أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 834

جلسة 17 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار الدكتور مصطفى كيره نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حسن السنباطي، رأفت عبد الرحيم، محمد حسب الله وحسن البكري.

(153)
الطعنين رقما 500، 506 لسنة 47 القضائية

عمل. علاقة العمل. اختصاص. "اختصاص ولائي. "قوة الأمر المقضي.
فصل جهة القضاء الإداري بشأن تكييف العلاقة بين الخصم وجهة الإدارة بأنها علاقة تنظيمية وليست عقدية. عدم قبول المنازعة من بعد أمام جهة القضاء العادي في شأن حقيقة هذه العلاقة.
إذ كان الثابت في الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة على وزارة الخزانة طالباً الحكم بإلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار وكان من بين ما أثاره المطعون ضده في تلك الدعوى أن علاقته بالوزارة علاقة عقدية وليست تنظيمية، فإن مقتضى الفصل في تلك الدعوى أن تبحث المحكمة في حقيقة العلاقة بين الطرفين ثم قضت في أسباب حكمها بحقيقة العلاقة بينهما، وإذ كان ذلك. فإن الحكم المذكور يكون قد حسم النزاع بين الطرفين في خصوص تكييف العلاقة بينهما وقطع بأنها علاقة تنظيمية تختص ولائياً جهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها، ولما كان ذلك لازماً للفصل في تلك الدعوى فإن الحكم السابق وهو حكم نهائي حاز قوة الأمر المقضي في شأن الاختصاص الولائي. وتكييف العلاقة بين الطرفين ويمنعهما من التنازع في هاتين المسألتين في الدعوى الحالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم يسبق إثارتها في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثها الحكم الصادر فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وقضى فيها تأسيساً على أن المطعون ضده ليس موظفاً عاماً فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده في الطعن رقم 500 سنة 47 ق وهو الطاعن في الطعن رقم 506 سنة 47 ق أقام الدعوى رقم... عمال كلي القاهرة على وزارة الخزانة الطاعنة في الطعن الأول طالباً الحكم أصلياً بإلزامهما بأن تدفع له مبلغ 2886 ج و808 م واحتياطياً مبلغ 1729 ج و57 م وقال بياناً لدعواه أنه كان يعمل في صندوق المعاشات والمرتبات للمحاماة المختلطة منذ 1/ 10/ 1944 بمقتضى عقد عمل فردي واستمر في عمله بعد حل الصندوق وأيلولة أمواله إلى وزارة الخزانة بموجب القانون رقم 192 سنة 1954 وفي 29/ 3/ 1964 تلقي إخطاراً بفصله عن العمل بغير مبرر. ولما كان يستحق المبلغ الذي يطالب به وهو عبارة عن فرق مرتب وعلاوة ومنحة تشجيعية ومكافأة نهاية المدة ومبلغ 2000 جنيه عن الفصل التعسفي فقد أقام دعواه سالفة البيان. وقد دفعت الوزارة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم... محاكم إدارية وفي 17/ 12/ 1968 قضت المحكمة برفض الدفعين وبإلزام وزارة الخزانة بأن تؤدي للمطعون ضده في الطعن الأول مبلغ 465 ج. استأنف طرفا النزاع هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف الوزارة برقم... واستئناف الخصم الآخر برقم... وبعد أن قررت المحكمة ضمهما حكمت في 15/ 5/ 1969 بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص القضاء العادي ولائياً بنظر الدعوى. طعن المطعون ضده في الطعن رقم 500 سنة 47 ق في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 473 سنة 39 ق. وفي 7/ 6/ 1975 قضت محكمة النقض بنقض الحكم وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة. وقد عجلت الوزارة استئنافها رقم... وقدم الخصم الآخر مذكرة اعتبرتها المحكمة استئنافاً فرعياً. وفي 12/ 2/ 1977 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الوزارة بأن تدفع للمطعون ضده في الطعن رقم 500 سنة 47 ق مبلغ 520 جنيه قيمة التعويض وبدل الإخطار المستحقين له وبعدم قبول الدعوى بالنسبة لمكافأة نهاية مدة الخدمة. طعنت الوزارة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 500 سنة 47 ق كما طعن فيه المحكوم له بطريق النقض بالطعن رقم 506 سنة 47 ق. وقدمت النيابة العامة مذكرة في الطعن الأول أبدت فيها الرأي بنقض الحكم كما قدمت مذكرة في الطعن الثاني أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعنان على غرفة المشورة فقرر ضم الطعن رقم 506 سنة 47 ق إلى الطعن رقم 500 سنة 47 ق للارتباط ليصدر فيهما حكم واحد وحددت لنظرهما جلسة 3/ 2/ 1979 مرافعة وفيها صممت النيابة على رأيهما السابق.
