أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 941

جلسة 27 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، أحمد جلال الدين هلالي، وحسن النسر ويحيى العموري.

(175)
الطعن رقم 634 لسنة 45 القضائية

(1) نقض "صحيفة الطعن". إعلان.
صورة صحيفة الطعن بالنقض المعلنة للمطعون عليه. خلوها من بيان تاريخ إيداع الصحيفة قلم الكتاب. لا بطلان.
(2، 3، 4) تعويض "عناصر الضرر" مسئولية. نقض.
(2) تعيين عناصر الضرر المطالب بالتعويض عنه. من مسائل القانون. خضوعها لرقابة محكمة النقض.
(3) التعويض عن الضرر المادي. شرطه. تحقق الضرر بالفعل أو أن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً.
(4) التعويض عن الضرر المادي الذي لحق بالمضرور نتيجة وفاة شخص آخر. ثبوت أن المتوفى كان يعول المضرور فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر وأن فرصة الاستمرار محققة. احتمال وقوع الضرر. لا يكفي للحكم بالتعويض.
(5) اختصاص "اختصاص ولائي" تحكيم. دعوى. "دعوى الضمان" نظام عام.
دعوى الضمان المقامة من هيئة عامة ضد إحدى شركات القطاع العام. اختصاص هيئات التحكيم بنظرها. ق 60 لسنة 1971 للمحكمة المعروض عليها النزاع أن تقضي بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها في هذه الحالة.
(6) اختصاص "اختصاص ولائي". تحكيم.
دعوى الضمان المقامة من هيئة النقل العام ضد شركة التأمين إحدى شركات القطاع العام قضاء محكمة الموضوع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى. وجوب القضاء بإحالتها إلى هيئات التحكيم. م 110 مرافعات.
1 - الطعن لا يبطله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون الصورة التي سلمت للخصم في صحيفة الطعن قد خلت من بيان تاريخ إيداعها قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذ أن هذا البيان ليس من البيانات التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان عليها.
2 - تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
3 - يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي في الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً فإن أصاب الضرر شخصياً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلابد أن يتوافر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه.
4 - العبرة في تحقق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المتوفى كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققة وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض.
5 - النعي في المادة 60 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971 المنطبق على الدعوى على أن "تختص هيئات التحكيم المنصوص عليها في هذا القانون دون غيرها بنظر المنازعات الآتية: 1 - المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام 2 - كل نزاع يقع بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية... أو هيئة عامة أو مؤسسات عامة..." يرجع إلى أن هذه الأنزعة لا تقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في مجال القطاع الخاص بل تنهي جميعاً في نتيجتها إلى جهة واحدة هي الدولة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد قضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من عدم اختصاص القضاء العادي بنظر طلب الضمان القائم بين الهيئة الطاعنة وهي هيئة عامة وبين المطعون عليها الرابعة وهي من شركات القطاع العام واستند في ذلك إلى أن المادة 60 سالفة الذكر لم تفرق بين منازعة أصلية أو منازعة فرعية أو بين منازعة سببها علاقة عقدية أو غير عقدية، وإنما جاء نصها مطلقاً شاملاً لأية منازعة بين شركات القطاع العام والهيئات العامة والمؤسسات العامة، لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها لانتفاء ولايتها بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون.
