أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 647

جلسة 28 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

(122)
الطعن رقم 674 لسنة 46 القضائية

(1) إيجار. "إيجار الأماكن". إثبات.
حق المؤجر في إخلاء المستأجر من العين المؤجرة لتنازله عن الإيجار أو التأجير من الباطن. للمؤجر التنازل عنه صراحة أو ضمناً. جواز إثبات التنازل الضمني بكافة الطرق.
(2) إيجار. "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع. عقد. "فسخ العقد".
تنازل المستأجر عن الإيجار للغير دون إذن المؤجر. وجوب القضاء بإخلائه من العين. ليس للمحكمة سلطة تقديرية في فسخ العقد.
(3) إثبات.
الواقعة محل الإثبات. وجوب أن تكون غير محرم إثباتها قانوناً. حظر الإثبات المنطوي على إنشاء أسرار المهنة أو الوظيفة. تعلقه بدليل الإثبات دون الواقعة في حد ذاتها.
(4) إثبات. ضرائب. تنفيذ. "تنفيذ جبري".
حظر إفشاء سر المهنة في الأمور المتعلقة بربط الضريبة وتحصيلها. ق 14 لسنة 1939. قاصر على موظفي مصلحة الضرائب. إشهارها كبيع منشأة بالمزاد. اتسامه بالعلانية. تقديم الدليل عليه. جائز.
1 - منع المستأجر من تأجير المكان من باطنه أو التنازل عن الإجارة حق مقرر لمصلحة المؤجر، فيجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً، وليس له من بعد حصوله طلب فسخ الإجارة بسببه، ولئن كانت الكتابة كطريق لإثبات الإذن بالتنازل عن الشرط المانع ليست ركناً شكلياً ولا هي شرط لصحته، فيجوز إثبات التنازل الضمني بكافة طرق الإثبات اعتباراً بأن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع مادية تثبت بجميع الوسائل.
2 - ثبوت واقعة النزول عن الإجارة دون إذن يحتم على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية، لأن حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مطلق تقع نتيجته بمجرد قيام سببه.
3 - يشترط في الواقعة محل الإثبات أن تكون جائزة القبول وليست مما يحرم القانون إثباتها تحقيقاً لأغراض مختلفة، وحظر الإثبات إذا كان منطوياًً على إفشاء لأسرار المهنة أو الوظيفة. لا يتعلق بواقعة يحرم إثباتها، وإنما يتعلق بدليل لا يجوز قبوله في صورة معينة، بمعنى أن عدم جواز القبول لا ينصب على الواقعة في حد ذاتها وإنما على دليلها، بحيث تكون الواقعة التي يقف عليها الشخص بسبب وظيفته أو مهنته جائزة القبول ولكن لا يجوز إثباتها بشهادته.
4 - مؤدى نص المادة 84 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، أن المشرع إنما خاطب بها موظفي مصلحة الضرائب وغيرهم ممن لهم شأن في ربط الضرائب أو تحصيلها أو الفصل في المنازعات الخاصة بها دون سواهم، وجعل سر المهنة مقصور على الأغراض المتصلة بربط الضريبة وتحصيلها دون غيرها من البيانات التي تتوافر للكافة أو يستوجب القانون فيها العلانية، ولما كان إشهار البيع بالمزاد الذي قدمه المطعون عليه الأول تدليلاً على انتفاء الضرورة الملجئة للبيع لدى المطعون عليه الثاني يتسم بسمة العلانية تبعاً لاشتراك الجمهور فيه، فإن هذا الدليل يعد جائزاً قبوله منه، لا يقدح في ذلك أن مصلحة الضرائب تحرزاً منها رفضت إعطاء أي بيانات عنه تبعاً لأنها ليست طرفاً في الدعوى وأخذاً السرية التي يفرضها القانون عليها، لأن عدم جواز الإدلاء بقولها في هذا الشأن لمظنة أن يكون للمستند صلة بربط الضريبة لا يحول دون تقديم الدليل من آخر طالما يمكن الحصول عليه على ما سلف بيانه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 5318 سنة 1974 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليه الثاني، بطلب الحكم بإخلائها من العين المؤجرة المبينة بصحيفة الدعوى. وقال في بيانها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1967 استأجر منه المطعون عليه الثاني