أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 593

جلسة 22 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، ودكتور عبد الرحمن عياد، إبراهيم فودة وعبد الحميد المنفلوطي.

(112)
الطعن رقم 721 لسنة 45 القضائية

(1، 2) إثبات. قرار إداري. اختصاص. نقل.
(1) زيادة رأس مال الجمعية التعاونية للبترول بقيمة الديون المستحقة عليها للحكومة والهيئات والمؤسسات العامة. ق 161 لسنة 1961. اللجنة المختصة بتحديد هذه الديون. قرارها بإخضاع حقوق متعهد النقل قبل الجمعية للقانون المذكور. خارج عن حدود ولايتها. لا يحول دون رجوعه على الجمعية بما له من حقوق.
(2) نقل المواد البترولية. عدم استيفاء مستندات الشحن لأختام نقطة المرور أو الجهة الإدارية. قرينة على عدم وصول الشحنة. قرار وزير التموين 222 لسنة 1956. للناقل إثبات وصول الشحنة بكافة طرق الإثبات. أثره. استحقاقه لأجر النقل كاملاً.
1 - قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة 1961 بزيادة رأس مال الجمعية التعاونية للبترول بقيمة الديون المستحقة عليها للحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة في تاريخ العمل به، إذ نص في المادة الأولى منه على أنه "يزاد رأس مال الجمعية التعاونية للبترول بقيمة الديون المستحقة عليها للحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة في تاريخ العمل بهذا القانون..." ونص في المادة الثانية على أنه "يتولى تحديد قيمة الديون المشار إليها لجنة من ثلاثة أعضاء... ويكون قرارها نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن" فقد دل على أن ولاية اللجنة المشار إليها قاصرة على تحديد ديون الحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة على الجمعية التعاونية للبترول "الطاعنة" وليس له من أثر خارج هذا النطاق ولا تكن له أي حجية تحول دون دائني الطاعنة الآخرين والرجوع عليها بما يكون لهم من حقوق قبلها ولا يؤثر على حق المطعون عليه الأول - متعهد النقل - في منازعة الطاعنة أمام المحاكم صاحبة الولاية العامة في أحقيتها في اقتطاع شيء من أجور النقل المستحقة له وطلب إلزامها برد ما استقطعته لحسابها من مبالغ في صورة معونة، أن تكون اللجنة المشكلة تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه قد اعتبرت تلك المبالغ من حق الحكومة على أساس أنها هي التي تتحمل أجور نقل المواد البترولية وأنه لا يجوز للجمعية "الطاعنة" أن تجني ربحاً من عمليات النقل وذلك لاختلاف علاقة المطعون عليه الأول بالطاعنة عن علاقة الحكومة بها في هذا الشأن، ولخروج هذه المنازعة عن حدود ولاية اللجنة المذكورة.
2 - النص في المادة السادسة من قرار وزير التموين رقم 222 لسنة 1956 المعدل بالقرار رقم 345 سنة 1956 على أنه "على القائمين بنقل المواد البترولية وسائقي السيارات تقديم مستندات الشحن إلى أقرب نقطة مرور للجمعية التي يتم فيها التفريغ وذلك لختمها بالخاتم الموجود بتلك النقطة إثباتاً لمرور السيارة مملوءة قبل التفريغ وكذلك تقديم المستندات إلى النقطة لختمها عند العودة من التوزيع... وإذا تعذر على المذكورين ختم المستندات... فعليهم إثبات ذلك قبل تفريغ الشحنة في أقرب جهة إدارية أخرى للمكان الذي يتم التفريغ فيه..." يدل على أن المشرع أراد إيجاد وسيلة لإثبات توصيل شحنات البترول كاملة إلى الجهات المرسلة إليها وأنشأ بمقتضاها قرينة ضد الناقل على أنه لم يقم بتوصيل الشحنة إلى تلك الجهات إذا جاءت مستندات الشحن غير مستوفية للأختام على النحو المشار إليه في هذا القرار، ورتب على ذلك حظر صرف الأجر عن الشحنة موضوع تلك المستندات إلا أن هذه القرينة ليست قاطعة بل هي قابلة لإثبات العكس بحيث يجوز للناقل أن يثبت وصول الشحنة إلى الجهة المرسلة إليها بكافة الطرق فإن تمكن من الإثبات استحق أجر النقل كاملاً رغم عدم استيفاء مستندات الشحن للأختام بالطريقة المنصوص عليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 6266 سنة 1962 مدني كلي القاهرة للحكم بإلزام الطاعنة والمطعون عليها الثانية متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 8299 جنيه و366 مليم وندب خبير خاص لبيان مقدار أجور النقل "النولون" التي امتنعت الجمعية عن دفعها له بدون حق، ومقدار ما يستحقه من عائد وخصم على ثمن مشترواته من الجمعية بوصفه عضواً فيها وذلك في المدة من 1955 وحتى 1960 والحكم له على الجمعية التعاونية للبترول وحدها "الطاعنة" بما تسفر عنه نتيجة تقرير الخبير وقال بياناً للدعوى أن الجمعية "الطاعنة" تعاقدت معه منذ فبراير سنة 1955 على القيام بنقل منتجاتها من المواد البترولية إلى عملائها ووكلائها في جميع أنحاء الجمهورية ورغم أن أجرة النقل تخضع لتسعيرة عامة تؤديها الهيئة العامة للبترول إلى جميع شركات البترول إلى أن الجمعية "الطاعنة" لم تكن تؤدي للمدعي "المطعون عليه الأول" مستحقاته كاملة حيث اعتادت خصم نسبة منها تراوحت بين 5% و2.5% وذلك رغم اعتراضاته المتكررة ثم أوقفت الخصم اعتباراً من سنة 1962 وإذ رفضت رد المبالغ التي اقتطعتها منه منذ بدء تعاقده معها وجملتها 8299 جنيه و266 مليم وكانت لم تؤد له بعض أجور النقل المستحقة له بموجب فواتير رغم قيامه بجميع التزاماته ولم تصرف له عائد مشترواته منها فقد أقام الدعوى للحكم بطلباته، ندبت المحكمة خبيراً قدم تقريره الذي انتهى فيه أن جملة ما استقطعته الجمعية من مستحقات المدعي "المطعون عليه الأول" على سبيل المعنوية هو مبلغ 8299 جنيه و266 مليم ومقدار ما خصمته بغير حق من أجور النقل "النولون" المستحق له مبلغ 684 جنيه و70 مليم وقيمة ما يستحقه من عائد مشترواته باعتباره من أعضاء الجمعية مبلغ 523 ج و96 م وبتاريخ 19/ 3/ 1970 قضت المحكمة بإلزام الجمعية "الطاعنة" بأن تدفع للمدعي المطعون عليه الأول مبلغ 1507.137، استأنفت الجمعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم 1682 سنة 87 ق، وبتاريخ 28/ 5/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت للنيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول أنه لما كان قرار اللجنة المشكلة تنفيذاً للقانون رقم 21، لسنة 1961 بزيادة رأس مال الجمعية الطاعنة بمقدار الديون المستحقة على الحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة في تاريخ العمل به قد اعتبر المبالغ التي اقتطعتها الطاعنة من الأجور المستحقة لمقاولي النقل على سبيل المعونة ديناً للحكومة على الطاعنة تدخل بها الحكومة مساهمة في رأس مال الجمعية على أساس أنه لا يجوز للجمعية أن تجني ربحاً من عمليات النقل وكان قرار اللجنة في هذا الشأن نهائياً لا يقبل أي طعن فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد حكم محكمة الدرجة الأولى الذي قضى بإلزام الطاعنة بأن ترفع للمطعون عليهم الأول ما اقتطعته من أجور النقل المستحقة له على سبيل المعونة وأخذت بأسبابه في هذا الخصوص يكون باطلاً لمخالفته قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة 1961 الذي تخول حجيته دون ذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود أن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 161 لسنة 1961 برأس مال الجمعية التعاونية للبترول بقيمة الديون المستحقة على الحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة في تاريخ العمل به إذ نص في المادة الأولى منه على أنه (يزاد رأس مال الجمعية التعاونية للبترول بقيمة الديون المستحقة عليها للحكومة أو إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة في تاريخ العمل لهذا القانون...) ونص في المادة الثانية على أنه (تتولى تحديد قيمة الديون المشار إليها لجنة من ثلاثة أعضاء ويكون قرارها نهائياً غير قابل للطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن) فقد دل على أن ولاية اللجنة المشار إليها قاصرة على تحديد ديون الحكومة أو إحدى الهيئات أو المؤسسات العامة على الجمعية التعاونية للبترول" وليس له من أثر خارج هذا النطاق ولا تكن له أي حجية تحول دون دائني الطاعنة الآخرين والرجوع عليها بما يكون لهم من حقوق قبلها ولا يؤثر على حق المطعون عليه الأول في منازعة الطاعنة أمام المحاكم صاحبة الولاية العامة في أحقيتها في اقتطاع شيء من أجور النقل المستحقة له وطلب إلزامها برد ما استقطعته لحسابها من مبالغ في صورة معونة أن تكون اللجنة المشكلة بتنفيذ القرار رئيس الجمهورية بالقانون المشار إليه قد اعتبرت تلك المبالغ من حق الحكومة على أساس أنها هي التي تتحمل أجور نقل المواد البترولية وأنه لا يجوز للجمعية الطاعنة "أن تجني ربحاً من عمليات النقل وذلك لاختلاف علاقة المطعون عليه الأول بالطاعنة عن علاقة الحكومة بها في هذا الشأن ولخروج هذه المنازعة عن حدود ولاية اللجنة المذكورة، لما كان ذلك وكان حكم محكمة الدرجة الأولى قد أقام قضاءه بأحقية المطعون عليه الأول للمبالغ التي اقتطعتها