أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 270

جلسة 28 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ جرجس اسحق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فتحي الجمهودي وعبد الحميد الشافعي نائبي رئيس المحكمة إبراهيم الطويلة وعبد الناصر السباعي.

(53)
الطعنان رقما 1806، 1845 لسنة 56 القضائية

(1، 2، 3) عقد بيع فوائد. عرف. محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
(1) استحقاق البائع للفوائد عما لم يدفع من الثمن. شرطه. تسليم المبيع للمشتري، وقابليته لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى. استحقاقها بغير حاجة إلى وجود اتفاق عليها. مؤدى ذلك. عدم جواز الإعفاء منها إلا إذا وجد اتفاق أو عرف. م 458 مدني. علة ذلك قابلية الوحدة السكنية المبينة لأن تنتج ثمرات.
(2) تحري العرف في ذاته والتثبت من قيامه. من سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة لمحكمة النقض عليها إلا إذا حادت عن تطبيق عرف ثبت وجوده.
(3) تسليم المبيع للمشتري وقابليته لأن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى. أثره. استحقاق الفوائد من تاريخ تسليم المشتري المبيع. القضاء باستحقاقها من تاريخ المطالبة القضائية. خطأ في القانون.
1 - نص الفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني صريح في أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشتري وكان هذا المبيع قابلاً لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى، وتجب هذه الفوائد بغير حاجة إلى وجود اتفاق عليها، ولا يعفى المشتري منها إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بهذا الإعفاء، ولم تفرق هذه المادة بين ما إذا كان الثمن الذي لم يدفع حال الأداء مؤجلاً، وحكم هذه المادة يقوم على أساس من العدل الذي يأبى أن يجمع المشتري بين ثمره البدلين المبيع والثمن, ويعتبر استثناء من القاعدة المقررة في المادة 226 من القانون المدني التي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا عن دين حل أداؤه وتأخر المدين في الوفاء به ومن تاريخ المطالبة القضائية بها وكان عقد بيع الشقة موضوع الدين قد خلا من اتفاق الطرفين على عدم استحقاق البائع لفوائد عما لم يدفع من الثمن فإنهما يكونا قد تركا أمر هذه الفوائد لما تقضي به المادة 458 من القانون المدني وإذا قضى الحكم المطعون فيه باستحقاق البائع لفوائد الثمن المؤجل إعمالاً للنص السالف فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يجدي الطاعن ما تمسك به من أن الشقة يستعملها سكناً خاصاً له وأنها لا تنتج إيرادات إذ أن مناط استحقاق البائع للفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن هو تسليمه المبيع للمشتري قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ولو لم ينتج ذلك بالفعل على النحو الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني بما لا محل معه لتعيين مقدراها وكان المطعون عليه قد تسلم الشقة ووضع يده عليها من تاريخ عقد البيع فإنها تكون قابلة لأن تدر عليه - بما في استطاعته الحصول عليه حتى ولو كان يستعملها سكناً خاصاً له.
