أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 520

جلسة 14 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار/ محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، إبراهيم فراج، صبحي رزق داود ومحمد أحمد حمدي.

(100)
الطعن رقم 1017 لسنة 48 القضائية

(1) نقض. "الخصوم". دعوى. "الصفة".
بنك ناصر الاجتماعي. هو الممثل القانوني لبيت المال. اختصام وزير المالية في الطعن بالنقض باعتباره ممثلاً له. غير مقبول.
(2) دعوى. "الخصوم". دفوع. استئناف.
الخصومة لا تنعقد إلا بين أطراف أحياء وإلا كانت معدومة. الدفع بعدم انعقاد الخصومة بين الأطراف الواجب اختصامهم قانوناً. لا يسقط بعدم إبدائه بصحيفة الاستئناف.
(3) حكم. "انعدام الحكم". دعوى. "دعوى البطلان المبتدأة". دفوع. بطلان.
الأصل عدم جواز رفع دعوى مبتدأه ببطلان الحكم أو الدفع بذلك في دعوى تالية. لاستثناء أن يكون الحكم معدوماً بتجرده من أركانه الأساسية. صدوره على شخص توفى قبل رفع الدعوى. وجوب اعتباره حكماً معدوماً.
(4) دعوى. "الخصوم". استئناف. دفوع. حكم.
وفاة المدعى عليه قبل رفع الدعوى. علم الخصوم بذلك أثناء نظر الاستئناف. لكل ذي مصلحة منهم الدفع بانعدام الحكم الابتدائي.
(5) إيجار. "إيجار الأماكن". استئناف. دعوى. دفوع. حكم. تجزئة.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر والمتنازل له عن الإيجار. موضوع غير قابل للتجزئة. للمتنازل له الدفع في الاستئناف بانعدام الحكم الابتدائي لوفاة المستأجر الأصلي قبل رفع الدعوى.
1- إذ كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الثاني بصفته - وزير المالية - اختصم وبنك ناصر الاجتماعي المطعون عليه الثالث باعتبارهما يمثلان بيت المال لوفاة المستأجر الأصلي دون وارث، وطلب المطعون عليه الثاني بصفته إخراجه من الدعوى لأنه لا يمثل بيت المال، وكان بنك ناصر الاجتماعي - المطعون عليه الثالث - هو الممثل القانوني له، فإن الدفع - المبدى من المطعون عليه الثاني بصفته بعدم قبول الطعن استناداً إلى أنه ليس خصماً حقيقياً في النزاع - يكون في محله.
2- الخصومة لا تقوم إلا بين طرفين من الأحياء، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومة من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم ومن ثم فإن الدفع المتعلق بانعقاد الخصومة بين أطرافها الواجب اختصامهم قانوناً لا يعتبر بذلك من الدفوع المنصوص عليه في المادة 108 من قانون المرافعات التي يسقط حق الطاعن فيها إذا لم يبدها في صحيفة الطعن.
3- القاعدة أن الحكم القضائي متى صدر صحيحاً يظل منتجاً آثاره فيمتنع بحث أسباب العوار التي تلحقه إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المثار به، ولا سبيل لإهدار هذه الأحكام بدعوى بطلان أصلية أو الدفع به في دعوى أخرى ومن المسلم به استثناء من هذا الأصل العام في بعض الصور القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، إذا تجرد الحكم من أركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم، ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره، فلا يستنفذ القاضي سلطته. ولا يرتب الحكم حجية الأمر المقضي ولا يرد عليه التصحيح، لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه، ومن قبيل ذلك صدور الحكم على من ثبت وفاته قبل رفع الدعوى.
4- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جهل الخصم بوفاة خصمه يعتبر عذراً يترتب عليه وقت سريان الميعاد في الفترة التي تبدأ من وقت توجيه الإجراء في مواجهة المتوفى، وتنتهي وقت العلم بهذه الوفاة ومن ثم فإنه يحق للطاعنة إبداء الدفع بانعدام الحكم في الوقت الذي علمت فيه بواقعة الوفاة، وما كانت لتعلم بها - أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه ومن المستندات المتبادلة - لولا إجابة قلم المحضرين عند إعلان صحيفة الاستئناف، ولولا حصول الطاعنة على شهادة تفيد حصول وفاة المستأجر الأصلي في تاريخ سابق على رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة، فإن ما ساقته الطاعنة من دفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لا يتقيد بترتيب معين في إبدائه ويحق لكل ذي مصلحة التمسك به باعتباره في حقيقته دفعاً بالانعدام، إذ العبرة بحقيقة الدفع ومرماه وليس بالتسمية التي يطلقها عليه الخصوم.
