أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 107

جلسة 3 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.

(25)
الطعن رقم 2543 لسنة 55 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". محكمة الموضوع "سلطتها التقديرية".
الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها لغرض السكني أو لغير ذلك من الأغراض. عدم خضوع أجرتها للتحديد القانوني. شرطه. ألا يكون القصد منها التحايل على أحكام القانون. العين المؤجرة لاستغلالها في الأعمال التجارية. عدم لزوم اشتمالها على المقومات المعنوية للمتجر. لمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع". خبرة.
تحصيل فهم الواقع في الدعوى والموازنة بين آراء الخبراء من سلطة قاضي الموضوع. عدم التزامه بالرد استقلالاً على ما وجه لتقرير الخبير الذي اطمأن إليه من طعون.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". "التأجير المفروش: قيد عقد الإيجار". نفض. "السبب الجديد".
النعي بأن عقد الإيجار المفروش لم يسبق قيده بالوحدة المحلية. دفاع يخالطه واقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) التزام. "انقضاء الالتزام: الوفاء". نقد. "نقد أجنبي". بطلان. "بطلان الالتزام".
التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية. صحيح. وجوب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي. ق 97 لسنة 1976.
1 - المقرر - في قضاءه هذه المحكمة - أن أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عند مؤجرها لا تخضع أجرتها للتحديد القانوني يستوي في ذلك أن تكون العين مؤجرة لغرض السكني أو لغير ذلك من الأغراض إلا أن شرط ذلك ألا يكون تأجيرها مفروشة صورياً بقصد التحايل على أحكام القانون والتخلص من قيود الأجرة ولذلك فإنه يلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات كافية للغرض الذي قصده المتعاقد أن من استعمال العين المؤجرة لاستغلالها في الأعمال التجارية أن تشمل فضلاً عما بها من مفروشات على المقومات المعنوية للمتجر، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابستها وما تستنبطه منها من قرائن قضائية إذ العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة.
2 - تحصيل فهم الواقع في الدعوى من شأن قاضي الموضوع وحده فله السلطة التامة في تقدير أعمال أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه وترجيح مما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع صحيح الواقع ما دام استخلاصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وهو لا يلتزم من بعد بالرد استقلالاً على ما وجه لتقرير الخبير الذي اطمأن إليه من طعون إذ هو غير مكلف بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج.
3 - ما يثيره الطاعن من أن عقد الإيجار المفروش لم يسبق قيده بالوحدة المحلية المختصة هو دفاع قانوني يخالطه واقع. وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسكه بهذا السبب أمام محكمة الموضوع، ومن ثم وأياً كان وجه الرأي فيه لا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - الأصل في الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان لما كان ذلك وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو في خارجها، مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح ولئن كان النص قد وضع قيداً على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين، ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 4340 لسنة 1981 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية طالباً الحكم حسبما استقرت عليه طلباته الختامية - بصورية عقد الإيجار المحرر بينهما فيما جاء به من أن العين المؤجرة مجهزة سوبر لوكس بينما هي خالية غير معدة أو مجهزة وبتقدير الأجرة بمبلغ 49.160 جنيه شهرياً مع رد الفروق المالية منذ 1/ 4/ 1979 حتى تاريخ رفع الدعوى. وقال بياناً لدعواه أنه - بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 5/ 1979 استأجر من الشركة المطعون ضدها عين النزاع لاستخدمها معرضاً لعرض وبيع الأجهزة الكهربائية والالكترونية مقابل أجرة شهرية قدرها 2628 دولار أمريكي ورغم أن اللجنة المختصة حددت أجرتها الشهرية 49.060 جنيه إلا أن الشركة المطعون ضدها رفضت قبول هذه الأجرة ومن ثم فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 29/ 6/ 1983 ندبت المحكمة خبيراً لمعاينة عين النزاع على الطبيعة وبيان ما بها من تجهيزات وبعد أن قدم الخبير تقريره، حكمت بتاريخ 26/ 12/ 1984 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1225 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 13/ 11/ 1985 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السببين الأول والثاني وبالسبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أن العين محل النزاع عبارة عن محل ويلزم لاعتباره مؤجراً بالمنقولات أن تتوافر له صفة المتجر ولما كان المحل المذكور لم يسبق مباشرة أية - تجارة فيه ليست له مقومات مادية أو معنوية كالسمعة التجارية والاتصال بالعملاء فإن الإيجار يكون قد انصب على المحل كوحدة مادية فحسب ومع ذلك فقد اعتد الحكم بوصف العين في العقد بأنها مجهزة سوبر لوكس رغم مخالفته لحقيقة الواقع هذا إلى أن الخبير المنتدب لم يوضح التجهيزات التي قامت بها المطعون ضدها بالعين لتفي بالغرض الذي استؤجرت من أجله ولا يكفي في ذلك وجود بعض الأرفف الخشبية بها وقد ثبت - بالتقرير الهندسي المودع في الدعوى رقم 9331 لسنة 1981 مدني شمال القاهرة الذي قدم الطاعن صورة منه إلى محكمة أول درجة