أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 736

جلسة 7 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، إبراهيم فراج، صبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

(135)
الطعن رقم 621 لسنة 40 القضائية

(1) أمر الأداء.
وجوب امتناع القاضي عن إصدار أمر الأداء متى تحقق من عدم توافر شروطه أو رأى ألا يجيب بعض الطلبات فيه.
(2) دعوى. "إجراءات الدعوى". أمر الأداء.
نظر الدعوى بعد رفض إصدار أمر الأداء. استقلال إجراءاتها عن إجراءات طلب الأمر. إعلان الخصم بأمر الرفض. لا يغني عن وجوب إعلانه بوقائع الدعوى وأدلتها وأسانيدها.
(3) أمر الأداء. دعوى. "قبول الدعوى". دفوع. "الدفع بعدم القبول".
اختلاف عقد الإيجار المرفق بعريضة أمر الأداء عما هو مبين بها. القضاء بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير طريق أمر الأداء رغم تقديم المدعي للعقد الصحيح. خطأ.
(4) استئناف. دعوى. "قبول الدعوى". دفوع. "الدفع بعدم القبول".
إلغاء محكمة الاستئناف الحكم القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير طريق أمر الأداء. وجوب إعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة من تلقاء نفسها للفصل في موضوعها. علة ذلك.
1 - مؤدى نص المادة 854/ 1 من قانون المرافعات السابق المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - المنطبقة على واقعة الدعوى. والمقابلة للمادة 204 من قانون المرافعات الحالي - أن المشرع أوجب على القاضي متى لم ير توافر شروط إصدار الأمر بالأداء في الدين موضوع المطالبة، أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويحدد جلسة لنظر الدعوى.
2 - إذا امتنع القاضي عن إصدار أمر الأداء، يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة تتبع فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - القواعد والإجراءات العادية للدعوى المبتدأة دون نظر إلى إجراءات طلب أمر الأداء التي انتهت بالرفض، بحيث لا يكفي أن يكون إعلان الطالب خصيمه مقصوراً على تكليفه بالحضور أمام المحكمة بالجلسة المحددة، بل يتعين كذلك إعلانه بصورة من عريضة الطلب المشتملة على وقائع الدعوى وأدلتها وأسانيدها وطلبات المدعي فيها عملاً بالقاعدة الأصلية التي تقضي بها المادة 63 من قانون المرافعات.
3 - إذ كان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه أن عريضة استصدار أمر الأداء تضمنت مطالبة الطاعنين بالأجرة المستحقة عليهما لجهة الوقف بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 12/ 3/ 1948، وكانت محكمة أول درجة عند تحديد جلسة أمامها بعد رفض الأمر، إذ تبينت أنه أرفق بعريضته عقد آخر مؤرخ 17/ 12/ 1946 مبرم بين ذات الخصمين فقد عمد المطعون عليه الأول - المدعي - إلى تقديم العقد المشار إليه بالعريضة، وكان الحكم الابتدائي قد قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني على سند من أن سبيل أمر الأداء لم يتبع رغم وجوبه بصدد العقد المطالب بالأجرة المستحقة عنه والذي قدم مؤخراً، قولاً منها بأن عقداً آخر مؤرخاً 12/ 3/ 1948 هو الذي كان مرفقاً بعريضة استصدار الأمر، فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من سلامة الإجراءات المتبعة طالما أعلن الطاعنان بصحيفة دعوى تضمنت الوقائع والأسانيد وقدم دليلها من عقد الإيجار الصحيح الذي تقوم المطالبة على أساسه، وما رتبه على ذلك من إلغاء قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى، لا مخالفة فيه للقانون.
4 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سلوك سبيل أمر الأداء عند توفر شروطه وإن كان وجوبياً يترتب على مخالفته عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحكمة بالطريق العادي، إلا أن الدفع به دفع شكلي يتعلق ببطلان إجراءات الخصومة، ومن ثم متى قبلته محكمة أول درجة فإنها لا تكون قد استنفدت ولايتها، بحيث إذا ألغى حكمها في الاستئناف وجب إعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية للفصل في الموضوع اعتباراً بأن مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية للنظام القضائي، ويكون حكم محكمة الاستئناف باطلاً إن هي تصدت للموضوع، وترتب على تصديها الإخلال بالمبدأ، ولا يزيل هذا البطلان عدم التمسك أمامها بإعادة القضية لمحكمة أول درجة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول بصفته حارساً على وقف... أقام - بعد رفض أمر الأداء - الدعوى رقم... مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد مورث الطاعنين والمطعون عليها الثانية بطلب إلزامهما متضامنين بأن يدفعا إليه مبلغ 1402 ج و602 م. وقال شرحاً لها إنه بموجب عقد مؤرخ 12/ 3/ 1948 أجر مورث المطعون عليها الثانية قطعة أرض مساحتها ألف متر مربع كائنة بشارع... بقسم... بالإسكندرية بأجرة سنوية قدرها 330 ج و240 م وإذ تنازلت المطعون عليها الثانية بعقد مؤرخ 8/ 1/ 1952 لمورث الطاعنين عن الإجارة وتكون بهذه المثابة ضامنة له في تنفيذ التزاماته المترتبة على عقد الإيجار، وتأخرا في سداد المبلغ المطالب به الذي يمثل الأجرة المستحقة عن المدة من ديسمبر سنة 1958 حتى مارس سنة 1963 فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 30/ 5/ 1964 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم... الإسكندرية بطلب إلغائه والحكم بالطلبات. وبتاريخ 19/ 5/ 1970 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليه الأول من تركة مورثهما مبلغ 1402 ج و602 م طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنة الثانية وأبدت الرأي في الموضوع برفضه. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها. وحيث إنه لما كان التوكيل المودع بملف الطعن لم يصدر من الطاعنة الثانية إلى المحامي الذي رفعه، بل صدر إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عنها دون تقديم التوكيل للتعرف على حدود وكالته، وما إذا كانت تشمل الإذن له بتوكيل المحامين في الطعن بالنقض أو لا تشمله، فإن الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للطاعنة الثانية يكون في محله.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف القاضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني على سند من أن رفض إصدار أمر الأداء وتحديد جلسة لنظر الموضوع أياً كان سبب هذا الرفض، يستتبع وجوب نظر الدعوى بالطريق العادي، في حين أن الواقع في الدعوى الماثلة أن المطعون عليه الأول أرفق بعريضة أمر الأداء العقد المؤرخ 17/ 12/ 1976 ولا علاقة له بالعين المطالب بأجرتها، وعمد بعد رفض الأمر إلى تقديم العقد المؤرخ 12/ 3/ 1948 الذي جعله سنده في مدعاه بالجلسة لأول مرة، دون سبق سلوك سبيل أمر الأداء بشأنه، مع أن كلا العقدين يمثل سبباً قانونياً مستقلاً عن الآخر وتكون الدعوى بشأنه قد رفعت بغير الطريق القانوني. هذا إلى أن الحكم إذ قضى بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبقبول الدعوى تصدى للموضوع وفصل فيه؛ وكان حقاً عليه أن يعيد الدعوى لمحكمة أول درجة طالما لم تستنفد ولايتها ولم تدل برأيها في الموضوع، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 854/ 1 من قانون المرافعات السابق المعدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1962 - المنطبقة على الواقعة والمقابلة للمادة 204 من قانون المرافعات الحالي - على أنه "إذا رأى القاضي ألا يجيب الطالب إلى كل طلباته كان عليه أن يمتنع عن إصدار الأمر وأن يحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة مع تكليف الطالب بإعلان خصمه إليها"، يدل على أن المشرع أوجب على القاضي متى لم ير توافر شروط إصدار الأمر بالأداء في الدين موضوع المطالبة، أو رأى ألا يجيب الطالب لبعض طلباته أن يمتنع عن إصداره، ويحدد جلسة لنظر الدعوى أمام المحكمة تتبع فيها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - القواعد والإجراءات العادية للدعوى المبتدأة دون نظر إلى إجراءات طلب أمر الأداء التي انتهت بالرفض، بحيث لا يكفي أن يكون إعلان الطالب خصمه مقصوراً على تكليفه بالحضور أمام المحكمة بالجلسة المحددة بل يتعين كذلك إعلانه بصورة من عريضة الطلب المشتملة على وقائع الدعوى وأدلتها وأسانيدها وطلبات المدعي فيها عملاً بالقاعدة الأصلية التي تقضي بها المادة 63 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه أن عريضة استصدار أمر الأداء تضمنت مطالبة الطاعنين بالأجرة المستحقة عليهما لجهة الوقف بمقتضى عقد الإيجار المؤرخ 12/ 3/ 1948، وكانت محكمة أول درجة عند تحديد جلسة أمامها بعد رفض الأمر، إذ تبينت أنه أرفق بعريضته عقداً آخر مؤرخ 17/ 12/ 1946 مبرم بين ذات الخصمين فقد عمد المطعون عليه الأول إلى تقديم العقد المشار إليه بالعريضة وكان الحكم الابتدائي قد قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني على سند من أن سبيل أمر الأداء لم يتبع رغم وجوبه بصدد العقد المطالب بالأجرة المستحقة عنه والذي قدم مؤخراً، قولاً منها بأن عقداً آخر مؤرخاً 12/ 3/ 1948 هو الذي كان مرفقاً بعريضة استصدار الأمر فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من سلامة الإجراءات المتبعة طالما أعلن الطاعنان بصحيفة دعوى تضمنت الوقائع والأسانيد وقدم دليلها من عقد الإيجار الصحيح الذي تقوم المطالبة على أساسه، وما رتبه على ذلك من إلغاء قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لا مخالفة فيه للقانون، لئن كان ما تقدم إلا أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن سلوك سبيل أمر الأداء عند توافر شروطه وإن كان وجوبياً يترتب على مخالفته عدم قبول الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحكمة بالطريق العادي، إلا أن الدفع به دفع شكلي يتعلق ببطلان إجراءات الخصومة، ومن ثم متى قبلته محكمة أول درجة فإنها لا تكون قد استنفذت ولايتها، بحيث إذا ألغى حكمها في الاستئناف وجب إعادة الدعوى إلى المحكمة الابتدائية للفصل في الموضوع اعتباراً بأن مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية للنظام القضائي ويكون حكم محكمة الاستئناف باطلاً إن هي تصدت للموضوع وترتب على تصديها الإخلال بالمبدأ، ولا يزيل هذا البطلان عدم التمسك أمامها بإعادة القضية لمحكمة أول درجة. لما كان ما سلف، وكان الواقع في الدعوى أن محكمة أول درجة حكمت بعدم قبولها لرفعها بغير الطريق القانوني، ثم ألغت محكمة الاستئناف هذا الحكم قاضية بقبولها ومتصدية في ذات الوقت لموضوعها وفاصلة فيه، دون أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظره رغم أنها لم تقل كلمتها بشأنه فإنها تكون قد خالفت القانون مما يستوجب نقض حكمها على أن يكون مع النقض الإحالة.