5- إذ كان موضوع الخصومة يدور حول قيام المستأجر الأصلي بالتنازل عن العين المؤجرة للطاعنة بغير إذن كتابي صريح من الشركة المطعون عليها الأولى مما يخولها الحق في طلب الإخلاء، وكان الموضوع على هذا النحو غير قابل للتجزئة لأن الأثر القانوني المطلوب ترتيبه في حقهما يقوم على تصرف معقود بينهما، ينبني على ثبوت حصوله في غير الأحوال التي أباحها القانون إعمال الأثر بالنسبة لهما وألا تخلف بالنسبة لطلبهما، وبالتالي فإذا لم تنعقد الخصومة أصلاً بالنسبة للمستأجر الأصلي الذي يجب اختصامه في الدعوى اعتبرت كذلك بالنسبة للطاعنة ومن ثم فإن لها صفة تخولها إبداء الدفع. وإذ دفعت الأخيرة بانعدام الحكم المستأنف لوفاة المستأجر الأصلي قبل رفع الدعوى ولم يستجب الحكم المطعون فيه لهذا الدفع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن شركة الشرق للتأمين - المطعون عليها الأولى - أقامت الدعوى رقم 4474 لسنة 1975 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الدكتور.... والطاعنة طالبة الحكم بإخلاء الأول في مواجهة الثانية من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها إليها خالية مما يشغلها. وقالت بياناً لدعواها إنه بعقد مؤرخ 22/ 12/ 1944 استأجر الدكتور.... الشقة رقم 10 بالعقار رقم 33 شارع 26 يوليو محافظة القاهرة والذي آلت ملكيته إليها، وإذ تنازل للطاعنة عن عقد الإيجار مخالفاً بذلك الحظر الوارد بالعقد ونص المادة 23/ ب من القانون 52 لسنة 1969، فقد أقامت دعواها - وبتاريخ 17/ 5/ 1976 حكمت المحكمة بإخلاء شقة النزاع وتسليمها خالية للشركة المطعون عليها الأولى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2757 لسنة 93 ق القاهرة طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضهاً، وبتاريخ 30/ 12/ 1979 حكمت محكمة الاستئناف بانقطاع سير الخصومة لوفاة المستأجر الأصلي الدكتور.... فعجلتها الطاعنة بعد إدخال المطعون عليهما الثاني والثالث. وزير المالية ورئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعي - بصفتهما الممثلين لبيت المال خلفاً للمستأجر الأصلي المتوفى في 12/ 1/ 1973 دون وارث أو أقارب، ودفعت ببطلان الحكم المستأنف لوفاة هذا الأخير قبل رفع الدعوى، وبتاريخ 29/ 3/ 1978 قضت المحكمة بسقوط حق الطاعنة في إبداء الدفع ببطلان الحكم المستأنف وتأييده، طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، دفع المطعون عليه الثاني بصفته بعدم قبول الطعن بالنسبة له. قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني بصفته، وفي الموضوع بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليه الثاني بصفته بعدم قبول الطعن استناداً إلى أنه ليس خصماً حقيقياً في النزاع في محله، ذلك أنه لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الثاني بصفته اختصم وبنك ناصر الاجتماعي المطعون عليه الثالث باعتبارهما يمثلان المال لوفاة المستأجر الأصلي دون وارث، وطلب المطعون عليه الثاني بصفته إخراجه من الدعوى لأنه لا يمثل بيت المال، وكان بنك ناصر الاجتماعي - المطعون عليه الثالث - هو الممثل القانوني له فإن الدفع يكون في محله.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي المطعون عليهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون في ثلاث وجوه (أولهما) اعتبر الحكم أن الدفع المبدى منها دفع ببطلان حكم محكمة أول درجة، في حين أنه في حقيقته دفع بانعدام هذا الحكم، إذ لم تنعقد الخصومة أصلاً لوفاة أحد طرفيها - الدكتور.... المستأجر الأصلي قبل رفع الدعوى. (الثاني) أخطأ الحكم في تقريره أن ورثة المستأجر الأصلي وحدهم أصحاب المصلحة في التمسك ببطلان الحكم المستأنف، إذ أن ذلك خاص بحالة انقطاع سير الخصومة، بينما الحال هو عدم انعقاد الخصومة أصلاً وانعدام الحكم الصادر فيها، مما يجيز لكل ذي مصلحة التمسك به (الثالث) أخطأ الحكم بقضائه بسقوط حق الطاعنة في إبداء الدفع استناداً إلى المادة 108 من قانون المرافعات مع أنها خاصة بأوجه البطلان المتعلقة بالإجراءات، والدفع المبدى في حقيقته متعلق بانعدام الحكم ويجوز إبداؤه في أية مرحلة تكون عليها الدعوى وبفرض تعلق الدفع بالإجراءات الشكلية فالثابت أن الطاعنة لم تعلم بوفاة المستأجر الأصلي إلا بعد رفع الاستئناف وما كان بوسعها إبداء الدفع بصحيفته.