أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 196

جلسة 18 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد (نائبي رئيس المحكمة) محمد خيري الجندي ومحمد الشهاوي.

(40)
الطعن رقم 2335 لسنة 50 القضائية

(1) اختصاص "اختصاص نوعي". تنفيذ. قضاة.
قاضي التنفيذ. اختصاصه نوعياً بنظر جميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها عدا ما استثني بنص خاص. المادتان 274، 275 مرافعات. مباشرته للفصل في إشكال وقتي سابق أو إصداره قرارات وقتية قبل نظر موضوعه. لا يفقده صلاحيته لنظر الإشكال الوقتي ولو كانت هذه القرارات أو تلك الإشكالات بصدد نزاع مردد بين الخصوم أنفسهم.
(2) قضاة "رد القضاة". محكمة الموضوع.
تقدير وجود عداوة بين القاضي وأحد الخصوم يرجع معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. مثال.
(3) قضاة "عدم الصلاحية" "رد القضاة" "مخاصمة القضاة" محكمة الموضوع.
إقامة دعوى المخاصمة بعد رفع الإشكالات محل طلب الرد. لا تفقد القاضي صلاحيته لنظر الدعوى. علة ذلك. دعوى المخاصمة. عدم جواز اعتبارها سبباً للرد - طالما لم يبد الطاعن هذا السبب بالطريق الذي رسمه القانون أمام محكمة الموضوع.
1 - مفاد نص المادتين 274، 275 من قانون المرافعات أن التنفيذ يجرى تحت إشراف قاضي للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الابتدائية ويختص دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كان قيمتها، ولقد استهدف المشرع من وضع هذا النظام من جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء كانت بين الخصوم أو من الغير، كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية، مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثنى بنص خاص، ومن ثم فلا يفقد قاضي التنفيذ صلاحيته لنظر إشكال وقتي في التنفيذ ولا يصلح سبباً لرده فصله في إشكال وقتي سابق أو إصداره قرارات وقتية قبل نظر موضوعه أملتها ظروف الأحوال طبقاً للاختصاصات المخولة له قانوناً ولو كانت هذه القرارات أو تلك الإشكالات بصدد نزاع مردد بين الخصوم أنفسهم.
2 - تقدير وجود عداوة بين القاضي وأحد الخصوم يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل مما يجيز طلب رده طبقاً لما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 148 من قانون المرافعات أو نفي ذلك من المسائل التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها لمحكمة النقض في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تستند إلى أصل ثابت في الأوراق. ولما كان البين من الرجوع إلى المذكرة المقدمة من المطعون ضده رداً على دعوى المخاصمة التي أقامها الطاعن عليه أن العبارات التي استدل بها الأخير على وجود عداوة بينهما ونصها "وإني أهيب بعدالة المحكمة سرعة الفصل في الدعوى حتى تضع الأمور في نصابها ولنا شأن مع المخاصم بعد ذلك فيما رخصه لنا القانون مع أمثاله" لا تشير إلى وجود عداوة ولا تعدوا أن تكون إفصاحاً من المطعون ضده عن حقه في مساءلة الطاعن قانوناً عن إساءة استعمال حق التقاضي في سلوكه دعوى المخاصمة وفقاً لما يسفر عنه الحكم فيها، مما لا يندرج ضمن حالات الرد المنصوص عليها قانوناً.
