
القانون التفسيري. سريانه منذ تاريخ صدور التشريع الأصلي المفسر طالما لم يضف جديداً. لا حاجة للنص فيه على أنه حكم مكمل للتشريع الأصلي.
(4) استئناف. حكم "حجية الحكم".
تمسك الخصم بحجية حكم نهائي أمام محكمة أول درجة. اعتباره مطروحاً على المحكمة الاستئنافية.
(5) حكم "حجية الحكم". ضرائب. قوة الأمر المقضي.
القضاء النهائي في دعوى سابقة بخصم ضريبة الدفاع من وعاء ضريبة الأرباح التجارية عن سنوات معينة بالنسبة لأحد الخصوم في الدعوى الحالية. اكتسابه قوة الأمر المقضي. عدم جواز إعادة المنازعة في ذات المسألة عن سنوات لاحقة. لا مخالفة في ذلك لمبدأ استقلال السنوات الضريبية.
1 - النص في المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل - قبل تعديلها بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية يدل على أن الشارع أطلق مبدأ إدخال جميع الضرائب في نطاق التكاليف التي تخصم من الأرباح ما عدا ما ورد عليه الاستثناء على سبيل الحصر خاصاً بضريبة الأرباح التي تؤدى وفقاً للقانون المذكور.
2 - تنص المادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956 بفرض ضريبة إضافية للدفاع على أن "تحصيل الضريبة الإضافية المنصوص عليها في المادة السابقة مع الضرائب الأصلية وفي مواعيدها وتأخذ حكمها وتسري عليها جميع أحكام القوانين الخاصة بتلك الضرائب سواء تعلقت بتحديد الإيرادات أو الأرباح الخاضعة للضريبة أو الإعفاءات أو بالإجراءات أو بطريق التحصيل أو بغير ذلك" وهذا النص وقد ورد عاماً، يشمل حكم عدم اعتبارها من التكاليف الواجبة الخصم المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن الضريبة الأصلية، ولا محل لتخصيص عمومه بقصد تطبيق حكمه على الأحكام الإجرائية دون الأحكام الموضوعية الخاصة بالضريبة الأصلية. ذلك أن الشارع بعد أن أطلق مبدأ سريان أحكام الضريبة الأصلية على الضريبة الإضافية في قوله "وتأخذ حكمها" أورد طائفة من تلك الأحكام موضوعية وإجرائية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، في عبارة جاءت في ذات الفقرة معطوفة على العبارة السابقة عليها مؤكدة لها في الحكم مرتبطة بها في المعنى بحيث لا يصح أن تستقل كل عبارة منهما بحكمها دون أن يجمع بينهما معيار مشترك بحكم جامع العموم والإطلاق في كليتهما، وإذ كان ذلك وكان القانون رقم 23 لسنة 1967 بفرض ضريبة لأغراض الأمن القومي قد صدر من بعد وقضى في مادته الثالثة بأن تسري في شأن هذه الضريبة أحكام القانون رقم 277 لسنة 1956 فيما لم يرد بشأنه نص خاص، فإن حكم عدم الخصم من الأرباح الذي يسري في شأن ضريبة الدفاع، يسري على ضريبة الأمن القومي إذ لم يرد بشأنه نص خاص في القانون الذي فرضها، ولا يغير مما تقدم صدور القانون رقم 113 لسنة 1973 - من بعد - بفرض ضريبة جهاد على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، ناصاً في مادته الثالثة على أن "لا تعتبر هذه الضريبة وضرائب الدفاع والأمن القومي من التكاليف الواجبة الخصم طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه" وترديد هذا الحكم بعد ذلك في المادة 39 ذاتها بعد تعديلها بالقانون رقم 46 لسنة 1978، ذلك أن القانون رقم 113 لسنة 1973 لم يضف جديداً إلى قانوني ضريبتي الدفاع والأمن القومي اللذين خلت ديباجته من الإشارة إليهما، ولم يصدره الشارع إلا لغرض ضريبة الجهاد المنصوص عليها فيه، وإذ كان قد عرض في أحد نصوصه للضريبتين سالفتي الذكر فإنما كان ذلك بمقتضى ما له من الحق الدستوري في إصدار تشريع تفسيري للتشريع الأصلي - هذا الحق الذي لا تؤثر فيه استطالة الزمن بين التشريعين - ليكشف فحسب عن حقيقة المراد بنص المادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956 سالفة البيان منذ تقنينها منعاً لكل تأويل أو لبس، فقرر أن ضريبتي الدفاع والأمن القومي لا تعتبران من التكاليف الواجبة الخصم وفقاً للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وذلك - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 113 لسنة 1973 - أسوة بالضرائب الأصلية التي فرضها ذلك القانون.
