أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 782

جلسة 13 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، أحمد جلال الدين هلالي وحسن النسر.

(143)
الطعن رقم 1233 لسنة 47 القضائية

دعوى. تعويض. استئناف.
قضاء محكمة أول درجة بعدم قبول دعوى التعويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة لرفعها بغير الطريق القانوني. إلغاء المحكمة الاستئنافية لهذا الحكم والقضاء بقبول الدعوى. وجوب إعادتها إلى محكمة أول درجة لتفصل في موضوعها. علة ذلك.
البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 15/ 12/ 1973 أنه قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني استناداً إلى أنه كان من المتعين على المطعون عليه الالتجاء إلى لجنة الفصل في المعارضات المشكلة بموجب المادة 13 من القانون رقم 577 سنة 1954 للاعتراض على التعويض الذي قدرته الجهة التي استولت على الأرض المملوكة لهم، وإذ كان مؤدى ذلك أن محكمة أول درجة بقضائها بعدم قبول الدعوى لا تكون قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى فقد كان على محكمة الاستئناف وقد انتهت إلى إلغاء هذا الحكم والقضاء بقبول الدعوى أن تعيدها إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها لأن هذه المحكمة لم تقل كلمتها فيه ولا تملك محكمة الاستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 479 سنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية (أصلاً الدعوى رقم 2417 سنة 1967 مدني القاهرة الابتدائية) ضد الطاعنين بصفتيهما وطلبوا الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهم مبلغ 22860 جنيهاً وقالوا بياناً للدعوى إنهم يمتلكون قطعة أرض بشارع... كان مقاماً على جزء منها بعض المباني، وإذ نزعت الحكومة ملكية 642 متراً مربعاً منها لمشروع توسيع شارع الرملة وأضحى من حقهم اقتضاء تعويض عنها على أساس 20 جنيه للمتر فضلاً عن عشرة آلاف جنيه مقابل هدم المسبك الذي كان قائماً على الأرض، فقد رفعوا الدعوى بطلبهم سالف البيان، بتاريخ 20/ 12/ 69 حكمت المحكمة بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم وبعد تقديم تقرير الخبرة أعادت المأمورية إلى الخبير لاستيفاء بعض النقاط، فلما قدم ملحق التقرير حكمت المحكمة في 15/ 2/ 1973 بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني. استأنف المطعون عليهم هذا الحكم بالاستئناف رقم 446 سنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 31/ 5/ 1971 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدعوى وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون عليهم مبلغ 7716 جنيهاً - وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدور الحكم حتى السداد. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول وللوجه الأول من السبب الثاني. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه فصل في موضوع الدعوى بعد أن قضى بقبولها رغم أن محكمة درجة لم تتعرض لهذا الموضوع واقتصر قضاؤها على الفصل في إمكان رفع الدعوى والمناسبة التي يجوز فيها الالتجاء للتقاضي حماية للحق المراد اقتضاؤه ومن ثم كان على محكمة الاستئناف بعد أن قضت بإلغاء الحكم الابتدائي بعدم قبول الدعوى أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة لتفصل في موضوعها، ولا ينال من ذلك أن هذه المحكمة الأخيرة ندبت خبيراً في الدعوى لبحث موضوع النزاع طالما أن حكمها بعدم قبول الدعوى لم يتعرض للموضوع أو يفصل فيه كما لا ينال من ذلك أن الطاعنين وقفاً موقفاً سلبياً في هذا الخصوص أمام محكمة الاستئناف إذ الأمر يتصل بالنظام العام فلا يجوز للخصوم النزول عنه، مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من الاطلاع على الحكم الابتدائي الصادر بتاريخ 15/ 12/ 1973 أنه قضى بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني استناداً إلى أنه كان من المتعين على المطعون عليه الالتجاء إلى لجنة الفصل في المعارضات المشكلة بموجب المادة 13 من القانون رقم 577 سنة 1954 - للاعتراض على التعويض الذي قدرته الجهة التي استولت على الأرض المملوكة لهم وقد قضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وبقبول الدعوى تأسيساً على ما أوردته في أسباب حكمها المطعون فيه من أن "الثابت في الأوراق ومن تقرير الخبير المنتدب في الدعوى عدم الاهتداء إلى قرار نزع ملكية العقار المملوك للمستأنفين - المطعون عليهم - أو بالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر عليه، ومن ثم يكون وجوب اتباع المستأنفين لأحكام القانون رقم 577 سنة 1954 لا سند له من القانون لأن المستأنف عليهما - الطاعنين - لم يخطرا المستأنفين بقرار نزع الملكية وفق أحكام المادة الأولى من القانون أو بقرار الاستيلاء وفق أحكام المادة 16 منه" وأن استيلاءهما الطاعنين على العقار موضوع النزاع قد تم جبراً عن المستأنفين ويعتبر بمثابة غصب يستوجب مسئوليتهما عن التعويض وإذ كان مؤدى ذلك أن محكمة أول درجة بقضائها بعدم قبول الدعوى لا تكون قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى فقد كان على محكمة الاستئناف وقد انتهت إلى إلغاء هذا الحكم والقضاء بقبول الدعوى أن تعيدها إلى محكمة أول درجة لنظر موضوعها لأن هذه المحكمة لم تقل كلمتها فيه ولا تملك محكمة الاستئناف التصدي لهذا الموضوع لما يترتب على ذلك من تفويت إحدى درجات التقاضي على الخصوم، وإذ خالفت محكمة الاستئناف هذا النظر وتصدت لموضوع الدعوى وفصلت فيه فإن حكمها يكون مخالفاً للقانون وباطلاً بما يستوجب نقضه دون ما حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.