أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 120

جلسة 4 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد (نائبي رئيس المحكمة)، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(27)
الطعن رقم 593 لسنة 55 القضائية

(1) وكالة "التوكيل في الخصومة" محاماة. محكمة الموضوع. الوكالة الخاصة. شرط للمرافعة أمام القضاء إلا أنها ليست شرطاً لازماً لرفع الدعوى ابتداء. للمحكمة استخلاص الوكالة الضمنية في رفع الدعوى متى كان سائغاً. مثال.
(2) استئناف "الطلبات في الاستئناف". دعوى "الطلبات فيها".
الطلب الأصلي في الدعوى. جواز تغيير سببه والإضافة إليه في الاستئناف الاستناد في طلب أحد أرض النزاع بالشفعة أمام محكمة الاستئناف إلى أنها والأرض المشفوع بها من الأراضي المعدة للبناء ومتجاوران في حد وإلى أن للأرض الأولى على الأخيرة حق ارتفاق بالري يعد إضافة لسببين جديدين ولا يعتبر طلباً جديداً.
(3) شفعة "الحق في الأخذ بالشفعة".ارتفاق.
اشتراك الغير في حق الارتفاق المقرر للأرض المشفوع أو الأرض المشفوع بها. لا يمنع الشفيع من التمسك بطلب الشفعة طالما لم يشترط - أن يكون هذا الحق مخصصاً لإحداهما على الأخرى وحدها. وجود ارتفاق للغير على أرض المروى، لا يخرج هذه الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع به.
1 - لئن كان القانون يشترط للمرافعة أمام القضاء وكالة خاصة حسبما تقضي الفقرة الأولي من المادة 702 من القانون المدني، واختص بها المشرع أشخاصاً معينين واستلزم إثبات هذه الوكالة وفقاً لأحكام قانون المحاماة، تطبيقاً لنص المادتين 72، 73 من قانون المرافعات، إلا أن الوكالة الخاصة على هذه الصورة ليست شرطاً لازماً لرفع الدعوى إيذاناً ببدء استعمال الحق في التقاضي، باعتبار هذا الحق رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء.
بل يكون لمحكمة الموضوع في هذا الصدد أن تستخلص من المستندات المقدمة في الدعوى ومن القرائن ومن ظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية في رفع الدعوى إذ كان ذلك وكان دفع الطاعنين محل النعي قد أسس على انتفاء صفة والد المطعون ضده الأول في رفع الدعوى نيابة عنه لبلوغه آنذاك سن الرشد، واقتصر الدفع على ذلك فحسب - دون أن يمتد إلى الوكالة في الخصومة أمام القضاء وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من سكوت المطعون ضده الأول عن قيام والده برفع الدعوى أمام درجة نيابة عنه. رغم بلوغه سن الرشد ثم مبادرته إلى استئناف الحكم الصادر برفض الدعوى توصلاً إلى الحكم له بالطلبات المرفوعة بها موافقته ورضاءه عن إجراء رفع الدعوى الذي أتخذه والده نيابة عنه مما يدل على استناد الوالد في رفعها إلى قيام وكالة ضمنية بينهما فإن ما خلص إليه الحكم يكون سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها دون مخالفة للقانون، ومن ثم يعدو النعي بهذا السبب على غير أساس.
2 - لما كانت المادة 235/ 3 من قانون المرافعات قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه وكان استناد المطعون ضدهم الأربعة الأول أمام محكمة الاستئناف في طلب أخذ أرض النزاع بالشفعة إلى أنها والأرض المشفوع بها من الأراضي المعدة للبناء ومتجاوران في حد وإلى أن للأرض الأولي على الأخيرة حق ارتفاق بالري يعد إضافة سببين جديدين إلى السبب الذي رفعت به الدعوى - وهو أن الشفعاء شركاء في الشيوع للبائعين لأرض النزاع - ولا يعتبر طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي في الدعوى إلا وهو أخذ الأرض المبيعة محل النزاع بالشفعة، بل ظل هذا الطلب باقياً على حالة حسبما كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فلا يكون صائباً في القانون قول الطاعنين بأن ما أستند إليه الشفعاء أمام محكمة الاستئناف في طلب الشفعة غير جائز باعتباره من الطلبات الجديدة بل هو في صحيح حكم القانون من قبيل الأسباب الجديدة التي يجوز إبداؤها مرة أمامها، حسبما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه.