3 - إذ كان نص المادة الثالثة من القانون رقم 113 لسنة 1973 بشأن عدم جواز خصم ضريبتي الدفاع والأمن القومي من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية مفسراً للمادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956 وكاشفاً عن حقيقة مراد الشارع من هذه المادة منذ تقنينها لا منشئاً لحكم جديد، فإن الشارع لم يكن في حاجة إلى النص على أن الحكم التفسيري في شأن ضريبتي الدفاع والأمن القومي، وهو حكم مكمل لأحكام القانونين رقمي 277 لسنة 1956 و23 لسنة 1967 اللذين فرضاهما وذلك منذ صدورهما، لما هو مقرر من أن القانون التفسيري ما دام لا يضيف جديداً يعتبر قد صدر في الوقت الذي صدر فيه التشريع الأصلي. ويسري بالتالي على جميع الوقائع منذ نفاذ التشريع الأصلي.
4 - تمسك الطاعن بحجية حكم نهائي أمام محكمة الدرجة الأولى يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف اعتباراً بأن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بما فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع، وكان الحكم المشار إليه قد فصل في النزاع بين الطاعن ومصلحة الضرائب حول خصم ضريبة الدفاع من أرباحه في السنوات... إلى... وقرر وجوب خصمها، وكانت حجية الأحكام مقصورة على من كان طرفاً فيها، فإن هذا الحكم الذي أصبح نهائياً يكون حائزاً قوة الأمر المقضي في خصوص اعتبار ضريبة الدفاع ضمن التكاليف الواجبة الخصم، ومانعاً للخصوم في الدعوى التي صدر فيها - الطاعن ومصلحة الضرائب - من العودة إلى مناقشة هذه المسألة، في أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع ولا يمنع من ذلك أن يكون الحكم صادراً عن سنوات سابقة على سنوات النزاع في الدعوى الماثلة لأن نطاق مبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الأرباح والتكاليف التي تحقق على مدار السنة بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون استثناء.
5 - إذ كان الحكم الصادر في الاستئناف رقم... قد فصل في النزاع بين الطاعن الثامن والمطعون ضدها حول خصم ضريبة الدفاع عن أرباحه في السنوات 1957 إلى 1964 وقرر وجوب خصمها وكانت حجية الأحكام مقصورة على من كان طرفاً فيها، فإن هذا الحكم الذي أصبح نهائياً يكون حائزاً قوة الأمر المقضي في خصوص اعتبار ضريبة الدفاع ضمن التكاليف الواجبة الخصم، ومانعاً للخصوم في الدعوى التي صدر فيها - الطاعن الثامن والمطعون ضدها - من العودة إلى مناقشة هذه المسألة في أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع، ولا يمنع من ذلك أن يكون الحكم صادراً عن سنوات سابقة على سنوات النزاع في الدعوى الماثلة، لأن نطاق مبدأ استقلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الأرباح والتكاليف التي تحقق على مدار السنة بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون استثناء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الغزل والنسيج والخردوات قدرت أرباح الطاعنين - وهم شركاء متضامنون في شركة من تجارة الأقمشة في السنوات 1966 إلى 1972 بالمبالغ 48172 جنيهاً و484 مليماً، 23586 جنيهاً و523 مليماً، 35761 جنيهاً و52 مليم، 37801 جنيهاً و827 مليماً، 37062 جنيهاً و794 مليماً، 41129 جنيهاً و971 مليماً، 67373 جنيهاً و244 مليم - على التوالي، وإذ اعترضوا لعدم اعتبار ضريبتي الدفاع والأمن القومي من التكاليف التي تخصم من الأرباح، وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتاريخ 27/ 5/ 1975 بأحقيتهم في خصمها وبتخفيض تقدير المأمورية إلى 42846 جنيهاً و988 مليماً و19107 جنيهاً و162 مليماً، 33753 جنيهاً و862 مليما، 31067 جنيها و568 مليماً، 31315 جنيهاً و712 مليماً، - 35395 جنيهاً و476 مليماً، 61034 جنيهاً و670 مليماً، فقد أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم 1185 لسنة 1975 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية بالطعن في هذا القرار طالبة إلغاءه وتأييد تقديرات المأمورية، وبتاريخ 20/ 6/ 1976 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 443 لسنة 93 ق القاهرة. وبتاريخ 8/ 2/ 1977 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتأييد تقديرات المأمورية. