أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 636

جلسة 27 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار: صلاح الدين حبيب؛ نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، وحسن النسر ويحيى العموري.

(119)
الطعن رقم 2 لسنة 43 القضائية

(1) نقض. "نطاق الطعن". نظام عام.
إثارة السبب المتعلق بالنظام العام من المطعون عليه أو النيابة العامة أمام محكمة النقض. شرطه. أن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم. مثال بشأن الاختصاص.
(2) رسوم. "أمر تقدير الرسوم". نقض. بطلان.
خلو أمر تقدير الرسوم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب. لا بطلان. علة ذلك.
1 - من المقرر أنه وإن كان يجوز للنيابة - كما هو الشأن بالنسبة للمطعون عليه ولمحكمة النقض - أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم، وإذ كان الثابت أن الطعن اقتصر على قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان أمر تقدير الرسوم ولم يحو نعياً على ما قضى به في شأن الاختصاص، فلا يجوز للنيابة العامة أن تتمسك أمام محكمة النقض بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بناء على تعلقه بالنظام العام.
2 - البين من نصوص الدساتير المصرية وقوانين السلطة القضائية المتعاقبة والمادتين 178 من قانون المرافعات و310 من قانون الإجراءات الجنائية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الأمة أو الشعب، وإن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الأمة أو الشعب - وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره، دون ما مقتض لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقة الحكم عند تحريره، مما مقتضاه أن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره ومن بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض، وليس منشئاً له، ومن ثم فإن خلو أمر تقدير الرسوم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 11/ 1953 قضت محكمة المنيا الابتدائية في الدعوى رقم 255 سنة 1945 ببطلان عقود البيع العرفية الصادرة من المرحوم.... والمحكوم بصحة التوقيع عليها من محكمة أبو قرقاص الجزئية في الدعاوى رقم 1628 و1629 و1631 سنة 1944 ومحو التسجيلات الموقعة بناء عليها وتثبيت ملكية... لنصيب قدره 2 و1/3 ط من 24 ط في تركة والده المرحوم... استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 445 سنة 71 ق القاهرة والذي قيد فيما بعد برقم 200 سنة 2 ق بني سويف "مأمورية المنيا" وفي 26/ 11/ 1956 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان عقد البيع العرفي المؤرخ في 3/ 4/ 1944 واعتبار هذا العقد صحيحاً واستبعاد العقارات المبيعة بمقتضاه من تركة المرحوم... طعن المستأنف عليهم الخمسة الأول في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهم برقم 26 سنة 29 ق. وبتاريخ 26/ 3/ 1964 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وبعد تعجيل الاستئناف حكمت المحكمة في 6/ 11/ 1971 بإلحاق عقد الصلح المؤرخ 15/ 10/ 1967 بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وبإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من بطلان عقد البيع المؤرخ في 3/ 4/ 1944 واعتبار هذا العقد صحيحاً واستبعاد الأطيان والعقارات محل هذا العقد من تركة المرحوم... بتاريخ 14/ 5/ 1972 استصدر قلم كتاب محكمة استئناف بني سويف - الطاعن - أمراً بتقدير الرسوم المستحقة على ذلك الاستئناف بمبلغ 383 ج و200 م، ولما أعلن هذا الأمر عارض فيه المطعون عليهم بتقرير في قلم كتاب محكمة استئناف بني سويف وبصحيفة معلنة. وبتاريخ 2/ 11/ 1972 حكمت المحكمة (أولاً) بعدم قبول المعارضة المرفوعة بتقرير في قلم الكتاب. (ثانياً) بقبول المعارضة المرفوعة بالصحيفة شكلاً وفي الموضوع ببطلان أمر التقدير المعارض فيه. طعن الطاعن في الشق الثاني من هذا الحكم بطريق النقض. دفع المطعون عليهم ببطلان الطعن لخلوه من الأسباب الجدية وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع بنقض الحكم وأضافت سبباً جديداً يتعلق بالنظام العام حاصله أن المعارضة وقد بينت على سبب لا يتعلق بمقدار الرسوم فإنها تكون دعوى بتحديد الاختصاص بنظرها طبقاً لقواعد الاختصاص القيمي المنصوص عليها في قانون المرافعات، ولما كانت قيمة الرسوم المتنازع عليها مبلغ 383 ج و200 م فإن المحكمة الابتدائية تكون هي المختصة بنظر الدعوى وتكون محكمة الاستئناف إذ فصلت فيها قد خالفت القانون في شأن قواعد الاختصاص النوعي وهو من النظام العام. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليهم مردود بأن ما عناه المشرع من النص في المادة 253 من قانون المرافعات على وجوب اشتمال صحيفة الطعن على بيان الأسباب التي بني عليها وإلا كان الطعن باطلاً، هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إيراد أسباب الطعن على نحو يعرف به كل سبب تعريفاً محدداً له كاشفاً عن المقصود منه بحيث يبين منه العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه، لما كان ذلك وكان يبين من صحيفة الطعن أن الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون وبين وجه هذه المخالفة وساق الأدلة المؤيدة له، فإن الطاعن يكون بذلك قد أورد سبب الطعن على النحو الذي يتحقق به غرض الشارع، ومن ثم يكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن السبب الذي أبدته النيابة العامة مردود بأنه وإن كان يجوز للنيابة كما هو الشأن بالنسبة للمطعون عليه ولمحكمة النقض - أن تثير في الطعن ما يتعلق بالنظام العام إلا أن ذلك مشروط بأن يكون وارداً على الجزء المطعون عليه من الحكم، وإذ كان الثابت أن الطعن اقتصر على قضاء الحكم المطعون فيه ببطلان أمر تقدير الرسوم ولم يحو نعياً على ما قضى به في شأن الاختصاص، فلا يجوز للنيابة العامة أن تتمسك أمام محكمة النقض بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى بناء على تعلقه بالنظام العام.
وحيث إن الطعن يقوم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قضى ببطلان أمر تقدير الرسوم لصدوره باسم الأمة وليس باسم الشعب مع أن ذلك لا يبطله.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه يبين من نصوص الدساتير المصرية وقوانين السلطة القضائية المتعاقبة والمادتين 178 من قانون المرافعات و310 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع لا يعتبر من بيانات الحكم صدوره باسم الأمة أو الشعب، وإن قضاء الدستور بصدور الحكم بهذه المثابة ليس إلا إفصاحاً عن أصل دستوري أصيل وأمر مسبق مفترض بقوة الدستور نفسه من أن الأحكام تصدر باسم السلطة العليا صاحبة السيادة وحدها ومصدر السلطات جميعاً - الأمة أو الشعب - وذلك الأمر يصاحب الحكم ويسبغ عليه شرعيته منذ بدء إصداره، دون ما مقتض لأي التزام بالإعلان عنه من القاضي عند النطق به أو الإفصاح عنه في ورقة الحكم عند تحريره لما مقتضاه أن إيراد ذلك بورقة الحكم أثناء تحريره ومن بعد صدوره بالنطق به ليس إلا عملاً مادياً لاحقاً كاشفاً عن ذلك الأمر المفترض، وليس منشئاً له، ومن ثم فإن خلو أمر تقدير الرسوم مما يفيد صدوره باسم الأمة أو الشعب لا ينال من شرعيته أو يمس ذاتيته، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى ببطلان أمر التقدير لعدم صدوره باسم الشعب فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.