3 - إذ كان المطعون فيه قد استند في قضائه بأحقية المطعون ضدهم الأربعة الأول في أخذ أرض النزاع بالشفعة إلى ما ورد في تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أن الأرض المشفوع فيها زراعية وأن لها حق ارتفاق بالري على الأرض المشفوع بها الملاصقة لها، مما يسوغ طلب الأخذ بالشفعة طبقاً لنص البند الثاني من الفقرة "هـ" من المادة 936 من القانون المدني الذي يجعل حق الارتفاق سبباً للأخذ بالشفعة إذا تعلق بالأرض المبيعة أو بأرض الجار، فمن ثم يكون الحكم فيما انتهى إليه سديداً، ولا ينال منه إغفاله الرد على دفاع الطاعنين - بأن حق الارتفاق بالري على الأرض المشفوع بها ليس قاصراً على الأرض المشفوع فيها بل تشترك فيه أراضي أخرى مما لا يجوز معه طلب الشفعة - إذ لا عبرة باشتراك الغير في حق الارتفاق المقرر للأرض المشفوع فيها أو الأرض المشفوع بها على الأخرى في تمسك الشفيع بطلب الشفعة طالما أن القانون لم يشترط أن يكون هذا الحق مخصصاً لإحداهما على الأخرى وحدها. (3) هذا إلى أن وجود حق ارتفاق للغير على أرض المروى لا يخرج هذه الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع به بل تظل جزءاً من هذا العقار (4)، إذا فمتى كان هذا الدفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح وليس من شأنه تغيير وجه الرأي فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له. ويكون النعي عليه بهذا الخصوص على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن كلاً من........ بصفته ولياً طبيعياً على أولاده القصر المطعون ضدهم الثلاثة الأول والمطعون ضدها الرابعة أقاما على كل من مورث الطاعنين المرحوم....... والمطعون ضدهم الخامس والسادس والسابع والثانية عشرة والمرحومات........ و........ و........... مورثات باقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 592 لسنة 1976 مدني طنطا الابتدائية يطلبان الحكم بأحقيتهما في أخذ مساحة اثنين وعشرين قيراطاً من الأرض الزراعية المبينة بصحيفة الدعوى بالشفعة لقاء ثمن مقداره ألفان وأربعمائة وعشرون جنيهاً، وقالا بياناً لذلك إنهما علما بأن المطعون ضدهم المذكورين ومورثات الباقين منهم سالفات الذكر قد باعوا إلى مورث الطاعنين المرحوم........ تلك المساحة شائعة في مساحة أكبر يمتلكان فيها على الشيوع حصة مقدارها فدانان وثمانية عشر قيراطاً وثلاثة أسهم مقابل الثمن الآنف ذكره، وباعتبارهما شريكين في الشيوع فيحق لهما أخذ المساحة المبيعة بالشفعة وقد وجها إنذار الرغبة في الأخذ بالشفعة وسجلاه بتاريخ 4/ 2/ 1976 وأودعا الثمن خزانة المحكمة الابتدائية وأقاما الدعوى ليحكم بطلباتهم. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره في الدعوى حكمت بتاريخ 29 من ديسمبر سنة 1977 برفضها استأنف المطعون ضدهم الأربعة الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 39 لسنة 28 قضائية، واستندوا في طلب الأخذ بالشفعة أمام محكمة الاستئناف إلى الجوار ووجود حق ارتفاق بالري بين الأرض المشفوع فيها والأرض المشفوع بها بالإضافة إلى أنهم شركاء في الشيوع ودفع الطاعنون بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده الأول لرفعها من غير صفة لبلوغه سن الرشد وقت رفعها، ثم ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 14 من يناير سنة 1985 بإلغاء الحكم المستأنف بأحقيته المطعون ضدهم الأربعة الأول في أخذ أرض النزاع بالشفعة. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أنهم دفعوا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده الأول - لأنها رفعت من والده بصفته ولياً طبيعياً عليه لقصره مع أنه كان بالغاً سن الرشد وقت رفعها فتنتفي بذلك صفة والده في رفعها نيابة عنه، ومع ذلك فقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع استناداً إلى وجود وكالة ضمنية بين المطعون ضده الأول ووالده تخول الأخير رفع الدعوى نيابة عنه، مستدلاً على ذلك بمبادرة الأول برفع استئناف عن الحكم الابتدائي الذي قضى برفض دعوى الشفعة، في حين أنه يشترط لرفع الدعوى نيابة عن الأصيل وجود سند وكالة موثق، ولا يكفي لثبوت الوكالة صلة الأبوة بين الأصيل ورافع الدعوى، ولا يصحح من البطلان الذي شاب إجراء رفع الدعوى من قبل والد المطعون ضده الأول نيابة عنه طعن الأخير بالاستئناف على الحكم الابتدائي، لذا يترتب على عدم قبول دعواه أن يظل خارجاً عن الخصومة في دعوى الشفعة وبالتالي نقصان الثمن الواجب إيداعه لأخذ العقار لأخذ العقار المبيع بالشفعة بمقدار ما يخص المطعون ضده الأول بعد استبعاده، وذلك يؤدي إلى سقوط حق المطعون ضدهم الأربعة الأول في الشفعة طبقاً للمادة 942 من القانون المدني، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك بأنه وإن كان القانون يشترط للمرافعة أمام القضاء