أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 204

جلسة 18 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد (نائبي رئيس المحكمة) محمد خيري الجندي ومحمد الشهاوي.

(41)
الطعن رقم 2333 لسنة 51 القضائية

(1، 3) دعوى "دعوى المخاصمة" قضاة "مخاصمة القضاة". مسئولية محكمة الموضوع.
(1) دعوى المخاصمة الفصل في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها أساسه. ما يرد في تقرير المخاصمة والأوراق المودعة به. المادتان 495، 496 مرافعات. عدم استناد الطاعن في تقرير المخاصمة إلى شهادة الشهود. أثره. لا على المحكمة إن هي لم تستجب إلى طلبه سماع من أشهدهما أمامها.
(2) عدم مسئولة القاضي كأصل عما يصدر عنه من تصرفات أثناء عمله. الاستثناء. مسئوليته عن التضمينات إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها في أحوال معينة على سبيل الحصر. علة ذلك.
(3) الخطأ الجسيم الذي يجيز مخاصمة القاضي. مناطه وقوع القاضي في غلط فاضح أو إهماله إهمالاً مفرطاً. تقدير جسامة هذا الخطأ. من إطلاقات محكمة الموضوع.
(4) حكم. تنفيذ.
الحكم الصادر في الإشكال الوقتي في التنفيذ. لا يعد سنداً تنفيذياً. علة ذلك. أثره. لا وجوب لوقف التنفيذ بناء على الإشكال الوقتي في الحكم الصادر في إشكال سابق. علة ذلك.
1 - إذا أوجبت المادة 495 من قانون المرافعات من فقرتها الثانية على طالب المخاصمة أن يودع تقرير المخاصمة مشتملاً على أوجهها وأدلتها ومشفوعاً بالأوراق المؤيدة لها، وكان مقتضى المادة 496 من هذا القانون أن تحكم المحكمة أولاً في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها فقد دل ذلك على أن الفصل في دعوى المخاصمة في مرحلتها الأولى هذه لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والمستندات المشفوعة به والأدلة التي يرتكن إليها طالب المخاصمة فيه. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يستند في الأدلة التي اشتمل عليها تقرير المخاصمة إلى شهادة الشهود ولم يضمنه طلب سماع شهادتهم أمام المحكمة بصدد وقائع تتعلق بأوجه قبول المخاصمة فلا على محكمة الموضوع إن هي لم تستجب إلى طلب سماع أقوال من أشهدهما أمامها.
2 - الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف في أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها عن التضمينات، والحكمة التي توخاها المشرع من ذلك هي توفير الطمأنينة للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به. ومن ثم فلا يجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التي تصدر منه إبان عمله إلا في هذه الأحوال.
3 - إذ كان النص في الفقرة الأولي من المادة 494 من قانون من قانون المرافعات يجيز مخاصمة القضاة إذا وقع منهم في عملهم خطأ مهني جسيم فإنه يقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط واضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، يستوي لأن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوى. وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع.
4 - لما كان الحكم الذي يصدره قاضي التنفيذ في الإشكال المطلوب فيه اتخاذ إجراء وقتي بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه لا يعد سنداً تنفيذياً على غرار الأحكام المعتبرة كذلك، لأنه مرهون بالظروف التي صدر فيها وما يتبينه القاضي من ظاهر الأوراق من مخاطر التنفيذ وإمكان تداركها دون مساس بأصل الحق المقضي به أو تأثير على المراكز القانونية الثابتة للخصوم بالسند التنفيذي. ومن ثم فلا يترتب على الإشكال الوقتي في الحكم الصادر في إشكال سابق وجوب وقف التنفيذ طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 312 من قانون المرافعات إذ المقصود بحكمها الوجوبي هو الإشكال بل يعتبر هو الإشكال الوقتي الأول في السند التنفيذي، مما لا ينطبق على الحكم الصادر في الإشكال بل يعتبر الإشكال الوقتي فيه عن ذات التنفيذ إشكالاً ثانياً لا يترتب عليه بحسب الأصل وقف التنفيذ طبقاً لنص الفقرة الثالثة من هذه المادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الأول - قاضي تنفيذ محكمة الدخيلة الجزئية - الدعوى رقم 344 لسنة 37 قضائية أمام محكمة‌‌‌‌‌ استئناف الإسكندرية بطلب الحكم بجواز قبول المخاصمة تم تحديد جلسة للقضاء ببطلان الأمرين الصادرين منه في 8/ 1/ 1981، 14/ 1/ 1981 بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 47 لسنة 1980 تنفيذ الدخيلة، وقال بياناً لذلك أنه اشتري مع آخرين قطعة أرض من........ الذي سبق أن اشتراها من آخرين وقضى له بصحة التعاقد في الدعوى رقم 2485 لسنة 1973 مدني الإسكندرية الابتدائية وصار الحكم نهائياً. وقد استشكلت........ في تنفيذ هذا الحكم بالإشكال رقم 23 لسنة 1979 تنفيذ الدخيلة وقضى برفض إشكالها - غير أن أشخاصاً آخرين أقاموا إشكالاً آخر في تنفيذ هذا الحكم قيد برقم 47 لسنة 1980 الدخيلة تدخلت فيه المستشكلة السابعة منضمة إلى المستشكلين في طلب وقف التنفيذ، فأصدر المطعون ضده الأول بصفته قاضياً للتنفيذ حكماً بوقف تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى رقم 2485 لسنة 1973 مدني الإسكندرية. فاستأنف الطاعن الحكم الصادر في هذا الإشكال كما استشكل في تنفيذه كل من........، بالإشكال رقم 2 لسنة 1981 الدخيلة والبائع للطاعن بالإشكال رقم 3 لسنة 1981 الدخيلة وتدخل الطاعن في هذين الإشكالين تدخلاً هجومياً وطلب وقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وأقام إشكالاً آخر في تنفيذه أمام المحضر بتاريخ 15/ 1/ 1981، ومع ذلك فقد أصدر المطعون ضده الأول أمرين في تاريخي 8/ 1/ 1981، 14/ 1/ 1981 بالاستمرار في تنفيذ الحكم المستشكل فيه قبل الفصل في موضوع الإشكالات آنفة الذكر مما ينطوي على مخالفة صريحة لنص المادة 312 من قانون المرافعات التي توجب وقف التنفيذ إذا رفع إشكال في التنفيذ قبل إجرائه أو قبل تمامه، وذلك منه يعد خطأ جسيماً يجيز مخاصمته. وبتاريخ 30 من يونيه سنة 1981 حكمت المحكمة بعدم جواز المخاصمة وبتغريم الطاعن مائتي جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولها على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أنه طلب من محكمة الموضوع سماع أقوال السيد المستشار رئيس المحكمة الابتدائية والمحضر الأول بشأن الدوافع التي حدث بالمطعون ضده الأول إلى إصدار أوامره الخاطئة بالاستمرار في تنفيذ الحكم المستشكل فيه إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب قولاً منها بأن نص المادة 495 من قانون المرافعات يوجب على المخاصم إيداع أدلته وقت التقرير بالمخاصمة في حين أن شهادة الشهود من الأدلة التي يستحيل إعدادها في ذلك الوقت ولهذا فإنها لا تخضع لحكم هذا النص والميقات المحدد به، خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن المادة 495 من قانون المرافعات إذ أوجبت في فقرتها الثانية على طالب المخاصمة أن يودع تقرير المخاصمة مشتملاً على أوجهها وأدلتها ومشفوعاً بالأوراق المؤيدة لها، وكان مقتضى المادة 496 من هذا القانون أن تحكم المحكمة أولاً في تعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قبولها فقد دل ذلك على أن الفصل في دعوى المخاصمة في مرحلتها الأولي هذه لا يكون إلا على أساس ما يرد في تقرير المخاصمة والمستندات المشفوعة به والأدلة التي يرتكن إليها طالب المخاصمة فيه - لما كان ذلك وكان الطاعن لم يستند في الأدلة التي اشتمل عليها تقرير المخاصمة إلى شهادة الشهود ولم يضمنه طلب سماع شهادتهم أمام المحكمة بصدد وقائع تتعلق بأوجه قبول المخاصمة فلا على محكمة الموضوع إن هي لم تستجب إلى طلبه سماع أقوال من أشهدهما أمامها، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه لهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام قضاءه في الدعوى على نفي الخطأ المطعون ضده الأول بشأن عدم وقف تنفيذ الحكم الصادر في منازعة التنفيذ رقم 47 لسنة 1980 - الداخلية رغم الاستشكال فيه بالإشكالات الأولى أرقام 2، 3، 7 لسنة 1981 تنفيذ الداخلية، وذهب تبريراً لذلك إلى القول بأن العبرة في تمييز الإشكال الوقتي الأول الموجب لوقف التنفيذ عن الإشكال الثاني الذي لا يوقفه تكون بالنظر إلى وحدة التنفيذ ومحله مجرداً عن اختلاف السندات التنفيذية، منتهياً إلى أن المنازعة التي صدر فيها الحكم المستشكل في تنفيذه بالإشكالات آنفة البيان هي في حقيقتها إشكال في تنفيذ الحكم الثاني الصادر في الدعوى رقم 2485 لسنة 1973 مدني الإسكندرية الابتدائية، فلا يترتب على رفع الطاعن وآخرين لتلك الإشكالات عن ذات التنفيذ الأثر الموجب لوقف التنفيذ باعتبارها إشكالاً ثانياً، وهذا القول من الحكم غير سديد ذلك بأن الإشكال في التنفيذ يستهدف السند التنفيذي ذاته وليس محله بقصد إيقاف مفعول هذا السند والآثار القانونية المترتبة عليه حماية للحق