وحيث إن الوزارة تنعى بالسبب الثاني من أسباب طعنها رقم 500 سنة 47 ق على الحكم المطعون فيه أنه صدر على خلاف الحكم السابق صدوره بين الخصوم أنفسهم من المحكمة الإدارية بمجلس الدولة في 27/ 5/ 1967 في القضية رقم... محاكم والذي قضى في أسبابه بأن المطعون ضده كان يشغل وظيفة عامة وأن علاقته بجهة الإدارة علاقة تنظيمية ويختص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ولائياً بنظر النزاع، ولما كان ذلك الحكم انتهائياً وحاز قوة الأمر المقضي فقد كان من المتعين على الحكم المطعون فيه التزام حجيته واعتبار العلاقة التي تربط الطرفين علاقة تنظيمية ويقضي بقبول الدفع بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى، أما وقد أهدر تلك الحجية وقضى باختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن المطعون ضده ليس موظفاً عاماً على خلاف ما قضى به الحكم السابق فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا النعي صحيح، إذ الثابت في الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم... محاكم أمام المحكمة الإدارية بمجلس الدولة على وزارة الخزانة طالباً الحكم بإلغاء قرار فصله وما يترتب على ذلك من آثار، وكان من بين ما أثاره المطعون ضده في تلك الدعوى أن علاقته بالوزارة علاقة عقدية وليست تنظيمية، فاقتضى الفصل في تلك الدعوى أن تبحث المحكمة في حقيقة العلاقة بين الطرفين ثم قطعت في أسباب حكمها بحقيقة العلاقة بينهما فقررت "ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المدعي كان يشغل وظيفة عامة بالإدارة العامة للمعاشات لأعمال صندوق معاشات محامين المختلط وأن العلاقة بينه وبين جهة الإدارة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح... لذلك فإن الاختصاص الولائي للنظر في هذه الدعوى ينعقد لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون محاكم العمال". ثم قضت بمنطوق حكمها باختصاصها بنظر الدعوى وبعدم قبولها شكلاً. وإذ كان ذلك، فإن الحكم المذكور يكون قد حسم النزاع بين الطرفين في خصوص تكييف العلاقة بينهما وقطع بأنها علاقة تنظيمية تختص ولائياً جهة القضاء الإداري دون جهة القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها، ولما كان ذلك لازماً للفصل في تلك الدعوى فإن الحكم السابق وهو حكم نهائي حاز قوة الأمر المقضي في شأن الاختصاص الولائي وتكييف العلاقة بين الطرفين ويمنعهما من التنازع في هاتين المسألتين في الدعوى الحالية ولو بأدلة قانونية لم يسبق إثارتهما في الدعوى الأولى أو أثيرت ولم يبحثهما الحكم الصادر فيهما، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وقضى فيها تأسيساً على أن المطعون ضده ليس موظفاً عاماً فإنه يكون قد فصل في النزاع على خلاف حكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي بما يوجب نقضه لهذا لسبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه والحكم في موضوع الاستئنافين رقمي...، ... بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات.
وحيث إنه عن الطعن رقم 506 سنة 47 ق المرفوع من المطعون عليه في الطعن السابق عن ذات الحكم، فإنه لما كان هذا الحكم قد نقض لعدم اختصاص جهة القضاء العادي بنظر الدعوى، فإن الطعن الثاني يصبح ولا محل له دون حاجة لبحث أسبابه.