الدكانين رقم 10، 11 الكائنين بالعقار رقم... بمحافظة القاهرة، وإذ تنازل عن الإيجار للطاعن بالمخالفة لشروط العقد فقد أقام الدعوى. أجاب الطاعن بأنه اشترى المتجر وفق المادة 594/ 2 من القانون المدني من المطعون عليه الثاني - بموجب عقد مؤرخ 15/ 6/ 1968 وتقدم بطلب عارض للحكم بصحة ونفاذ هذا العقد. وبتاريخ 15/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن والمطعون عليه الثاني وجود ضرورة ملحة اقتضت بيع المحل للطاعن وبعد أن استمعت لشهود الطرفين عادت وحكمت في 22/ 11/ 1975 برفض الدعوى الأصلية وفي الطلب العارض باعتبار الطاعن حالاً محل المطعون عليه الثاني في إيجار عين النزاع. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3768 سنة 92 ق القاهرة للحكم له بطلباته. وبتاريخ 20/ 5/ 1976 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعن والمطعون عليه الثاني من العين المؤجرة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر. وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بني قضاءه بالإخلاء على سند من أنه لا يغني علم المؤجر بالنزول عن الإيجار وسكوته - ولو قام الدليل عليه - عن وجوب الحصول على الإذن الكتابي الصريح من المالك، في حين أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليه الأول تنازل ضمناً عن إعمال الجزاء المترتب على مخالفة حظر التنازل عن الإيجار، بدلالة علمه بواقعة بيع المطعون عليه الثاني المحل المؤجر إليه وتعامله معه مرات متعددة وتوريده بضاعة إليه على ذات المحل، وسكوته السنين الطوال دون اتخاذ إجراء ينم عن رغبته في إعمال الجزاء، غير أن الحكم لم يتفهم هذا الدفاع وصرف إلى أنه ادعاء من الطاعن بوجود إذن صريح من المؤجر بالتنازل عن الإيجار، مما حمله على إطراح دفاعه وأدلته فيه، والإجابة عليه بما لا يصلح رداً. هذا إلى أن الحكم حدد الفقرة الفاصلة بين علم المؤجر بواقعة البيع وبين إقامته الدعوى بمدة سنة، متغاضياً عما هو ثابت من المستندات من شغل الطاعن للمحل المؤجر منذ سنة 1968، وإن أولى فواتير التوريد صادرة في سنة 1971. بالإضافة إلى أن الحكم تخلى عن سلطته التقديرية في إعمال الجزاء المترتب على فسخ عقد الإيجار، وذهب إلى أنه يتعين القضاء بالإخلاء متى تحققت المخالفة، مع أن قانون إيجار الأماكن لا يعني الخروج عن القواعد العامة في الفسخ، خاصة وأن نص المادة 23 من القانون رقم 52 سنة 1969 ليس أمراً، بل هو مقرر لمصلحة المؤجر وغير متعلق بالنظام العام، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه وإن كان منع المستأجر من تأجير المكان من باطنه أو التنازل عن الإجارة حق مقرر لمصلحة المؤجر، فيجوز له النزول عنه صراحة أو ضمناً، وليس له من بعد حصوله فسخ الإجارة بسببه، ولئن كانت الكتابة كطريق لإثبات الإذن بالتنازل عن الشرط المانع ليست ركناً شكلياً ولا هي شرط لصحته فيجوز إثبات التنازل الضمني بكافة طرق الإثبات اعتباراً بأن الإرادة الضمنية تستمد من وقائع مادية تثبت بجميع الوسائل، ولئن كان الواقع في الدعوى أن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع بإمضاء المطعون عليه الأول بواقعة تنازل المطعون عليه الثاني عن الإجارة وحلول الطاعن محله فيها، مستدلاً على ذلك بعدة قرائن ساقها، ولئن كان الحكم المطعون فيه قد أثبت ضمن مدوناته أن علم المؤجر بالتنازل عن الإيجار ولو قام الدليل عليه لا يغني عن الإذن الكتابي الصريح الصادر منه، مما قد يشتم منه أنه لم يواجه حالة التنازل الضمني التي أسس عليها الطاعن دفاعه، لئن كان ذلك إلا أنه لما كان البين أنه عرض المستندات التي قدمها الطاعن ومن الدلالة المستفادة منها، مقرراً أنه ليس فيها ما يدل على علم المؤجر بالتنازل أو رضائه سواء بالكتابة أو بأي من السبل