أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 656

جلسة 28 من فبراير سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

(123)
الطعن رقم 991 لسنة 48 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات. وفاء.
الوفاء بالأجرة. عبء إثباته. وقوعه على عاتق المستأجر.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". نقض. نظام عام.
دعوى المؤجر بإخلاء المستأجر للتأخر في سداد الأجرة. شرط قبولها. تكليف المستأجر بالوفاء. بطلان التكليف. تعلقه بالنظام العام. جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". ضرائب.
الأجرة المستحقة على المستأجر. شمولها الضرائب والرسوم التي لم يرد عليها الإعفاء. تخلف المستأجر عن سداد رسم النظافة. اعتباره نكولاً عن دفع الأجرة. خضوعه لذات أحكام المتأخر في الأجرة.
(4) إيجار "إيجار الأماكن".
قيمة استهلاك المياه. عدم التزام المستأجر بها في العقد. إلزام المستأجر بها طبقاً للقانون 52 لسنة 1969. شرطه. قيام المؤجر بتركيب عداد خاص لكل وحدة سكنية.
1 - المقرر أن المستأجر هو المكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأجرة المستحقة في ذمته، ولا يسوغ قلب عبء الإثبات.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخر في سداد الأجرة، فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبولها، ويشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة المتأخرة المطالب بها، وألا تجاوز ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر شريطة ألا يكون متنازعاً فيها جدياً، وبطلان التكليف يتعلق بالنظام العام، فيجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها حتى ولو لم يلتفت إليه المستأجر أو يتمسك به، وبهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان مبنياً على سبب قانوني بحث أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع.
3 - معنى الأجرة المستحقة وفق المادة 23 من القانون 52 لسنة 1969 لا تقتصر على الأجرة المثبتة بالعقد أو تلك المحددة بمقتضى قرار لجنة التقدير أو بموجب حكم صدر في الطعن عليه، وإنما يقصد بها أيضاً ما جعله القانون في حكم الأجرة، ومن ملحقاتها عملاً بالقاعدة العامة المقررة بالمادة 19 من ذات القانون والتي تقضي بوجوب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما في حكمها كاملة إلى المؤجر في موعد معين، ومؤدى نص المادة العاشرة من القانون المشار إليه أن الأجرة تشمل الضرائب والرسوم التي لم يرد عليها الإعفاء بالقانون 169 لسنة 1961 ومن بينها رسم النظافة، ويترتب على عدم الوفاء بها النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة، وإذ أجازت المادة الثامنة من القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة للمجالس المحلية فرض رسم إجباري يؤديه شاغلوا العقارات المبنية بما لا يجاوز 2% من القيمة الإيجارية، فإن حكم نكول الطاعن عن سداد هذا الرسم هو ذات حكم عدم سداد الأجرة وتعامل نفس معاملتها من حيث إدراجها في التكليف بالوفاء.
4 - إذ كان البين من تقريرات الحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار المبرم بين الطرفين خلو من إلزام المستأجر بمقابل استهلاك المياه، وكان الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف بأنه لا يحق مطالبته بمقابل هذا الاستهلاك استناداً إلى أن المياه يغذيها عداد عام واحد للعقار كله، وكان مفاد القرار رقم 1 لسنة 1964 الصادر من اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 يقضي بألا يلتزم المستأجر بقيمة استهلاك المياه إلا إذا نص على ذلك في عقد الإيجار، وكان مفاد الفقرة الثالثة من المادة 25 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أنه بالنسبة للعقارات التي لا يلتزم فيها الشاغلون بقيمة