6 - إذ كان المشرع بنصه في المادة 110 من قانون المرافعات على أن "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية... وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها" قد هدف إلى تبسيط الإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص ولو كان ولائياً، وإذا كانت المذكرة الإيضاحية لتلك المادة قد أشارت إلى جهتي القضاء الأساسيتين - العادي والإداري - إلا أن النص سالف الذكر وقد جاء عاماً مطلقاً ينطبق أيضاً إذا ما كانت الدعوى داخلة في اختصاص هيئة ذات اختصاص قضائي كهيئات التحكيم لتوفر العلة التي يقوم عليها حكم النص. وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ولم يأمر بإحالة طلب الضمان الذي رفعته الهيئة الطاعنة ضد شركة الشرق للتأمين إلى هيئات التحكيم المختصة فإنه يكون - في هذا الخصوص - معيباً بمخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 2048 لسنة 1973 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليه الثالث والطاعنة وطلباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لهما مبلغ ألفي جنيه، وقالاً بياناً للدعوى إن المطعون عليه الثالث - أثناء قيادته سيارة تابعة للطاعنة تسبب بخطئه في قتل مورثهما المرحوم... وحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 167 لسنة 1969 جنح أمن دولة الليان، وحكم نهائياً بإدانته وإذ أصابهما من جراء فقد مورثتهما ضرر يقدرانه بمبلغ ألفي جنيه وكانت الطاعنة مسئولة عن التعويض باعتبارها متبوعاً لمرتكب الحادث فقد أقاما الدعوى بطلبهما سالف البيان. أدخلت الطاعنة المطعون عليها الرابعة (شركة الشرق للتأمين) المؤمن لديها للحكم عليها بما عسى أن يحكم به ضدها. بتاريخ 28/ 3/ 1974 حكمت المحكمة بإلزام المطعون عليه الثالث والطاعنة متضامنين بأن يؤديا للمطعون عليهما الأول والثاني مبلغ 800 جنيه وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى الفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 522 لسنة 30 ق الإسكندرية. وبتاريخ 16/ 3/ 1975 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون عليهما الأول والثاني ببطلان صحيفة الطعن لعدم اشتمال صورتها المسلمة لهما على تاريخ إيداع صحيفة الطعن. قدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع ونقض الحكم المطعون فيه. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الدفع المبدى من المطعون عليهما الأول والثاني مردود ذلك أن الطعن لا يبطله - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن تكون الصورة التي سلمت للخصم في صحيفة الطعن قد خلت من بيان إيداعها قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه إذ أن هذا البيان ليس من البيانات التي يوجب القانون اشتمال ورقة الإعلان عليها.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول، إنها دفعت أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليهما الأول والثاني لم يقدما الدليل على أن والدهما كان يعولهما على نحو دائم ومستمر، إلا أن المحكمة لم تشر إلى هذا الدفاع الجوهري ولم ترد عليه وقضت للمطعون عليهما المذكورين بالتعويض دون أن توضح أساس استحقاقهما للجانب المادي منه، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه، استند في تحديد عناصر الضرر وتقدير التعويض إلى أنه "لما كان الفعل الذي وقع من المدعى عليه الأول (المطعون عليه الثالث) هو فعل ضار أدى إلى حدوث ضرر بالمدعيين يتمثل في فقد والدهما الذي كان لا زال يمارس نشاطه في العمل، وأياً كان حال المدعيين فإن الأب الذي يكافح في المجتمع المعاصر بظروفه الراهنة سوف يكون لهما عوناً مادياً، والمحكمة تستخلص من الظروف الملابسة حالة المدعيين المالية والعائلة وترى قيام إخلال بمصلحتهما المالية تتحقق بوفاة والدهما فضلاً عن الآلام التي انتابتهما من جراء فقد والدهما في ظروف الحادث ومن ثم فإن المدعى عليه يكون مسئولاً عن تعويض هذه الأضرار ولما كان تعيين العناصر المكونة قانوناً للضرر والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض. وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض - وكان يشترط للحكم بالتعويض عن الضرر المادي الإخلال بمصلحة مالية للمضرور وأن يكون الضرر محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل أو يكون وقوعه في المستقبل حتمياً فإن أصاب الضرر شخصاً بالتبعية عن طريق ضرر أصاب شخصاً آخر فلابد أن يتوافر لهذا