وكالة خاصة حسبما تقضي الفقرة الأولي من المادة 702 من القانون المدني، واختص بها المشرع أشخاصاً معينين واستلزم إثبات هذه الوكالة وفقاً لأحكام قانون المحاماة، تطبيقاً لنص المادتين 72، 73 من قانون المرافعات، إلا أن الوكالة الخاصة على هذه الصورة ليست شرطاً لازماً لرفع الدعوى إيذاناً ببدء استعمال الحق في التقاضي، باعتبار هذا الحق رخصة لكل فرد في الالتجاء إلى القضاء بل يكون لمحكمة الموضوع في هذا الصدد أن تستخلص من المستندات المقدمة في الدعوى ومن قرائن ومن ظروف الأحوال قيام الوكالة الضمنية في رفع الدعوى. إذ كان ذلك وكان دفع الطاعنين محل النعي قد أسس على انتفاء صفة والد المطعون ضده الأول في رفع الدعوى نيابة عنه لبلوغه آنذاك سن الرشد، واقتصر الدفع على ذلك فحسب - دون أن يمتد إلى الوكالة في الخصومة أمام القضاء - وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من سكوت المطعون ضده الأول عن قيام والده برفع الدعوى أمام محكمة أول درجة نيابة عنه رغم بلوغه سن الرشد ثم مبادرته إلى استئناف الحكم الصادر برفض الدعوى توصلاً إلى الحكم له بالطلبات المرفوعة بها موافقته ورضاءه عن إجراء رفع الدعوى الذي اتخذه والده نيابة عنه مما يدل على استناد الوالد في رفعها إلى قيام وكالة ضمنية بينهما فإن ما خلص إليه الحكم يكون سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهى إليها دون مخالفة للقانون، ومن ثم يعدو النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنه قضى بأحقيته المطعون ضدهم الأربعة الأول في أخذ أرض النزاع بالشفعة استناداً إلى ما تمسكوا به لأول مرة في الاستئناف من أنها من الأراضي المعدة للبناء وتجاور أرضهم المشفوع بها في حد وأن لها حق ارتفاق بالري على الأرض الأخيرة، في حين أن طلب الشفعة على هذا الأساس يخالف طلبهم لها أمام محكمة أول درجة باعتبارهم شركاء في الشيوع فيعد من قبيل الطلبات الجديدة التي لا يجوز قبولها لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ولا يعتبر مجرد تغيير لسبب الدعوى مما يجوز إبداؤه أمامها، لهذا كان يتعين على الحكم المطعون فيه القضاء بعدم قبول هذه الطلبات. كما أغفل الحكم ما تمسك به الطاعنون في دفاعهم أمام محكمة الموضوع من أن حق الارتفاق بالري على الأرض المشفوع بها ليس قاصراً على الأرض المشفوع فيها بل يشترك فيه أراضي أخرى، مما لا يجوز معه طلب الشفعة - وفي ذلك كله ما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المادة 235/ 3 من قانون المرافعات قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، وكان استناد المطعون ضدهم الأربعة الأول أمام محكمة الاستئناف في طلب أخذ أرض النزاع بالشفعة إلى أنها والأرض المشفوع بها من الأراضي المعدة للبناء ويتجاوران في حد - وإلى أن للأرض الأولى على الأخيرة حق ارتفاق بالري يعد إضافة سببين جديدين إلى السبب الذي رفعت به الدعوى - وهو أن الشفعاء شركاء في الشيوع للبائعين لأرض النزاع - ولا يعتبر طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي في الدعوى إلا وهو أخذ الأرض المبيعة محل النزاع بالشفعة، بل ظل هذا الطلب باقياً على حالة حسبما كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة، ومن ثم فلا يكون صائباً في القانون قول الطاعنين بأن ما استند إليه الشفعاء أمام محكمة الاستئناف في طلب الشفعة غير جائز باعتباره من الطلبات الجديدة بل هو في صحيح حكم القانون من قبيل الأسباب الجديدة التي يجوز إبداؤها مرة أمامها، حسبما انتهى إلى ذلك الحكم المطعون فيه، إذ كان الحكم قد استند في قضائه بأحقية المطعون ضدهم الأربعة الأول في أخذ أرض النزاع بالشفعة إلى ما ورد في تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الاستئناف من أن الأرض المشفوع فيها زراعية وأن لها حق ارتفاق بالري على الأرض المشفوع بها الملاصقة لها، مما يسوغ طلب الأخذ بالشفعة طبقاً لنص البند الثاني من الفقرة (هـ) من المادة 936 من القانون المدني الذي يجعل حق الارتفاق سبباً للأخذ بالشفعة إذا تعلق بالأرض المبيعة أو بأرض الجار، فمن ثم يكون الحكم فيما انتهى إليه سديداً، ولا ينال منه إغفاله الرد على دفاع الطاعنين السالف ذكره، إذ لا عبرة باشتراك الغير في حق الارتفاق المقرر للأرض المشفوع فيها أو الأرض المشفوع بها على الأخرى في تمسك الشفيع بطلب الشفعة طالما أن القانون لم يشترط أن يكون هذا الحق مخصصاً لإحداهما على الأخرى وحدها. هذا إلى أن وجود حق ارتفاق للغير على أرض المروى لا يخرج هذه الأرض عن ملكية صاحب العقار المشفوع به بل تظل جزءاً من هذا العقار، إذا فمتى كان هذا الدفاع لا يستند إلى أساس قانوني صحيح وليس من شأنه تغيير وجه الرأي في الدعوى فإن إغفال الحكم الرد عليه لا يعد قصوراً مبطلاً له. ويكون النعي عليه بهذا الخصوص على غير أساس.