3 - لما كان لا يجدي الطاعن التحدي بالتفات الحكم عن إقامته على المطعون ضده دعوى المخاصمة مما ينبئ عن وجود خصومة بينهما تجعله غير صالح لنظر الإشكالات آنفة الذكر، لأنه وإن كانت عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى من الأسباب المتعلقة بالنظام العام التي يجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لذلك أن تكون الخصومة التي تقوم بين القاضي وأحد الخصوم تفقده صلاحيته لنظر الدعوى طبقاً لما تنص عليه الفقرة الرابعة من المادة 146 من قانون المرافعات سابقة على رفع الدعوى وتستمر إلى حين طرحها على القاضي، وهو ما لا يتوافر في دعوى المخاصمة إذ أقامها الطاعن بعد رفعه الإشكالات محل طلب الرد وليس قبل ذلك. كما لا يجوز اعتبار دعوى المخاصمة سبباً للرد طالما لم يبين الطاعن هذا السبب بالطريق الذي رسمه القانون أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام دعوى الرد رقم 1 لسنة 1981 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وطلب فيها رد المطعون ضده قاضي التنفيذ بمحكمة الداخلية الجزئية عن نظر الدعاوى أرقام 48 لسنة 1980، 3، 7 لسنة 1981 تنفيذ الداخلية المرفوعة منه وآخرين واستشكالاً في الحكم الصادر في الإشكال رقم 47 لسنة 1980 تنفيذ الداخلية، تأسيساً على أن الأخير أبدى رأياً مكتوباً في الدعوى محل هذا الإشكال الأخير بإصداره الحكم فيها بوقف التنفيذ وإيراده في أسبابه أن الأرض المنفذ عليها بموجب الحكم النهائي هي أرض زراعية خلافاً للواقع، كما أصدر أمرين في يومي 8، 14 من شهر يناير سنة 1981 بالاستمرار في تنفيذ الحكم الذي أصدره في الإشكال المذكور وبذلك يكون قد أفصح عن رأيه في النزاع مما يجعله غير صالح لنظر الإشكالات آنفة البيان ويجيز طلب دره. وبتاريخ 20 من إبريل سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن عن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 463 لسنة 47 قضائية واستند أمامها في طلب الرد إلى سبب آخر هو أن المطعون ضده قدم مذكرة رداً على دعوى المخاصمة التي رفعها الطاعن عليه ضمنها عبارات الوعيد له واستعداء المحكمة عليه. وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذا عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه استند في طلب رد المطعون ضده عن نظر الإشكالات المرفوعة منه وآخرين في الحكم الصادر في الإشكال رقم 47 لسنة 1980 تنفيذ الداخلية إلى أنه بإصداره هذا الحكم متضمناً في أسبابه أن الأرض الواردة بالحكم المنفذ به من الأراضي الزراعية وهي بهذا الوصف تخالف الأرض التي يتخذ البائع للطاعن إجراءات التنفيذ عليها، وما تبع ذلك من إصداره قرارين في يومي 8، 14 من يناير سنة 1981 بالاستمرار في تنفيذ ذلك الحكم قبل الفصل في موضوع تلك الإشكالات المتفرعة عنه فإنه يكون قد أبدى رأياً مكتوباً يجعله غير صالح لنظرها طبقاً لنص الفقرة الخامسة من المادة 146 من قانون المرافعات، ومع ذلك قد أطرح الحكم المطعون فيه هذا الدفاع قولاً منه بأنه يشترط لتطبيق حكم هذه الفقرة أن يكون القاضي قد أبدى رأيه في نفس الدعوى المطلوب رده فيها أما إذا كان قد أبداه في دعوى أخرى ولو كانت مشابهة له أو مرتبطة بها فهذا لا يفقده صلاحيته ولا يجيز طلب رده، مع أنه يجوز طبقاً لهذا النص طلب رد القاضي عن نظر الدعوى ولو كانت متفرعة وعن الدعوى الأصلية التي أبدي رأيه فيها خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن مفاد نص المادتين 274، 275 من قانون المرافعات أن التنفيذ يجرى تحت إشراف قاض للتنفيذ يندب في مقر كل محكمة جزئية من بين قضاة المحكمة الابتدائية ويختص دون غيره بالفصل في جميع منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أياً كان قيمتها، ولقد استهدف المشرع من وضع هذا النظام من جمع شتات المسائل المتعلقة بالتنفيذ في يد قاض واحد قريب من محل التنفيذ وجعله يختص دون غيره بالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتنفيذ سواء أكانت منازعات موضوعية أو وقتية وسواء كانت من الخصوم أو من الغير، كما خوله سلطة قاضي الأمور المستعجلة عند فصله في المنازعات الوقتية، مما مقتضاه أن قاضي التنفيذ أصبح هو دون غيره المختص نوعياً بجميع منازعات التنفيذ الوقتية