أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 505

جلسة 7 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

(97)
الطعن رقم 589 لسنة 48 القضائية

(1) دعوى "صحيفة الدعوى". محاماة. بطلان.
توقيع المحامي على أصل صحيفة الدعوى. إغفال التوقيع على صورتها. لا بطلان.
(2) استئناف "صحيفة الاستئناف". محاماة. حكم.
عدم ادعاء الخصم بأن التوقيع على صحيفة الاستئناف ليس لمحام أو أنه غير مقبول للمرافعة أمام الاستئناف. لا محل للنعي على الحكم عدم تحققه من قيد المحامي بالجدول الاستئنافي.
(3) إيجار "إيجار الأماكن".
تكرار تأخر المستأجر في الوفاء بالأجرة. وجوب الحكم بإخلائه من العين ما لم يقدم مبررات تقدرها المحكمة. ق 52 لسنة 1969. المقصود بالمبررات. هي مبررات التأخير في المرة الأخيرة دون ما سبقها.
(4) إيجار "إيجار الأماكن". حكم.
قضاء محكمة أول درجة برفض إخلاء المستأجر بوجود مبررات لتأخره في الوفاء بالأجرة. إلغاء محكمة الاستئناف للحكم دون بحث مبررات المستأجر في التأخير محل الدعوى المطروحة. قصور.
(5) إيجار "أيجار الأماكن". محكمة الموضوع.
تكرار تأخير المستأجر في الوفاء بالأجرة. لمحكمة الموضوع سلطة تقدير مبررات التأخير.
1 - مؤدى الفقرة الثانية من المادة 87 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968، أن المشرع قصد من توقيع المحامي على صحف الدعاوى، رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص في ذات الوقت، لأن إشراف المحامي على تحرير صحف الاستئناف والدعاوى والعقود ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشب بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية بما يعود بالضرر على ذوي الشأن، مما مفاده أن توقيع المحامي على أصل الصحيفة أو على صورتها يتحقق به الغرض الذي قصد إليه المشرع ومن ثم فإن خلو الصورة من التوقيع لا يترتب عليه البطلان.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام مقرر أمام محكمة الاستئناف على ما استبانته من وجود توقيع لمحام مقبول للمرافعة أمامها على أصل الصحيفة، وكانت الطاعنة لم تدع أن التوقيع الذي أثبتت المحكمة وجوده على أصل الصحيفة ليس لمحام أو أنه لمحام غير مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف. فإن النعي على الحكم - بعدم التثبت من قيده بجدول المحامين المقررين أمامها - يكون على غير أساس.
3 - النص في المادة 23/ أ من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "... فإذا تكرر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة دون أن يقدم مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء" يدل على أن المبررات التي رآها المشرع كافية لاعتبار المستأجر غير مسيء استعمال حقه في تفادي الحكم بالإخلاء، متى تكرر منه التأخر في الوفاء بالأجرة وتكرر اضطرار المؤجر لرفع دعوى الإخلاء لهذا السبب أكثر من مرة، إنما تقتصر على تلك التي تساق للمستأجر في المرة الأخيرة التي على أساسها رفعت الدعوى المعروضة بخلاف مرات التأخير السابقة التي تعتبر مجرد عامل مساعد على اعتبار الفعل المادي تكراراً" اعتباراً ليصل بين الماضي والحاضر دون أن يتطلب بداهة وجوب تمحيص المبررات أو التعللات التي أدت إليها إلا إذا انتفى المبرر في المرة الأخيرة.
4 - إذ كان الواقع في الدعوى أنها أقيمت بناء على تأخر الطاعنة في سداد أجرة شهر يناير 1976 برغم انقضاء خمسة عشر يوماً على تكليفها بوفائها، وإن الحكم الابتدائي استجاب للأعذار التي قدمتها الطاعنة ولم يحكم بالإخلاء ورأى فيها مبررات مقبولة، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة ألا إلزام على محكمة الاستئناف إذا هي ألغت الحكم الابتدائي ببحث أو تفنيد أسبابه إلا أنه يتعين أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي على أسباب مرسلة، دون أن يبين من الحكم أنه أهدر الأعذار التي قدمتها الطاعنة للتأخر عن الأجرة موضوع الدعوى الراهنة، رغم أنها هي المدار الذي ينبغي أن تقبل أو تطرح المبررات في خصوصها، الأمر الذي من شأنه أن يجهل الأساس الذي أقام عليه قضاءه ويكون معيباً بالقصور في التسبيب.
5 - تكرار تأخير المستأجر في وفاء الأجرة يخول المحكمة سلطة تقدير فيما إذا كان المستأجر مسيئاً في استعمال حقه لتفادي حكم الإخلاء أم لا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم... مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المبين بصحيفة الدعوى وإخلاء العين المؤجرة من شاغلها. وقال في بيانها إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 1/ 1963 استأجرت منه الطاعنة محلاً بالعقار رقم... بإيجار شهري قدره 2.889 ج، وإذ تكرر امتناعها عن سداد الأجرة المستحقة مما اضطره لإقامة العديد من دعاوى الطرد والإخلاء، كما تكلمت عن الوفاء بأجرة شهر يناير سنة 1976 رغم تكليفها بالوفاء في 21/ 1/ 1976 فقد أقام دعواه بتاريخ 12/ 12/ 1976 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت الطاعنة أن عذراً حال بينها وبين دفع الأجرة التي طلبها المطعون عليه في تكليف الوفاء في الميعاد القانوني وبعد سماع شهود الطاعنة عادت وحكمت في 26/ 6/ 1977 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم... القاهرة بطلب إلغائه والقضاء بطلباته، وبتاريخ 25/ 2/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار وبإخلاء العين المؤجرة من شاغليها.
طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيانه تقول إنها دفعت ببطلان صحيفة بالاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام مقبول أمام محاكم الاستئناف ولعدم ختمها بخاتم المحكمة، واستدلت على ذلك بخلو الصورة المعلنة إليها من البيانات والأركان الأساسية اللازمة لصحتها إلا أن محكمة الاستئناف رفضت هذا الدفع استناداً إلى أن الثابت من مطالعة أصل الصحيفة أنها موقعة من محام مقبول للمرافعة أمامها، دون أن تبين سندها في التثبيت من قيده بجدول المحامين المقررين أمامها، أو ترد على دلالة خلو صورة الصحيفة المسلمة إلى الطاعنة من هذا التوقيع، والتي افترض المشرع تطابق بياناتها مع البيانات التي تضمنها الأصل، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 87 من قانون المحاماة رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يجوز تقديم صحف الاستئناف أو تقديم صحف الدعاوى أمام محكمة القضاء الإداري إلا إذا كانت موقعة من أحد المحامين المقررين أمامها يدل على أن المشرع قصد من توقيع المحامي على صحف الدعاوى، رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص من ذات الوقت، لأن إشراف المحامي على تحرير صحف الاستئناف والدعاوى والعقود ذات القيمة من شأنه مراعاة أحكام القانون في تحرير هذه الأوراق وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشب بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية بما يعود بالضرر على ذوي الشأن، مما مفاده أن توقيع المحامي على أصل الصحيفة أو على صورتها يتحقق به الغرض الذي قصد إليه المشرع، ومن ثم فإن خلو الصورة من التوقيع لا يترتب عليه البطلان. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفضه الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم التوقيع عليها من محام مقبول أمام محكمة الاستئناف على ما استبانه من وجود توقيع لمحام مقبول للمرافعة أمامها على أصل الصحيفة، وكانت الطاعنة لم تدع أن التوقيع الذي أثبتت المحكمة وجوده على أصل الصحيفة ليس لمحام أو أنه لمحام غير مقبول للمرافعة أمام محاكم الاستئناف. فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بالإخلاء على أنها دأبت على الامتناع عن تأدية الأجرة وإعنات المطعون عليه باضطراره إلى مقاضاتها أكثر من مرة، دون أن تقدم مبررات لتكرار امتناعها وتأخرها. في حين أنها تقدمت بمبررات لتأخرها في سداد أجرة يناير سنة 1976 سبب الدعوى الماثلة قبلتها محكمة أول درجة وأقامت على أساس ثبوتها قضاءها برفض الإخلاء، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء الحكم الابتدائي دون أن يناقش الأساس الذي بني عليه، فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن النعي في محله ذلك أن النص في المادة 23/ ( أ ) من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه: "فإذا تكرر امتناعه أو تأخره عن الوفاء بالأجرة المستحقة دون أن يقدم مبررات تقدرها المحكمة حكم عليه بالإخلاء"، يدل على أن المبررات التي رآها المشرع كافية لاعتبار المستأجر غير مسيء استعمال حقه في تفادي الحكم بالإخلاء، متى تكرر منه التأخر في الوفاء بالأجرة وتكرر اضطرار المؤجر لرفع دعوى الإخلاء لهذا السبب أكثر من مرة، إنما تقتصر على تلك التي تساق للتأخر في المرة الأخيرة التي على أساسها رفعت الدعوى المعروضة بخلاف مرات التأخير السابقة التي تعتبر مجرد عامل مساعد على اعتبار الفعل المادي تكراراً أو اعتباراً يصل بين الماضي والحاضر، دون أن يتطلب بداهة وجوب تمحيص المبررات أو التعللات التي أدت إليها، إلا إذا انتفى المبرر في المرة الأخيرة، لما كان الواقع في الدعوى أنها أقيمت بناء على تأخر الطاعنة في سداد أجرة شهر يناير سنة 1976 رغم انقضاء خمسة عشر يوماً على تكليفها بوفائها. وأن الحكم الابتدائي استجاب للأعذار التي قدمتها الطاعنة ولم يحكم بالإخلاء ورأى فيها مبررات مقبولة. لما كان ذلك؛ فأنه وإن كان تأخير المستأجر في وفاء الأجرة يخول المحكمة سلطة تقدير فيما إذا كان المستأجر يعتبر مسيئاً في استعمال حقه لتفادي حكم الإخلاء أم لا، وإن كان المقرر في قضاء هذه المحكمة ألا إلزام على محكمة الاستئناف إذا هي ألغت الحكم الابتدائي ببحث أو تفنيد أسبابه إلا أنه يتعين أن تقيم قضاءها على أسباب كافية لحمله. لما كان ما تقدم، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي على أسباب مرسلة قوامها سبق التكرار في تأخير الوفاء، واستخلص من ذلك ميل الطاعنة إلى المماطلة وإلى إعنات المؤجر باضطراره إلى اللجوء للتقاضي أكثر من مرة، وأردف ذلك بأنها لم تقدم مبررات لتكرار امتناعها وتأخرها في الوفاء بالأجرة المستحقة بوجه عام، دون أن يبين من الحكم أنه أهدر الأعذار التي قدمتها الطاعنة للتأخر عن مدة موضوع الدعوى الراهنة. رغم أنها هي المدار الذي ينبغي أن تقبل أو تطرح المبررات في خصوصها، الأمر الذي من شأنه أن يجهل بالأساس الذي أقام عليه قضاءه، ويكون معيباً بالقصور في التسبيب بما يعجز بالتالي محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون مع النقض الإحالة.