أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 859

جلسة 19 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: حافظ رفقي، دكتور سعيد عبد الماجد، عاصم المراغي ويوسف أبو زيد.

(158)
الطعن 2 لسنة 46 القضائية

(1) دعوى "دعوى الضمان".
دعوى الضمان. استقلالها عن الدعوى الأصلية. عدم اعتبارها دفعاً أو دفاعاً فيها. عدم وجوب اختصام الضامن في الطعن المرفوع عن الحكم في الدعوى الأصلية.
(2) دعوى "تقديم المستندات والمذكرات".
المستندات والمذكرات المقدمة من الخصم بالجلسة. عدم التزامه بإعلان خصمه بها. علة ذلك. وجوب متابعة الخصم لإجراءات الدعوى وجلساتها.
(3) نقل. مسئولية.
مسئولية أمين النقل. مسئولية عقدية. تحققها بإثبات عدم تسليم البضائع للمرسل إليه دون حاجة لإثبات الخطأ في جانب الناقل. انتفاء مسئوليته متى أثبت وجود قوة قاهرة أو عيب في البضاعة أو خطأ من المرسل.
(4) قوة قاهرة. التزام.
الحادث المفاجئ الذي ينقضي به الالتزام. شرطه. عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه. تقدير ذلك. من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
1 - دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً ولا دفعاً فيها ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلاً في دعوى الضمان وإذ نصت المادة 218 من قانون المرافعات في نهاية فقرتها الأخيرة على جواز اختصام الضامن أو طالب الضمان في الطعن المرفوع على أيهما، فإن مفاد ذلك أن المشرع لم يوجب اختصام الضامن في الطعن المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية، لما كان ذلك فإنه لا على المطعون ضدها إن هي اقتصرت على اختصام الطاعنة في الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية دون أن تختصم من أدخلتهم هذه الأخيرة في دعوى الضمان.
2 - للخصم أن يقدم مستنداته ومذكراته بالجلسة سواء حضرها خصمه الآخر أو تغيب عن حضورها ولا يلتزم بإعلانها لخصمه الغائب إذ المفروض أن يتابع كل خصم دعواه ويطلع على ما يبدى في جلساتها من دفاع ويقدم فيها من أوراق ولا أدل على ذلك من أن المشرع لم يتطلب في المادة 168 من قانون المرافعات اطلاع الخصم أو إعلانه بما يقدمه خصمه من أوراق ومذكرات إلا في حالة تقديمها أثناء المداولة التي تنقطع بها صلة الخصوم بالدعوى وتصبح في حوزة المحكمة لبحثها والمداولة فيها.
3 - مسئولية أمين النقل هي مسئولية تعاقدية ناتجة عن إخلاله بالتزامه الناشئ عن عقد النقل - وهو التزام بتحقيق غاية - ويكفي لإثبات إخلاله تعهده ثبوت عدم تسليم البضاعة إلى المرسل إليه دون حاجة إلى إثبات وقوع خطأ أو إهمال من جانب أمين النقل وإنما يكون على الناقل إذا أراد دفع المسئولية عن نفسه أن يثبت أن عدم تسليم البضاعة أو تلفها يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو عيب في البضاعة أو خطأ من المرسل.
4 - يشترط في القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ الذي يترتب عليه استحالة التنفيذ وينقضي به الالتزام عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه، وتقدير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي تملكه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 692 سنة 1973 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعنة طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 1415 ج و330 م وقالت شرحاً لدعواها أنها تعاقدت مع الطاعنة على نقل أحذية مملوكة لها من الإسكندرية إلى فرعها بمرسى مطروح وقد أخطرتها الطاعنة باحتراق السيارة بحمولتها بالقرب من مرسى مطروح ولما كانت الطاعنة مسئولة عن تعويضها بقيمة البضاعة فقد أقامت الدعوى بطلباتها السابقة وأدخلت الطاعنة خصوماً آخرين في الدعوى موجهة إليهم دعوى ضمان بصفتهم ملاك السيارة التي قامت بنقل البضاعة بتكليف منها. وبتاريخ 26/ 5/ 1974 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 274/ 30 ق. ودفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لعدم اختصام من أدخلتهم في دعوى الضمان وبتاريخ 22/ 11/ 1975 قضت محكمة استئناف الإسكندرية برفض الدفع المبدى من الطاعنة بعدم قبول الاستئناف وبقبوله وبإلغاء الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضدها مبلغ 1415 ج و300 م. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف لاقتصار المطعون ضدها على اختصامها فحسب دون اختصام من أدخلتهم في دعوى الضمان ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذا الدفع في حين أن الدعوى الأصلية ودعوى الضمان غير قابلتين للتجزئة لأن أساسهما واحد وهو مسئولية الناقلين مسئولية تضامنية وفقاً للمادة 93 تجاري فضلاً عن اتحاد دفاعهم الأمر الذي كان يتعين معه اختصام الضامن في الطعن وفقاً للمادة 218 مرافعات وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت دعوى الضمان مستقلة بكيانها عن الدعوى الأصلية ولا تعتبر دفاعاً ولا دفعاً فيها ولا يعتبر الحكم الصادر في الدعوى الأصلية فاصلاً في دعوى الضمان وكانت المادة 218 من قانون المرافعات إذ نصت في نهاية فقرتها الأخيرة على جواز اختصام الضامن أو طالب الضمان في الطعن