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها نقضه وبالجلسة المحددة التزمت هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله، وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه بعدم خصم ضريبتي الدفاع والأمن القومي من الأرباح على أن القانون رقم 277 لسنة 1956 بإنشاء ضريبة الدفاع نص على أن هذه الضريبة تأخذ حكم ضريبة الأرباح التجارية وتسري عليها جميع أحكام القانون الخاصة بالضريبة الأصلية، ومؤدى ذلك أن يضحى وعاء الضريبة الأصلية هو بذاته وعاء ضريبة الدفاع ويسري عليها حكم المادة 39/ 3 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فلا يخصم، من الأرباح، وكذلك الشأن في ضريبة الأمن القومي الصادر بها القانون رقم 23 لسنة 1967، في حين أن نص المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 صريح في وجوب خصم جميع التكاليف ومنها الضرائب التي تدفعها المنشأة ولم يستثن منها غير ضريبة الأرباح التجارية والصناعية التي تؤديها طبقاً لهذا القانون، وضريبة الدفاع هي ضريبة متميزة نظمها القانون الصادر بإنشائها وإذا كان هذا القانون قد أحال إلى أحكام الضرائب الأصلية في مجال التحصيل ونحوه فما ذاك إلا من باب التيسير في الإجراءات لا يتأذى منه القول باستثناء ضريبة الدفاع من التكاليف واجبة الخصم لأن الأصل هو خصمها ولا يكون الاستثناء إلا بنص صريح، وقد ورد هذا النص في القانون رقم 13 لسنة 1973 بفرض ضريبة جهاد إضافية على الإيرادات.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان النص في المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل - قبل تعديلها بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية - على أن - "يكون تحديد صافي الأرباح الخاضعة للضريبة على أساس نتيجة العملية أو العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها الشركة أو المنشأة وذلك بعد خصم جميع التكاليف وعلى الأخص... 3 - الضرائب التي تدفعها المنشأة ما عدا ضريبة الأرباح التي تؤديها طبقا لهذا القانون..." يدل على أن الشارع أطلق مبدأ إدخال جميع الضرائب في نطاق التكاليف التي تخصم من الأرباح ما عدا ما ورد عليه الاستثناء على سبيل الحصر خاصاً بضريبة الأرباح التي تؤدى وفقاً للقانون المذكور، إلا أنه لما كان القانون رقم 277 لسنة 1956 بفرض ضريبة إضافية للدفاع قد صدر من بعد ناصاً في المادة الرابعة منه على أنه "تحصل الضريبة الإضافية المنصوص عليها في المادة السابقة مع الضرائب الأصلية وفي مواعيدها وتأخذ حكمها وتسري عليها جميع أحكام القوانين الخاصة بتلك الضرائب سواء تعلقت بتحديد الإيرادات أو الأرباح الخاضعة للضريبة أو الإعفاءات أو بالإجراءات أو بطريق التحصيل أو بغير ذلك" فإن هذا النص، وقد ورد عاماً، يشمل حكم عدم اعتبارها من التكاليف الواجبة الخصم المنصوص عليه في الفقرة الثالثة من المادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن الضريبة الأصلية، ولا محل لتخصيص عمومه بقصد تطبيق حكمه على الأحكام الإجرائية دون الأحكام الموضوعية الخاصة بالضريبة الأصلية، ذلك أن الشارع بعد أن أطلق مبدأ سريان أحكام الضريبة الأصلية على الضريبة الإضافية في قوله "وتأخذ حكمها" أورد طائفة من تلك الأحكام، موضوعية وإجرائية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، في عبارة جاءت في ذات الفقرة معطوفة على العبارة السابقة عليها مؤكدة لها في الحكم مرتبطة بها في المعنى بحيث لا يصح أن تستقل كل عبارة منهما بحكمها دون أن يجمع بينهما معيار مشترك بحكم جامع العموم والإطلاق في كليتهما، وإذ كان ذلك وكان القانون رقم 23 لسنة 1967 بفرض ضريبة لأغراض الأمن القومي قد صدر - من بعد - وقضى في مادته الثالثة بأن تسري في شأن هذه الضريبة أحكام القانون رقم 277 لسنة 1956 فيما لم يرد بشأنه نص خاص، فإن حكم عدم الخصم من الأرباح الذي يسري في شأن ضريبة الدفاع، يسري على ضريبة الأمن القومي إذ لم يرد بشأنه نص خاص في القانون الذي فرضها، ولا يغير مما تقدم صدور القانون رقم 113 لسنة 1973 - من بعد - بفرض ضريبة جهاد على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، ناصاً في مادته الثالثة على أن "لا تعتبر هذه الضريبة وضرائب الدفاع والأمن القومي من التكاليف الواجبة الخصم طبقاً للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه". وترديد هذا الحكم بعد ذلك في المادة 39 ذاتها بعد تعديلها بالقانون رقم 46 لسنة 1978، ذلك أن