الأخير حق أو مصلحة مالية مشروعة يعتبر الإخلال بها ضرراً أصابه، والعبرة في تحقيق الضرر المادي للشخص الذي يدعيه نتيجة وفاة آخر هي ثبوت أن المتوفى كان يعوله فعلاً وقت وفاته على نحو مستمر ودائم وأن فرصة الاستمرار على ذلك كانت محققه وعندئذ يقدر القاضي ما ضاع على المضرور من فرصة بفقد عائله ويقضي له بالتعويض على هذا الأساس، أما مجرد احتمال وقوع الضرر في المستقبل فلا يكفي للحكم بالتعويض، لما كان ذلك وكانت محكمة الاستئناف لم تتحقق مما إذا كان عنصر الضرر المادي متوفراً أو غير متوفر باستظهار ما إذا كان المتوفى يعول ولديه فعلاً على وجه دائم ومستمر أم لا حتى تعتبر وفاته إخلالاً بمصلحة مالية مشروعة، فضلاً عن سكوته عن تبيان عناصر ذلك الضرر المادي الذي احتسبت التعويض على أساسه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها أخذت في صحيفة الاستئناف على الحكم الابتدائي قضاءه بعدم اختصاص المحكمة بنظر دعوى الضمان الفرعية التي أقامتها ضد المطعون عليها الأخيرة - شركة الشرق للتأمين - إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع وقضى بتأييد الحكم الابتدائي في هذا الخصوص استناداً إلى نص المادة 60 من القانون رقم 60 لسنة 1971، في حين أن دعوى الضمان تلك لا تعتبر مثبتة الصلة بالدعوى الأصلية ويترتب على إقامتها أن يصبح الضامن طرفاً جديداً في هذه الدعوى الأخيرة، ولما كان النزاع يقوم في الواقع بين شركة قطاع عام (المطعون عليها الأخيرة) وهيئة عامة (الهيئة الطاعنة) وثلاثة أشخاص طبيعيين (المطعون عليهم الثلاثة الأولى) فإنه يكون خارجاً عن اختصاص هيئات التحكيم، هذا بالإضافة إلى أن المحكمة قضت من تلقاء نفسها بعم اختصاصها بنظر دعوى الضمان الفرعية مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك إن النص في المادة 60 من قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1971 المنطبق على الدعوى على أن تختص هيئات التحكيم المنصوص عليها في هذا القانون دون غيرها بنظر المنازعات الآتية: 1 - المنازعات التي تقع بين شركات القطاع العام 2 - كل نزاع يقع بين شركة قطاع عام وبين جهة حكومية أو هيئة عامة أو مؤسسة عامة، يرجع إلى أن هذه الأنزعة لا تقوم على خصومات تتعارض فيها المصالح كما هو الشأن في مجال القطاع الخاص بل تنتهي جميعاً في نتيجتها إلى جهة واحدة هي الدولة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد قضت بتأييد الحكم الابتدائي فيما انتهى إليه من عدم اختصاص القضاء العادي بنظر طلب الضمان القائم بين الهيئة الطاعنة وهي هيئة عامة وبين المطعون عليها الرابعة وهي من شركات القطاع العام واستندت في ذلك إلى أن المادة 60 سالفة الذكر لم تفرق بين منازعة أصلية أو منازعة فرعية أو بين منازعة سببها علاقة عقدية أو غير عقدية وإنما جاء نصها مطلقاً شاملاً لأية منازعة بين شركات القطاع العام والهيئات العامة والمؤسسات العامة، لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تقضي - من تلقاء نفسها - بعدم اختصاصها لانتفاء ولايتها بنظر الدعوى طبقاً لنص المادة 109 من قانون المرافعات، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأنه على فرض إن المحكمة العادية غير مختصة بنظر دعوى الضمان الفرعية فإن عليها إذا ما حكمت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى هيئات التحكيم عملاً بنص المادة 110 من قانون المرافعات إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الطلب تأسيساً على أن تلك الهيئات تخرج من عداد المحاكم المشار إليها في المادة المذكورة مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع بنصه في المادة 110 من قانون المرافعات على أن "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها "قد هدف إلى تبسيط الإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص ولائياً، وإذا كانت المذكرة الإيضاحية لتلك المادة قد أشارت إلى جهتي القضاء الأساسيتين - العادي والإداري - إلا أن النص سالف الذكر وقد جاء عاماً مطلقاً، ينطبق أيضاً إذا ما كانت الدعوى داخلة في اختصاص هيئة ذات اختصاص قضائي كهيئات التحكيم لتوفر العلة التي يقوم عليها حكم النص، وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ولم يأمر بإحالة طلب الضمان الذي رفعته الهيئة الطاعنة ضد شركة الشرق للتأمين إلى هيئات التحكيم المختصة فإنه يكون - في هذا الخصوص - معيباً بمخالفة القانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.