2 - لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تحري العرف في ذاته والتثبت من قيامه من أمور الموضوع التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا حيث يحيد قاضي الموضوع عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده، وهذا يقتضي التمسك به أمام محكمة الموضوع حتى يمكنها التثبت من أمر قيامه، وإذ يبين من الأوراق أن الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يمنع تقاضي بائع الوحدة السكنية لفوائد عن الثمن المؤجل فإنه لا يجوز التحدي بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - مناط استحقاق البائع للفوائد عن الثمن المؤجل وفقاً للفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني أن يكون المبيع قد تم تسليمه للمشتري قابلاً لأن ينتج ثمرات أو إيرادات - أخرى ومن ثم تستحق الفوائد في هذه الحالة من تاريخ تسلم المشتري للمبيع، وكان البين من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الدعوى - أن المطعون عليه قد تسلم الشقة التي اشتراها من الطاعن في........ ومن ثم فإن الأخير يستحق الفوائد عما لم يدفع من الثمن اعتباراً من هذا التاريخ وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باستحقاقه للفوائد اعتباراً من تاريخ المطالبة الحاصلة في........ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 1806 لسنة 56 ق (المطعون عليه في الطعن رقم 1845 لسنة 56 ق) أقام الدعوى رقم 2202 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد المطعون عليه (الطاعن في الطعن رقم 1845 لسنة 56 ق) بطلب الحكم - حسب طلباته الختامية - بإلزامه بأن يدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه منه مبلغ 4500 جنيهاً تمثل الفوائد القانونية عن مبلغ 19000 جنيهاً مؤجل ثمن الشقة التي باعها له وذلك اعتباراً من 27/ 1/ 1982 حتى تمام السداد، ومبلغ 5500 جنيهاً قيمة فروق صرف العملة بين الدولار الأمريكي والجنيه المصري عن أقساط الثاني والثالث والرابع والتي سددها له بالجنيه المصري، وقال بياناً لذلك أنه بموجب عقد بيع مؤرخ 27/ 1/ 1982 باع للمطعون عليه الشقة الموضحة به وبصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره/ 27000 جنيهاً سدد منه بمجلس العقد ثمانية آلاف جنيه واتفق على سداد الباقي ومقداره/ 19000 جنيهاً على أقساط، وقد اتفقا شفاهة في مجلس العقد على أن تسدد الأقساط بالدولار الأمريكي، إلا أن المطعون عليه بعد أن سدد له القسط الأول بالدولار سدد الأقساط الثاني والثالث والرابع بالجنيه المصري، وإذ يستحق فوائد عن مؤجل الثمن إعمالاً للفقرة الأولى من المادة 458 من القانون المدني، كما يستحق فرق صرف العملة بين الدولار الأمريكي والجنيه المصري عن الأقساط المشار إليها فقد أقام الدعوى، بتاريخ 27/ 1/ 1985 - حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 2148 لسنة 102 ق، وبتاريخ 9/ 4/ 1986 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب الفوائد وألزمت المطعون عليه بأن يدفع للطاعن الفوائد القانونية بوقائع 4% عن مؤخر الثمن وقدره تسعة عشر آلف جنيه اعتباراً من تاريخ المطالبة القضائية في 19/ 2/ 1984، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، فطعن الطاعن البائع في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 1806 لسنة 56 ق، كما طعن عليه - المشتري - بذات الطريق وقيد طعنه برقم 1845 لسنة 56 ق وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيها الرأي في الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه وبرفض الطعن الثاني وعرض الثاني وعرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها ضمت المحكمة الطعن الثاني للطعن الأول والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: - عن الطعن رقم 1845 لسنة 56 ق:
وحيث إن هذا الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن عقد البيع خلو من النص على استحقاق البائع لأية فوائد عن مؤجل الثمن إذ أن الثمن المسمى بالعقد تضمن بالضرورة زيادة مقابل قيمة الفائدة وفقاً لما جرى عليه العرف في شأن بيع الوحدات السكنية فلا محل لإلزامه بفوائد أخرى أو إعمال المادة 458 من القانون المدني على النزاع خاصة وأن مناط الحكم بالفوائد وفقاً لهذا النص أن يكون المبيع قابلاً لأن ينتج ثمرات في حين أنه تسلم الشقة المبيعة غير جاهزة للسكني ولا تدر عليه أية إيرادات إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامه بالفوائد دون أن يورد دليلاً على قابليه العين المبيعة لإنتاج ثمرات كما لم يبين مقدارها وإذ قضى الحكم رغم ذلك بإلزامه بالفوائد يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن نص الفقرة الأولى من المادة/ 458 من القانون المدني صريح في أن للبائع الفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن متى كان قد سلم المبيع للمشتري وكان هذا المبيع قابلاً لإنتاج ثمرات أو إيرادات أخرى، وتجب هذه الفوائد بغير حاجة إلى وجود اتفاق عليها، ولا يعفى المشتري منها إلا إذا وجد اتفاق أو عرف يقضي بهذا الإعفاء، ولم تفرق هذه المادة بين ما إذا كان الثمن الذي لم يدفع حال الأداء مؤجلاً، وحكم هذه المادة يقوم على أساس من العدل الذي يأبى أن يجمع المشتري بين ثمره البدلين المبيع والثمن, ويعتبر استثناء من القاعدة المقررة في المادة/ 226 من القانون المدني التي تقضي بأن الفوائد القانونية لا تستحق إلا عن دين حل أداؤه وتأخر المدين في الوفاء به ومن تاريخ المطالبة القضائية بها، لما كان ذلك وكان عقد بيع الشقة موضوع الدعوى قد خلا من اتفاق الطرفين على عدم استحقاق البائع لفوائد عما لم يدفع من الثمن فإنهما يكونا قد تركا أمر هذه الفوائد لما تقضي به المادة 458 من القانون المدني، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باستحقاق البائع لفوائد الثمن المؤجل إعمالاً للنص السالف فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ولا يجدي الطاعن ما تمسك به من أن الشقة يستعملها مسكناً خاصاً له وأنها لا تنتج إيرادات إذ أن مناط استحقاق البائع للفوائد القانونية عما لم يدفع من الثمن هو تسليمه المبيع للمشتري قابلاً أن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ولو لم ينتج ذلك بالفعل على النحو الذي أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي للقانون المدني بما لا محل معه لتعيين مقدراها، ولما كان المطعون عليه قد تسلم الشقة ووضع يده عليها من تاريخ عقد البيع فإنها تكون قابلة لأن تدر عليه ريعاً وفي استطاعته الحصول عليه حتى ولو كان يستعملها سكناً خاصاً له ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد على غير أساس، لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تحري العرف في ذاته والتثبت من قيامه من أمور الموضوع التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا حيث يحيد قاضي الموضوع عن تطبيق عرف ثبت لديه وجوده، وهذا يقتضي التمسك به أمام محكمة الموضوع حتى يمكنها التثبت من أمر قيامه، وإذ يبين من الأوراق أن الطاعن لم يدع أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يمنع تقاضي بائع الوحدة السكنية لفوائد عن الثمن المؤجل، فإنه لا يجوز التحدي بهذا العرف لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم بتعين رفض هذا الطعن.
ثانياً: عن الطعن رقم 1806 لسنة 56 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بهذا الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك أن للبائع الحق في الفوائد القانونية عما لم يدفع من ثمن المبيع من تاريخ تسليمه للمشتري ولما كان قد سلم الشقة المبيعة للمطعون عليه في 27/ 1/ 1982 ومن ثم فإنه يستحق الفوائد اعتباراً من هذا التاريخ، وإذ قضى الحكم المطعون فيه باستحقاقه للفوائد من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29/ 2/ 1984 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن مناط استحقاق البائع للفوائد عن الثمن المؤجل وفقاً للفقرة الأولى من المادة/ 458 من القانون المدني أن يكون المبيع قد تم تسليمه للمشتري قابلاً لأن ينتج ثمرات أو إيرادات أخرى ومن ثم تستحق الفوائد في هذه الحالة من تاريخ تسلم المشتري للمبيع، وكان البين من الأوراق - وبما لا خلاف عليه بين طرفي الدعوى - أن المطعون عليه قد تسلم الشقة التي اشتراها من الطاعن في 27/ 1/ 1982 ومن ثم فإن الأخير يستحق الفوائد عما لم يدفع من الثمن اعتباراً من هذا التاريخ وإذا خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى باستحقاقه للفوائد اعتباراً من تاريخ المطالبة الحاصلة في 29/ 2/ 1984 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف رقم 2148 لسنة 102 ق القاهرة بسريان الفوائد اعتباراً من 27/ 1/ 1982.