القانون رقم 113 لسنة 1973 لم يضف جديداً إلى قانوني ضريبتي الدفاع والأمن القومي اللذين خلت ديباجته من الإشارة إليهما، ولم يصدره الشارع إلا لفرض ضريبة الجهاد المنصوص عليها فيه، وإذا كان قد عرض في أحد نصوصه للضريبتين سالفتي الذكر فإنما كان ذلك بمقتضى ما له من الحق الدستوري في إصدار تشريع تفسيري للتشريع الأصلي - هذا الحق الذي لا تؤثر فيه استطالة الزمن بين التشريعين - ليكشف فحسب عن حقيقة المراد بنص المادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956 سالفة البيان منذ تقنينها منعاً لكل تأويل أو لبس، فقرر أن ضريبتي الدفاع والأمن القومي لا تعتبران من التكاليف الواجبة الخصم وفقاً للمادة 39 من القانون رقم 14 لسنة 1939 وذلك - وعلى ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 113 لسنة 1973 - أسوة بالضرائب الأصلية التي فرضها ذلك القانون، وإذ كان نص المادة الثالثة من القانون رقم 113 لسنة 1973 مفسراً للمادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956 وكاشفاً عن حقيقة مراد الشارع من هذه المادة منذ تقنينها لا منشئاً لحكم جديد، فإن الشارع لم يكن في حاجة إلى النص على أن الحكم التفسيري في شأن ضريبتي الدفاع والأمن القومي، هو حكم مكمل لأحكام القانونين رقمي 277 لسنة 1956 و23 لسنة 1967 اللذين فرضاهما وذلك منذ صدورهما لما هو مقرر من أن القانون التفسيري ما دام لا يضيف جديداً يعتبر قد صدر في الوقت الذي صدر فيه التشريع الأصلي ويسري بالتالي على جميع الوقائع منذ نفاذ التشريع الأصلي، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بأن ضريبتي الدفاع والأمن القومي لا تخصمان ضمن تكاليف المنشأة - شأنهما في ذلك شأن الضريبة الأصلية - ملتزماً في ذلك ما استهدفه الشارع بالمادة الرابعة من القانون رقم 277 لسنة 1956، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الطاعنين تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بحجية الحكم رقم 321 لسنة 85 ق القاهرة الصادر بتاريخ 29/ 10/ 1969 بين الطاعن الثامن - .... - ومصلحة الضرائب - المطعون ضدها - عن أرباح السنوات 1957 إلى 1964 وقد قضى بأن ضريبة الدفاع تعتبر من التكاليف واجبة الخصم؛ وإذ لم ترد المحكمة على هذا الدفاع وقضت على خلاف ذلك الحكم، فإن حكمها يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أن الطاعنين قدموا صورة من الحكم الصادر بتاريخ 29/ 10/ 1969 في الاستئناف رقم 341 سنة 85 ق القاهرة المقام من الطاعن الثامن على المطعون ضدها وشهادة صادرة من محكمة النقض بتاريخ 6/ 8/ 1975 بعدم طعن مصلحة الضرائب في هذا الحكم الذي قضى باعتبار ضريبة الدفاع موضوع النزاع من التكاليف التي يجب خصمها من وعاء ضريبة الأرباح التجارية والصناعية، وإذ كان تمسك الطاعن الثامن بحجية هذا الحكم النهائي أمام محكمة الدرجة الأولى يعد مطروحاً على محكمة الاستئناف اعتباراً بأن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بما فيها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع، وكان الحكم المشار إليه قد فصل في النزاع بين الطاعن الثامن والمطعون ضدها حول خصم ضريبة الدفاع من أرباحه في السنوات 1957 إلى 1964 وقرر وجوب خصمها، وكانت حجية الأحكام مقصورة على من كان طرفاً فيها، فإن هذا الحكم الذي أصبح نهائياً يكون حائزاً قوة الأمر المقضي في خصوص اعتبار ضريبة الدفاع ضمن التكاليف الواجبة الخصم، ومانعاً للخصوم في الدعوى التي صدر فيها - الطاعن الثامن والمطعون ضدها - من العودة إلى مناقشة هذه المسألة في أية دعوى تالية يثار فيها هذا النزاع، ولا يمنع من ذلك أن يكون الحكم صادراً عن سنوات سابقة على سنوات النزاع في الدعوى الماثلة، لأن نطاق مبدأ استغلال السنوات الضريبية لا يتعدى جانب الأرباح والتكاليف التي تحقق على مدار السنة بحيث لا تمتد إلى غيرها من السنين السابقة أو اللاحقة عليها إلا فيما نص عليه القانون استثناء، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر ولم يعتبر ضريبة الدفاع من التكاليف الواجبة الخصم ودون أن يرد على دفاع الطاعن الثامن في هذا الخصوص مع أنه دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير وجه الرأي في الدعوى بالنسبة لهذا الطاعن، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه بالنسبة للطاعن الثامن وحده.