استهلاك المياه فلا تقع على عاتقهم إلا إذا قام المؤجر بتركيب عداد خاص على نفقته لحساب استهلاك المياه بكل وحدة سكنية وفي هذه الحالة يخفض الإيجار الشهري بمعدل معين، فإذا احتسب الحكم المطعون فيه ضمن المبالغ المستحقة على الطاعن - المستأجر - والمتأخر في سدادها قيمة استهلاك المياه دون أن يمحص الدفاع الذي ساقه في هذا الشأن أو يرد عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 135 لسنة 1977 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية ضد الطاعن، بطلب إخلائه من العين المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها له خالية. وقال في بيانها أنه بموجب عقد مؤرخ 2/ 7/ 1964 استأجر منه الطاعن شقة بالمنزل الكائن بشارع... بمدينة دمياط لقاء أجرة شهرية خفضت إلى مبلغ 276.5 قرشاً. وإذ امتنع الطاعن عن سداد الأجرة، اعتباراً من شهر يونيو سنة 1976، وفروقها عن الأشهر من إبريل سنة 1965 بواقع 16.5 قرشاً وعن سداد مقابل استهلاك المياه منذ بدء التقاضي وكذا رسوم النظافة منذ 1/ 1/ 1972 حتى 31/ 12/ 1976 فقد أقام دعواه. وبتاريخ 26/ 10/ 1977 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن من العين المؤجرة وتسليمها للمطعون عليه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 158 لسنة 9 ق المنصورة "مأمورية دمياط" بطلب إلغائه ورفض الدعوى، وبتاريخ 9/ 5/ 1978 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر وبالجلسة المحددة - التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه بطلانه ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم احتسب ضمن المبالغ المستحقة على الطاعن مبلغ 21 جنيه و700 مليماً كفروق أجرة عن المدة من إبريل سنة 1975 حتى ديسمبر سنة 1976، في حين أن المطعون عليه إذ حدد هذه الفروق بواقع 16 جنيه و500 مليماً شهرياً فإن جملتها عن هذه المدة لا تتجاوز مبلغ 3 جنيه و465 مليم، وقد جره هذا الخطأ الحسابي إلى اعتبار جملة المبالغ المتعين عليه سدادها لتفادي الحكم عليه بالإخلاء مبلغ 72 جنيه و535 مليماً ورتب على ذلك اعتباره متخلفاً عن سداد كامل الأجرة وملحقاتها، هذا إلى أنه ليس بالأوراق دليل على أنه لم يؤد هذه الفروق، وهو ما يعيب الحكم بالبطلان ومخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه استند في أسبابه التي صدر بها بيانات حساب مبالغ الأجرة، المستحقة على الطاعن وحددها حتى قفل باب المرافعة، ما يفيد إحالته في شأنها إلى ما جاء بتكليف الوفاء المعلن إلى الطاعن المتضمن تكليفه وفاء فروق الأجرة عن المدة من إبريل سنة 1965 حتى ديسمبر سنة 1976 بواقع 165 مليماً عن كل شهر وجملته مبلغ 21 جنيه 780 مليماً فيعتبر هذا التحديد جزءاً من الحكم، ولا يعدو ما أورده في مدوناته من أنه حاصل فروق الأجرة عن المدة من إبريل سنة 1975 حتى ديسمبر سنة 1976 أن يكون مجرد خطأ مادي لم يكن مقصوداً لذاته ولا تأثير له على ما انتهى إليه حكمها صائباً وفق التكليف بالوفاء. لما كان ذلك وكان المقرر أن المستأجر هو المكلف بتقديم الدليل على سداده كامل الأجرة المستحقة في ذمته فإنه لا يسوغ له قلب عبء الإثبات والنعي على الحكم بخلو الأوراق من دليل على عدم أدائه الأجرة كاملة ويكون النعي بالبطلان ومخالفة القانون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق الفانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد بالبيانات الواردة في التكليف بالوفاء ولم يلتفت إلى ما شابه من بطلان من ناحيتين، (أولهما) تضمن التكليف إنذار الطاعن سداد رسم النظافة بواقع 55 مليم شهرياً اعتباراً من يناير سنة 1972 حتى أخر ديسمبر 1976 بما جملته 3 جنيه و300 مليماً، في حين أن هذا الرسم مقرر بالقانون رقم 38 لسنة 1967 لم يتضمن نصاً خاصاً يعتبر هذا الرسم جزءاً من الأجرة، وبالتالي فلا يجوز