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الخصومة لا تقوم إلا بين طرفين من الأحياء، فلا تنعقد أصلاً إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة لا ترتب أثراً ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد خصومه أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم، فإن الدفع المتعلق بانعقاد الخصومة بين أطرافها الواجب اختصامهم قانوناً لا يعتبر بذلك من الدفوع المنصوص عليها في المادة 108 من قانون المرافعات التي يسقط حق الطاعن فيها إذا لم يبدها في صحيفة الطعن - لما كان ذلك فإنه وإن كانت القاعدة أن الحكم القضائي متى صدر صحيحاً يظل منتجاً آثاره، فيمتنع بحث أسباب العوار التي تلحقه إلا عن طريق التظلم منها بطرق الطعن المناسبة، وكان لا سبيل لإهدار هذه الأحكام بدعوى بطلان أصلية أو الدفع به في دعوى أخرى، إلا أن المسلم به استثناء من هذا الأصل العام في بعض الصور القول بإمكان رفع دعوى بطلان أصلية أو الدفع بذلك، إذا تجرد الحكم من أركانه الأساسية بحيث يشوبه عيب جوهري جسيم يصيب كيانه ويفقده صفته كحكم، ويحول دون اعتباره موجوداً منذ صدوره، فلا يستنفذ القاضي سلطته، ولا يرتب الحكم حجية الأمر المقضي، ولا يرد عليه التصحيح، لأن المعدوم لا يمكن رأب صدعه؛ ومن قبيل ذلك صدور الحكم على من ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى، لما كان ما تقدم وكان الواقع في الدعوى أن المستأجر الأصلي الدكتور... قد توفى قبل رفع الدعوى، وكان بهذه المثابة لا تكون خصومة قد انعقدت أصلاً بينه وبين الشركة المطعون عليها الأولى، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن جهل الخصم بوفاة خصمه يعتبر عذراً يترتب عليه وقت سريان الميعاد، في الفترة التي تبدأ من وقت توجيه الإجراء في مواجهة المتوفى، وتنتهي وقت العلم بهذه الوفاة فإنه يحق للطاعنة إبداء الدفع بانعدام الحكم في الوقت الذي علمت فيه بواقعة الوفاة، وما كانت لتعلم بها - أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه ومن المستندات المتبادلة - لولا إجابة قلم المحضرين عند إعلان صحيفة الاستئناف ولولا حصول الطاعنة على شهادة تفيد حصول وفاة المستأجر الأصلي في تاريخ سابق على رفع الدعوى أمام محكمة أول درجة، فإن ما ساقته الطاعنة من دفع ببطلان حكم محكمة أول درجة لا يتقيد بترتيب معين في إبدائه، ويحق لكل ذي مصلحة التمسك به، باعتباره في حقيقة دفعاً بالانعدام، إذ العبرة بحقيقة الدفع ومرماه،
وليس بالتسمية التي يطلقها عليه الخصوم، لما كان ما سلف وكان موضوع الخصومة يدور حول قيام المستأجر الأصلي بالتنازل عن العين المؤجرة للطاعنة بغير إذن كتابي صريح من الشركة المطعون عليها الأولى مما يخولها الحق في طلب الإخلاء، وكان الموضوع على هذا النحو غير قابل للتجزئة لأن الأثر القانوني المطلوب ترتيبه في حقهما يقوم على تصرف معقود بينهما، ينبني على ثبوت حصوله في غير الأحوال التي أباحها القانون إعمال الأثر بالنسبة لهما وإلا تخلف بالنسبة لكليهما، وبالتالي فإذا لم تنعقد الخصومة أصلاً بالنسبة للمستأجر الأصلي الذي يجب اختصامه في الدعوى اعتبرت كذلك بالنسبة للطاعنة ومن ثم فإن لها صفة تخولها إبداء الدفع. وإذ دفعت الأخيرة بانعدام الحكم المستأنف لوفاة المستأجر الأصلي قبل رفع الدعوى ولم يستجب الحكم المطعون فيه لهذا الدفع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه، ولما تقدم وكان الثابت أن المستأجر الأصلي توفى قبل رفع الدعوى، فإنه يتعين القضاء بانعدام الحكم المستأنف.