المرفوع على أيهما فإن مفاد ذلك أن المشرع لم يوجب اختصام الطاعن في الطعن المرفوع عن الحكم الصادر في الدعوى الأصلية لما كان ذلك فإنه لا على المطعون ضدها إن هي اقتصرت على اختصام الطاعنة في الطعن بالاستئناف في الحكم الصادر في الدعوى الأصلية دون أن تختصم من أدخلتهم هذه الأخيرة في دعوى الضمان وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه قيامه على إجراءات باطلة وإخلاله بحق الدفاع. وفي بيان ذلك تقول أنها بجلسة 27/ 4/ 1975 دفعت بعدم قبول الاستئناف فقررت المحكمة تأجيل الدعوى لتبادل المذكرات واعتقدت الطاعنة أن الدعوى تأجلت لجلسة 27/ 10/ 1975 ثم استبان لها أن الجلسة المؤجلة إليها الدعوى كانت 23/ 10/ 1975 فتعذر عليها حضورها بينما حضرتها المطعون ضدها وقدمت مذكرة تضمنت رداً على الدفع وقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم ثم أصدرت حكمها المطعون فيه الذي عولت فيه على ما ورد بمذكرة المطعون ضدها التي قدمت في غيبة الطاعنة ولم تعلن إليها فلم تتمكن من الرد عليها فجاء الحكم معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن للخصم أن يقدم مستنداته ومذكراته بالجلسة سواء حضرها خصمه الآخر أو تغيب عن حضورها ولا يلتزم بإعلانها لخصمه الغائب إذ المفروض أن يتابع كل خصم دعواه ويطلع على ما يبدى في جلساتها من دفاع ويقدم فيها من أوراق ولا أدل على ذلك من أن المشرع لم يتطلب في المادة 168 من قانون المرافعات اطلاع الخصم أو إعلانه بما يقدمه خصمه من أوراق ومذكرات إلا في حالة تقديمها أثناء المداولة التي تنقطع بها صلة الخصوم بالدعوى وتصبح في حوزة المحكمة لبحثها والمداولة فيها. لما كان ذلك وكان الثابت أن مذكرة المطعون ضدها قدمت بجلسة 23/ 10/ 1975 وتضمنت الرد على الدفع بعدم قبول الاستئناف المبدى من الطاعنة فإنها لا تلزم بإعلانها للطاعنة التي تخلفت عن حضور تلك الجلسة بمقولة اعتقادها خطأ أن الدعوى قد تأجلت ليوم 27/ 10/ 1975 وهو خطأ يقع على عاتقها تحمل تبعته ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فه بالبطلان والإخلال بحق الدفاع لتعويله على تلك المذكرة يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أن مسئولية الناقل مصدرها العقد وقد أغفل الحكم المطعون فيه إعمالاً الشرط الصريح الوارد بعقد النقل بالبند الثالث الذي ينص على إعفاء الناقل من المسئولية عن هلاك البضاعة بقوة قاهرة أو بخطأ الشاحن وإذ أخطأت المطعون ضدها بعدم التأمين على البضاعة فإن الناقل يعفى من المسئولية وفقاً للبند السابق وأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على خطأ الطاعنة في عدم تزويد السيارة بآلة إطفاء الحريق في حين أن الثابت من محضر تحقيق الحادث أن السيارة كانت مزودة بآلة إطفاء استخدمها السائق دون جدوى لشدة الحريق واتساع نطاقه فلا خطأ من الناقل أو تابعيه وإنما حدث الحريق بقوة قاهرة وقد سلم الحكم بعدم إمكان دفعها بما تنتفي معه مسئولية الناقل وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن مسئولية أمين النقل هي مسئولية تعاقدية ناتجة عن إخلاله بالتزامه الناشئ عن عقد النقل وهو التزام بتحقيق غاية ويكفي لإثبات إخلاله بتعهده ثبوت عدم تسليم البضاعة إلى المرسل إليه دون حاجة إلى إثبات وقوع خطأ أو إهمال من جانب أمين النقل وإنما يكون على الناقل إذا أراد دفع المسئولية عن نفسه أن يثبت أن عدم تسليم البضاعة أو تلفها يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كقوة قاهرة أو عيب في البضاعة أو خطأ من المرسل ولما كان يشترط في القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ الذي يترتب عليه استحالة التنفيذ وينقضي به الالتزام عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه وكان تقرير ما إذا كانت الواقعة المدعى بها تعتبر قوة قاهرة هو تقدير موضوعي تملكه محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة وكان عدم تأمين المرسل على البضاعة المشحونة لا يعتبر خطأ ولا دخل له في احتراق السيارة لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأقام قضاءه بقيام مسئولية الطاعنة وانتفاء القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ على قوله. "ولما كانت المادة 51 من قرار وزير الداخلية بشأن لائحة الأمن والمتانة الصادر تنفيذاً لأحكام القانون رقم 449/ 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور قد أوجبت بالنسبة لسيارات النقل والجرارات والمقطورات أن تزود الكابينة بآلة إطفاء صالحة للاستعمال - وهذا الالتزام الذي يفرضه القانون يستتبعه القول بأن حدوث حريق بإحدى سيارات النقل أثناء سيرها أمر متوقع الحدوث ومن ثم استلزم القانون وجود آلة إطفاء صالحة للاستعمال بكابينة السيارة حتى يتسنى للسائق استعمالها في الوقت المناسب - وإذ انتهت المحكمة إلى أن حدوث الحريق أمر متوقع الحدوث فمن ثم ينتفي القول بوجود القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ وتكون الشركة المستأنفة (الطاعنة) مسئولة عن قيمة البضاعة التي احترقت إعمالاً لعقد النقل" وكان هذا الاستخلاص سائغاً ويؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.