التي يمكن الاستدلال بها على هذه الواقعة. وأن أجرة المحل أخذاً من المستندات المقدمة من الطاعن نفسه ظلت تدفع للمطعون عليه الأول "المؤجر" من المطعون عليه الثاني "المستأجر الأصلي" حتى أخر نوفمبر سنة 1975 وإن الأوراق خلو مما يفيد رضاء المطعون عليه بقبول الأجرة من الطاعن حتى يستشف قبوله النزول عن الإجارة بالإضافة إلى أن الفواتير التي ذكر منها أن عنوان الطاعن بالمحل موضع النزاع لم تحدث إلا في شهر يوليو سنة 1973، وأن الدعوى بالإخلاء أقيمت في سنة 1974، واتخذ من قصر الفترة الفاصلة قرينة على أن هذا السكوت لا يمكن عده من قبيل الرضاء بالنزول عن الإيجار، فإن هذا الذي عمد إليه الحكم يشير إلى أنه واجه فرض التنازل الضمني الذي يدعيه الطاعنين ورد عليه بما يكفي لحمله، ويكون ما تزيد فيه من تقريرات قانونية قاصرة على التنازل الصريح ليست بذات تأثير على جوهر قضائه. لما كان ذلك وكان لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، دون إلزام عليه بتعقب كل حجة أو قول يدلي به ذوو الشأن ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليله عليها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الحجج وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية أنه ليس ثمة ما يفيد أن المطعون عليه الأول قد علم بالتنازل عن الإيجار الحاصل للطاعن قبل يوليو سنة 1973 تاريخ الفاتورة الأخيرة والوحيدة التي ذكر فيها عنوان الطاعن على المحل المتنازع بشأنه فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق. لما كان ما تقدم وكان ثبوت واقعة النزول عن الإجارة دون إذن يحتم على المحكمة أن تقضي بفسخ الإيجار وإخلاء المكان دون أن يكون لها سلطة تقديرية، لأن حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة، فالحكم بالفسخ هنا مطلق تقع نتيجته بقيام سببه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة بعد أن تحققت لديه المخالفة القانونية الموجبة للإخلاء، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق على غير أساس.
وحيث عن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أسس قضاءه بأن المطعون عليه الثاني لم يكن في حالة ضرورة ملجئة وقت بيعه المحل التجاري موضوع التداعي، ورتب على ذلك تخلف أحد الشروط التي استلزمتها المادة 594/ 2 من القانون المدني، على سند من محضر إشهار مصلحة الضرائب لبيع منشأة تجارية رسا مزادها على المطعون عليه الثاني بمبلغ ثلاثة آلاف من الجنيهات قبل تسعة أيام من بيعه محل النزاع إلى الطاعن، مما جعلها تطمئن إلى أقوال شاهد المطعون عليه الأول، لتوافقها مع المستند المقدم بطرحه شهادة شاهدي الطاعن، في حين أن المادة 84 من القانون رقم 14 لسنة 1939 تحرم إفشاء أسرار المهنة، وقد أفصحت مصلحة الضرائب في كتابها الموجه لمحكمة الموضوع أن مضمون المستندات المشار إليه مما يندرج ضمن نطاق السرية، فما كان يجوز قبوله أصلاً في الدعوى، أو الاستناد إليه بأي حال، لأن أدلة الإثبات التي يبيحها القانون يتعين أن يكون جائزة القبول وأمكن الحصول عليها بطريق مشروع، هذا إلى أن الحكم أورد أن رد مصلحة الضرائب لم يتضمن إنكاراً لهذا المستند رغم أن الرد ورد قبل تقديم المستند إلى المحكمة؛ بما لا يمكن للمصلحة أن تنكره أو تقره مسبقاً، بالإضافة إلى أن الطاعن ساق العديد من المطاعن على محضر إشهار المزاد من بينها أنه وهمي مصطنع لخدمة الدعوى، بدلالة أن فئة طوابع الدمغة الملصقة عليه لم تكن سارية عند إشهار المزاد، وخلوه من أية أختام لمصلحة الضرائب أو اعتماد من موظفيها، وقد أغفل الحكم الرد عليها ولا يجدي فيها ما ذهب إليه تدليلاً على وقوع الشراء، لأن هذه الواقعة في ذاتها لا دلالة لها في معرض نفي حالة الضرورة ومناطها قيامها وقت البيع وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان يشترط في الواقعة محل الإثبات أن تكون جائزة القبول وليست مما يحرم القانون إثباتها تحقيقاً لأغراض مختلفة، وكان حظر الإثبات إذا كان منطوياً على إفشاء لأسرار المهنة، أو الوظيفة لا يتعلق بواقعة يحرم إثباتها، وإنما يتعلق بدليل لا يجوز قبوله في صورة معينة، بمعنى أن عدم جواز القول لا ينصب على الواقعة في حد ذاتها وإنما على دليلها، بحيث تكون الواقعة التي يقف عليها الشخص بسبب وظيفته أو مهنته جائزة القبول ولكن لا يجوز إثباتها بشهادته. لما كان ذلك وكان النص في المادة 84 من القانون رقم 14 لسنة 1939 يفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل - والذي كان معمولاً به عند تقديم السند المشار إليه بسبب النعي - على أن "كل شخص يكون له بحكم وظيفته أو اختصاصه أو عمله شأن في ربط وتحصيل الضرائب المنصوص عليها في هذا القانون أو في الفصل فيما يتعلق بها من المنازعات ملزم بمراعاة سر المهنة طبقاً لما تقضي به المادة 310 من قانون العقوبات وإلا كان مستحقاً للعقوبات المنصوص عليها فيها يدل على أن المشرع إنما خاطب بها موظفي مصلحة الضرائب وغيرهم ممن لهم شأن في ربط الضرائب أو تحصيلها أو الفصل في المنازعات الخاصة بها دون سواهم، وجعل سر المهنة مقصوراً على الأغراض المتصلة بربط الضريبة وتحصيلها دون غيرها من البيانات التي تتوافر للكافة أو يستوجب القانون فيها العلانية، وكان إشهار البيع بالمزاد الذي قدمه المطعون عليه الأول تدليلاً على انتفاء الضرورة الملجئة للبيع لدى المطعون عليه الثاني يتسم بسمة العلانية تبعاً لاشتراك الجمهور فيه، فإن هذا الدليل يعد جائزاً قبوله منه، لا يقدح في ذلك أن مصلحة الضرائب تحرزاً منها رفضت إعطاء أي بيانات عنه تبعاً لأنها ليست طرفاً في الدعوى وأخذاً بالسرية التي يفرضها القانون عليها، لأن عدم جواز الإدلاء بقولها في هذا الشأن لمظنة أن يكون للمستند صلة بربط الضريبة لا يحول دون تقديم الدليل من آخر طالما يمكن الحصول عليه على ما سلف بيانه. لما كان ما تقدم وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتد بدلالة محضر إشهار المزاد سالف البيان على سند من أن الطاعن والمطعون عليه الثاني غير جادين في قولهما اصطناع هذا المستند تبعاً لعدم جحدهما واقعة شراء المحل وعدم طعنهما عليه بالتزوير، وأن المطعون عليه الثاني اشترى بموجب محضر المزاد متجراً بمبلغ ثلاثة آلاف من الجنيهات، قبل بيعه محل النزاع بتسعة أيام فقط، الأمر الذي تنتفي معه حالة الضرورة الملجئة وساق العديد من القرائن على أنه وقت التنازل موضوع الخلاف كان في حالة رواج مالي وأنه لم يثبت من الأوراق أن حالته المالية قد ساءت منذ عدة سنوات سابقة ورتب على ذلك اعتماده على أقوال شاهد المطعون عليه الأول أنها مؤيدة بهذه المستندات وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير الأدلة من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، وإذا ما أقام الحكم قضاءه على قرائن متساندة فلا يقبل مناقشة كل قرينة على حدتها لإثبات عدم كفايتها في ذاتها، ولا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة، ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليله عليها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والطلبات، ومن ثم فلا مسوغ للنعي بأن الحكم لم يرد على بعض اعتراضات الطاعن طالما قام قضاءه على ما يكفي لحمله. لما كان ما سلف، وكان الحكم المطعون فيه قد نفى عن مصلحة الضرائب أنها أنكرت المستند رداً على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص فلا يمكن نسبة صدور هذا الإنكار من الحكم، ويكون النعي بهذا الشق غير مقبول لوروده على غير محل، ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.