أن العين محل النزاع ليست مجهزة - سوبر لوكس وتخضع لقانون إيجار الأماكن إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بمناقشة هذا التقرير أو الرد عليه وأخذ بتقرير خبير الدعوى الأمر يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن أجرة الأماكن المؤجرة مفروشة بأثاث من عقد مؤجرها لا تخضع للتحديد القانوني يستوي في ذلك أن تكون العين مؤجرة لغرض السكني أو لغير ذلك من الأغراض إلا أن شرط ذلك ألا يكون تأجيرها مفروشة صورياً بقصد التحايل على أحكام القانون والتخلص من قيود الأجرة ولذلك فإنه يلزم لاعتبار المكان مؤجراً مفروشاً أن يثبت أن الإجارة شملت بالإضافة إلى منفعة المكان في ذاته مفروشات أو منقولات كافية للغرض الذي قصده المتعاقدان من استعمال المكان مفروشاً ولا يلزم في العين المؤجرة لاستغلالها في الأعمال التجارية أن تشتمل فضلاً عما بها من مفروشات على المقومات المعنوية للمتجر، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ظروف الدعوى وملابساتها وما تستنبطه منها من قرائن قضائية إذ العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه واجه دفاع الطاعن في هذا الشأن وأقام قضائه برفض الدعوى لانتفاء الصورية والتحايل على أحكام القانون على سند من أن العين قد أجرت مفروشة أخذاً بما ورد بتقرير الخبير من أن عين النزاع جهزت بأدوات ومنقولات بمعرفة الشركة المؤجرة وهو ما أوضحه الخبير تفصيلاً في تقريره بعد معاينة محل النزاع وخلص الحكم إلى أن الأثاث الذي ذودت به العين يتناسب مع تأثيثه كصالة عرض للأجهزة الكهربائية والالكترونية بما يفي بالغرض الذي أجرت من أجله وإذ كان تحصيل فهم الواقع في الدعوى من شأن قاضي الموضوع وحده فله السلطة التامة في تقدير أعمال أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون فيه وترجيح مما يطمئن إليه منها وفي استخلاص ما يراه متفقاً مع صحيح الواقع ما دام استخلاصه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وهو لا يلتزم من بعد بالرد استقلالاً على ما وجه لتقرير الخبير - الذي اطمأن إليه - من طعون إذ هو غير مكلف بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج، ولما كان ما خلص إليه الحكم على النحو المتقدم سائغاً له أصل ثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإنه لا تثريب عليه إن هو أغفل الرد على ما ورد بصورة تقريره الخبرة الذي قدمه الطاعن إلى محكمة أول درجة ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالوجه الثاني من السبب الثاني من أسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه مع التسليم الجدلي بأن العين قد أجرت مفروشة فإنه كان يتعين القضاء بعدم سماع دعوى الشركة المطعون ضدها لعدم قيد العقد بالوحدة المحلية.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن ما يثيره الطاعن في هذا السبب من أن عقد الإيجار المفروش لم يسبق قيده بالوحدة المحلية المختصة هو دفاع قانوني يخالطه واقع، وإذ خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسكه بهذا السبب أمام محكمة الموضوع، ومن ثم وأياً كان وجه الرأي فيه لا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن شرط الوفاء بالأجرة الشهرية بالدولار هو شرط باطل بطلاناً مطلقاً حتى في ظل العمل بأحكام القانون القائم رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي إذ هو لم يلغ ما نصت عليه التشريعات السابقة من تحريم شرط الوفاء بالعملات الأجنبية واقتصر على التصريح بالتعامل في هذه العملات كسلعة وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع ببطلان العقد لمخالفته النظام العام كأثر لبطلان شرط الوفاء بالعملة الأجنبية إلا أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى القول بصحة الوفاء بالدولار الأمريكي الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه وإن كان الأصل في الالتزام بأداء مبلغ من النقود أن يكون بالعملة الوطنية إلا أنه متى أجاز الشارع الوفاء بالالتزام بغيرها من العملات الأجنبية فإن هذا الالتزام لا يلحقه البطلان لما كان ذلك وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي على أن "لكل شخص طبيعي أو معنوي من غير الجهات الحكومية والهيئات العامة ووحدات وشركات القطاع العام أن يحتفظ بما يؤول إليه أو يملكه أو يجوزه من نقد أجنبي من غير عمليات التصدير السلعي وللسياحة وللأشخاص الذين أجيز لهم الاحتفاظ بالنقد الأجنبي طبقاً للفقرة السابقة الحق في القيام بأية عملية من عمليات النقد الأجنبي بما في ذلك التحويل للداخل والخارج - والتعامل داخلياً على أن يتم هذا التعامل عن طريق المصارف المعتمدة للتعامل في النقد الأجنبي والجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل طبقاً لأحكام هذا القانون في جمهورية مصر العربية" يدل على أن المشرع أجاز التعامل في النقد الأجنبي سواء كان ذلك في داخل البلاد أو في خارجها، مما مفاده أن التزام المدين بالوفاء بدينه بعملة أجنبية معينة هو التزام صحيح وأنه ولئن كان النص قد وضع قيداً على كيفية إبراء المدين لذمته من هذا الدين بأن أوجب الوفاء به عن طريق أحد المصارف أو الجهات الأخرى المرخص لها بالتعامل في النقد الأجنبي إلا أن هذا القيد لا أثر له على صحة التزام المدين ويقع عليه عبء تدبير العملة الأجنبية والحصول عليها من إحدى تلك الجهات للوفاء بالتزامه، لما كان ذلك فإن التزام الطاعن في عقد الإيجار المبرم مع الشركة المطعون ضدها بأداء الأجرة المستحقة عليه بواقع 2628 دولار أمريكياً شهرياً هو التزم صحيح لا مخالفة فيه للقانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.