أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 355

جلسة 30 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال الدين وأنور العاصي.

(65)
الطعن رقم 1909 لسنة 56 القضائية

(1، 2) اختصاص "الاختصاص الولائي" "نقض" الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
(1) أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام.
لمحكمة النقض إثارتها من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض. شرطه. أن تكون عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2) الاختصاص الولائي. اعتباره مطروحاً دائماً على المحكمة. الحكم الصادر في موضوع الدعوى اشتماله على قضاء ضمني في الاختصاص. الطعن فيه. انسحابه بالضرورة على القضاء في الاختصاص. مؤدى ذلك. وجوب تصدي المحكمة له من تلقاء نفسها ولم يثار من الخصوم أو النيابة.
(3) اختصاص. "اختصاص ولائي". قرار إداري. نظام عام.
المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية. إلغاء وتعويضاً. انعقاد الاختصاص بها كأصل عام لجهة القضاء الإداري. القرار الإداري. ماهيته. القرار الصادر من مصلحة الشهر العقاري بشهر محرر - تعبيراً عن الإدارة الذاتية للمصلحة وليس الإدارة المباشرة للمشرع - قرار إداري - الاختصاص بطلب إلغائه والتعويض عنه. انعقاده لجهة القضاء الإداري. قضاء الحكم المطعون فيه ضمناً باختصاص المحاكم العادية بنظره. خطأ في القانون. علة ذلك.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها - كما يجوز للخصوم والنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق له التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
2 - مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، إذ الحكم الصادر وفي موضوع الدعوى يشمل حتماً على قضاء ضمني في الاختصاص والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أو لم تبدها، فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها.
3 - مؤدى البندين الخامس والعاشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1972 أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاءً وتعويضاً معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري، وكان القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضي القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة - وهو بذلك يفترق عن العمل المادي الذي لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث ذلك الأثر وأن رتب القانون عليه آثاراً معينه لأن هذه الآثار تعتبر وليدة إرادة المشرع وليست وليدة الإدارة الذاتية للإدارة - وكانت مصلحة الشهر العقاري قد اعتدت بالإجراءات التي اتخذت لشهر المحرر المشهر برقم........ عن حصة مفرزة واتخذت من ذلك سبباً للامتناع عن شهر الحكم الصادر لصالح الطاعن في الدعوى.......، بما مؤداه عدم انتقال ملكيته الأرض إليه والحيلولة دون شهر ذلك الحكم، وكان هذا الامتناع وذلك الشهر ليس وليد إرادة المشرع مباشرة بل هو إفصاح من المصلحة عن إرادتها الذاتية، فإن الاختصاص بنظر طلب إلغاء القرار الصادر وبشهر المحرر المشار إليه والتعويض عنه يكون معقود الجهة القضاء الإداري وإذ قضى الحكم المطعون فيه ضمناً باختصاص محاكم القضاء العادي بنظره فإنه يكون قد خالف قاعدة من قواعد الاختصاص الولائي وهي قاعدة آمره متعلقة بالنظام العام بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر........ والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 12068 لسنة 1984 مدني جنوب القاهرة الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بمحو إلغاء كافة التأشيرات والتسجيلات الواردة بالمحرر المشهر برقم 41 لسنة 1968 الجيزة عن مساحة الأرض المبينة بالصحيفة مع إلزام وزارة العدل ومصلحة الشهر العقاري المطعون ضدهما بأن يدفعا إليه خمسين ألف جنيه، وقال بياناً لذلك أن مورثه باقي المطعون ضدهم (المرحومة........، باعت تلك المساحة بعقدي بيع مؤرخين 13/ 3/ 1960، 1/ 5/ 1961 قضى له بصحتيهما ونفاذهما في الدعوى 971 لسنة 1962 مدني الجيزة الابتدائية التي سجل صحيفتهما برقم 10346 بتاريخ 26/ 12/ 1962، وقد امتنعت مأمورية الشهر العقاري بالجيزة عن تسجيل هذا الحكم تأسيساً على أن البائعة أشهرت حقها في الوقف الأهلي مصدر ملكيتها مفرزاً في قطع أخرى المحرر المسجل برقم 41 لسنة 1968 ولما كان قانون وتعليمات الشهر العقاري يوجبان تقديم مصادقة من ناظر الوقف وباقي المستحقين فيه أو صدور حكم بالإفراز حتى يتسنى شهر النصيب الشائع في الوقف مفرزاً، وكانت عملية شهر المحرر موضوع النزاع قد تمت دون تقديم هذه المستندات، وقد ألحقت به أضراراً مادية وأدبية يقدر التعويض عنها بالمبلغ آنف الذكر، فقد أقام دعواه بالطلبات السالفة، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 28/ 3/ 1985 برفض الدعوى، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 4450 لسنة 102 ق القاهرة، وبتاريخ 23/ 4/ 1986 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن، على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها - كما يجوز للخصوم والنيابة العامة - إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق له التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن، وأن مسألة الاختصاص الولائي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة، إذ الحكم الصادر وفي موضوع يشمل حتماً على قضاء ضمني في الاختصاص، والطعن على الحكم الصادر في الموضوع ينسحب بالضرورة وبطريق اللزوم على القضاء في الاختصاص سواء أثار الخصوم مسألة الاختصاص أو لم يثيروها وسواء أبدتها النيابة العامة أولم تبدها فواجب المحكمة يقتضيها أن تتصدى لها من تلقاء نفسها، ولما كان ذلك وكان مؤدى البندين الخامس والعاشر من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون 47 لسنة 1972 أن الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالقرارات الإدارية إلغاء وتعويضاً معقود كأصل عام لجهة القضاء الإداري، وكان القرار الإداري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو القرار الذي تفصح به الإدارة عن إرادتها الذاتية الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح في الشكل الذي يتطلبه القانون بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ذلك ممكناً وجائزاً قانوناً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة - وهو بذلك يفترق عن العمل المادي الذي لا تتجه فيه الإدارة بإرادتها الذاتية إلى إحداث ذلك الأثر وأن رتب القانون عليه آثاراً معينه لأن هذه الآثار تعتبر وليدة إرادة المشرع وليست وليدة الإرادة الذاتية للإدارة وكانت مصلحة الشهر العقاري قد اعتدت بالإجراء التي اتخذت لشهر المحرر المشهر برقم 41 لسنة 1968 الجيزة عن حصة مفرزه واتخذت من ذلك سبباً للامتناع عن شهر الحكم الصادر لصالح الطاعن في الدعوى 971 لسنة 1962 مدني الجيزة الابتدائية، بما مؤداه عدم انتقال ملكيته الأرض إليه والحيلولة دون شهر ذلك الحكم، وكان هذا الامتناع وذلك الشهر ليس وليد إرادة المشرع مباشرة بل هو إفصاح من المصلحة عن إرادتها الذاتية، فإن الاختصاص بنظر طلب إلغاء القرار الصادر وبشهر المحرر المشار إليه والتعويض عنه يكون معقود الجهة القضاء الإداري، وإذ قضى الحكم المطعون فيه ضمناً باختصاص محاكم القضاء العادي بنظره، فإنه يكون قد خالف قاعدة من قواعد الاختصاص الولائي - وهي قاعدة آمرة متعلقة بالنظام العام بما يوجب نقضه لهذا السبب - دون حاجة لمناقشة أوجه الطعن، ويتعين إعمالاً لحكم المادة 269/ 1 من قانون المرافعات - إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء المدني بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.