محل التنفيذ من خطر يتهدده، كما يترتب على هذا المذهب الخاطئ للحكم اعتبار حجية الحكم الصادر في منازعة التنفيذ مطلقة في أية منازعة أخرى في التنفيذ ولو كانت بصدد حكم آخر وعلى الرغم من اختلاف أطراف المنازعة وسببها اكتفاءً بوحدة المحل في المنازعتين، خلافاً لما تقرره المادة 101 من قانون الإثبات من أن الأحكام ذات حجية نسبية. أما النظر الصحيح فيدل على أن الحكم الصادر في منازعة التنفيذ رقم 47 لسنة 1980 الدخيلة يعتبر سنداً تنفيذياً لما تضمنه من إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل التنفيذ كما أصدر المطعون ضده الأول قرارين بتاريخي 1، 14/ 1/ 1986 بالاستمرار في تنفيذه، فيترتب على الاستشكال فيه بالإشكالات الأولى أرقام 2، 3، 7 لسنة 1980 وقف تنفيذه إعمالاً للأثر الواقف للإشكال الأول طبقاً لنص المادة 321 من قانون المرافعات، ومن ثم فإن المطعون ضده الأول وقد خالف هذا النص وأمر بالاستمرار في تنفيذ الحكم المستشكل فيه قبل الفصل في موضوع هذه الإشكالات يكون قد ارتكب خطأ مهنياً جسيماً خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الأصل هو عدم مسئولية القاضي عما يصدر منه من تصرف في أثناء عمله لأنه يستعمل في ذلك حقاً خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه، ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص في قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها عن التضمينات والحكمة التي توخاها المشرع من ذلك هي توفير الطمأنينة للقاضي في عمله وإحاطته بسياج من الحماية يجعله في مأمن من كيد العابثين الذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به. ومن ثم فلا يجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التي تصدر منه إبان عمله إلا في هذه الأحوال. وإذ كان النص في الفقرة الأولى من المادة 494 من قانون المرافعات يجيز مخاصمة القضاة إذا وقع منهم في عملهم خطأ مهني جسيم فإنه يقصد به الخطأ الذي يرتكبه القاضي لوقوعه في غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادي أو لإهماله في عمله إهمالاً مفرطاً، يستوي أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة في ملف الدعوى وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التي تدخل في التقدير المطلق لمحكمة الموضوع، ولما كان الحكم الذي يصدره قاضي التنفيذ في الإشكال المطلوب فيه اتخاذ إجراء وقتي بوقف التنفيذ أو الاستمرار فيه لا يعد سنداً تنفيذياً على غرار الأحكام المعتبرة كذلك، لأنه مرهون بالظروف التي صدر فيها وما يتبينه القاضي من ظاهر الأوراق من مخاطر التنفيذ وإمكان تداركها دون مساس بأصل الحق المقضي به أو تأثير على المراكز القانونية الثابتة للخصوم بالسند التنفيذي. ومن ثم فلا يترتب على الإشكال الوقتي في الحكم الصادر في إشكال سابق وجوب وقف التنفيذ طبقاً لنص الفقرة الأولي من المادة 312 من قانون المرافعات إذ المقصود بحكمها الوجوبي هو الإشكال الوقتي الأول في السند التنفيذي مما لا ينطبق على الحكم الصادر في الإشكال بل يعتبر هو الإشكال الوقتي فيه عن ذات التنفيذ إشكالاً نهائياً لا يترتب عليه بحسب الأصل وقف التنفيذ طبقاً لنص الفقرة الثالثة من هذه المادة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص فيها مما له أصله الثابت بالأوراق نفي خطأ المطعون ضده الأول حين أمر بالاستمرار في التنفيذ رغم رفع الإشكالات أرقام 2، 3، 7 لسنة 1981 تنفيذ الدخيلة في الحكم الصادر في الإشكال الوقتي السابق رقم 47 لسنة 1980 الداخلية بوقف تنفيذ الحكم المنفذ به رقم 2485 لسنة 1973 مدني الإسكندرية الابتدائية، مطبقاً بذلك حكم الإشكال الثاني على تلك الإشكالات المرفوعة من الطاعن وآخرين تالية على الإشكال الأول المتعلق بذات التنفيذ مما مقتضاه عدم اعتبار الحكم الصادر في هذا الإشكال سنداً تنفيذياً آخر يتعلق بذات التنفيذ، انتفاء تعدد السندات التنفيذية فيه فمن ثم يكون الحكم قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه من نتيجة فلا يعيبه من بعد ما استطرد إليه تزيداً من القول في معرض التفرقة بين الإشكال الأول الموقف للتنفيذ عن الإشكال الثاني الذي لا يوقفه أن العبرة في ذلك تكون بالنظر إليه وحدة التنفيذ ومحله مجرداً عن اختلاف السندات التنفيذية طالما أن نافلة قوله هذا لا أثر لها على نتيجته الصحيحة، ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.