الطاعنة بغير حق من أجور النقل المستحقة له في صورة معونة على نفي نية التبرع بها للطاعنة وعلى أنه كان واقعاً تحت تأثير ضغط ورهبة وأخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه في هذا الصدد وكانت الطاعنة لا تنعى عليه بشيء في هذا الخصوص فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني مخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن المؤسسة المصرية العامة للبترول لم تصادف الجمعية الطاعنة على تنفيذ القانون رقم 161 سنة 1961 وأن مبالغ المعونة قد آلت إلى الحكومة نفاذاً لهذا القانون بقرار نهائي غير قابل للطعن فيه فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق ذلك أن المؤسسة المطعون عليها الثانية لم تنكر ما قررته الجمعية الطاعنة في هذا الخصوص على نحو ما جاء بمذكرتها بجلسة 19/ 3/ 1970 من أن حق الحكومة ثابت في المبالغ التي اتضح أن مقاولي النقل بالسيارات قد منحوها للجمعية في صورة معونة اجتماعية.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الجمعية الطاعنة بالمبالغ التي اقتطعتها من أجور النقل المستحقة لديها للمطعون عليه الأول - وعلى نحو ما سلف بصدد الرد على السبب الأول - على انتفاء التراخي عليه ونفي نية التبرع لدى المطعون عليه الأول وعدم أحقية الجمعية فخصم شيء من الأجور المستحقة وفق تعريفه وسمية لا يجوز المساس بها وأن المؤسسة لا شأن لها بذلك، وكان في ذلك ما يكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ولم يكن محل نعي من الجمعية الطاعنة فإن ما استطرد إليه بعد ذلك من قول بأن المؤسسة أنكرت على الجمعية هذا الخصم يكون زائداً عن حاجة الدعوى ويكون النعي عليه بالخطأ أو بمخالفة الثابت بالأوراق - ومهما كان وجه الرأي فيه غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثالث مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى عدم أحقية الجمعية الطاعنة في اقتطاع بعض المبالغ من النولون المستحق للمطعون عليه الأول لعدم استيفاء مستندات الشحن الشكل القانوني بمقولة أن العبرة إنما هي بوصول الشحنة دون التمسك بأمور شكلية مع أن المادة السادسة من قرار وزير التموين رقم 222 سنة 1956 المعدل بالقرار رقم 345 سنة 1956 حذرت شركات البترول من صرف أجرة النقل عن أية شحنة ما لم تكن مستندات شحنها مختومة بخاتم نقطة المرور قبل التفريغ وبعده فإن الحكم يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في المادة السادسة من قرار وزير التموين رقم 222 لسنة 1956 المعدل بالقرار رقم 345 سنة 1956 على أنه (على القائمين بنقل المواد البترولية وسائقي السيارات تقديم مستندات الشحن إلى أقرب نقطة مرور للجمعية التي يتم فيها التفريغ وذلك لختمها بالخاتم الموجود بتلك النقطة إثباتاً لمرور السيارة مملوءة قبل التفريغ وكذلك تقديم المستندات إلى النقطة لختمها عند العودة من التفريغ... وإذا تعذر على المذكورين ختم المستندات... فعليهم إثبات ذلك قبل تفريغ الشحنة في أقرب جهة إدارية أخرى للمكان الذي يتم التفريغ فيه". يدل على أن المشرع أراد إيجاد وسيلة لإثبات توصيل شحنات البترول كاملة إلى الجهات المرسلة إليها وأنشأ بمقتضاها قرينة ضد الناقل على أنه لم يقم بتوصيل الشحنة إلى تلك الجهات إذا جاءت مستندات الشحن غير مستوفية للأختام على النحو المشار إليه في هذا القرار ورتب على ذلك حظر صرف الأجر عن الشحنة موضوع تلك المستندات إلا أن هذه القرينة ليست قاطعة بل هي قابلة لإثبات العكس بحيث يجوز للناقل أن يثبت وصول الشحنة إلى الجهة المرسلة إليها بكافة الطرق فإن تمكن من الإثبات استحق أجر النقل كاملاً رغم عدم استيفاء مستندات الشحن للأختام بالطريقة المنصوص عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وخلص أخذاً بتقرير الخبير إلى أن الشحنات موضوع البونات الملغاة قد وصلت فعلاً إلى العملاء سليمة وفي مواعيدها وتم الحساب عليها مع هؤلاء العملاء وهو ما قرره الموظف المختص بإدارة النقل بالجمعية المستأنفة "الطاعنة" وإنما يرجع سبب إلغاء هذه البونات إلى عدم وضع الختم عليها وهي إجراءات شكلية تتخذ لضمان وصول هذه الشحنات سليمة وفي مواعيدها، ولما كانت العبرة هي وصول الشحنات فيكون الخبير على حق فيما انتهى إليه من استحقاق المستأنف عليه الأول "المطعون عليه الأول" لقيمة هذه البونات، وكان استخلاص الحكم في هذا الخصوص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.