والموضوعية أياً كانت قيمتها وذلك فيما عدا ما استثني بنص خاص، ومن ثم فلا يفقد قاضي التنفيذ صلاحيته لنظر إشكال وقتي في التنفيذ ولا يصلح سبباً لردده فصله في إشكال وقتي سابق أو إصداره قرارات وقتية قبل نظر موضوعه أملتها ظروف الأحوال طبقاً للاختصاصات المخولة له قانوناً ولو كانت هذه القرارات أو تلك الإشكالات بصدد نزاع بين الخصوم أنفسهم. لما كان ذلك وكان الإشكال الوقتي في التنفيذ رقم 47 لسنة 1980 الداخلية المرفوع من الغير في الحكم الصادر للبائع في التنفيذ رقم 2485 لسنة 1973 مدني الإسكندرية الابتدائية والذي قضى المطعون ضده بقبوله وبوقف تنفيذ هذا الحكم المستشكل فيه له ذاتيته في كيانه المستقل عن المنازعات الوقتية أرقام 48 لسنة 1980، 3، 7 لسنة 1981 تنفيذ الداخلية المرفوعة من الطاعن وآخرين استشكالاً في الحكم رقم 47 لسنة 1985 تنفيذ الداخلية، فإن قضاءه في الأشكال الوقتي السابق أو إصداره قرارين وقتيين بالاستمرار في تنفيذ حكمه في هذا الإشكال بعد رفع الإشكالات التالية له آنفة الذكر لا يحول قانوناً بينه وبين الفصل ولا بفقده صلاحيته أو يسوغ طلب عن نظرها، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في قضائه فإنه يكون موافقاً لصحيح حكم القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بوجود عداوة بينه وبين المطعون ضده، واستدل على ذلك بعبارات الوعيد التي وجهها إليه الأخير في دعوى المخاصمة رقم 344 لسنة 37 قضائية استئناف الإسكندرية مما يعد سبباً لرده عن نظر الإشكالات آنفة الذكر، ومع ذلك فقد أطرح الحكم المطعون فيه هذا السبب قولاً منه بأن هذه العبارات لا تصلح سبباً للرد مخالفاً بذلك الفقرة الرابعة من المادة 148 من قانون المرافعات كما لم يفطن الحكم كذلك إلى وجود خصومة بين الطرفين قوامها دعوى المخاصمة التي أقامها الطاعن على المطعون ضده بعد رفع الإشكالات آنفة الذكر من شأنها فقدانه الصلاحية لنظرها، وذلك مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن تقدير وجود عداوة بين القاضي وأحد الخصوم يرجح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل مما يجيز طلب رده طبقاً لما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 148 من قانون المرافعات أو نفي ذلك من المسائل التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع بلا معقب عليها لمحكمة النقض في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تستند إلى أصل ثابت في الأوراق، ولما كان البين من الرجوع إلى المذكرة المقدمة من المطعون ضده رداً على دعوى المخاصمة التي أقامت الطاعن عليه أن العبارات التي استدل بها الأخير على وجود عداوة بينهما ونصها "وإني أهيب بعدالة المحكمة سرعة الفصل في الدعوى حتى تضع الأمور في نصابها ولنا شأن مع المخاصم بعد ذلك فيما رخصه لنا القانون مع أمثاله" لا تشير إلى وجود عداوة ولا تعدو أن تكون إفصاحاً من المطعون ضده عن حقه في مساءلة الطاعن قانوناً عن إساءة استعمال حق التقاضي في سلوكه دعوى المخاصمة وفقاً لما يسفر عنه الحكم فيها، مما لا يندرج ضمن حالات الرد المنصوص عليها قانوناً، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في نتيجته إلى ذلك سائغاً مستنداً إلى ما له أصل ثابت، وكان لا يجدي الطاعن التحدي بالتفات الحكم عن إقامته على المطعون ضده دعوى المخاصمة مما ينبئ عن وجود خصومة تجعله غير صالح لنظر الإشكالات آنفة الذكر، لأنه وإن كانت عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى من الأسباب المتعلقة بالنظام العام التي يجوز التمسك بها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لذلك أن تكون الخصومة التي تقوم بين القاضي وأحد الخصوم وتفقده صلاحيته لنظر الدعوى طبقاً لما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 146 من قانون المرافعات سابقة على رفع الدعوى وتستمر إلى حين طرحها على القاضي، وهو ما لا يتوافر في دعوى المخاصمة إذ أقامها الطاعن بعد رفعه الإشكالات محل طلب الرد وليس قبل ذلك. كما لا يجوز اعتبار دعوى المخاصمة سبباً للرد طالما لم يبين الطاعن هذا السبب بالطريق الذي رسمه القانون أمام محكمة الموضوع - لما كان ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.