أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 389

جلسة 31 من يناير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.

(70)
الطعن رقم 229 لسنة 55 القضائية

إيجار. "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني".
المسكن التي تشغل بسبب العمل. عدم سريان الامتداد القانوني على عقود استئجارها ولو لم تكن ملحقة بالمرافق أو المنشآت. وانتفاع موظف الحكومة بالمسكن في هذه الحالة. لا عبرة بكون المكان من الأملاك العامة أو الخاصة للدولة.
النص في المادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والواردة في الباب الأول الخاص بإيجار الأماكن - على أنه "لا تسري أحكام هذا الباب على ( أ ) المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت وغيرها من المساكن التي تشغل بسبب العمل........" يدل على أن المناط في عدم سريان أحكام الباب الأول من هذا القانون هو ثبوت أن تكون السكنى مردها العمل بين مالك العين - أو القائم عليها - وبين المرخص له بالسكنى فيها بسبب هذه الرابطة وذلك سواء كان المسكن ملحقاً بالمرافق والمنشآت، أو غير ملحق بها ما دام أن شغله كان بسبب العمل، فإذا كان المنتفع بالمسكن من موظفي الحكومة فإنه يستوي أن يكون المكان من أملاك الدولة العامة أو الخاص، ولا يحق له التمسك بالحماية التي أسبغها المشرع في قوانين إيجار الأماكن والاستثنائية على مستأجري الأماكن الخالية بشأن الامتداد القانوني للعقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين الدعوى رقم 1226 لسنة 1980 أمام محكمة دمنهور الابتدائية طالباً الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين مجلس مدينة دمنهور الابتدائية عن الشقة محل النزاع، وقال بياناً لدعواه أنه إبان عمله مديراً للمديرية المالية بمحافظة البحيرة استأجر من الطاعن الثاني بصفته (رئيس مجلس مدينة دمنهور) هذه الشقة سكناً خاصاً له ولأسرته منذ عام 1977 إلى أن بلغ السن القانونية للتقاعد وإذ طلب منه المؤجر إخلاء العين فقد أقام الدعوى، وبتاريخ 22/ 6/ 1980 ندبت المحكمة خبيراً لبيان ما إذا كانت الشقة محل النزاع مخصصة للمطعون ضده بسبب صفته الوظيفية من عدمه، وبعد أن قدم الخبير تقريره، قضت بتاريخ 23/ 4/ 1983 بثبوت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده والطاعن الثاني بصفته عن الشقة محل النزاع. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 422 لسنة 39 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور"
وبتاريخ 28/ 11/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان أنه لما كان المطعون ضده قد شغل عين النزاع بسبب رابطة العمل مما لا يسري على سكناه أحكام الامتداد القانوني المقررة بتشريعات إيجار الأماكن وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1977، فإن الحكم إذ أقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية وخضوعها لأحكام الامتداد القانوني استناداً إلى أن العين ليست من المساكن الملحقة بالمرافق المخصصة لسكنى العاملين فيها، وأنها مملوكة ملكية خاصة لمجلسة المدينة في حين أن نص المادة الثانية يشمل كافة المساكن التي تشغل بسبب العمل ولو كانت من أملاك الدولة الخاصة وغير ملحقة بالمرافق، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 49 لسنة 1977 - في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والواردة في الباب الأول الخاص بإيجار الأماكن - على أنه "لا تسري أحكام هذا الباب على ( أ ) المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت وغيرها من المساكن التي تشغل بسبب العمل........." يدل على أن المناط في عدم سريان أحكام الباب الأول من هذا القانون هو ثبوت أن تكون السكنى مردها العمل بين مالك العين - أو القائم عليها - وبين المرخص له بالسكنى فيها بسبب هذه الرابطة وذلك سواء أكان المسكن ملحقاً بالمرافق والمنشآت، أو غير ملحق بها ما دام أن شغله كان بسبب العمل، فإذا كان المنتفع بالمسكن من موظفي الحكومة فإنه يستوي أن يكون المكان من أملاك الدولة العامة أو الخاص، ولا يحق له التمسك بالحماية التي أسبغها المشرع - في قوانين إيجار الأماكن الاستئنافية - على مستأجري الأماكن الخالية بشأن الامتداد القانوني للعقد، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه بثبوت العلاقة الإيجارية بين الطرفين، وسريان أحكام الامتداد القانوني لتشريعات إيجار الأماكن عليها، استناداً إلى ما ذهب إليه من أن الشقة ليست من المساكن الملحقة بالمرافق والمنشآت، والمخصصة لسكنى العاملين فيها، وأنها مملوكة ملكية خاصة لمجلس المدينة، ومن ثم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وإذ كان الثابت بالعقد المؤرخ 1/ 9/ 1977 - على ما سجله الحكم المطعون فيه وتقرير الخبير وبما لا نزاع فيه بين الخصوم - أن رئيس مجلس مدينة دمنهور (الطاعن الثاني بصفته) قد رخص للمطعون ضده بوصفه مديراً عاماً للمديرية المالية بمحافظة البحيرة في الانتفاع بشقة النزاع مقابل مبلغ 3.265 جنيه شهرياً وأقر الأخير باستئجار شقة النزاع مؤقتاً بصفته الوظيفية، وأنه يلتزم بتسليمها لمجلس المدينة عند نقله خارج مدينة دمنهور أو إحالته إلى التقاعد، فإن مفاد ذلك أن شغل المطعون ضده لعين النزاع كان بسبب عمله بمحافظة البحيرة، وإذ خلت الأوراق من دليل ما ورد بالعقد المذكور أو ما يشير إلى صورية إقراره، ومن ثم فإن العلاقة بين طرفيه لا تخضع لأحكام الباب الأول من قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 وفقاً لنص المادة الثانية منه المشار إليها، وتكون دعوى المطعون ضده - بثبوت العلاقة الإيجارية وسريان الامتداد القانوني على العقد محل النزاع على غير سند من القانون، ويتعين لذلك إلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض الدعوى.