المطالبة به (والثانية) تمسك الطاعن في صحيفة الاستئناف بأنه لا يجوز للمطعون عليه مطالبته بمقابل استهلاك المياه، ومع ذلك اعتبره الحكم متأخراً في سداد مبلغ 28 جنيه و200 مليماً بواقع 200 مليم شهرياً عن المدة من تاريخ التعاقد في يوليو 1964 حتى ديسمبر 1976، في حين أن عقد الإيجار المبرم بين الطرفين جاء خلوا من إلزامه بقيمة استهلاك المياه، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المشرع اعتبر تكليف المستأجر بالوفاء شرطاً أساسياً لقبول دعوى الإخلاء بسبب التأخر في سداد الأجرة فإذا خلت منه الدعوى أو وقع باطلاً تعين الحكم بعدم قبولها، وكان يشترط أن يبين في التكليف الأجرة المستحقة المتأخرة المطالب بها، وألا تجاوز ما هو مستحق فعلاً في ذمة المستأجر شريطة ألا يكون متنازعاً فيها جدياً، وكان بطلان التكليف يتعلق بالنظام العام، فيجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها حتى ولو لم يلتفت إليه المستأجر أو يتمسك به، وكان بهذه المثابة يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض طالما كان مبنياً على سبب قانوني بحت أو يخالطه عنصر واقعي سبق عرضه على محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان معنى الأجرة المستحقة وفق المادة 23 من القانون 52 لسنة 1949 - لا يقتصر على الأجرة، المثبتة بالعقد أو تلك المحددة بمقتضى قرار لجنة التقدير أو بموجب حكم صدر في الطعن عليه، وإنما يقصد بها أيضاً ما جعله القانون في حكم الأجرة ومن ملحقاتها عملاً بالقاعدة العامة المقررة بالمادة 19 من ذات القانون والتي تقضي بوجوب أن يتم الوفاء بالأجرة المحددة وما في حكمها كاملة إلى المؤجر في موعد معين، وكان مؤدى نص المادة العاشرة من القانون المشار إليه أن الأجرة تشمل الضرائب والرسوم التي لم يرد عليها الإعفاء بالقانون 169 لسنة 1961 ومن بينها رسم النظافة، ويترتب على عدم الوفاء بها النتائج المترتبة على عدم سداد الأجرة، وإذ أجازت المادة الثامنة من القانون رقم 38 لسنة 1967 في شأن النظافة العامة للمجالس المحلية فرض رسم إجباري يؤديه شاغلوا العقارات المبنية بما لا يجاوز 2% من القيمة الإيجارية، فإن حكم نكول الطاعن عن سداد هذا الرسم هو ذات حكم عدم سداد الأجرة، ويعامل نفس معاملته من حيث إدراجه في التكليف بالوفاء، ويكون النعي بهذا الشق على غير أساس. لما كان ما تقدم وكان البين من تقريرات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن عقد الإيجار المبرم بين الطرفين كان ضمن المستندات المقدمة، وهو خلو من إلزام المستأجر بمقابل استهلاك المياه، وكان الطاعن قد تمسك في صحيفة الاستئناف بأنه لا يحق مطالبته بمقابل هذا الاستهلاك استناداً إلى أن المياه يغذيها عداد عام واحد للعقار كله ولا يمكن الحسم بمبلغ معين تعين عليه دفعه، وكان مفاد القرار رقم 1 لسنة 1964 الصادر من اللجنة العليا لتفسير أحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 يقضي بألا يلتزم المستأجر بقيمة استهلاك المياه إلا إذا نص على ذلك في عقد الإيجار، وكان مفاد الفقرة الثالثة، من المادة 25 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أنه بالنسبة للعقارات التي لا يلتزم فيها الشاغلون بقيمة استهلاك المياه فلا يقع على عاتقهم إلا إذا قام المؤجر بتركيب عداد خاص على نفقته لحساب استهلاك المياه بكل وحدة سكنية وفي هذه الحالة يخفض الإيجار الشهري بمعدل معين. وإذ احتسب الحكم المطعون فيه ضمن المبالغ المستحقة على الطاعن والمتأخر في سدادها مبلغ 28 ج و200 م مقابل استهلاك المياه خلال الفترة من بدء التعاقد في يوليو سنة 1964 حتى ديسمبر سنة 1976، دون أن يمحص الدفاع الذي ساقه في هذا الشأن أو يرد عليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه في هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة.